«مونديال الأندية»: هل يتحمل «فيفا» مسؤولية الحضور الجماهيري؟

ملعب «هارد روك» الذي سيحتضن افتتاح مونديال الأندية (وسائل إعلام أميركية)
ملعب «هارد روك» الذي سيحتضن افتتاح مونديال الأندية (وسائل إعلام أميركية)
TT

«مونديال الأندية»: هل يتحمل «فيفا» مسؤولية الحضور الجماهيري؟

ملعب «هارد روك» الذي سيحتضن افتتاح مونديال الأندية (وسائل إعلام أميركية)
ملعب «هارد روك» الذي سيحتضن افتتاح مونديال الأندية (وسائل إعلام أميركية)

في صيف العام الماضي، ومع انطلاق الاستعدادات لنسخة كأس العالم للأندية الجديدة بمشاركة 32 فريقاً على الأراضي الأميركية، بدأت الخلافات تدبّ داخل أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). فوفقاً لمصادر متعددة مطلعة على كواليس الاجتماعات - فضّلت عدم الكشف عن هويتها - طالب موظفو «فيفا» في ميامي بأن تُقام المباريات في ملاعب الدوري الأميركي الصغيرة، لا سيما تلك التي قد تضم فرقاً مغمورة بالنسبة للجمهور الأميركي، معتبرين أن نفاد تذاكر تلك الملاعب الصغيرة سيعطي البطولة زخماً إعلامياً، ويجنبها مشهد المقاعد الخالية في نسختها الافتتاحية بعد التعديل.

وبحسب شبكة «The Athletic»، كانت الرسالة من المسؤولين الكبار في المكتب الأوروبي لـ«فيفا»، بقيادة الرئيس جياني إنفانتينو، واضحة: البطولة يجب أن تكون الأكبر والأضخم على الإطلاق. وقد وصفها إنفانتينو سابقاً بأنها «انفجار كوني» و«أغلى بطولات الأندية قيمة على الإطلاق»، بل إنه حين كان يقف في المكتب البيضوي إلى جانب الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب، قال إن «أفضل اللاعبين من أفضل الفرق» سيشاركون، متفاخراً بأن «الملايين سيأتون» لمتابعتها. وقد ذهب أبعد من ذلك حين طلب نقش اسمه أكثر من مرة على الكأس المصممة من قبل دار «تيفاني»، بتوصية من صهر ترمب، جاريد كوشنر.

طموح إنفانتينو تمثل كذلك في الجوائز المالية؛ إذ أراد أن تكون الأكبر في تاريخ بطولات الأندية، لكنه لم يحقق هدفه: إذ تبلغ جائزة البطل القصوى 125 مليون دولار، وهو مبلغ أقل مما ناله ريال مدريد (154 مليون دولار) إثر فوزه بدوري أبطال أوروبا في 2024.

كما انعكست هذه الطموحات على اختيار الملاعب: 8 من أصل 12 ملعباً تتجاوز سعتها 65 ألف متفرج، في حين أن 12 مباراة فقط من أصل 64 ستُلعب على ملاعب «إم إل إس»، في مدن ناشفيل، وسينسيناتي، وأورلاندو، وواشنطن العاصمة.

النتيجة؟ مباريات متواضعة في ملاعب عملاقة: فمثلاً، يواجه فلومينينسي البرازيلي فريق ماميلودي صن داونز الجنوب أفريقي في ملعب «هارد روك» بسعة 65 ألفاً، ثم يواجه أولسان هيونداي الكوري الجنوبي في ملعب «ميت لايف» بنيوجيرسي (82.500 متفرج)، في حين يلعب فلامنغو ضد الترجي التونسي في ملعب «لينكولن فاينانشال» بفيلادلفيا (69 ألف متفرج). وحتى الأسبوع الماضي، لم تُبع سوى أقل من 10 آلاف تذكرة لمباراة صن داونز وفلومينينسي. وحتى مواجهات فرق كبيرة مثل إنتر ميلان وباريس سان جيرمان في باسادينا وسياتل لن تقترب من السعة الكاملة للملاعب.

وهنا، تجدر الإشارة إلى أن البطولات الكبرى لم تكن دائماً ممتلئة بالجماهير - حتى في الأسواق الكروية التقليدية. ففي بطولة يورو 1996 في إنجلترا - التي تُعتبر عودة «الكرة إلى الديار» - شهدت بعض المباريات حضوراً ضعيفاً، كمباراة إسبانيا وبلغاريا التي لم يتجاوز حضورها 26 ألفاً في «إيلاند رود»، بل إن نصف النهائي بين فرنسا والتشيك في «أولد ترافورد» شهد عشرات الآلاف من المقاعد الفارغة. وتكررت مشاهد المقاعد الخالية في كأس العالم 2002 (كوريا الجنوبية واليابان) و2014 (البرازيل) و2022 (قطر) نتيجة مشكلات في التذاكر أو «الامتناع عن الحضور» أكثر من الضعف في الإقبال. لكن مشهد المقاعد الخالية في كأس العالم للأندية الحالية سيكون مادة للسخرية والتندر و«الميمز». وهناك من يخشى أن تؤثر هذه الصور سلباً على الاستعدادات لكأس العالم 2026، وأن تُضعف الثقة في انتشار اللعبة داخل أميركا، بل تؤثر على إقناع الرعاة بالمشاركة في فعاليات «المهرجانات الجماهيرية» الخاصة بالمونديال. لكن الحكم على شهية الجمهور الأميركي لا يجب أن يُفصل عن السياق؛ إذ إن معظم مشكلات البطولة الحالية تعود إلى «العرض» من جانب «فيفا»، أكثر من «الطلب» من الجماهير.

الخطأ الأول تمثل في رفع سقف التوقعات والأسعار بشكل غير متناسب مع «المنتج» نفسه. شعار «الأفضل ضد الأفضل» الذي اختاره «فيفا» للبطولة يبدو فارغاً عند تذكّر أن أبطال إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا غير مشاركين، بسبب نظام تأهيل صاغه «فيفا» بنفسه.

وجاء تنظيم البطولة متأخراً، ولم تُحجز الملاعب حتى خريف العام الماضي؛ ما أفقد «فيفا» مرونة في التفاوض، وأجبره على دفع إيجارات مرتفعة لضمان الأرباح للملاعب، بغض النظر عن مبيعات التذاكر. كما تأخرت الاتفاقات مع الرعاة الذين دفعوا أقل مما كان «فيفا» يطمح له، بل إن شريك البث الرسمي «DAZN» الذي أُعلن عنه مقابل مليار دولار، لم يصل لربع طموحات إنفانتينو في ما يخص الحقوق الإعلامية.

أما الجمهور الأميركي، فتعامل معه «فيفا» بثقة زائدة: ظنّ أن حب الأميركيين للفعاليات الرياضية سيدفعهم لإنفاق مئات الدولارات بسهولة. لكن الواقع كان مختلفاً؛ فالكثير لم يفهم طبيعة البطولة، والبعض تخوف من تصريحات مثيرة للقلق حول وجود عناصر من «إدارة الهجرة والجمارك» الأميركية (ICE) في المباريات، وسط أجواء سياسية متوترة.

وفوق ذلك، فإن أسعار التذاكر في البداية كانت باهظة - وصلت إلى 349 دولاراً في بعض المباريات - لمباريات بين فرق غير معروفة للجمهور المحلي، وفي مواعيد غير مناسبة (بعد الظهر وسط الحرّ)، باستثناء مباريات بوكا جونيورز أو ريال مدريد.

مثال واضح على الارتباك: حتى قبل أسبوعين من انطلاق البطولة، بقيت عشرات الآلاف من التذاكر غير مبيعة لمباراة إنتر ميامي بقيادة ميسي ضد الأهلي المصري في ميامي. وحينها بدأ «فيفا» بعرض التذاكر لطلاب جامعة ميامي مقابل 20 دولاراً، مع إتاحة 4 تذاكر مجانية؛ ما يعني أن البعض سيشاهد ميسي مقابل 4 دولارات فقط! في حين كانت أرخص تذكرة قبل ذلك بـ349 دولاراً. كما أرسل «فيفا» استردادات مالية جزئية لمن اشتروا التذاكر مبكراً بأسعار عالية.

في المقابل، بدأ الإقبال يتحسن مؤخراً، ومن المرجح أن ترتفع الحماسة في الأدوار المتقدمة عندما تدخل الفرق الأوروبية الكبرى المشهد. ويتوقع حاكم نيوجيرسي، فيل ميرفي، أن يحضر ما بين 40 و50 ألف متفرج في ملعب «ميت لايف» لمباراة بورتو وبالميراس - رقم قد يبدو هزيلاً مقارنة بسعة الملعب، لكنه جيد إذا ما قورن بنفس المباراة لو أقيمت في إنجلترا، مثلاً.

وبينما ارتكب «فيفا» خطأ الاعتماد على جماهير ميامي لملء مدرجات مباريات ميسي - رغم أنهم يشاهدونه طوال الموسم في الدوري الأميركي - كان الأجدى أن يجوب به أنحاء أميركا، مستثمراً في أسواق جديدة. كما أدى ضمّ فريق لوس أنجليس المتأخر - بعد استبعاد ليون المكسيكي - إلى إرباك الجدول، فلم يتمكنوا من اللعب في لوس أنجليس رغم شعبيته هناك.

وتتنافس البطولة أيضاً مع فعاليات كروية أخرى في أميركا، مثل «الكأس الذهبية» التي تضم منتخبَي أميركا والمكسيك، وجولة «البريميرليغ» الصيفية التي تجلب مانشستر يونايتد إلى نيوجيرسي وأتلانتا وشيكاغو، إلى جانب استعدادات الجماهير لكأس العالم في 2026، والتي ستكون بدورها «متغيرة الأسعار».

ربما كان بعض التواضع من «فيفا» ضرورياً هذا الصيف؛ فرصة ذهبية لتقديم تذاكر بأسعار رمزية وتوليد تعاطف واسع قبل عام من المونديال. لكن عوضاً عن ذلك، أصبحت التذاكر ميسّرة فقط حين بدأ خطر الإحراج يقترب من الرئيس نفسه.

وفي ظل محاولات يائسة أخيرة لكسب الجمهور الأميركي، ظهر إنفانتينو في بث مباشر مع المؤثر الشهير «iShowSpeed» مدّعياً أن كريستيانو رونالدو في طريقه للمشاركة في البطولة - وهو ما لم يحدث، وأثار غضب ممثلي النجم البرتغالي.

«فيفا» استعان بعدد من صانعي المحتوى الأميركيين على «إنستغرام» و«تيك توك» لجذب الجمهور من الذين هم أصغر سناً، مثل «insaneshayne1» الذي يشتهر بالتقاط الأشياء بفمه، و«meals_by_cug» صاحب محتوى الطعام، و«askkait» المتخصصة في فيديوهات البيسبول، وغيرهم. لكن هل تؤتي هذه الاستراتيجية ثمارها؟ الأسابيع المقبلة ستكشف الحقيقة.


مقالات ذات صلة

إنريكي: «هاتفي» مليء برسائل تهنئة من جماهير برشلونة

رياضة عالمية لويس إنريكي يحتفل برباعية سان جيرمان في مدريد (أ.ف.ب)

إنريكي: «هاتفي» مليء برسائل تهنئة من جماهير برشلونة

أشاد لويس إنريكي، المدير الفني لباريس سان جيرمان الفرنسي، بصعود الفريق المستحق لنهائي بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية كورتوا تلقت شباكه رباعية مؤلمة (أ.ب)

كورتوا: سان جيرمان «خنقونا» بضغطهم العالي

أكد تيبو كورتوا، حارس مرمى فريق ريال مدريد الإسباني، أن ناديه عانى بشدة من الضغط العالي الذي مارسه نجوم باريس سان جيرمان الفرنسي خلال لقاء الفريقين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية ألونسو (أ.ف.ب)

ألونسو : ريال مدريد سيبدأ الموسم المقبل «من الصفر»

قال تشابي ألونسو مدرب ريال مدريد الإسباني إن فريقه سيبدأ الموسم المقبل من الصفر، بعد أن جاء تغييره الخططي بنتائج عكسية في الهزيمة 4-صفر أمام باريس سان جيرمان.

«الشرق الأوسط» (نيوجيرسي)
رياضة سعودية ماتيو ريتيغي (الشرق الأوسط)

القادسية يخطف ريتيغي بأغلى صفقة في تاريخ أتلانتا

توصل نادي القادسية السعودي إلى اتفاق رسمي مع نادي أتالانتا الإيطالي للتعاقد مع المهاجم الدولي الإيطالي ماتيو ريتيغي.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة سعودية ماجد كنبه بقميص الخليج (الشرق الأوسط)

الخليج يدشن صفقات الصيف المحلية بـ«الجيزاني وكنبة»

دشن فريق الخليج صفقات الصيف المحلية بالتعاقد مع اللاعبان حمد الجيزاني وماجد كنبة.

علي القطان (الدمام)

يوفنتوس يقترب من ضم سانشو ويسعى للتخلص من فلاهوفيتش

سانشو خرج من حسابات يونايتد والانضمام ليوفنتوس السبيل لإحياء مسيرته (غيتي)
سانشو خرج من حسابات يونايتد والانضمام ليوفنتوس السبيل لإحياء مسيرته (غيتي)
TT

يوفنتوس يقترب من ضم سانشو ويسعى للتخلص من فلاهوفيتش

سانشو خرج من حسابات يونايتد والانضمام ليوفنتوس السبيل لإحياء مسيرته (غيتي)
سانشو خرج من حسابات يونايتد والانضمام ليوفنتوس السبيل لإحياء مسيرته (غيتي)

يسعى يوفنتوس، رابع الدوري الإيطالي لكرة القدم في الموسم المنصرم، إلى ضم الجناح الدولي الإنجليزي جايدون سانشو من مانشستر يونايتد، لكنه ينتظر التخلص من مهاجمه الصربي دوشان فلاهوفيتش لإتمام الصفقة.

وأفادت صحيفة «إل كورييري ديلو سبورت» بأن سانشو يطالب براتب سنوي قدره 8 ملايين يورو، لكن يوفنتوس غير مستعد للذهاب إلى أبعد من 6 ملايين يورو للحصول على خدمات الجناح البالغ من العمر 25 عاما والذي بات خارج حسابات «الشياطين الحمر» ومدربهم البرتغالي روبن أموريم.

وقالت الصحيفة إن سانشو يتقاضى حاليا 10 ملايين يورو راتبا سنويا ومستعد لتخفيضه إلى 8 ملايين، أي أكثر بثلاثة ملايين يورو من العرض الأولي الذي قدمه يوفنتوس قبل أن يرفعه في عرضه الثاني إلى 6 ملايين إضافة إلى المكافآت المرتبطة بشروط معينة.

وبحسب التقارير الإعلامية، توصل يوفنتوس إلى اتفاق مبدئي مع يونايتد يحصل بموجبه الأخير على 25 مليون يورو من أجل التخلي عن جناحه الذي لعب الموسم الماضي بألوان تشيلسي على سبيل الإعارة.

وسجل لاعب بوروسيا دورتموند الألماني السابق 5 أهداف مع 10 تمريرات حاسمة في 41 مباراة خاضها في مختلف المسابقات بقميص تشيلسي.

ويرتبط سانشو مع يونايتد بعقد حتى 2026 بعدما قدم إليه عام 2021 في صفقة ضخمة بلغت 98 مليون دولار في عام 2021، لكنه خيب الآمال ودخل في خلاف علني مع مدرب «الشياطين الحمر» السابق الهولندي إريك تن هاغ في بداية موسم 2023-2024، فأبعده عن الفريق قبل أن تتم إعارته إلى ناديه السابق دورتموند.

وارتدى سانشو قميص يونايتد مرة واحدة خلال موسم 2024-2025 في مباراة درع المجتمع (السوبر المحلية) في أغسطس (آب)، قبل انتقاله إلى تشيلسي.

وتتحدث وسائل الإعلام الإيطالية عن رغبة يوفنتوس الذي تعاقد مؤخرا مع المهاجم الكندي جوناثان ديفيد كلاعب حر بعد انتهاء عقده مع ليل الفرنسي، في التخلص من عبء العام الأخير من عقد مهاجمه الصربي فلاهوفيتش الذي سيصل إلى 12 مليون يورو من بعد اقتطاع الضرائب.

وأفادت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت» بأن فلاهوفيتش (25 عاما) مستعد للمخاطرة بالجلوس على مقاعد البدلاء أو حتى الاستبعاد عن الفريق الموسم المقبل من أجل أن يتقاضى الراتب السنوي ومن ثم الرحيل بعد ذلك عن يوفنتوس من دون مقابل بعد انتهاء عقده.

ويدافع فلاهوفيتش عن ألوان يوفنتوس منذ يناير (كانون الثاني) 2022 بعدما انضم إليه من فيورنتينا في صفقة تصل قيمتها الإجمالية حتى 80 مليون يورو. وخاض الصربي 145 مباراة بألوان يوفنتوس في كافة المسابقات، مسجلا 58 هدفا، بينها 43 في الدوري الإيطالي، لكن تزامن وجوده في تورينو مع تخبط الفريق محليا وقاريا، فاكتفى حتى الآن بإحراز لقب مسابقة الكأس عام 2024.

ولا يدخل الصربي ضمن مخططات المدرب الجديد الكرواتي إيغور تودور الذي حل في مارس (آب) بدلا من تياغو موتا.

وبحسب «غازيتا ديلو سبورت»، سيكون هناك اجتماع في الأيام القليلة المقبلة بين وكيل أعمال فلاهوفيتش والمدير العام الجديد ليوفنتوس الفرنسي داميان كومولي للتوصل إلى حل مشابه لما حصل مع فيديريكو كييزا الذي وافق الصيف الماضي على الانضمام إلى ليفربول الإنجليزي قبل أقل من عام على نهاية عقده مع النادي.