كرة القدم الإندونيسية تحطم ظهورها «الخجول» بـ«ثورة التجنيس»

الهولنديون وضعوا بصمة أولية مذهلة على مسيرتها الطموحة

كان أول رئيس لإندونيسيا سوكارنو ينظر إلى كرة القدم بوصفها وسيلة لتعزيز الفخر الوطني والوحدة (إ.ب.أ)
كان أول رئيس لإندونيسيا سوكارنو ينظر إلى كرة القدم بوصفها وسيلة لتعزيز الفخر الوطني والوحدة (إ.ب.أ)
TT

كرة القدم الإندونيسية تحطم ظهورها «الخجول» بـ«ثورة التجنيس»

كان أول رئيس لإندونيسيا سوكارنو ينظر إلى كرة القدم بوصفها وسيلة لتعزيز الفخر الوطني والوحدة (إ.ب.أ)
كان أول رئيس لإندونيسيا سوكارنو ينظر إلى كرة القدم بوصفها وسيلة لتعزيز الفخر الوطني والوحدة (إ.ب.أ)

رسمت الكرة الإندونيسية ظهوراً محدوداً على الصعيد الدولي والعالمي، وذلك طوال تاريخها، وتحديداً منذ مشاركتها في نهائيات كأس العالم لكرة القدم في فرنسا عام 1938، في ظل المنافسة تحت اسم «جزر الهند الشرقية الهولندية»، حيث خرج الفريق من الدور الأول بخسارته 0 - 6 أمام المجر.

وفي نهاية المطاف كان اهتمام وسائل الإعلام المحلية مُنصبّاً على حقيقة أن قائد الفريق، أحمد نوير وهو طبيب، نزل إلى الملعب مرتدياً نظارةً طبيةً أكثر من اهتمامها بالأداء غير الملحوظ للفريق. في ذلك الوقت، كانت حركة الاستقلال المتنامية تترسَّخ بعد قرون من الاحتلال والاستغلال الهولندي، وفي أعقاب الاستيلاء الياباني خلال الحرب العالمية الثانية أعلنت القوات القومية الإندونيسية الاستقلال في عام 1945، وتلت ذلك سنوات من الأعمال العدائية العسكرية، ولكن بحلول ديسمبر (كانون الأول) 1949 مُنِحَت إندونيسيا السيادة الكاملة وغير المشروطة بوصفها دولةً مستقلةً.

وكان أول رئيس لإندونيسيا، سوكارنو، ينظر إلى كرة القدم بوصفها وسيلةً لتعزيز الفخر الوطني والوحدة، وفي حين كان المنتخب الوطني لعام 1938 مزيجاً من اللاعبين المحليين والمواطنين الهولنديين المولودين في «جزر الهند الشرقية الهولندية»، أصبح الفريق بعد الاستقلال رمزاً مهماً للبلد الجديد، حيث تَنافَس في الألعاب الآسيوية في عام 1951 وأولمبياد ملبورن بعد 5 سنوات، كما استخدم سوكارنو كرة القدم بوصفها وسيلة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية.

فقد دعا الفريق اليوغوسلافي الذي يمثل دولة رائدة في عدم الانحياز إلى مقر إقامته الشخصية في عام 1955، ورفض مراراً وتكراراً السماح للفريق الإندونيسي باللعب ضد إسرائيل في المباريات الدولية.

الجماهير الإندونيسية عاشقة لكرة القدم (إ.ب.أ)

ولكن، في العقود التي تلت ذلك، كافحت آسيا لسد الفجوة بين منظمات كرة القدم في البلاد وبين المراكز القوية في أوروبا وأميركا الجنوبية، وفي ظل افتقارها إلى التنظيم والإيرادات والمرافق المماثلة، تأخرت كرة القدم الإندونيسية عن عمالقة آسيا، مثل كوريا الجنوبية واليابان في الشرق، والمملكة العربية السعودية وإيران في الغرب ولم يتم تأسيس أول دوري احترافي كامل في إندونيسيا إلا في عام 1994.

والآن نجحت الدولة، التي كثيراً ما عانت من تأخر الإنجازات - والتي كانت مهووسة بكرة القدم - في الوصول إلى الدور الثالث من تصفيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها، وهو ما يجعلها أقرب إلى كأس العالم من أي وقت مضى خلال الأعوام الـ86 الماضية.

وبالتزامن مع مواجهة المنتخبَين السعودي والإندونيسي المنتظرة في جاكرتا، الثلاثاء المقبل، تسلط «الشرق الأوسط» الضوء على مشروع التجنيس الذي أخذ شهرة كبيرة في العالم العربي بعد تعادل منتخب إندونيسيا مع المنتخب السعودي، ثم المنتخب الأسترالي في أول جولتين من التصفيات النهائية لكأس العالم 2026.

وتضمَّنت قائمة منتخب إندونيسيا الأخيرة ما يصل إلى 14 لاعباً من مواليد هولندا بعد أن قام مسؤولو كرة القدم بتجنيسهم بشكل مكثف خلال السنة الحالية، ولم الشتات الإندونيسي في الدولة الاستعمارية السابقة.

وشارك اللاعبون المُجنَّسون في النجاحات الإقليمية الأخيرة للمنتخب الوطني الإندونيسي لكرة القدم؛ مما دفع اتحاد كرة القدم الإندونيسي إلى الحفاظ على سياسة تجنيس اللاعبين على المدى الطويل، وتمهيد الطريق أمام الرياضات الأخرى لتحذو حذوه.

منتخب إندونيسيا بات قوياً في السنوات الأخيرة بفضل لاعبيه المجنسين (أ.ف.ب)

ومع لاعبين من أصل هولندي، استمرّت سلسلة نجاحات منتخب إندونيسيا منذ بداية عام 2024، بعدما تجاوز مرحلة المجموعات في كأس آسيا، والوصول إلى نصف نهائي كأس آسيا تحت 23 عاماً.

ولا يزال عدد اللاعبين المُجنَّسين في الفريق في ازدياد، ولقد قوبل صعود المنتخب الوطني الإندونيسي لكرة القدم بمخاوف متزايدة من أن يؤدي تدفق اللاعبين المُجنَّسين إلى تقويض هوية الفريق وتقليص دوافع اللاعبين الأصليين.

ولا تأتي المعارضة للتجنيس من الجمهور فحسب، بل أيضاً من الساسة، بمَن في ذلك أعضاء مجلس النواب، واللجنة الأولمبية الإندونيسية.

والسؤال الذي طرحوه هو: «متى ستتوقف إندونيسيا عن تجنيس اللاعبين؟». وعلى الرغم من هذا الخوف، فإن نتائج استطلاع رأي حكومي حول التجنيس كانت مخالفةً لمخاوف البعض، وذكر الاستطلاع أن ما يصل إلى 71.5 في المائة من المشاركين البالغ عددهم 1200 شخص والمنتشرين في 38 مقاطعة إندونيسية، يوافقون، ويوافقون بشدة على خطوات إريك توهير رئيس الاتحاد الإندونيسي لكرة القدم في تجنيس عدد من اللاعبين من أصول مختلفة ومن مختلف البلدان للدفاع عن المنتخب الوطني.

وفي مؤتمر صحافي عُقد في وزارة القانون الإندونيسية في 19 سبتمبر (أيلول) قال رئيس الاتحاد الإندونيسي إريك توهير إن الاختلافات في الرأي أمر مفهوم. وقال توهير لـ«وكالة أنباء أنتارا»: «نهدف إلى تحسين إنجازات المنتخب الوطني، والتجنيس هو سياسة طويلة الأمد».

وأكد توهير أن التجنيس توجه كروي عالمي ويتماشى مع القواعد، ولا يحظر الاتحاد الدولي لكرة القدم التجنيس، ما دام اللاعبون أثبتوا أنهم عاشوا في البلاد لمدة 5 سنوات متواصلة، أو أن لديهم أصولاً من آبائهم أو أجدادهم، وهذا المعيار مماثل لقانون التجنيس في كثير من الدول، بما في ذلك إندونيسيا وفيتنام. ومع ذلك أكد توهير أن اتحاد الكرة الإندونيسي يركز على اللاعبين من أصل إندونيسي بعد أن رأى إمكانات كبيرة في مجتمع الشتات في هولندا.

جانب من مباراة إندونيسيا واليابان التي جرت الجمعة (إ.ب.أ)

كانت إندونيسيا مستعمرة هولندية منذ عام 1800 وحتى عام 1945 ولا تزال الروابط الإنسانية بين البلدين مستمرة حتى يومنا هذا، بما في ذلك كرة القدم؛ حيث نشأ عدد من اللاعبين الإندونيسيين واستفادوا من نظام كرة قدم متطور هناك، ومن خلال هولندا هاجر الإندونيسيون أيضاً إلى بلدان أخرى في أوروبا.

وأضاف توهير: «نريد الاستفادة من مواهب إندونيسيا في الخارج، ولا يهمل الاتحاد المواهب المحلية، لكنه يعمل على تعزيز تدريب الشباب للتحضير لمستقبل المنتخب الوطني».

وتتمثل رؤية توهير في وجود 154 لاعباً عالي الجودة في المنتخب الوطني، ويتم تنفيذ مشروع تجنيس اللاعبين في اتحاد كرة القدم الإندونيسي بالتوازي مع خطة تطوير اللاعبين على المدى القصير، والمتوسط، والطويل، في فريقَي تحت 17 سنة، وتحت 19 سنة، اللذين فازا بالألقاب، واحتلا المركز الثالث في بطولة جنوب شرقي آسيا هذا العام على التوالي.


مقالات ذات صلة

أموريم يضيف 5 مدربين إلى طاقمه في مانشستر يونايتد

رياضة عالمية روبن أموريم يكمل طاقمه المساعد في مانشستر يونايتد (رويترز)

أموريم يضيف 5 مدربين إلى طاقمه في مانشستر يونايتد

أضاف روبن أموريم 5 مدربين، عمل معهم في سبورتنغ لشبونة، إلى طاقمه الفني الجديد في مانشستر يونايتد.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عربية خالد عبد الفتاح لاعب النادي الأهلي (حسابه على «إنستغرام»)

رياضيون مصريون ينتقدون «اعتذار» لاعب بالأهلي لتهنئة مهاجم بيراميدز

انتقد رياضيون مصريون واقعة اعتذار لاعب فريق الأهلي المصري خالد عبد الفتاح، لجماهير النادي بسبب تهنئته صديقه مروان حمدي مهاجم فريق بيراميدز.

رشا أحمد (القاهرة )
رياضة عالمية احتفالية فاوت فيخورست مهاجم هولندا أثارت الانتقادات (أ.ف.ب)

انتقادات لاحتفال فيخورست بعد السقوط المفاجئ لمساعد مدرب المجر

تعرّض فاوت فيخورست، مهاجم هولندا، لانتقادات حادة في بلاده بسبب احتفاله بحماس بتسجيله ركلة جزاء بمرمى ضيفه منتخب المجر.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
رياضة عالمية أموريم (رويترز)

أموريم: مانشستر يونايتد أكبر نادٍ في إنجلترا

تحدث البرتغالي روبن أموريم، المدير الفني الجديد لمانشستر يونايتد الإنجليزي، عن سعادته البالغة بمنصبه الجديد، وتطرق إلى طموحاته المستقبلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة سعودية رستم لطفولين (الاتحاد الآسيوي)

الحَكم الأوزبكي رستم يضبط موقعة «إندونيسيا والسعودية»

تقرر إسناد إدارة مباراة إندونيسيا والسعودية، ضمن الجولة السادسة من منافسات المجموعة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم، للحَكم الأوزبكي رستم لطفولين.

نواف العقيّل (جاكرتا)

أموريم يضيف 5 مدربين إلى طاقمه في مانشستر يونايتد

روبن أموريم يكمل طاقمه المساعد في مانشستر يونايتد (رويترز)
روبن أموريم يكمل طاقمه المساعد في مانشستر يونايتد (رويترز)
TT

أموريم يضيف 5 مدربين إلى طاقمه في مانشستر يونايتد

روبن أموريم يكمل طاقمه المساعد في مانشستر يونايتد (رويترز)
روبن أموريم يكمل طاقمه المساعد في مانشستر يونايتد (رويترز)

أضاف روبن أموريم 5 مدربين، عمل معهم في سبورتنغ لشبونة، إلى طاقمه الفني الجديد في مانشستر يونايتد.

وبحسب شبكة «The Athletic»، انضم كارلوس فرنانديز، وخورخي فيتال، وأديليو كانديدو، وإيمانويل فيرو، وباولو باريرا إلى طاقم المدرب البالغ من العمر 39 عاماً، حيث سيعملون جنباً إلى جنب مع المدربين المتبقين في «أولد ترافورد».

يظل دارين فليتشر، وأندرياس جورجسون، اللذان عملا مدربَين للفريق الأول تحت قيادة المدير الفني السابق إريك تن هاغ، في النادي إلى جانب مساعد مدرب حراس المرمى في الفريق الأول كريغ ماوسون.

سيكون فرنانديز مساعداً للمدرب أموريم، بعد أن عمل معه في كل من فتراته في تدريب كاسا بيا وبراغا وسبورتنغ في البرتغال.

وصل فيتال مدرباً لحراس المرمى، بينما انضم كانديدو وفيرو مدربَين للفريق الأول، وباريرا - الذي عمل سابقاً في آرسنال وليفربول - مدرباً للأداء البدني.

وصول كانديدو يخضع لموافقة التأشيرة، بينما من المتوقع أيضاً أن ينضم المحلل إدواردو روزاليني في وقت لاحق؛ بسبب الحاجة إلى تأشيرة مختلفة.

ظهر أموريم خياراً أول لمانشستر يونايتد ليحلَّ محل تن هاغ بعد بناء سمعة قوية بوصفه واحداً من أكثر المدربين الشباب تقييماً في أوروبا، بعد الفوز بلقب الدوري البرتغالي مرتين، بما في ذلك الفوز بلقب سبورتنغ الأول منذ 19 عاماً في موسمه الكامل الأول في 2020 - 2021.

ترك سبورتنغ في صدارة الجدول بعد سجل مثالي بـ11 فوزاً من 11 مباراة هذا الموسم، حيث سجَّل الفريق 39 هدفاً، واستقبل 5 أهداف فقط في مرماه. كما يحتل المركز الثاني في مرحلة الدوري الجديدة لدوري أبطال أوروبا بعد 3 انتصارات وتعادل.

غادر تن هاغ «أولد ترافورد» بعد عامين ونصف العام في منصبه، الشهر الماضي، بعد فوزه بـ4 مباريات فقط من أول 14 مباراة خاضها يونايتد هذا الموسم.

تم تعيين المهاجم السابق رود فان نيستلروي في منصب مؤقت للفترة التي سبقت وصول أموريم، وقاد الفريق إلى 3 انتصارات من أصل 4، بما في ذلك الفوز يوم الأحد على أرضه على ليستر سيتي.

لكن، تم التأكيد في وقت سابق من هذا الأسبوع على أنه سيغادر مع رحيل رينيه هاك، وجيلي تين روويلار، وبيتر موريل أيضاً.

ستكون أول مباراة لأموريم في قيادة يونايتد، هي رحلة في الدوري الإنجليزي الممتاز إلى إيبسويتش تاون في 24 نوفمبر (تشرين الثاني).