في واحدة من أكثر المواجهات إثارةً وترقباً في ربع نهائي كأس العالم للأندية، يجد الهلال السعودي نفسه أمام اختبار تاريخي عندما يلاقي فلومينينسي البرازيلي، في أول مواجهة رسمية بين الفريقين. لكن ما يبدو لأول وهلة أنه لقاء جديد يُخفي خلفه قصة قديمة تربط الناديين بخيوط من ذهب تمتد لأكثر من أربعة عقود.
كل شيء بدأ في عام 1978، عندما فاجأ الهلال العالم بتعاقده مع أحد أعظم أساطير الكرة البرازيلية، روبرتو ريفلينيو، بطل العالم مع السيليساو في مونديال 1970.
الصفقة لم تكن عابرة؛ فقد تصدرت عناوين الصحف والإذاعات العالمية، وكان من أبرزها إذاعة «بي بي سي» البريطانية التي أفردت خبراً خاصاً عن انضمام نجم فلومينينسي السابق إلى الزعيم السعودي.
لم يخيب ريفلينيو التوقعات، بل أضاف اسمه إلى سجل المجد الهلالي بتحقيقه بطولة الدوري عام 1979 وكأس الملك في 1980، فاتحاً بذلك الباب أمام جيل برازيلي ذهبي في مسيرة الهلال.

من بعده، واصل الهلال استقطابه العناصر البرازيلية المميزة، فكان الثلاثي تياغو نيفيز، وديغاو، وكارلوس إدواردو، امتداداً للصلة الكروية العميقة بين الرياض وريو دي جانيرو.
ورغم أن جميعهم حققوا البطولات المحلية، فإن كارلوس إدواردو ارتقى إلى مكانة خاصة بعد أن أسهم في تحقيق حلم الهلاليين الأكبر، وهو التتويج بلقب دوري أبطال آسيا عام 2019، متفوقاً على كل من ارتدى قميص الفريقين عبر التاريخ.
Dupla Al-Faraj e Al-Abid, da Arábia Saudita e que esteve em campo na vitória contra a Argentina, já jogou com os #MlksDeXerém... pic.twitter.com/CWDSrz9eOq
— Fluminense F.C. (@FluminenseFC) November 22, 2022
لكن القصة لم تتوقف عند حدود النجوم المستوردة، بل امتدت إلى بناء المستقبل. ففي عام 2009، وبقيادة الأمير عبد الرحمن بن مساعد، ابتعث الهلال 15 لاعباً شاباً إلى مقر تدريبات فلومينينسي في البرازيل، لصقل مهاراتهم الفنية والذهنية والبدنية في بيئة كروية مميزة.
كان من بين هؤلاء الشبان من أصبحوا لاحقاً نجوماً في سماء الكرة السعودية، مثل سلمان الفرج، ونواف العابد، وسلمان المؤشر، ومحمد القرني.
وما يجعل هذه الحكاية أكثر إثارة هو ما حدث بعد أكثر من عقد على ذلك المعسكر التدريبي، حينما دوّى اسم المنتخب السعودي عالمياً في مونديال 2022، بعد فوزه التاريخي على الأرجنتين.
حينها، استعاد حساب نادي فلومينينسي على منصة «إكس» تفاصيل تلك الرحلة، مشيراً إلى أن من بين أبطال ذلك الانتصار المدوّي، كان هناك لاعبان عرفا ذات يوم ملاعب فلومينينسي عن قرب هما: سلمان الفرج ونواف العابد.
اليوم، حين يلتقي الهلال وفلومينينسي وجهاً لوجه، لن تكون المباراة مجرد صراع كروي على بطاقة نصف النهائي، بل هي لحظة تلتقي فيها الذاكرة مع الواقع، الماضي مع الحاضر، والأساطير مع من يتطلعون لصناعة أسطورتهم القادمة.
