هل يكون هذا الموسم الأخير لغوارديولا مع مانشستر سيتي؟

القرار يُعد أحد أكبر التحديات التي يواجهها في مسيرته التدريبية

مازالت الضغوط تتزايد على غوارديولا منذ الموسم الماضي (أ.ب)
مازالت الضغوط تتزايد على غوارديولا منذ الموسم الماضي (أ.ب)
TT

هل يكون هذا الموسم الأخير لغوارديولا مع مانشستر سيتي؟

مازالت الضغوط تتزايد على غوارديولا منذ الموسم الماضي (أ.ب)
مازالت الضغوط تتزايد على غوارديولا منذ الموسم الماضي (أ.ب)

سعى جوسيب غوارديولا إلى خوض تحدٍّ جديد في كل محطة من مسيرته التدريبية، سواءً كان ذلك بالانتقال من الفريق الرديف لبرشلونة إلى الفريق الأول للعملاق الكاتالوني بعد موسم واحد فقط، أو الانتقال إلى بايرن ميونيخ، أو الانتقال إلى الدوري الإنجليزي الممتاز مع مانشستر سيتي، وكان دائماً ما ينتصر ويصل إلى القمة.

وفي أول يوم له في ملعب الاتحاد عام 2016، كان السؤال الذي يتردد على ألسنة الجميع قبل وصوله إلى إنجلترا -على الرغم من الألقاب والبطولات التي حققها في إسبانيا وألمانيا- هو: ما مدى جودة غوارديولا؟ وقد أجاب المدير الفني الإسباني عن هذا السؤال من خلال الفوز بـ18 لقباً في تسع سنوات قضاها في مانشستر. لكن في خضمّ موجة من التغييرات في مانشستر سيتي وفي قلب كرة القدم الإنجليزية، ربما أصبح غوارديولا مضطراً إلى أن يقول ما إذا كان هذا الموسم هو الأخير له مع مانشستر سيتي. وربما يكون هذا القرار أحد أكبر التحديات التي واجهها غوارديولا في مسيرته التدريبية الحافلة بالتحديات.

لو سارت الأمور بشكل مختلف، ربما كان غوارديولا يستمتع الآن بتقاعده على شاطئ في جزر المالديف أو في ملعب غولف في البرتغال، لكنه اختار البقاء مع مانشستر سيتي؛ لأن بداية الموسم الماضي -وهو الموسم الثاني فقط الذي ينتهي دون الحصول على أي بطولة خلال فترة وجوده في ملعب الاتحاد- كانت صعبة للغاية، ولم يرغب في أن يترك النادي في حالة من الفوضى. ويبدو -حسب روب داوسون على موقع «إي إس بي إن»- أنه أدرك أيضاً أنه سيكون من السهل بكثير تسليم المهمة لمدير فني جديد في صيف لا يشهد التعقيد الإضافي المتمثل في المشاركة في بطولة كأس العالم للأندية.

وبعد أن قرر البقاء وتمديد عقده حتى عام 2027، أخذ غوارديولا على عاتقه مهمة بناء فريق جديد قادر على حصد البطولات والألقاب، لكن المشهد الآن يبدو مختلفاً تماماً. فمن بين التشكيلة التي اختارها لنهائي دوري أبطال أوروبا ضد إنتر ميلان في إسطنبول قبل عامين فقط، رُحّل أو هُمّش 15 لاعباً؛ من بينهم كيفن دي بروين، وإيدرسون، وكايل ووكر، وإلكاي غوندوغان. ولم يقتصر التغيير على اللاعبين فقط. ففي الوقت الذي يواجه فيه غوارديولا تغييرات كبيرة في قائمة الفريق، يتعيّن عليه أيضاً التكيف مع ما يراه تحولاً في توازن القوى في الدوري الإنجليزي الممتاز.

ففي مرحلة ما من الموسم الماضي، عند مناقشة نجاح فرق مثل نيوكاسل وبورنموث وبرايتون، قال غوارديولا إن «كرة القدم الحديثة لا تعتمد على التمركز، بل يجب أن تواكب الإيقاع». وكان هذا اعترافاً لافتاً من المدير الفني الذي بنى إمبراطوريته التدريبية على التمركز الدقيق والتحركات المدروسة جيداً.

ويبدو أنه قد تقبّل ضرورة التغيير مع مرور الوقت. وخلال الموسم الجاري، يحاول غوارديولا التوفيق بين رغبته في السيطرة والاستحواذ على الكرة وبين ممارسة الضغط العالي وشن هجمات سريعة واللعب بشكل مباشر على المرمى، ليواكب ما يحدث من فرق أخرى بالدوري. وكان هذا أحد أسباب اختياره بيب ليندرز مساعداً له، بعد أن لعب المدرب الهولندي دوراً محورياً في تطوير أسلوب يورغن كلوب مع ليفربول، الذي كان يعتمد على الضغط المتواصل على حامل الكرة.

من الجيد أن تحاول دمج عناصر اثنين من أنجح الفرق في عصر الدوري الإنجليزي الممتاز الحديث، لكن الأمر واجه بعض المشكلات في بداياته. فبعد الفوز الساحق برباعية نظيفة على وولفرهامبتون في افتتاح موسم 2025-2026، خسر مانشستر سيتي مباراتيه التاليتين. وخلال الهزيمتَين أمام توتنهام وبرايتون، استقبلت شباكه أهدافاً بالشكل نفسه تقريباً عندما شن الفريقان هجمات مرتدة سريعة مستغلين الثغرات الدفاعية الكبيرة في الخط الخلفي لمانشستر سيتي؛ ثغرات برزت بشكل أكبر، نتيجة الاعتماد على خط الدفاع المتقدم الذي يفضله ليندرز.

ومنذ مانشستر يونايتد في موسم 1992-1993، لم يخسر أي فريق مباراتين من أول ثلاث مباريات في الموسم ثم ينجح في إحراز لقب الدوري. وحتى في هذه المرحلة المبكرة، هناك الكثير من الأمور التي يجب على غوارديولا تحسينها إذا أراد حقاً الفوز باللقب الذي حصل عليه ست مرات في سبع سنوات بين عامَي 2017 و2024.

لا يزال غوارديولا مرتبطاً بعقد لمدة عامَين، لكن مسؤولي النادي توقفوا عن محاولة التنبؤ بموعد رحيله. هناك شعور في أكاديمية مانشستر سيتي لكرة القدم بأن هذا قد يكون الموسم الأخير لغوارديولا. ويرى آخرون أنه على الرغم من اعترافه باقتراب نهاية مسيرته مع سيتي، لا يزال من الممكن إقناع المدير الفني البالغ من العمر 54 عاماً بتوقيع عقد جديد آخر. ويعتمد ذلك بشكل كبير على مستوى الطاقة التي لا يزال يمتلكها.

على أي حال، قرر مسؤولو مانشستر سيتي منذ زمن طويل أن غوارديولا يستحق أن يقرر بنفسه كيف ومتى سيرحل. لقد أقرّ بأن الموسم الماضي كان سيئاً للغاية من حيث تحقيق الأهداف التي وضعها مانشستر سيتي، لدرجة أنه كان من الممكن إقالته لو كان يعمل في أي نادٍ كبير آخر.

لقد تقاعد المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد عام 2013 بعد مسيرة تدريبية حافلة امتدت لـ26 عاماً، ورحل بعدما قاد الفريق إلى الفوز بلقب الدوري. ومن المؤكد أن غوارديولا يستحق نهاية مماثلة. ولكي يحظى بالوداع الذي يستحقه، سيتعيّن على غوارديولا إعادة بناء فريق عظيم آخر قادر على تحقيق النجاح في عصر مختلف من الدوري الإنجليزي الممتاز. إنه تحدٍّ كبير آخر يجب وضعه ضمن القائمة!


مقالات ذات صلة

السويدي إيزاك يعترف بالبداية المتواضعة مع ليفربول

رياضة عالمية السويدي ألكسندر إيزاك مهاجم فريق ليفربول (رويترز)

السويدي إيزاك يعترف بالبداية المتواضعة مع ليفربول

قال السويدي ألكسندر إيزاك مهاجم فريق ليفربول الإنجليزي إنه لا يلتمس لنفسه الأعذار في بدايته المتواضعة مع فريقه الجديد.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
الرياضة بيكفورد ما زال يؤكد أنه الحارس الأفضل مع إيفرتون ومنتخب إنجلترا (أ.ف.ب)

من بيكفورد إلى تروسارد... متميزون يستحقون التقدير بالدوري الإنجليزي

قائمة المتميزين ضمت حارس مرمى المنتخب الإنجليزي ومهاجماً فرنسياً شاباً واعداً

رياضة عالمية السير أليكس فيرغسون المدرب الأسطوري الأسبق لفريق مانشستر يونايتد (د.ب.أ)

أليكس فيرغسون يشيد بصفقات مان يونايتد الصيفية

أشاد السير أليكس فيرغسون، المدرب الأسطوري الأسبق لفريق مانشستر يونايتد الإنجليزي، ببصمة 3 صفقات جديدة أبرمها النادي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غابرييل متأثرا بالإصابة (د.ب.أ)

إصابة غابرييل تثير قلق أرسنال

يعيش نادي أرسنال متصدر الدوري الإنجليزي حالة من القلق بعد إصابة مدافعه الأساسي غابرييل في مباراة منتخب البرازيل الودية أمام السنغال.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أسهم سكوت في احتلال بورنموث المركز الخامس في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي (رويترز)

أليكس سكوت... من دوري الهواة إلى منتخب إنجلترا

سكوت يقدم مستويات ممتازة في الموسم الحالي، الأمر الذي أهَّله للانضمام لأول مرة إلى قائمة المنتخب.


كيف قاد هالاند النرويج إلى كأس العالم 2026؟

إيرلينغ هالاند (رويترز)
إيرلينغ هالاند (رويترز)
TT

كيف قاد هالاند النرويج إلى كأس العالم 2026؟

إيرلينغ هالاند (رويترز)
إيرلينغ هالاند (رويترز)

انتزع النجم النرويجي إيرلينغ هالاند بطاقة التأهل إلى كأس العالم المقبل، بعد أن قدّم حملة تصفيات استثنائية بكل المقاييس، ليحجز مع منتخب بلاده مقعداً في المونديال الذي سيقام في أميركا الشمالية صيف العام المقبل، وذلك وفقاً لشبكة «بي بي سي» البريطانية.

وسيكون هذا الظهور هو الأول لهالاند، المهاجم الأبرز في جيله، في بطولة كبرى على مستوى المنتخبات.

هالاند، البالغ من العمر 25 عاماً والمهاجم الأول لنادي مانشستر سيتي، سجّل 16 هدفاً في 8 مباريات فقط خلال التصفيات، بمعدل هدفين في كل مباراة تقريباً، وبمعدل تهديفي غير مسبوق، إذ نجح في التسجيل في جميع مباريات التصفيات من دون استثناء.

وبذلك بات الهدّاف الأبرز في تصفيات كأس العالم 2026 بجميع القارات.

وجاء فوز النرويج على إيطاليا بنتيجة 4 - 1 يوم الأحد الماضي، حيث سجل هالاند هدفين، ليؤكد عبور المنتخب إلى النهائيات.

وقال هدّاف النرويج الأول في تصريح لقناة «تي في 2» المحلية عقب اللقاء: «أنا سعيد... لكن أشعر بالارتياح أكثر من أي شيء، الضغط كان كبيراً، وأشعر به، لكنه أمر ممتع في النهاية».

وهذه المشاركة ستكون الرابعة للنرويج في كأس العالم، والأولى في بطولة كبرى منذ كأس الأمم الأوروبية في صيف 2000.

وقال الصحافي النرويجي لارس سيفرتسن: «لم نمتلك من قبل لاعباً يعد نجماً عالمياً صريحاً بهذا الشكل، هناك من يرى أن هالاند هو بالفعل أعظم لاعب في تاريخ النرويج».

أرقام هالاند الدولية تُظهر حجم تأثيره الهائل؛ فقد سجل 55 هدفاً في 48 مباراة مع منتخب بلاده، ليصبح سادس لاعب في التاريخ والأول منذ 53 عاماً يتجاوز حاجز 50 هدفاً قبل الوصول إلى 50 مباراة دولية.

المهاجم السابق يورغن يوف ظلّ الهداف التاريخي للنرويج بـ33 هدفاً طوال 90 عاماً، قبل أن يحطمه هالاند بفارق كبير، وفي عمر أصغر بكثير. في التصفيات الأخيرة، سجّل هالاند 16 هدفاً وصنع هدفين، وهو ضعف عدد الأهداف التي سجلها أي لاعب أوروبي آخر.

كما أنّه الهداف الأول في جميع القارات، رغم أن منتخبات أخرى لعبت عدداً أكبر من المباريات، وقد مرّ أكثر من عام منذ آخر مباراة لم يسجل فيها هالاند بقميص النرويج.

ومع مانشستر سيتي، سجّل هالاند 32 هدفاً في 20 مباراة هذا الموسم، مما يعكس نسقاً تهديفياً مذهلاً على مستويات الأندية والمنتخبات على حد سواء.

لكن المنتخب ليس فريقاً يعتمد فقط على هالاند، إذ يبرز دور القائد مارتن أوديغارد، لاعب وسط آرسنال، الذي قدّم 7 تمريرات حاسمة في التصفيات، وهو أعلى رصيد في أوروبا، وقد خاض أوديغارد 67 مباراة دولية منذ ظهوره الأول بعمر 15 عاماً.

ويقول سيفرتسن: «نحن دولة صغيرة من 5 ملايين نسمة، ومع ذلك لدينا أفضل مهاجم في العالم تقريباً، وأحد أفضل صنّاع اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، من الصعب تخيّل حدوث ذلك مرة أخرى».

ويضيف: «لكن الفريق ككل كان قادراً على التأهل حتى من دون هالاند. يشبه الأمر وجود غاريث بيل وآرون رامسي مع ويلز في بطولة أمم أوروبا 2016، لكن خلفهما كان هناك فريق متكامل».

وسيعيش المشجع النرويجي، للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين، أجواء بطولة دولية كبرى. فقد شاركت النرويج سابقاً في كأس العالم أعوام 1938 و1994 و1998، وفي بطولة أوروبا 2000.

وكان والد هالاند، ألف إينغه هالاند، قد شارك في مونديال 1994، وقد قال ابنه في مقابلة سابقة، إن أحد أهدافه المهنية هو التفوق على مسيرة والده. واليوم، يتفوّق إيرلينغ بفارقٍ كبير، بعد أن حقق الثلاثية التاريخية مع مانشستر سيتي، وفاز بألقاب في ألمانيا والنمسا.

وقال اللاعب في مقابلة مع مجلة «تايم» في تموز (يوليو) الماضي: «النرويج لن تفوز بكأس العالم، لكن مجرد التأهل سيكون بمثابة فوز كبير ستكون احتفالات أوسلو مشهداً لا يُنسى».

ويضيف سيفرتسن: «مررنا بسنوات صعبة، رغم امتلاكنا لاعبين في أكبر الأندية، لذا يشعر الناس بأن الأمر أقرب إلى الارتياح منه إلى النشوة. هذا المنتخب يستحق المشاركة، وها نحن نعود أخيراً».

ويصف سيفرتسن شخصية هالاند بأنها «غير نرويجية» من ناحية السلوك والثقة العالية، فالثقافة الإسكندنافية تميل إلى التواضع، على عكس هالاند الذي يدرك قيمته ويُظهر ثقة صريحة.

وقال سيفرتسن: «في السابق كان أولي غونار سولشاير هو النموذج المثالي للنرويجي: لاعب متواضع، يقبل الجلوس على الدكة ولا يشتكي. هالاند ليس كذلك إطلاقاً لو جلس احتياطياً، فإنه سيعبر عن غضبه، وهذا يجعله شخصية مثيرة ومختلفة».

وأشار إلى أنّ مكانة هالاند اليوم تضعه في مستوى نجومية غير مألوف في النرويج، ما قد يخلق حالات من الجدل، لكنه يضيف: «هناك فخر كبير بأن لاعباً بهذا المستوى ينتمي إلى بلدنا».


صحافة «الآزوري» غاضبة: إيطاليا مُهانة... و«سان سيرو» يصفّر

لم تهدأ عاصفة النقد في إيطاليا بعد الخسارة الكبيرة أمام النرويج بـ4 أهداف مقابل هدف واحد (منتخب إيطاليا)
لم تهدأ عاصفة النقد في إيطاليا بعد الخسارة الكبيرة أمام النرويج بـ4 أهداف مقابل هدف واحد (منتخب إيطاليا)
TT

صحافة «الآزوري» غاضبة: إيطاليا مُهانة... و«سان سيرو» يصفّر

لم تهدأ عاصفة النقد في إيطاليا بعد الخسارة الكبيرة أمام النرويج بـ4 أهداف مقابل هدف واحد (منتخب إيطاليا)
لم تهدأ عاصفة النقد في إيطاليا بعد الخسارة الكبيرة أمام النرويج بـ4 أهداف مقابل هدف واحد (منتخب إيطاليا)

لم تهدأ عاصفة النقد في إيطاليا بعد الخسارة الكبيرة التي تلقّاها منتخب «الآزوري» أمام النرويج بـ4 أهداف مقابل هدف واحد في «سان سيرو»، وهي هزيمة عدّتها الصحافة الإيطالية لحظة سقوط مدوٍّ؛ لا على مستوى النتيجة فقط، بل على مستوى الشخصية والأداء والهوية.

وقد انعكس حجم الصدمة بوضوح في العناوين التي تصدّرت الصحف الإيطالية في اليوم التالي للمباراة.

البداية كانت من صحيفة «لاغازيتا ديلو سبورت»، التي خرجت بعنوان حاد وصريح قالت فيه: «إيطاليا مُهانة... (سان سيرو) يصفّر»، وهو عنوان يلخّص نظرة الصحيفة إلى ما جرى على أرض الملعب. كتبت «لاغازيتا» أن المنتخب الإيطالي بدا في لحظة كأنه فقد روحه تماماً بعد الهدف الأول، وأن كل ما كان على النرويجيين فعله هو استغلال الارتباك الإيطالي المتصاعد. وجاء في تحليلها أن إيطاليا «دخلت المباراة بثقة، وخرجت منها دون أي يقين»، وأن الخط الخلفي «انكسر» أمام كل تمريرة وكل مواجهة فردية، فيما تحوّل جمهور «سان سيرو» إلى مصدر ضغط هائل بعدما بدأ إطلاق صافرات الاستهجان بشكل متكرر.

أما صحيفة «كورييري ديلو سبورت» فاختارت عنواناً يعبّر عن مزاج الشارع الرياضي الإيطالي قائلة: «إيطاليا مُصفّرة... والمونديال من بوابة الملحق»، مؤكدة أن الهزيمة الثقيلة لم تعد مجرد حادثة طارئة، بل هي مؤشر خطير على أزمة ثقة داخل الفريق. كتبت الصحيفة أن الجماهير لم تصدّق ما حدث، وأنها شاهدت «انهياراً غير مفهوم لفريق لم يعرف كيف يتعامل مع لحظة الصدمة»، مضيفة أن اللاعبين «فقدوا الإيقاع والجرأة بمجرد اهتزاز شباكهم»، وأن «الملحق» المقبل سيكون «اختباراً نفسياً قبل أن يكون اختباراً فنياً».

وتحت عنوان «سقوط مذلّ... النرويج في المونديال وإيطاليا في المجهول»، كتبت صحيفة «توتوسبورت» أن المشكلة لا تكمن في الخسارة بحد ذاتها، بل في الطريقة التي ظهرت بها إيطاليا «من دون شخصية، ومن دون حلول، ومن دون أي أثر يدل على أنها فريق قادر على العودة». وقالت الصحيفة إن ما حدث في الشوط الثاني كان «انهياراً كاملاً»، حيث فقد اللاعبون تركيزهم، وتحوّل الدفاع إلى نقاط ضعف مكشوفة، فيما بدا خط الوسط تائهاً وغير قادر على استعادة الكرة أو فرض الإيقاع.

صحيفة «لا ستامبا» ذهبت في الاتجاه نفسه، ووصفت ما جرى بأنه «ضربة جديدة لهيبة الكرة الإيطالية»، وقالت في تحليلها إن الفريق «انسحق تماماً بعد الهدف الأول»، وإن النرويج «قدمت درساً قاسياً في السرعة والضغط والتنظيم». ونشرت الصحيفة تعليقاً عبّر عن صدمة جمهور «سان سيرو»، قائلة: «ما شاهدناه لم يكن منتخباً يبحث عن التأهل، بل شاهدنا فريقاً بلا صدر ودون نفس؛ يتلقى الضربات من دون أي رد فعل».

وما بين التحليلات الفنية والنقد القاسي، ركزت الصحف على الأخطاء الدفاعية التي وصفتها إحدى الصحف بأنها «كارثية بكل المقاييس». تحدثت الصحف عن غياب التغطية، وسوء التمركز، والبطء في مواجهة لاعبي النرويج، وفشل متكرر في التعامل مع الكرات الهوائية. وكتب أحد المحللين: «الدفاع الإيطالي انهار كما لم نره منذ سنوات... وكأن اللاعبين فقدوا هويتهم فجأة».

أما بخصوص المدرب، فقد جاء التقييم محرجاً له؛ إذ تحدثت أكثر من صحيفة عن سوء إدارة المباراة وفشل التبديلات. كتبت «لاغازيتا» أن «إيطاليا لعبت من دون خطة واضحة»، وأن المدرب لم ينجح في وقف النزف، فيما قالت «كورييري» إن «رفض الفريق الردّ في اللحظات الحاسمة مسؤولية فنية قبل أن يكون مسؤولية لاعبين».

«الملحق» نفسه كان محوراً للمخاوف. فقد كتبت التقارير الإعلامية: «إيطاليا ذهبت إلى (الملحق) مرتين ودُفعت خارج كأس العالم... والتاريخ قد يعيد نفسه». كما أشارت الصحف إلى أن الذهاب مجدداً إلى «الملحق» يعني أن أزمة المنتخب لم تعد مرتبطة بنتيجة أو مباراة، بل أصبحت ظاهرة تتكرر منذ سنوات.

ولم يغب دور الجماهير عن المشهد. فقد نقلت «لا ستامبا» أن بعض الجماهير غادرت الملعب قبل نهاية المباراة، بينما بقي آخرون يصفّرون مع كل لمسة كرة، عادةً أن صدى الصافرات «كان أعلى من أصوات اللاعبين أنفسهم». وأشارت الصحيفة إلى أن «الغضب الجماهيري لم يكن بسبب الخسارة فقط؛ بل لأن المنتخب بدا دون روح؛ بلا رغبة، ولا هيبة».

واتفقت الصحافة الإيطالية كلها، بمختلف توجهاتها، على أن الهزيمة أمام النرويج لم تكن مجرد سقوط عابر، بل لحظة كشفت عن «أزمة أعمق بكثير. وأزمة ثقة، وأزمة شخصية، وأزمة جيل»، وأن الطريق إلى كأس العالم باتت الآن محفوفة بالمخاطر، وأن «الملحق» لن يكون مجرد مباراة فاصلة، بل معركة حقيقية على هوية المنتخب ومستقبله. لهذه الأسباب؛ خرجت الصحف بعناوين تعكس حجم الخوف والخيبة، وعبّرت بوضوح عن أن إيطاليا تقف اليوم على حافة منعطف مصيري، سيحدد ما إذا كانت ستستعيد مكانتها أم ستغرق في أزمة جديدة.


فلسطين تعيش ليلة تاريخية في بلباو... وتضامن باسكي غير مسبوق

الفلسطيني ترك بصمة خالصة في مدينة تُلقّب بكاتدرائية كرة القدم (الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم)
الفلسطيني ترك بصمة خالصة في مدينة تُلقّب بكاتدرائية كرة القدم (الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم)
TT

فلسطين تعيش ليلة تاريخية في بلباو... وتضامن باسكي غير مسبوق

الفلسطيني ترك بصمة خالصة في مدينة تُلقّب بكاتدرائية كرة القدم (الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم)
الفلسطيني ترك بصمة خالصة في مدينة تُلقّب بكاتدرائية كرة القدم (الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم)

عاشت فلسطين ليلة استثنائية في بلباو بعدما احتشد أكثر من 50 ألف متفرج في ملعب سان ماميس لاستقبال منتخبها ودعمه في أول ظهور كروي له على الأراضي الأوروبية.

إيهاب أبو جزر، مدرب المنتخب، الذي فقد والده في حرب غزة وتعيش عائلته اليوم في خيام خان يونس، خرج إلى أرض الملعب متوشحاً بالكوفية ليجد تصفيقاً جماهيرياً غير مسبوق، فيما ارتفعت أعلام فلسطين جنباً إلى جنب مع الأعلام الباسكية في مشهد إنساني وسياسي تجاوز حدود الرياضة.

وقال أبو جزر قبل المباراة إن فريقه «يمثل قصة ألم وقصة أمل»، وإنهم «لا يلعبون فقط ليفوزوا، بل ليؤكدوا وجودهم». ولم يفز المنتخب الفلسطيني وخسر بـ3 أهداف أمام منتخب إقليم الباسك، لكنه ترك بصمة خالصة في مدينة تُلقّب بكاتدرائية كرة القدم.

ومع كل هجمة فلسطينية، كان الملعب كله يهتف للاعبيه، وحين اقترب زيد قنبر من التسجيل في الدقيقة 12، دوّى الملعب دعماً له كما لو كان أحد أبناء المدينة.

وبحسب «الغارديان» البريطانية، فإن الحدث تجاوز بكثير مفهوم مباراة ودية.

عاشت فلسطين ليلة استثنائية في بلباو بعدما احتشد أكثر من 50 ألف متفرج (الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم)

وقد وجدت فلسطين في الباسك تضامناً إنسانياً مكثفاً، ووجد جمهور الباسك في فلسطين وجهاً لشعب يقاوم الاندثار. وتشير الصحيفة إلى أن أجواء الأمسية حملت بعداً رمزياً عميقاً منذ الإعلان عن المباراة في متحف السلام في غيرنيكا، المدينة التي دُمّرت في الحرب الأهلية الإسبانية وخلّدها بيكاسو في لوحته الشهيرة.

وتروي «الغارديان» أن الجماهير خرجت في مسيرتين عبر شوارع بلباو قبل المباراة شارك فيهما أكثر من 20 ألف شخص رفعوا الورود والقصائد، تخليداً للرياضيين الفلسطينيين الذين قُتلوا.

وحين وصل موكب منتخب فلسطين إلى محيط الملعب، فُتح له ممر بشري امتد حتى البوابات، بينما كانت الأعلام الفلسطينية والباسكية تتداخل في كل زاوية.

وتصف الصحيفة المشهد داخل سان ماميس بأنه إحدى أقوى صور التضامن الرياضي في أوروبا خلال السنوات الأخيرة.

وتحوّل الملعب الضخم إلى مساحة واحدة تتعالى فيها الهتافات المؤيدة لفلسطين، بينما حمل اللاعبون الفلسطينيون الورود البيضاء رمزاً للأطفال الضحايا. ووضع اللاعبون الكوفيات على أكتاف نظرائهم من منتخب الباسك، ووقف الفريقان أمام لوحة فنية ضخمة تستعيد مقطعاً من لوحة غيرنيكا، بينما عمّ الصمت دقيقة كاملة حداداً على الضحايا.

وتذكر «الغارديان» أن إيهاب أبو جزر بكى خلال النشيد الوطني للمرة الأولى في حياته، وقال لاحقاً إنه «شهد لحظة لا يمكن وصفها بأي كلمات».

وتضيف الصحيفة أن الجماهير الباسكية لم تتوقف لحظة عن الهتاف لفلسطين، وأن دوي «فلسطينا أسكاتو» تكرر طوال الأمسية بصوت واحد.

وعند الدقيقة الأخيرة، خرج ياسر حمد، اللاعب الفلسطيني المولود في بلباو، وسط تصفيق حار من المدرجات بأكملها، قبل أن يجتمع الفريق بعد صافرة النهاية ويلتفوا حول الملعب حاملين لافتة كُتب عليها: «شكراً بلاد الباسك».

ولحق بهم لاعبو منتخب الباسك، ثم وقف الطرفان معاً أمام المدرج الشمالي يغنون أغنية الحرية الشهيرة «تشوريا تشوري»، بينما وقف الجمهور مشتعلاً بالأعلام والإنارة كأن الحدث لحظة خلاص جماعي.

وتنقل «الغارديان» عن مدرب الباسك خاغوبا أراسّاتي، قوله إنه «لم يشهد في حياته مثل هذا المشهد»، وإن الأمسية «جسّدت ما يمكن لكرة القدم أن تصنعه بعيداً عن النتائج والتكتيك»، بينما عبّر أبو جزر عن امتنانه قائلاً إنه توقع التضامن، لكنه «لم يتخيل أن يكون بهذا الحجم»، وإن ما عاشه هو «أهم يوم في حياته»، مؤكداً أنه سيحمل هذه الذكرى معه إلى الأبد لأنها «لحظة صنعت التاريخ».