تنهال الإشادات على تايلر ديبلينغ جناح ساوثهامبتون، البالغ من العمر 18 عاماً، أسبوعاً بعد الآخر. وجاءت الإشادة الكبرى من مديره الفني راسل مارتن، الذي قال بعد الأداء المذهل الذي قدمه لاعبه أمام إبسويتش تاون، يوم السبت الماضي: «يمكنه القيام بأشياء لا يستطيع كثير من اللاعبين الآخرين الذين رأيتهم القيام بها، وأنا حقاً أحب العمل معه، وأحب مشاهدته وهو يلعب. لو كنت مشجعاً كنت سأدفع كثيراً من المال لمشاهدته وهو يلعب كرة القدم».
من المؤكد أن أي مشجع اشترى تذكرة لمشاهدة ساوثهامبتون مؤخراً قد استمتع كثيراً بمشاهدة ديبلينغ وهو يتألق داخل المستطيل الأخضر. وبعدما تردد اسمه على نطاق واسع قبل عامين عندما سجّل 3 أهداف (هاتريك) بالطريقة نفسها مع فريق الرديف لساوثهامبتون، وتصعيده لقائمة الفريق الأول وهو في الـ16من عمره، بدأ ديبلينغ يصنع لنفسه اسماً أكبر بعد أن أصبح أحدث خريج من أكاديمية النادي الشهيرة يتألق على أعلى المستويات، وفق المقال الذي كتبه أدريان كاجومبا على موقع الدوري الإنجليزي الممتاز.
وقد أدت مشاركته في الشوط الثاني أمام برنتفورد، الشهر الماضي، إلى رفع الروح المعنوية لزملائه في الفريق، كما أسهم بشكل مباشر في الهدف الوحيد الذي سجّله الفريق في المباراة التي خسرها بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد. وفي أول مشاركة أساسية له أمام مانشستر يونايتد، خلق ديبلينغ كثيراً من المشكلات للظهير الأيسر الدولي ديوغو دالوت، وخدع المدافع المخضرم وأجبره على ارتكاب خطأ ضده ليحصل على ركلة جزاء في المباراة التي خسرها ساوثهامبتون بثلاثية نظيفة في نهاية المطاف.
وأمام إبسويتش تاون، قدم ديبلينغ أفضل مستوياته على الإطلاق حتى الآن، حيث سجّل أول هدف له مع الفريق الأول، قبل أن تهتز شباك ساوثهامبتون وتنتهي المباراة بهدف لمثله. وبهذا الهدف، أصبح ديبلينغ رابع أصغر لاعب يسجّل هدفاً بقميص ساوثهامبتون في الدوري الإنجليزي الممتاز. ويبدو أن المدير الفني لساوثهامبتون متأكد من قدرة ديبلينغ على تقديم ما هو أفضل من ذلك بكثير خلال الفترة المقبلة. وقال مارتن بعد المباراة: «لقد أخبرته أمس بأنه سيسجّل هدفه الأول في الدوري الإنجليزي الممتاز، وأخبرني بأنه سيكون واحداً من بين كثير من الأهداف التي سيسجّلها. أنا أحب طريقة تفكيره، وأعتقد بأنه سيكون قادراً على القيام بذلك».
بشكل عام، لم يهدر ديبلينغ كثيراً من الوقت في موسمه الأول في الدوري الإنجليزي الممتاز لإظهار قدراته وفنياته الكبيرة: قدرته على التحرك بالكرة، وتوازنه وتحكمه في الكرة ببراعة بكلتا قدميه، ونظرته الثاقبة التي تساعده على التمرير الدقيق في الثلث الأخير من الملعب، وفاعليته أمام المرمى.
ومن المثير للإعجاب بالنسبة للاعب لم يبدأ سوى مباراتين فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولم يكمل حتى الآن أي مباراة لنهايتها، أنه كان الأكثر تسديداً للكرات على المرمى من بين لاعبي ساوثهامبتون جميعاً حتى الآن هذا الموسم، بـ15 تسديدة. وعلاوة على ذلك، فإنه يحتل المركز الخامس بين لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز جميعاً من حيث عدد التسديدات كل 90 دقيقة، بواقع 6.55 تسديدة، وهو الأمر الذي يعكس مدى فاعليته الهجومية.
يقول المقربون من ديبلينغ إن ما أظهره هذا اللاعب الشاب في الدوري الإنجليزي الممتاز هو مجرد غيض من فيض مما كان يقدمه على مستوى الناشئين، وإنه لا يزال بإمكانه تقديم المزيد. انضم ديبلينغ إلى ساوثهامبتون من نادي مسقط رأسه، إكستر سيتي، وهو في الثامنة من عمره، وسرعان ما أدرك مسؤولو النادي أنه يمتلك موهبة كبيرة قد تجعله يسير على خطى لاعبين عظماء تخرجوا في أكاديمية الناشئين بالنادي؛ مثل غاريث بيل، وثيو والكوت.
وسرعان ما بدأ الجميع خارج ساوثهامبتون أيضاً يدركون أن هذا اللاعب الشاب يمتلك إمكانات استثنائية، أولاً عندما شارك لأول مرة مع فريق الرديف في الدوري وهو في الـ15من عمره، ثم عندما سجّل ثلاثيته الرائعة بمهارة فردية كبيرة في مرمى نيوكاسل يونايتد في أبريل (نيسان) 2022.
وقال المدير الفني للفريق الأول آنذاك رالف هازنهوتل، الذي كافأ ديبلينغ بضمه إلى قائمة الفريق أمام برنتفورد في الدوري الإنجليزي الممتاز في الشهر التالي: «إنه أحد اللاعبين المتألقين في فريق الشباب لدينا. الشيء الجيد أننا نرى مدى براعته، لكن الشيء السيئ أن الأندية الأخرى ترى ذلك أيضاً!»
كان ديبلينغ سيصبح أصغر لاعب يشارك مع الفريق الأول لساوثهامبتون متقدماً على ثيو والكوت، الذي كان يبلغ من العمر 16 عاماً و143 يوماً عندما ظهر لأول مرة، لو شارك في ذلك اليوم تحت قيادة هازنهوتل أمام برنتفورد.
وكما كان يخشى هازنهوتل، لفت ديبلينغ أنظار مسؤولي نادي تشيلسي الذي ضمه بالفعل في ذلك الصيف. ومع ذلك، لم يتمكّن اللاعب الشاب من الاستقرار مع «البلوز»، وعاد إلى ساوثهامبتون بعد شهرين فقط. ومنذ ذلك الحين، استخدم مسؤولو ساوثهامبتون خبراتهم لضمان تصعيد اللاعب الشاب بسلاسة من فريق الشباب إلى الفريق الأول. ولعب مارتن دوراً مهماً في هذه العملية أيضاً، حيث أقام علاقة قوية مع ديبلينغ بعد تعيينه مديراً فنياً للفريق في يونيو (حزيران) 2023، ومنحه فرصة اللعب مع الفريق الأول للمرة الأولى الموسم الماضي.
كانت ثقة مارتن الكبيرة في ديبلينغ واضحة للجميع من خلال الفرص التي منحه إياها هذا الموسم، وكيف كان يتحدث عنه بشكل إيجابي للغاية أمام الجميع. كما يستمتع مارتن بالدور الذي يلعبه في تطوير ديبلينغ، مدركاً تماماً أن هناك حاجة إلى التحلي بالصبر وتقديم أشكال الدعم اللازمة كلها للاعب الشاب حتى يتمكّن من إظهار قدراته وإمكاناته الحقيقية.
وقال مارتن في تصريحات صحافية: «أتمنى أن يستمر في التعامل بشكل جيد مع المواقف التي تواجهه كلها، وأن يظهر شجاعته واستعداده لتجربة أشياء جديدة على أرض الملعب. هذا هو أجمل شيء، الحرية التي يتحرك بها داخل الملعب. إنه لا يشعر بالانزعاج من التعامل مع أي منافس».