في ليلة صاخبة على ملعب «واندا ميتروبوليتانو»، تلقى ريال مدريد ضربة موجعة بخسارته أمام جاره أتلتيكو مدريد بخمسة أهداف مقابل هدفين، اليوم السبت، في مباراة كان بطلها بلا منازع الأرجنتيني جوليان ألفاريز الذي قاد فريقه لاستعراض هجومي كشف عن عيوب دفاعية قاتلة لدى فريق تشابي ألونسو، ليخرج النادي الملكي مهزوماً في أول اختبار كبير له هذا الموسم في الدوري الإسباني.

بداية متوازنة وانهيار مدريدي
بحسب شبكة «The Athletic»، تقدم أتلتيكو مبكراً عبر روبين لو نورماند برأسية قوية في الدقيقة الـ14 وسط تراخٍ دفاعي من الضيوف، لكن ريال مدريد رد سريعاً عبر كيليان مبابي في الدقيقة الـ25 بعد تمريرة بارعة من أردا غولر. وبعدها بعشر دقائق، أعطى النجم التركي فريقه التقدم بتسديدة رائعة من صناعة فينيسيوس جونيور. بدا حينها أن ريال مدريد وضع يده على المباراة، لكن دفاعه لم يكن على الموعد.
مع نهاية الشوط الأول، أعاد ألكسندر سورلوث التعادل لأتلتيكو برأسية قوية بعد عرضية من كوكي، قبل أن ينقلب المشهد تماماً في الشوط الثاني. احتسب الحكم ركلة جزاء على غولر بعد تدخل مرتفع على رأس نيكو غونزاليس، لينفذها ألفاريز بثقة بالغة ويضع فريقه في المقدمة. ثم عاد ليوقع على هدف عالمي من ركلة حرة مباشرة في الدقيقة الـ63، قبل أن يضيف أنطوان غريزمان الهدف الخامس إثر خطأ دفاعي من فيديريكو فالفيردي.

ألفاريز: من لعنة «اللمسة المزدوجة» إلى ليلة الانتقام
جاء هذا التألق اللافت لجوليان ألفاريز في سياق خاص. فاللاعب عاش واحدة من أسوأ لحظاته أمام ريال مدريد الموسم الماضي، عندما تسبب خطأ «اللمسة المزدوجة» في ركلة جزاء بإقصاء أتلتيكو من دوري أبطال أوروبا.

تلك الحادثة بقيت عالقة في ذاكرة النادي وجماهيره. لكن المهاجم الأرجنتيني عاد هذه المرة ليكتب صفحة جديدة من المجد، حيث ترجم ركلة جزاء مصيرية بكل هدوء، ثم أبدع في تنفيذ ركلة حرة سكنت شباك تيبو كورتوا دون أن يلمسها. هدفان جاءا بعد أيام فقط من تسجيله ثلاثية في مرمى رايو فاييكانو، ليثبت أنه واحد من أخطر المهاجمين في العالم حالياً.

ضعف هوائي يكشف أزمة مدريد
رغم أن ريال مدريد دخل المباراة وهو صاحب أقوى خط دفاع في الدوري (3 أهداف فقط في 7 مباريات)، فإن المباراة أكدت هشاشته في الكرات الهوائية والثابتة. الهدفان الأول والثاني جاءا من سوء تمركز في التعامل مع عرضيات، فيما تسبب تدخل غولر في ركلة الجزاء التي قلبت موازين اللقاء. بدا أن فلسفة ألونسو المبنية على الضغط العالي وبناء اللعب لم تسعفه حين احتاج الفريق إلى الدفاع التقليدي داخل المنطقة، وهو ما استغله أتلتيكو بذكاء وكرّر استثماره في أكثر من لقطة.

مبابي في دور الرقم 9
رغم الخسارة الثقيلة، قدّم كيليان مبابي لمحة تبرز أهميته بوصفه مهاجماً صريحاً. الهدف الذي سجله كان من طراز خاص: استقبال بظهره للمرمى، تمريرة قصيرة لغولر، ثم انطلاق خاطف خلف الدفاع وتسديدة حاسمة بلمسة واحدة في شباك يان أوبلاك. هدف عزّز رصيده إلى 10 أهداف في 8 مباريات هذا الموسم، وأكد أن تمركزه في مركز «رأس الحربة» هو الخيار الأمثل له مع ريال مدريد. لكن بصمته توقفت عند هذا الهدف؛ إذ لم يجد الدعم الكافي من زملائه لإحداث الفارق لاحقاً.

كورتوا بين التصدي والسخرية
حارس ريال مدريد تيبو كورتوا عاش أمسية متناقضة. فبينما لا يمكن تحميله المسؤولية المباشرة عن الأهداف الخمسة، ظل هدفاً لغضب جماهير أتلتيكو التي لم تغفر له ارتداء قميص الجار الأبيض بعد سنواته الناجحة مع الروخيبلانكوس. صفارات الاستهجان رافقت كل لمسة له، وحتى اللوحة التذكارية التي تحمل اسمه خارج الملعب لم تسلم من الإهانة. ورغم تصديه لكرات خطيرة، خرج البلجيكي خاسراً من معركة المدرجات والميدان معاً.

هل هي انتكاسة لمشروع ألونسو؟
حتى قبل هذه المباراة، كان ريال مدريد يسير بخطى ثابتة مع مدربه الجديد تشابي ألونسو، بعد سبعة انتصارات متتالية في الدوري ودوري الأبطال. لكن الخسارة الثقيلة أمام أتلتيكو جاءت كجرس إنذار قاسٍ. الفريق افتقد للحضور الذهني والجسدي المطلوب في ديربي من هذا النوع، وظهر لاعبوه الشباب مثل غولر وكارييراس وهويخسن عاجزين عن مجاراة الإيقاع.

بالنسبة لجود بيلينغهام، الذي عاد من إصابة، فلم يترك أي بصمة تُذكر. ورغم أن النتيجة لن تعني انهيار المشروع، فإنها جرح في كبرياء النادي وجماهيره، ورسالة إلى ألونسو بضرورة معالجة نقاط الضعف الدفاعية سريعاً إذا أراد الاستمرار في المنافسة.

ما التالي؟
الخسارة قد تفتح الباب أمام برشلونة لتصدر الدوري إذا فاز على ريال سوسييداد، فيما رفع أتلتيكو رصيده ليبقى في سباق الصدارة. أما ريال مدريد، فسيتعين عليه طي صفحة الديربي سريعاً قبل مواجهة كايرات الكازاخستاني في دوري أبطال أوروبا، منتصف الأسبوع، بينما يستضيف أتلتيكو فريق آينتراخت فرانكفورت في البطولة ذاتها.
