لم تكن جماهير ملعب «يو إس أوبن» تتوقع أن تتحول ليلة عودة ماديسون كيز إلى أول بطولة كبرى على أرضها بعد لقب أستراليا إلى كابوس صادم، لكن ما حدث كان تجسيداً لقسوة التنس حين يخذل اللاعب نفسه قبل أن يخذله خصمه. فقد اعترفت كيز، المصنفة السادسة وحاملة لقب أستراليا المفتوحة، أن أعصابها خانتها «لأول مرة منذ فترة طويلة»، لتسقط أمام المكسيكية رينات زارازوا المصنفة 82 عالمياً بنتيجة 6-7 (10-12) و7-6 (7-3) و7-5، في مباراة ماراثونية استمرت ثلاث ساعات وعشر دقائق ضمن دورة «فلاشينغ ميدوز».
وبحسب شبكة « بي بي سي» البريطانية، بدأت كيز اللقاء بتفاؤل، لكنها ارتكبت وحدها 37 خطأً غير مبرر في المجموعة الأولى، ورغم ذلك خطفتها في شوط كسر التعادل بعد أن ضيّعت زارازوا خمس فرص لحسمها.
بدا وكأن الأمور تتجه لصالح الأميركية التي تقدمت 3-0 في المجموعة الثانية، لكن المفاجأة كانت في انهيارها المفاجئ بخسارة أربعة أشواط متتالية. أعصابها المرتبكة ظهرت بوضوح حين ارتكبت الخطأ المزدوج الثالث عشر، مانحة منافستها ثلاث نقاط حاسمة في «التاي بريك» لم تحتج المكسيكية سوى واحدة منها لتفرض مجموعة ثالثة حاسمة.
كيز التي بدأت العام بانتصار تاريخي على آرينا سابالينكا في نهائي أستراليا، لم تنجح منذ ذلك اليوم في إيجاد الاستقرار الذهني والفني. فبعد ربع نهائي باريس، جاءت صدمة ويمبلدون بخروج مبكر أمام المخضرمة الألمانية لورا زيغموند، وها هي اليوم تسقط مجدداً في نيويورك أمام منافسة لم يسبق لها الانتصار على أي لاعبة من المصنفات العشر الأوليات.
قالت كيز بصراحة: «كنت أريد الفوز بشدة، لكن شعرت أن الفوز أصبح أثقل من اللازم. لم أستطع أن أفصل نفسي عن هذا الشعور، وحين تبدأ في اللعب بشكل سيئ، تتدحرج كرة الثلج سريعاً».
حاول زوجها ومدربها بيورن فراتانغلو تهدئتها طوال اللقاء، مردداً: «إنها مجرد رياضة، لا شيء مصيري يحدث هنا»، لكن كلمات التشجيع لم تجد طريقها إلى ذهن اللاعبة البالغة 30 عاماً، التي بدت متثاقلة الخطوات ومشتتة القرارات حتى في أبسط الكرات.
وعندما كسرت زارازوا إرسالها في الشوط الثامن من المجموعة الثالثة، ثم ردت كيز سريعاً، تخيل كثيرون أن البطولة ستنقذ بطلتها المحلية. لكن الحسم كان مختلفاً، إذ أنهت المكسيكية المواجهة بخطأ مباشر من كيز لتبدأ احتفالات هستيرية من فريقها. كان ذلك أول انتصار لزارازوا على لاعبة من المصنفات العشر الأوائل، ليُسجّل في تاريخها كلاعبة مقاتلة حققت إنجازاً كبيراً في ليلة نيويوركية لا تُنسى.

ريباكينا ودرس قاسي لنجمة ناشئة
في لقاء آخر، لم تجد الكازاخية إلينا ريباكينا، المصنفة التاسعة وبطلة ويمبلدون 2022، أي صعوبة تُذكر أمام الأميركية الصاعدة جولييتا باريخا البالغة من العمر 16 عاماً. فازت ريباكينا 6-3 و6-0 في مباراة لم تتجاوز ساعة ودقيقتين، لتمنح اللاعبة الشابة درساً قاسياً في أول ظهور لها على مسرح الغراند سلام.

باريخا التي دخلت البطولة ببطاقة دعوة بعد بروزها في بطولات الناشئات ووصولها إلى نصف نهائي بوغوتا كلاعبة مؤهلة، أظهرت بعض الشجاعة في الأشواط الأولى، لكنها سرعان ما وقعت في فخ القوة الهجومية والخبرة التي تتمتع بها ريباكينا، لتفقد كل أشواط المجموعة الثانية دون مقاومة تُذكر.
ومع ذلك، يبقى المستقبل أمام الأميركية الواعدة التي فرضت نفسها خلال موسم الناشئات وصارت مرشحة لتمثيل جيل جديد في الملاعب الأميركية.










