أثارت هتافات «فرانكو» في ملعب برنابيو الجدل في إسبانيا، وذلك بعد مرور 66 دقيقة من فوز ريال مدريد 2-1 على ريال مايوركا في الدوري الإسباني مساء السبت الماضي، حيث بدأ بعض المشجعين في ملعب سانتياغو برنابيو يرددون هتافات: «فرانكو... فرانكو».
جاء ذلك تزامناً مع استبدال الوافد الجديد لمدريد بقيمة 63.2 مليون يورو (54.9 مليون جنيه إسترليني؛ 73.6 مليون دولار) فرانكو ماستانتونو، بعد عرض جديد لافت أبرز إمكانيات المهاجم الأرجنتيني البالغ 18 عاماً. المشجعون أنفسهم رددوا الهتاف ذاته «فرانكو... فرانكو» عندما شارك اللاعب للمرة الأولى مع مدريد في افتتاحية الموسم ضد أوساسونا يوم 20 أغسطس (آب)، حين دخل بديلاً خلال الفوز 1-0، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».
الهتاف أثار جدلاً واسعاً في إسبانيا، إذ إن أي ذكر لاسم «فرانكو» يستدعي إلى الأذهان فرنثيسكو فرانكو، الجنرال الذي كان أحد قادة الانقلاب العسكري الذي فجّر الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936، ثم حكم البلاد بوصف أنه ديكتاتور من 1939 حتى وفاته عام 1975.
وسائل الإعلام الرياضية الكتالونية الكبرى -مثل «موندو ديبورتيفو» و«سبورت»- سارعت لنشر تقارير موجهة لجماهيرها، غالبيتهم من مشجعي برشلونة. كما استُخدم الاسم في البرنامج المدريدي الشهير «التشيرينغيتو» الذي يقوده جوزيب بيدريرول، إذ افتتح حلقته قائلاً: «البرنابيو لديه بطل جديد -فرانكو».
وأضاف: «بدأ الجدل، لكنني لن أتخلى عن اسم بسبب ما حدث قبل 40 عاماً في إسبانيا. والدا اللاعب سمّياه فرانكو، لماذا لا نطلق عليه اسمه؟ ما علاقة أرجنتيني بما حدث في تاريخ إسبانيا؟ ثم إن ماستانتونو أصعب للهتاف، من يهتم؟».
في المقابل، فضّل آخرون في مدريد الابتعاد عن الجدل، إذ نشر موقع جماهيري عريق هو «لا غاليرنا» مقالاً يؤكد أن النادي «تجنب السياسة منذ تأسيسه»، واقترح أن يهتف المشجعون «ماستان... ماستان... ماستان» لتفادي «أوهام التشويه» التي يروج لها النقاد.
النقاش انتقل أيضاً إلى متجر النادي الإلكتروني، إذ أشارت صحيفة «سبورت» إلى أن بعض المشجعين لم يتمكنوا من شراء قميص بالرقم 30 وعليه اسم «فرانكو». موقع ريال مدريد يمنع طباعة أسماء معينة على القمصان، منها «فرانكو»، حيث تظهر رسالة: «نعتذر، هذا الاسم غير متاح للتخصيص». كما يمنع النظام استخدام أسماء ديكتاتوريين مثل هتلر، وستالين، وماو، وموسوليني، وحتى أسماء مرتبطة ببرشلونة مثل ميسي، وكرويف، وليفاندوفسكي، وراشفورد.
رغم ذلك، تبقى القضية سطحية إلى حد ما، إذ إن اللاعب نفسه يرتدي قميصاً باسم «ماستانتونو» كما فعل سابقاً مع ريفر بليت، ومنتخب الأرجنتين.
غير أن السجال امتد إلى صفحات الصحافة التقليدية، مثل صحيفة «إلباييس» اليسارية، حيث كتب الأرجنتيني خورخي فالدانو اللاعب والمدرب والمدير الرياضي السابق لمدريد قائلاً: «هتاف (فرانكو... فرانكو... فرانكو) أطلق عواقب تستحق تحليلاً أنثروبولوجياً. إذا كان الهتاف مزحة، فهو في مكانه. لا يوجد رد أفضل من السخرية. أما إذا ردد أحدهم الاسم بشغف آيديولوجي، فنحن أمام نوع جديد من الغباء يقوي حجج الطرف الآخر».
المقال أشار أيضاً إلى أن بعض أنصار برشلونة اعتادوا وصف مدريد بـ«فريق النظام»، معتبراً ذلك خطأً تاريخياً، إذ إن أندية إسبانية أخرى حظيت بدعم أكبر بكثير من نظام فرانكو. هذا الوصف أعاد الرئيس الكتالوني جوان لابورتا استخدامه في أبريل (نيسان) 2023، حين قال: «مدريد كان تاريخياً الفريق المفضل تحكيمياً، فريق النظام، قريباً من السلطة السياسية والاقتصادية والرياضية لمدة 70 عاماً»، وذلك أثناء مؤتمره للدفاع عن مدفوعات برشلونة التي تجاوزت 7 ملايين يورو بين 2001 و2018 لشركات يملكها نائب رئيس لجنة الحكام الإسبانية السابق، إنريكيز نيغريرا.
مدريد رد سريعاً بنشر فيديو عبر قناته الرسمية يُظهر لقاءات جمعت فرانكو بمسؤولي برشلونة، وأنهاه الرئيس التاريخي سانتياغو برنابيو بعبارة: «كلما سمعت وصف ريال مدريد بأنه فريق النظام، أريد أن ألعن والد من يقول ذلك».
في مباريات مدريد، كثيراً ما ترددت هتافات «نيغريرا... نيغريرا» كلما اتخذ الحكم قراراً ضد الفريق، خاصة في مدرج «الغراندا بوبولار» خلف المرمى الذي تنظمه إدارة النادي، وقد تكررت الهتافات نفسها في لقاء مايوركا بجانب «فساد في الاتحاد» بعد إلغاء ثلاثة أهداف للفريق عبر تقنية الفيديو.
أما بخصوص هتافات «فرانكو»، فلم يعلّق اللاعب الشاب ماستانتونو عليها، بينما رفض مدرب مدريد تشابي ألونسو تضخيم القضية قائلاً: «أنا أركز فقط على اللاعب، وأراه يتدرب جيداً، ومنسجماً مع زملائه. طالما أراه يبتسم، فلا شيء يقلقني».

