بدأ الأمر بفيديو موسيقي بعنوان «حفلة الأبطال»، مع كلمات تقول «كرة القدم توحد العالم» و«إنها حفلة فيفا، نحن نعرف كيف نحتفل». في استوديو تيلموندو في ميامي، بدأت الأمور غريبة ونادراً ما أصبحت أقل سريالية على مدار ساعتين تقريباً، حيث أشرف «فيفا» على قرعة بطولة كأس العالم للأندية التي تم تجديدها والتي ستبدأ في الولايات المتحدة في 15 يونيو (حزيران) 2025، وستضم 32 فريقاً من الأندية من جميع أنحاء العالم. وقد أنتج العرض الافتتاحي إيميليو استيفان الحاصل على عدة جوائز «إيمي» و«غرامي». قال استيفان مخاطباً قاعة معظمها من المديرين التنفيذيين لكرة القدم الذكور: «نحن نعيش في زمن نحتاج فيه إلى توحيد العالم»، قبل أن يضيف: «نحن نعيش في أميركا، أفضل بلد في العالم»، لتصفق القاعة.
تحدث أولاً رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جاني إنفانتينو، ثم فيديو لضيف أوضح أنه وصل من «صديق مميز جداً جداً ومشجع كبير جداً كان يود أن يكون معنا اليوم، لكنه سيكون معنا قريباً جداً». هذا هو الرئيس الأميركي القادم دونالد ترمب. بحسب شبكة «The Athletic»، أخبرنا إنفانتينو أن كرة القدم قد وحدت العالم من خلال كأس العالم للرجال منذ عام 1930 وكأس العالم للسيدات منذ عام 1991، ولكن، كما قال، كان هناك «شيء مفقود»، وهو مسابقة لتحديد أفضل فريق في العالم. يجب أن نقول إنه لا يوجد حتى الآن أي إشارة إلى تاريخ أو مكان محدد لإقامة كأس العالم للأندية للسيدات، فقط قال «فيفا» في مايو (أيار) الماضي إنه يريد أن تقام في عام 2026.
عودة إلى الرجال، قال إنفانتينو إن «مليونين أو ثلاثة أو أربعة ملايين مشجع» سيحضرون إلى الولايات المتحدة لحضور البطولة الصيف المقبل، ثم ادعى أن أربعة أو خمسة مليارات شخص سيشاهدون البطولة. وهذا يعني أن أكثر من نصف العالم سيشاهدون البطولة التي أسفرت قرعة دور المجموعات عن بعض المباريات المغرية (ربما مباراة ريفر بليت وإنتر ميلان ومانشستر سيتي ضد يوفنتوس) ولكن أيضاً مباريات من غير المرجح أن تستحوذ على الخيال العالمي (ربما مباراة أوكلاند سيتي وبنفيكا أو مباراة الوداد الرياضي ضد العين). لم يوضح كيف تم تقدير هذه الأرقام، ولم يعقد إنفانتينو مؤتمراً صحافياً منذ كأس العالم في قطر، لذا نادراً ما يكون الحصول على إجابات منه. كما أنه تجنب البساط الأحمر هنا في هذه المناسبة - وهو في الواقع بساط أخضر مصنوع من العشب الصناعي لأنها كرة القدم - لذلك لم تكن هناك فرصة لاستجواب رئيس «فيفا» حول أي جانب من جوانب هذه المسابقة، وأبرزها المخاوف التي أثارها اللاعبون بشأن عبء العمل المتزايد والتحديات القانونية من نقابات اللاعبين التي واجهوها بسبب جدولة البطولة، أو ما إذا كان من العدل حقاً أن يُمنح فريق إنتر ميامي، بصفته الفائز بدرع أنصار الدوري الأميركي، مكان المضيف في المسابقة، بدلاً من الفائز بكأس الدوري الأميركي – في حين بدا للكثيرين أنها طريقة لإقحام ليونيل ميسي في البطولة. لم يتم توفير أي موظف من «فيفا» على الإطلاق لاستجوابه على الملأ.
ومع ذلك، كان لدى إنفانتينو الكثير ليقوله على المنصة. ويبدو أنه جعل من هذه البطولة مهمة شخصية له، ولكن يبدو أنه لم يشعر دائماً بأنها ستحدث بالفعل. لم يعلن «فيفا» عن أماكن استضافة البطولة في الولايات المتحدة إلا في نهاية سبتمبر (أيلول)، ولم يتم الإعلان عن شركة بث للحصول على الحقوق الإعلامية العالمية إلا يوم الأربعاء، أي قبل يوم واحد من القرعة. هذه الصفقة التي تمت مع منصة «دازن» تبلغ قيمتها مليار دولار، والتي تجعل جميع المباريات مجانية على الهواء عالمياً، وضعت إنفانتينو في حالة من الارتياح. علمنا أن الفضل في ذلك يعود إلى جاريد كوشنر، صهر ترمب وصديق إنفانتينو على ما يبدو، في الكأس المطلية بالذهب للبطولة، والتي نُقش اسم إنفانتينو في مكانين على الحلية. وأوضح إنفانتينو أن كوشنر اقترح اللجوء إلى شركة «تيفاني آند كو» لتصميم الكأس.
وانضم المهاجم البرازيلي الشهير رونالدو إلى إنفانتينو للكشف عن الكأس. لكن إنفانتينو لم ينتهِ عند هذا الحد، لأنه أخرج بعد ذلك مفتاحاً ذهبياً، وهو «مفتاح فيفا»، الذي قال إنه «يفتح الباب لقلوب الناس». واتضح أن المفتاح يفتح الكأس. نشأت علاقة قوية بين ترمب وإنفانتينو خلال عرض الولايات المتحدة المشترك مع المكسيك وكندا لاستضافة كأس العالم 2026؛ حيث دعا ترمب، خلال فترة رئاسته الأولى، رئيس «فيفا» مرات عدة إلى البيت الأبيض، وقدم سلسلة من الالتزامات المكتوبة التي ساعدت في ترجيح كفة أميركا في الفوز بالملف. وقد أصبح كوشنر نقطة مرجعية في البيت الأبيض لفريق العرض، وكشف مؤخراً كيف ساعدت مأدبة غداء نظمها كوشنر لإنفانتينو وسياسيين ورجال أعمال من مدينة نيويورك في وقت سابق من هذا العام في تأمين إقامة نهائي كأس العالم على ملعب ميتلايف. وقد بدت هذه العلاقة أكثر دفئاً من أي وقت مضى، حيث ظهرت زوجة كوشنر - إيفانكا ابنة ترمب - وابنهما ثيودور في حفل القرعة. نعم، لقد قرأت ذلك بشكل صحيح.
في وقت سابق، احتوت رسالة ترمب المصورة على ثناء كبير على إنفانتينو. وسبق لرئيس «فيفا» تقديم ترمب بوصفه متحدثاً في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في يناير (كانون الثاني) 2020. وفي نفس الأسبوع الذي قدم فيه مجلس الشيوخ الأميركي القواعد الأساسية لمحاكمة ترمب في محاكمة عزله، قارن إنفانتينو ترمب بالرجل الرياضي، قائلاً إنه «منافس» يقول في الواقع ما يعتقده الكثيرون، «ولكن الأهم من ذلك أنه يفعل، إذن، ما يقوله». ربما كان ترمب يكافئ هذا الولاء في هذا الفيديو. قال ترمب عن إنفانتينو أمس: «إنه فائز. إنه الرئيس وأنا الرئيس. نحن نعرف بعضنا منذ وقت طويل، ويشرفني جداً أن تجمعنا علاقة من هذا النوع لأن كرة القدم تتطور بشكل كبير. ابني بارون مشجع هائل لكرة القدم. إنه في الواقع لاعب جيد. أعتقد أنه ليس جيداً نوعاً ما، لكنه لاعب جيد جداً».
«سنشاهد كأس العالم أيضاً في وقت قريب جداً وكنت مسؤولاً جداً، إلى جانب جاني، في الحصول عليها. سيكون أمراً رائعاً». في الوقت الذي تهرب فيه إنفانتينو من التدقيق الإعلامي، تُرك الأمر لمسؤولي الأندية لتقديم التصريحات. قال مالك نادي إنتر ميامي خورخي ماس: «لا يوجد أي جدل»، حول منح إنتر ميامي مكاناً في الدوري الأميركي. كان مفوض الدوري الأميركي دون غاربر أكثر دبلوماسية، مؤكداً أن القرار يعود لـ«فيفا». ومع ذلك، قال: «لقد كان قراراً ذكياً». وأضاف غاربر: «أنا مؤيد للقرار الذي اتخذه (فيفا)، وأنا متحمس لوضع ميامي وسياتل (ساوندرز) وصفقة إعلامية عالمية للسماح بعرضها في جميع أنحاء العالم». ومضى غاربر واصفاً تأثير ميسي بأنه يعادل «لقاء تايلور سويفت بمايكل جاكسون مع بيليه». وقال ماس إنه سيكون «شرفاً» لرئيس الولايات المتحدة أن يحضر المباراة الافتتاحية للبطولة، التي ستشهد حضوره المباراة الافتتاحية للبطولة التي ستجمع فريقه.
أمّا بالنسبة لصفقة «دازن»، فسيتم تقاسم مبلغ المليار دولار المزعوم في الغالب بين الأندية، إلى جانب أموال الرعاية. حتى الآن، لم يشارك في الرعاية سوى هايسينس و«إيه بي إنبيف» و«بنك أوف أميركا»، مما يترك لـ«فيفا» عملاً يجب القيام به، خاصة أن إنفانتينو كان يهدف في وقت سابق إلى الحصول على ما يصل إلى 4 مليارات دولار من الحقوق الإعلامية، بينما ذكر سابقاً أن «فيفا» كان يستهدف 10 رعاة مع أهداف تزيد على 100 مليون دولار لكل راعٍ، وكان يكافح لجذب هذه الأرقام. ويتوقع الكثيرون أن ينضم راعٍ كبير واحد على الأقل إلى الرعاة، بينما يأمل «فيفا» أن يؤدي عرض البث المجاني عبر «دازن» إلى زيادة أرقام الرعاية. لكن المشكلة أن هذه البطولة لا تزال تفتقر إلى أسماء كبيرة مثل آرسنال وليفربول ومانشستر يونايتد وبرشلونة وميلان، بينما لم يتأهل النصر الذي يلعب له كريستيانو رونالدو. وكانت هناك بعض التكهنات التي تشير إلى أن ممثل الكرة السعودية الهلال قد يسعى إلى فترة انتقالات خاصة لانتقال لاعبين من داخل الدوري السعودي إلى الهلال لتعزيز حظوظه في البطولة. أجاب استيفي كالزادا، الرئيس التنفيذي لنادي الهلال: «ليس هذا هو الوقت المناسب للحديث عن اللاعبين».
هل هناك عالم يمكن أن نرى فيه رونالدو ينتقل إلى الهلال للمشاركة في بطولة أخرى على الساحة العالمية لمنافسة ميسي؟ قال كالزادا: «يبدو الأمر وكأنه خيال علمي. كريستيانو رونالدو ليس لاعباً لدينا، لذا من الصعب التعليق على ذلك». ليس السعوديون وحدهم الذين قد يسعون إلى تدعيم صفوف الفريق؛ حيث قال مالك نادي إنتر ميامي خورخي ماس إن ناديه يأمل أن يخفف الدوري الأميركي من القيود المالية المفروضة على فرقهم. وكان ناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جيرمان، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس رابطة الأندية الأوروبية، التي تمثل مصالح الفرق الرائدة في أوروبا، متحمساً بشأن آفاق البطولة؛ حيث قال: «لقد وقعوا بالأمس صفقة تلفزيونية مذهلة. هذا أمر رائع للأندية وللمسابقة». ووصف البطولة بأنها فرصة حاسمة لتعزيز العلامة التجارية لباريس سان جيرمان في الولايات المتحدة، قائلاً إنها المرة الأولى التي تقام فيها مباريات أوروبية تنافسية على الأراضي الأميركية. وفيما يتعلق بعبء العمل على اللاعبين، شدد الخليفي على ضرورة أن يقوم المدربون بتدوير لاعبيهم، في حين أشار أيضاً إلى أن الدول الأخرى قد ترغب في النظر إلى فرنسا وألمانيا؛ حيث يبلغ عدد فرق الدوري الممتاز 18 فريقاً بدلاً من 20 فريقاً، ولديها مسابقة كأس محلية واحدة فقط. وقال إنه على الرغم من أن كأس العالم للأندية تمثل توسعاً في الروزنامة، فإنها «تولد» من الناحيتين التجارية والرياضية.
بالنسبة لـ«فيفا»، إذن، يوم من الانسجام النادر. لكن التحدي الآن هو كيفية توزيع تلك الإيرادات داخل الأندية. وقال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين الحاضرين، متحدثاً دون الكشف عن هويته لحماية العلاقات: «سيكون الأمر بمثابة حفرة من الفوضى». سيضغط الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من أجل أن تحصل الأندية الأوروبية مثل ريال مدريد وتشيلسي ومانشستر سيتي وإنتر ميلان ويوفنتوس على أكبر حصة من الكعكة لأنها ستدّعي أنها المحرك الرئيسي للبطولة التي تبيع التذاكر وتجذب الأنظار. ويتمثل التحدي الذي يواجهه «فيفا» في تحديد المبلغ الذي يجب أن يكون مضموناً مقابل المشاركة والمبلغ الذي يجب أن يكون حافزاً للنجاح خلال البطولة. ومع ذلك، ليست أوروبا وحدها هي التي تقود القيمة؛ حيث أكد ماس من إنتر ميامي على الإيرادات التي سيحققها فريقه، قائلاً: «إنها بطولة فيفا. هم من سيحددون ذلك. ما يمكنني قوله إن إنتر ميامي سيملأ مدرجات ملعبنا. يمكنني أن أضمن لكم أن ليو ميسي وإنتر ميامي سيجلبان ذلك». قال أحد المسؤولين التنفيذيين في الأندية الأوروبية: «نتوقع المساواة وليس التساوي، عندما يتعلق الأمر بتقاسم الأموال بين القارات. في مثل هذه الظروف، يجب أن نستدعي رجلاً يؤمن بقدرته على توحيد العالم. تقدم أيها الرئيس إنفانتينو».