إلى أين ستصل المعركة القضائية بين مانشستر سيتي و«رابطة الدوري الإنجليزي»؟

الحرب مشتعلة حول «قانون اللعب المالي النظيف» وكيفية فرضه بعدالة على الجميع

نادي مانشستر سيتي دخل في معركة محتدمة مع رابطة الدوري الانجليزي (ا ب ا)
نادي مانشستر سيتي دخل في معركة محتدمة مع رابطة الدوري الانجليزي (ا ب ا)
TT

إلى أين ستصل المعركة القضائية بين مانشستر سيتي و«رابطة الدوري الإنجليزي»؟

نادي مانشستر سيتي دخل في معركة محتدمة مع رابطة الدوري الانجليزي (ا ب ا)
نادي مانشستر سيتي دخل في معركة محتدمة مع رابطة الدوري الانجليزي (ا ب ا)

أراد نادي مانشستر سيتي كسب الجولة الأولى في معركته القضائية مع «رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم»، بعد أن لجأ إلى المحكمة مشككاً في قانونية القواعد التي وضعتها «الرابطة» بشأن الصفقات التجارية والعقود الاستثمارية التي تبرمها الأندية مع أطراف مختلفة؛ لأنها مناهضة للمنافسة.

وكانت «رابطة الدوري الإنجليزي» قد اتهمت سيتي بالتحايل على «قانون اللعب المالي النظيف» فيما يتعلق بصفقتَي رعاية أبرمهما النادي في عام 2023 مع «بنك أبوظبي» و«مجموعة الاتحاد للطيران»، وبالغ في تقدير القيمة المالية لهما، في محاولة لتوجيه مزيد من الأموال من مالكيه إلى النادي. لكن المحكمة رأت أن ما فعله النادي مخالفة فقط للإجراءات وأنه يجب تعديله، وهو ما يراه سيتي انتصاراً.

وهذه القضية منفصلة عن جلسة الاستماع الجارية التي تشمل اتهام مانشستر سيتي بـ115 مخالفة تتعلق بانتهاكات مزعومة للقواعد المالية في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن النادي، الفائز باللقب في المواسم الأربعة الأخيرة على التوالي، يرى أن قرار المحكمة سيدعم موقفه، ويؤكد أن «الرابطة» أساءت استخدام مركزها المهيمن في إدارة الدوري.

وقال سيتي: «قررت المحكمة أن القواعد غير عادلة من الناحية الهيكلية، وأن الدوري الإنجليزي الممتاز كان غير عادل على وجه التحديد في كيفية تطبيق قواعد المراقبة المالية على النادي عملياً. لقد تبين أن القواعد تمييزية؛ لأنها استبعدت عمداً قروض المساهمين».

لقطة لملعب مانشستر سيتي الذي بات ينتظر نتائج تحقيقات موسعة لقانون اللعب المالي النظيف (رويترز)

لكن في المقابل تؤكد «رابطة الدوري الإنجليزي»، التي سبق أن أصدرت عقوبات بخصم نقاط من ناديي إيفرتون ونوتنغهام فورست الموسم الماضي لمخالفات مشابهة، ترى أن قرار المحكمة لم يبرئ سيتي؛ بل كان فقط للمطالبة بتوضيح موسع للإجراءات حتى تكون الضوابط المالية فعالة، بدليل رفضها غالبية الطعون التي قدمها سيتي.

وقالت «الرابطة» في بيان: «المحكمة أيدت شرعية اللوائح، وقالت إنها وجدتها ضرورية لجعل قواعد الربحية والاستدامة فعالة، واتفقت مع (رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز) على أنه إذا لم تكن الصفقات التي تبرمها الأندية بالقيمة السوقية العادلة، فإن ذلك سيشوه المنافسة داخل الدوري».

وقالت «الرابطة» أيضاً إن المحكمة رفضت حجة سيتي بأن الغرض من القواعد هو التمييز ضد الأندية ذات الملكية من منطقة الخليج، وإن قرار «اللجنة» صبّ في مصلحة سيتي «في ناحيتين فقط»؛ الأولى: أنه ينبغي عدم استبعاد قروض المساهمين من القواعد. ثانياً أنه ينبغي عدم الاحتفاظ بـ«عدد محدود من التعديلات» على هذه القواعد التي أُقرت في وقت سابق، لذا فعلى سيتي أن يرد على 115 اتهاماً بانتهاكات مزعومة للقواعد المالية للدوري.

وكتب سيتي إلى الأندية الـ19 الأخرى المشاركة في المسابقة، وكذلك «رابطة الدوري»، للطعن في تفسير «الرابطة» لنتيجة الحكم، مشدداً على موقفه بأن جميع قواعد المعاملات المالية المتعلقة بمنع عقود الرعاية مع شركات ترتبط بمالكي الأندية أصبحت الآن باطلة.

وكشف سيمون كليف، المستشار العام للنادي: «للأسف؛ فإن الملخص الذي نشر مضلل ويحتوي كثيراً من الأخطاء، ومع ذلك، فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو اقتراح (رابطة الدوري الإنجليزي) إقرار قواعد مالية معدلة جديدة في غضون الأيام العشرة المقبلة».

وتابع: «سبق أن أشرنا إلى أن عملية المراقبة المالية التي طبقتها (الرابطة) كانت متسرعة وغير مدروسة، وستؤدي إلى قواعد تتعارض مع المنافسة. وقد أثبت الحكم الأخير تماماً صحة هذه المخاوف».

وأوضح كليف: «أعلنت المحكمة أن قواعد (إيه بي تي) غير قانونية. وموقف نادي مانشستر سيتي هو أن هذا يعني أن جميع تلك القواعد باطلة، منذ وضعها عام 2021».

ويبدو أن المعركة القضائية بين سيتي و«رابطة الدوري» ستطول، خصوصاً بعد تذمر الأندية التي تعرضت للعقوبة الموسم الماضي من أن هناك ثغرات في قانون اللعب المالي تستفيد منها أندية على حساب أخرى بالتحايل.

وكان «الدوري الإنجليزي الممتاز» قد فرض حظراً على بيع الأندية لهيئات حكومية خارجية، أو أن ترعاها شركات مرتبطة بملاكها، لكنه وضع بعض التعديلات والتسهيلات ليمكن بيع نيوكاسل يونايتد إلى مجموعة يهيمن عليها «صندوق الاستثمارات السعودي» في 2021. ووفقاً للتعديلات التي وافقت عليها غالبية أندية الدوري الممتاز والاتحاد الإنجليزي للعبة، يجب تقديم كل المعاملات المالية إلى «رابطة الدوري» لتحدد القيمة السوقية العادلة.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل «قواعد الربح والاستدامة» و«قواعد اللعب المالي النظيف» وسيلة حقيقية للحفاظ على مستقبل الأندية، أم إنها تهدف فقط إلى الحفاظ على الوضع الراهن للدوري؟ الإجابة بالطبع ستختلف وفقاً للنادي الذي تشجعه، ومقدار الأموال التي يمتلكها، لكن يجب أن تكون هناك وسيلة تمنع الأندية من المقامرة وتعريض مستقبلها لخطر الإفلاس، وكذلك لوقف هيمنة أندية تجد دعماً خارجياً غير محدود. ووفقاً لذلك، كان من الواجب أن يضع «الاتحاد الأوروبي لكرة القدم» والاتحادات الوطنية التابعة له بالقارة قواعد تنظم ذلك، وهنا سيكون لـ«رابطة الدوري الإنجليزي» الممتاز الحق في فرض تلك القواعد على الجميع دون استثناءات، رغم ما نراه حالياً ويثبت أن الأمور أكثر تعقيداً مع تدخل المحامين وتحويل القضايا الى ساحات المحاكم.

غوارديولا مدرب سيتي سبق وصرح بأن هناك من يتربص للإطاحة بناديه (رويترز)

وصراع سيتي مع «قانون اللعب المالي النظيف» ليس جديداً، فقد سبق أن استبعده «الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)» من المسابقات القارية لمدة عامين، فيما قضاياه مع «رابطة الدوري الإنجليزي» الممتاز ترجع إلى أكثر من 14 سنة.

وبعد أن أكتمل الملف، قررت «الرابطة» الشهر الماضي تحويل مانشستر سيتي إلى «لجنة قضائية» للتحقيق في 115 مخالفة ارتكبها النادي خلال الفترة بين موسمي 2009 - 2010 و2022 - 2023. وتغطي هذه التهم 4 مجالات: الفشل في تقديم «صورة حقيقية وعادلة للوضع المالي للنادي»؛ والفشل في «تضمين التفاصيل الكاملة» لمكافآت اللاعبين والمديرين الفنيين؛ و«انتهاك قواعد اللعب المالي النظيف» على المستويين المحلي والقاري؛ والفشل في التعاون مع «الدوري الإنجليزي الممتاز» ومساعدته في التحقيقات التي يجريها. ورغم عدم نشر تفاصيل لائحة الاتهامات، فإن هناك بعضاً منها متداول منذ مدة، ويتعلق بمبالغة سيتي في تقدير قيمة صفقات الرعاية في محاولة للحصول على مزيد من الأموال من شركات تابعة لمالكيه، وأيضاً المدفوعات السرية إلى المدير الفني الإيطالي السابق روبرتو مانشيني ووكيل أعمال نجم الفريق السابق يايا توريه. وتؤكد «رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز» أن سيتي عمل على عرقلة كل محاولاتها للتحقيق في هذه الادعاءات.

وبسبب طبيعة هذه الاتهامات وتداعيتها الهائلة على نادٍ هيمن على كرة القدم الإنجليزية خلال السنوات الأخيرة، فمن المؤكد أن القضية ستشهد فصولاً جديدة وممتدة لأشهر.

ففي المواسم الأربعة عشر التي تغطيها هذه الاتهامات، فاز مانشستر سيتي؛ الذي تبلغ قيمة فريقه أكثر من مليار جنيه إسترليني، بـ7 ألقاب لـ«الدوري الإنجليزي الممتاز»، و6 ألقاب لـ«كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة»، و3 ألقاب لـ«كأس الاتحاد الإنجليزي»، بالإضافة إلى لقب لـ«دوري أبطال أوروبا». ومنذ ذلك الحين، فاز النادي بـ«الدوري الإنجليزي الممتاز» مرة أخرى، وبطولة «كأس السوبر الأوروبية» و«كأس العالم للأندية». ويشارك مانشستر سيتي في «دوري أبطال أوروبا» كل موسم منذ 2011 - 2012.

وفقاً لقاعدة «دبليو.51» في دليل «الدوري الإنجليزي الممتاز»، يمكن للجنة المنفصلة التي تحقق في الاتهامات الموجهة إلى سيتي أن تفرض مجموعة واسعة من العقوبات ضد أي نادٍ يثبت انتهاكه القواعد. وتشمل هذه العقوبات فرض غرامات، وخصم نقاط، وإيقافاً، وحتى الاستبعاد من المسابقة، مما يفتح الباب حتى أمام احتمال تجريد مانشستر سيتي من ألقابه.


مقالات ذات صلة

هزيمة خامسة وانهيار غير مسبوق... ما الذي يحدث في مانشستر سيتي؟

رياضة عالمية أكانجي وستونز وغوندوغان ثلاثي سيتي وشعور بالخذي من السقوط المدو أمام توتنهام برباعية (رويترز)

هزيمة خامسة وانهيار غير مسبوق... ما الذي يحدث في مانشستر سيتي؟

غوارديولا يعترف بأن فريقه في وضع لا يسمح له بالتفكير في اللقب... وإصلاح المسيرة الهدف الأهم ما الذي يحدث في مانشستر سيتي؟ هل هو نهاية لجيل فرض سيطرته على…

رياضة عالمية كايل ووكر (أ.ف.ب)

كايل ووكر منزعج من كبوة مانشستر سيتي

شدّد كايل ووكر، مدافع مانشستر سيتي، على ضرورة التخلص من هذه الهزيمة، والتركيز على الأساسيات بعد الخسارة صفر - 4 أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي الممتاز، السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بيب غوارديولا (إ.ب.أ)

غوارديولا: كرة القدم مزاج... علينا استعادة الثقة قبل مواجهة فينورد

تعهد الإسباني بيب غوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي بأن يعمل ولاعبوه بجد لإنهاء سلسلة الهزائم المتتالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية  توخيل يستهل مشواره مع منتخب إنجلترا بداية العام الجديد بالتركيز على تصفيات «مونديال 2026»... (موقع الاتحاد الإنجليزي)

هل يستطيع توخيل تحقيق حلم الإنجليز والتتويج بـ«كأس العالم 2026»؟

بعد الفوز على منتخب جمهورية آيرلندا بخماسية نظيفة، يوم الأحد، على ملعب «ويمبلي»، ضَمن منتخب إنجلترا الصعود مرة أخرى إلى المستوى الأول لـ«دوري الأمم الأوروبية»

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية (من اليمين) كريس وود وبابي سار واندريه أونانا (غيتي)

من أونانا إلى ديلاب... لاعبون يقدمون مستويات مفاجئة هذا الموسم

لاعبو نوتنغهام فورست يستحقون الإشادة بعد انطلاقتهم غير المتوقعة... وأونانا يأمل كسب ثقة أموريم بعد مرور 11 مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز

باري غليندينينغ (لندن)

هزيمة خامسة وانهيار غير مسبوق... ما الذي يحدث في مانشستر سيتي؟

أكانجي وستونز وغوندوغان ثلاثي سيتي وشعور بالخذي من السقوط المدو أمام توتنهام برباعية (رويترز)
أكانجي وستونز وغوندوغان ثلاثي سيتي وشعور بالخذي من السقوط المدو أمام توتنهام برباعية (رويترز)
TT

هزيمة خامسة وانهيار غير مسبوق... ما الذي يحدث في مانشستر سيتي؟

أكانجي وستونز وغوندوغان ثلاثي سيتي وشعور بالخذي من السقوط المدو أمام توتنهام برباعية (رويترز)
أكانجي وستونز وغوندوغان ثلاثي سيتي وشعور بالخذي من السقوط المدو أمام توتنهام برباعية (رويترز)

غوارديولا يعترف بأن فريقه في وضع لا يسمح له بالتفكير في اللقب... وإصلاح المسيرة الهدف الأهم ما الذي يحدث في مانشستر سيتي؟ هل هو نهاية لجيل فرض سيطرته على الساحة الإنجليزية لنحو 10 سنوات، أم أن جعبة المدير الفني الإسباني العبقري بيب غوارديولا أفلست من الأفكار؟

خسر مانشستر سيتي بقيادة غوارديولا 5 مباريات متتالية للمرة الأولى في المسيرة التدريبية للمدير الفني الإسباني، وآخرها كانت هزيمة مذلة برباعية نظيفة في عقر داره على «ملعب الاتحاد» أمام توتنهام، السبت.

واعترف غوارديولا: «عندما تخسر برباعية نظيفة، فلا يمكنك أن تقول كثيراً. يتعين علينا أن نتقبل الأمر الواقع ونتغلب عليه». وقدَّم المدير الفني الكاتالوني التهنئةَ لتوتنهام على أكبر فوز حققه خارج ملعبه على مانشستر سيتي. ورغم تأكيد غوارديولا على أنه لو يوجد ما يقوله، فإنه عاد ليتحدث عن أن «التراجع» كان أمراً لا مفرَّ منه بعد كل هذه النجاحات على مدى فترة طويلة من الزمن، وكيف كانت «التفاصيل الصغيرة» سبباً في حدوث مشكلات كبيرة، تعود معظمها وليست كلها إلى الإصابات الكثيرة التي عصفت بعدد كبير من اللاعبين الأساسيين، وكيف لم تتزعزع ثقته في اللاعبين بسبب كل ما حققوه.

ماديسون سجل هدفين من رباعية توتنهام في مرمى سيتي وأظهر ضعف دفاع منافسه (اب)

لكن لا يمكن لغوارديولا أيضاً أن يتجاهل حقيقة أن فريقه تعرَّض لـ5 هزائم متتالية، وهو أمر لم يحدث أبداً في تاريخ المدير الفني الإسباني، ولم يحدث لمانشستر سيتي منذ عام 2006، عندما كان ستيوارت بيرس هو مَن يقود الفريق. ولا يمكنه أيضاً تجاهل أن ليفربول بات يملك الفرصة للتغريد منفرداً بالصدارة، وهو مدعو لاستضافة مانشستر سيتي على ملعب «آنفيلد» بعد ذلك.

قال غوارديولا بعد المباراة: «لم نعش مثل هذه اللحظات أبداً خلال 8 سنوات. كنت أعلم أننا سنتراجع عاجلاً أم آجلاً. لم أتوقع أبداً أن نخسر 3 مباريات متتالية في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكننا تمكّنا من تقديم مستويات ثابتة بشكل لا يصدق مراراً وتكراراً. والآن، لا يمكننا إنكار الواقع الذي يحدث أحياناً في كرة القدم وفي الحياة كلها».

وتعد هذه هي المرة الأولى التي يخسر فيها مانشستر سيتي 3 مباريات متتالية في الدوري الإنجليزي الممتاز تحت قيادة غوارديولا، كما أن المدير الفني الكاتالوني لم يخسر طوال مسيرته التدريبية أي مباراة على ملعب فريقه في الدوري بفارق 4 أهداف. وتعد هذه هي أكبر هزيمة لغوارديولا بصفته مديراً فنياً، وهي النتيجة نفسها التي تكررت 3 مرات في مسيرته التدريبية، عندما خسر برباعية نظيفة أمام إيفرتون في عام 2017، ومع برشلونة في دوري أبطال أوروبا في عام 2016، ومع بايرن ميونيخ أمام ريال مدريد في عام 2014.

وعلاوة على ذلك، تعدّ الخسارة برباعية نظيفة أمام توتنهام أثقل هزيمة لمانشستر سيتي على «ملعب الاتحاد». كما أصبح مانشستر سيتي أول حامل للقب الدوري الإنجليزي الممتاز يخسر 5 مباريات متتالية في جميع المسابقات منذ تشيلسي في مارس (آذار) 1956. وتعدّ هذه أسوأ هزيمة لمانشستر سيتي على ملعبه في الدوري منذ خسارته بـ5 أهداف مقابل هدف وحيد أمام آرسنال في عام 2003. وأصبح توتنهام أكثر فريق يحقق الفوز على غوارديولا، بـ9 انتصارات. وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن مانشستر سيتي سدَّد 23 تسديدة في هذه المباراة دون أن يحرز أي هدف، وهو أكبر عدد من التسديدات للفريق في مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز فشل في التسجيل منها منذ خسارته بهدفين دون رد أمام مانشستر يونايتد في مارس (آذار) 2021.

وتُظهر الإحصاءات أيضاً أن تراجع مانشستر سيتي لم يقتصر على النتائج فقط، حيث أصبح الفريق يتعرَّض للهجمات المرتدة أكثر بكثير من أي موسم آخر تحت قيادة غوارديولا. واستقبل الفريق 1.17 تسديدة من الهجمات المرتدة في المباراة الواحدة في المتوسط هذا الموسم، في حين كانت أعلى نسبة سابقة هي 0.66 قبل موسمين. وجاءت 4 من الفرص الـ5 التي أُتيحت لتوتنهام في الشوط الثاني ممّا أطلقت عليه شركة «أوبتا» للإحصاءات اسم «هجمة مرتدة خاطفة»، بما في ذلك هدفا بيدرو بورو وبرينان جونسون.

هالاند هداف سيتي أهدر أكثر من فرصة وخرج مطأطأ الرأس (د ب ا)cut out

وخلال هذا الموسم، باستثناء ركلات الجزاء، تهتز شباك مانشستر سيتي بمعدل 1.25 هدف في المباراة الواحدة، مقارنة بـ0.79 في الموسم الماضي. ربما يكون عدد التسديدات على مرمى الفريق قريباً مما كان عليه في الموسم الماضي (7.8 الآن مقارنة بـ7.7 في الموسم الماضي)، لكن جودة هذه التسديدات أفضل بكثير، حيث ارتفعت نسبة الأهداف المتوقعة المستقبلة إلى 1.26 مقابل 0.8 في الموسم السابق.

وعلاوة على ذلك، يجد مانشستر سيتي صعوبةً كبيرةً في التعامل مع غياب رودري، أفضل لاعب خط وسط مدافع في العالم، والفائز بجائزة الكرة الذهبية هذا العام. وتشير الإحصاءات إلى أن مانشستر سيتي فاز بـ78 في المائة من المباريات التي لعبها في الدوري الإنجليزي الممتاز في ظل مشاركة رودري، في حين تراجعت هذه النسبة إلى 50 في المائة دون نجم خط الوسط الإسباني. أما فيما يتعلق بالهزائم، فكان الأمر أكثر وضوحاً، حيث لم يخسر مانشستر سيتي أي مباراة شارك فيها رودري، في حين خسر 43 في المائة من المباريات التي لم يشارك فيها.

بالإضافة إلى ذلك، من الواضح للغاية أن الفريق تأثر كثيراً بتقدم عدد من لاعبيه في السن، فنحو 52 في المائة من الدقائق التي لعبها الفريق في الدوري كانت بلاعبين تبلغ أعمارهم 29 عاماً أو أكثر، وهو أكبر متوسط أعمار لأي فريق في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. كما تراجع مستوى اللاعبين بشكل واضح خلال الموسم أيضاً، حيث انخفض متوسط تسديداتهم على المرمى من 7.3 تسديدة في أول 14 مباراة في جميع المسابقات إلى 4.8 تسديدة في المباريات الـ5 التي خسرها الفريق، في حين ارتفعت تسديدات المنافسين على المرمى من 2.4 إلى 6 تسديدات.

وعلى الرغم من البداية الجيدة لمانشستر سيتي في المباراة الأخيرة، فإن توتنهام فاز عن جدارة واستحقاق، وكان الفريق الأفضل بفارق كبير. وقال غوارديولا: «من الواضح أننا ضعفاء بعض الشيء الآن. لقد وجدنا صعوبةً في تسجيل الأهداف، لكنهم سجَّلوا في المرات التي وصلوا فيها إلى المرمى. إننا نلعب ولدينا بعض السلبية في أفكارنا، لكن هذا أمر طبيعي، فكرة القدم هي انعكاس للحالة المزاجية. لقد كنّا دائماً فريقاً قوياً يقدِّم مستويات ثابتة، ويستقبل قليلاً من الفرص، وكنّا نعتمد على الاستحواذ على الكرة. هذا ليس فريقاً تم بناؤه للقيام بـ40 هجمة بدءاً من منطقة جزائه وحتى منطقة جزاء الفريق المنافس في المباراة، فنحن لا نجيد ذلك. كنّا دائماً فريقاً يستقبل قليلاً من الأهداف، لكننا الآن نستقبل أهدافاً كثيرة. أود أن يكون هناك سبب واحد فقط وراء ذلك، لكن الحقيقة هي أن هناك أسباباً كثيرة».

وقال مهاجم المنتخب الإنجليزي السابق آلان شيرار في برنامج «مباراة اليوم» على شاشة «بي بي سي»: «هناك كثير من الأشياء الخاطئة ظهرت في سيتي. الأمر لا يتعلق فقط بعدم وجود رودري، لكن المدافعين لا يقومون بواجباتهم بشكل صحيح، ولا يضغطون في جميع أنحاء الملعب كما كانوا يفعلون من قبل. هناك كثير من الأشياء التي يجب العمل عليها، حيث لم تكن هناك حماية من خط الوسط لخط الدفاع، وكانت دفاعات الفريق مفتوحةً للغاية. ستكون مواجهة ليفربول، الأسبوع المقبل، اختباراً قوياً للغاية لمانشستر سيتي. لأول مرة الجميع يشعر بمخاوف حقيقية على سيتي في هذه المباراة. هناك كثير من العلامات المقلقة. إذا فاز ليفربول الأسبوع المقبل، أعتقد بأن الأمور ستكون صعبةً للغاية على سيتي للحاق به».

غوارديولا إعترف بأن سيتي يمر بأسوأ فتراته (ا ب ا)cut out

ووصف مدافع مانشستر يونايتد السابق، غاري نيفيل، ما حدث أمام توتنهام بأنه «يوم صادم» لحامل اللقب، بينما قال لاعب خط وسط توتنهام السابق، جيمي ريدناب، إن مانشستر سيتي «من السهل جداً اللعب ضده». وقال مدافع مانشستر سيتي السابق، ميكا ريتشاردز، لشبكة «سكاي سبورتس»: «أنا مذهول تماماً. لقد أظهر توتنهام جودةً رائعةً، لكن مانشستر سيتي كان سيئاً للغاية. لقد تمت السيطرة على خط وسط سيتي تماماً، وبدا الأمر وكأن لاعبي الفريق يفتقرون إلى الطاقة والإقناع. كنت أعتقد بأن توقيع غوارديولا على عقد جديد سوف يعطي الفريق دفعةً كبيرةً للأمام، لكن ما حدث أمام توتنهام يجعل الأمر يبدو وكأنه ليس مجرد تعثر عابر».

لكن السؤال الذي يطرحه البعض الآن هو: هل لا يزال سيتي قادراً على المنافسة على اللقب؟ سيلعب الفريق ضد فريق فينورد الهولندي في دوري أبطال أوروبا غداً (الثلاثاء)، في حين ستكون مباراته التالية في الدوري الإنجليزي الممتاز أمام ليفربول الأحد المقبل. ونظراً لأن ليفربول يحتل الصدارة فإن فوزه على سيتي قد يضعه أمام فرصة لم يكن يتوقعها للمضي قدماً وإحراز اللقب.

وفقاً للكومبيوتر العملاق التابع لشركة «أوبتا» للإحصاءات، فإن فرصة فوز مانشستر سيتي باللقب هذا الموسم لا تزيد على 25.3 في المائة. وعندما سُئل غوارديولا عمّا إذا نجح ليفربول في توسيع الفارق إلى 11 نقطة، وهل في هذه الحالة سيكون فريقه خارج المنافسة، ردّ قائلاً: «نعم، هذا صحيح. لكننا لا نفكر في الفوز باللقب أو خسارته، فلسنا في وضع يسمح لنا بالتفكير فيما سيحدث في نهاية الموسم. إذا لم نفز باللقب في النهاية فلأننا لا نستحق ذلك».

خلال فترة تدريبه بايرن ميونيخ الألماني عانى غوارديولا من هزائم متتالية في مايو (أيار) 2015 أمام باير ليفركوزن وأوغسبورغ، وناديه السابق برشلونة الإسباني في دوري أبطال أوروبا، وقد سبق ذلك الخسارة بركلات الترجيح أمام الغريم التقليدي بوروسيا دورتموند، في قبل نهائي كأس ألمانيا، وهي النتيجة التي تم تسجيلها رسمياً على أنها تعادل، ولكنها توفر السابقة الوحيدة لغوارديولا، الذي هُزم 4 مرات متتالية.

وفي أبريل (نيسان) 2018 خسر غوارديولا مرتين في 3 مباريات متتالية مع مانشستر سيتي، الأولى 2 - 3 أمام الغريم والجار مانشستر يونايتد بقيادة نجمه آنذاك الفرنسي بول بوغبا، والتي جاءت بين هزيمتَي الفريق أمام ليفربول في مباراتَي الذهاب والإياب بدور الـ8 بدوري أبطال أوروبا.

أما المرة الثانية التي يخسر فيها في 3 مباريات متتالية، فقد امتدت لموسمين وعبر 3 بطولات، حين سقط سيتي في نهائي دوري أبطال أوروبا موسم 2020 - 2021 أمام تشيلسي، قبل أن يخسر أيضاً أمام ليستر سيتي في مباراة الدرع الخيرية في افتتاح موسم 2021 - 2022، وأعقبتها الهزيمة في مباراته الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز أمام توتنهام صفر - 1.

ولم يخسر غوارديولا أكثر من مباراتين متتاليتين مع برشلونة، حيث انهزم أمام فيسلا كراكوف البولندي، ونومانسيا في مباراتيه الثانية والثالثة في منصبه عام 2008، وأمام مايوركا وأوساسونا بالدوري الإسباني عام 2009، وكذلك أمام تشيلسي الإنجليزي والمنافس اللدود ريال مدريد الإسباني في أبريل 2012.

ويعلق غوارديولا بعد تعرضه لأسوأ سلسلة من الخسائر مع سيتي: «الآن بدأتم تدركون مدى صعوبة ما فعلناه خلال السنوات الماضية بالبقاء على القمة».