مع اقتراب انطلاق الموسم الجديد من الدوري الإنجليزي الممتاز الشهر المقبل، تعود الحياة إلى المدرجات بامتلائها مجدداً بجماهير الأندية. وبينما لا تزال معدلات الحضور الجماهيري مرتفعة وقوائم الانتظار طويلة، تبقى تكلفة حضور المباريات تمثل عبئاً مالياً متزايداً على المشجعين، رغم الإيرادات الضخمة التي تدرها حقوق البث التلفزيوني، وذلك وفقاَ لشبكة The Athletic.
ومنذ استئناف النشاط الكروي عقب جائحة كوفيد-19، ارتفعت أسعار تذاكر الموسم بشكل ملحوظ. وفي هذا الموسم تحديداً، بادرت سبعة أندية إلى تجميد أسعار تذاكر المباريات الـ19 التي تُقام على أرضها، رغم أن جميع الأندية -باستثناء كريستال بالاس - كانت قد رفعت الأسعار الموسم الماضي. ومع تجاوز أسعار تذاكر الموسم حاجز ألف جنيه إسترليني في تسعة أندية على الأقل، بات حضور مباريات الدوري الإنجليزي رفاهية لا تُتاح للجميع.
وفي حين كانت الأندية في السابق تُرجع رفع الأسعار إلى أزمة تكاليف المعيشة، أصبح التبرير هذا الموسم مرتبطاً بزيادة مساهمات أصحاب العمل في التأمين الوطني.
يحصل حاملو التذاكر الموسمية على حق حضور جميع المباريات التي تُقام على أرضية ملعب فريقهم، وهو خيار أكثر توفيراً مقارنة بشراء التذاكر بشكل فردي، والتي شهدت أيضاً ارتفاعاً في الأسعار في عدد من الأندية.
كما أن عدداً من الأندية تبنّى ما يُعرف بسياسات «الاستخدام الأدنى»، والتي تشترط حضور عدد محدد من المباريات أو إعادة بيع التذكرة أو تحويلها إلى مشجع آخر، ومن بين هذه الأندية: آرسنال، أستون فيلا، برينتفورد، برايتون، ليدز، ليفربول، مانشستر سيتي، مانشستر يونايتد، سندرلاند، توتنهام. في المقابل، تكتفي أندية مثل وست هام بمراقبة الغيابات المتكررة دون فرض شروط.
أما من حيث الأسعار، فقد رصدت صحيفة «ذا أتلتيك» تفاصيل واسعة في تقريرها، حيث جاء فولهام في الصدارة بأغلى تذكرة موسمية في مدرج «ريفرسايد» بسعر بلغ 3084 جنيهاً إسترلينياً، بزيادة قدرها 84 جنيهاً عن العام الماضي. كما تجاوزت أسعار التذاكر الموسمية حاجز ألف جنيه في أندية آرسنال (1726 جنيهاً)، بورنموث (1164)، برايتون (1035)، تشيلسي (1095)، توتنهام (2223)، ووست هام (1720).
وإلى جانب هذه الأرقام، توفر أندية مثل تشيلسي فئات ضيافة مرتفعة التكلفة تحت اسم «ويست فيو»، بأسعار تبدأ من 1745 جنيهاً وتصل إلى 4300 جنيه، ولا تُتاح إلا عبر قوائم الانتظار. كما تقدم فولهام تذاكر موسمية للناشئين بأسعار تصل إلى 2570 جنيهاً، إلى جانب خيارات أرخص تبدأ من 154 جنيهاً.
على الطرف المقابل، حافظ برينتفورد على تجميد أسعاره، إذ بلغ سعر التذكرة الأعلى للبالغين 605 جنيهات، و815 جنيهاً لمنطقة «الدوغ آوت» المتميز. فيما حافظ بورنلي على أقل الأسعار، إذ بلغ سعر أغلى تذكرة 525 جنيهاً، وهو أقل بـ70 جنيهاً من تذكرة مماثلة في إيبسويتش تاون الموسم الماضي.
ويعد وست هام حالياً النادي الذي يقدّم أرخص تذكرة موسمية للكبار بسعر 345 جنيهاً، يليه بورنلي (352)، نيوكاسل (362)، وبورنموث (423). أما أرخص التذاكر للناشئين فتتوفر في برينتفورد (80)، نيوكاسل (81)، وبورنموث (86).
وفي ما يخص السياسات الجديدة، أعلنت أندية مثل مانشستر سيتي عن اعتماد سياسة حضور إلزامي لعدد معين من المباريات كشرط لتجديد التذكرة، في حين بدأ برينتفورد هذه السياسة الموسم الماضي، وتبعتها أندية أخرى. أما ليدز فاشترط حضور 80 في المائة من المباريات لتجديد التذكرة إلكترونياً، فيما قلّص توتنهام خصم كبار السن ورفع سن الاستحقاق إلى 66 عاماً، ما أدى إلى زيادة بنسبة 10 في المائة في التذاكر المخصصة لهذه الفئة.
في المقابل، لا تفرض أندية مثل بورنموث، بيرنلي، تشيلسي، كريستال بالاس، إيفرتون، فولهام، فورست، وولفرهامبتون أي شروط تتعلق بالحضور.
أما من حيث إمكانية تقسيط الدفع، فتلتزم جميع الأندية بإتاحة خيارات التقسيط إما عبر شركات تمويل مثل «في12» أو داخلياً. ويترتب على المشجعين دفع رسوم إضافية، إما في صورة فوائد أو في غياب مزايا مثل الخصومات المبكرة. على سبيل المثال، يقدم آرسنال خطة دفع من أربع أو عشر دفعات بفوائد تصل إلى 6.31 في المائة، بينما يقدّم تشيلسي خطة بثماني دفعات بفائدة تبلغ 6.64 في المائة. وتشمل خطة إيفرتون رسوماً مباشرة بقيمة 55 جنيهاً، فيما تبلغ الفائدة لدى ليفربول ومانشستر يونايتد 7.32 في المائة. أما كريستال بالاس فيقدم خطة من 10 دفعات دون فوائد، ولكن بأسعار أعلى بنسبة 7.5 في المائة في المرحلة الثانية من التجديد.
في ما يخص التذاكر الورقية، تتجه معظم الأندية لاعتماد التذاكر الرقمية، تماشياً مع توجيهات الدوري الإنجليزي الممتاز الذي يسعى إلى أن تكون 70 في المائة من التذاكر رقمية بحلول موسم 2026-2027. وتُمنح الأندية الصاعدة حديثاً مهلة لمدة عامين للامتثال. وفي حالات محددة، يمكن للمشجعين غير القادرين على استخدام الهواتف الذكية تقديم طلب للحصول على تذكرة ورقية.
الهدف المعلن من هذا التوجه هو الحد من السوق السوداء، رغم غياب أدلة واضحة على فعاليته. وتقول الرابطة إن استخدام الرموز الرقمية المتغيرة يقلّل من عمليات إعادة بيع التذاكر غير الرسمية، على عكس النسخ الورقية التي يمكن تداولها بسهولة.
في المحصلة، تبدو الأندية عازمة على تعديل استراتيجيات التسعير بما يضمن تعظيم العائدات من حضور الجماهير، سواء من خلال فئات جديدة أو سياسات حضور أو التوسع في التحول الرقمي. ورغم مبادرات تجميد الأسعار لدى بعض الأندية، تبقى تجربة المشجع مرتبطة بما تقرره الإدارات في سعيها لتحقيق التوازن بين الإيرادات والولاء الجماهيري.
