ضم كالافيوري يعزز دفاعات آرسنال ويسلط الضوء على أولويات أرتيتا

المدرب الإسباني عمل دائماً على تدعيم خط دفاعه خلال فترة ولايته

أرتيتا وكالافيوري عند التوقيع على عقد ضم المدافع الإيطالي إلى آرسنال (غيتي)
أرتيتا وكالافيوري عند التوقيع على عقد ضم المدافع الإيطالي إلى آرسنال (غيتي)
TT

ضم كالافيوري يعزز دفاعات آرسنال ويسلط الضوء على أولويات أرتيتا

أرتيتا وكالافيوري عند التوقيع على عقد ضم المدافع الإيطالي إلى آرسنال (غيتي)
أرتيتا وكالافيوري عند التوقيع على عقد ضم المدافع الإيطالي إلى آرسنال (غيتي)

حقق آرسنال رقماً قياسياً في تاريخ النادي من حيث عدد الأهداف المسجلة في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي برصيد 91 هدفاً. ورغم ذلك، كان التفوق الأكبر يأتي على مستوى خط الدفاع، حيث لم تهتز شباك الفريق سوى 29 مرة، أي أقل بخمسة أهداف من مانشستر سيتي. وعلاوة على ذلك، لم يقترب أي فريق آخر من الرقم المذهل الذي حققه «المدفعجية» بالخروج بشباك نظيفة في 18 مباراة. وكانت هذه القوة الدفاعية الرائعة بمثابة تتويج لاستراتيجية المدير الفني، ميكيل أرتيتا، لبناء الفريق من الخلف للأمام. وحسب نيك رايت في شبكة «سكاي سبورتس»، كان تدعيم خط الدفاع يمثل أولوية دائما لأرتيتا، وقد استمر هذا الأمر من خلال التعاقد مع المدافع الإيطالي الدولي ريكاردو كالافيوري.

وبانضمام كالافيوري، فإن 18 صفقة من أصل 24 صفقة أبرمها آرسنال للفريق الأول تحت قيادة أرتيتا إما لحراس مرمى أو مدافعين أو لاعبي وسط مدافعين، مقابل رسوم إجمالية بلغت 488 مليون جنيه إسترليني. ويتجاوز هذا المبلغ أكثر من ضعف ما أنفقه النادي للتعاقد مع ستة لاعبين فقط في خط الهجوم أو خط الوسط المهاجم. ونجح آرسنال في ضم كالافيوري مقابل 42 مليون جنيه إسترليني، ليصبح المدافع الإيطالي سادس أغلى صفقة في عهد أرتيتا، مع العلم بأن خمسا من أغلى سبع صفقات كانوا مدافعين، بقيادة ديكلان رايس الذي كلف خزينة النادي 105 ملايين جنيه إسترليني، مقابل مهاجمين اثنين فقط، هما كاي هافرتز وغابرييل جيسوس.

ويختلف الأمر تمام الاختلاف عما كان يحدث تحت قيادة المدير الفني الفرنسي السابق أرسين فينغر، عندما كانت نسبة أعلى بكثير من الأموال تذهب للتعاقد مع المهاجمين. لكن أرتيتا مدير فني مختلف تماماً، فعلى الرغم من أنه مناسب تماما لفلسفة وهوية آرسنال، فإنه مدير فني عملي تماما. من المؤكد أن آرسنال سيظل فريقا يعتمد على الإمكانات الفنية والمهارية التي تميز بها طوال تاريخه، كما أنه قادر على خنق المنافسين من خلال الاستحواذ على الكرة، لكن الإحصائيات والأرقام تشير إلى أنه جاء في المرتبة السادسة في الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث نسبة الاستحواذ على الكرة الموسم الماضي، وهو ما يعني أن الفريق يعود للخلف ويلعب بطريقة دفاعية ويترك الاستحواذ للخصم، عندما يكون ذلك ضروريا للخروج بالمباراة إلى بر الأمان.

كالافيوري يهز شباك يوفنتوس في الدوري الإيطالي قبل الرحيل عن بولونيا (إ.ب.أ)

لقد اعترف أرتيتا بأن الفوز بالبطولات والألقاب يتطلب الاهتمام بالنواحي الدفاعية أولا، وبنى فريقه وفقاً لذلك. ومن الواضح للجميع أن المدافعين الذين يتعاقد معهم أرتيتا يجيدون الاستحواذ على الكرة والتمرير الدقيق وبناء الهجمات من الخلف، والتقدم للأمام لتقديم الدعم الهجومي اللازم. لكن هجوم آرسنال استمد قوته الأساسية من وجود خط دفاع صلب في الخلف. كل هذا يساعد في تفسير سبب قيام أرتيتا بضم مدافع آخر خلال فترة الانتقالات الصيفية الجارية. وسيسمح كالافيوري، الذي بدأ مسيرته الكروية ظهيرا أيسر ثم تحول إلى اللعب في مركز قلب دفاع ناحية اليسار، باستمرار عملية تطوير وتدعيم خط الدفاع، ومن المتوقع أن يكون وصوله الوشيك بعقد طويل الأجل، خطوة أخرى في طريق بناء خط دفاع حديدي.

على الرغم من أن كالافيوري كان يلعب في الغالب في خط دفاع مكون من ثلاثة لاعبين في نادي بولونيا، وكجزء من ثنائي قلب الدفاع مع منتخب إيطاليا في نهائيات كأس الأمم الأوروبية الأخيرة، يبدو من المرجح أنه سيلعب ظهيرا أيسر مع آرسنال، بعدما فشل أوليكسندر زينتشينكو في مواكبة التطور الذي طرأ على أداء الفريق. لقد خسر ظهير مانشستر سيتي السابق، الذي أصبح مستقبله مع آرسنال موضع شك، مكانه في التشكيلة الأساسية لصالح ياكوب كيويور بعد الإصابة التي تعرض لها في فبراير (شباط) الماضي. وبعد ذلك، فقد كيويور مكانه لصالح تومياسو.

يذكر أن كيويور، كما هو الحال تماما مع بن وايت وجورين تيمبر، هو قلب دفاع في الأساس ولديه القدرة على اللعب ظهيرا، لكن في المقابل فإن كالافيوري، على الرغم من كونه لاعباً أكثر تكاملا من اللاعب البولندي الدولي، كان يلعب في الأساس ظهيرا أيسر ثم تكيف مع دوره الجديد كقلب دفاع. لقد كان المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، هو أول من طبق فكرة استخدام قلب الدفاع ظهيرا، موضحاً أهمية وجود «مدافعين مناسبين» قادرين على «الفوز بالصراعات الثنائية» في هذا المركز بعد فوز مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2022-2023.

ويبدو أن كالافيوري، ذلك المدافع المقاتل الذي يمتلك صفات وقدرات تجعله أقرب إلى المدافع منه إلى الظهير، يناسب آرسنال تماما في هذا الصدد. في الواقع، كان معدل نجاحه في الصراعات الثنائية بنسبة 63 في المائة مع بولونيا الموسم الماضي أعلى من أي مدافع في آرسنال. وعلاوة على ذلك، كان كالافيوري أكثر تفوقا في ألعاب الهواء، حيث وصل معدل تفوقه في الصراعات الهوائية إلى 71 في المائة - خامس أعلى معدل في الدوري الإيطالي الممتاز الموسم الماضي، وهو ما جعله يتفوق مرة أخرى على جميع مدافعي آرسنال في هذه الإحصائية.

ومن المؤكد أن قدراته الهائلة في ألعاب الهواء ستكون ميزة كبيرة لآرسنال في الكرات الثابتة، وهو الأمر الذي تفوق فيه آرسنال بالفعل الموسم الماضي. لكن قدرة كالافيوري على التكيف مع مواقف مختلفة قد تكون أهم مميزاته بالنسبة لأرتيتا، الذي يفضل دائما اللاعبين الذين يمكنهم اللعب في أكثر من مركز والقيام بأكثر من دور داخل الملعب. وقال المدير الفني للمدفعجية في بداية الموسم الماضي: «تتمثل الفكرة الأساسية في أن نلعب بطريقة غير متوقعة للمنافسين كل عام، وأن نجعل من الصعب على الخصوم إيقافنا وإيقاف خطورتنا».

وشرح أرتيتا الموضوع بالتفصيل خلال حديثه في مقر النادي بعد عدة أشهر، عندما قال لشبكة «سكاي سبورتس»: «الآن، يعرف الجميع ما نفعله. لديكم محللون، ولديكم كل البيانات في العالم، ولديكم مدربون رائعون. نحن جميعاً نعلم جيداً ما يريد الخصم فعله، لذلك يتعين عليك في بعض الأحيان أن تكون قادراً على القيام بالأشياء بشكل مختلف لمحاولة مفاجأتهم والتفوق عليهم».

نجح آرسنال في ضم كالافيوري مقابل 42 مليون جنيه إسترليني (غيتي)

وهذا الغموض واضح تماما في خطي الوسط والهجوم، حيث يشعر ديكلان رايس بالراحة في اللعب محور ارتكاز أو لاعب خط وسط حرا يتحرك من منطقة جزاء فريقه وحتى منطقة جزاء الفريق المنافس، اعتماداً على مجريات اللقاء، كما يتميز هافرتز بالقدرة على اللعب في أكثر من مركز أيضا. لكن هذا الغموض أصبح أكبر في خط الدفاع، ومن المؤكد أن وصول كالافيوري سيعزز ذلك الأمر، فعند النظر إلى الأمور من بعيد يكون من الصعب معرفة الطريقة التي سيلعب بها هؤلاء اللاعبون معا، وهذا هو ما يريده أرتيتا لإرباك المنافسين.

ومن ناحية عدم قدرة المنافسين على التنبؤ بما يقدمه آرسنال، فإن كالافيوري يضيف للفريق صفات جديدة، لأن اللاعب الإيطالي البالغ من العمر 22 عاماً، لم يأت للدفاع فقط، وإنما يمتلك قدرات وفنيات أخرى هائلة يمكن للمدفعجية استغلالها. وكما أثبت مع نادي بولونيا ومنتخب إيطاليا، فإنه يتفوق في تمرير الكرات البينية الدقيقة إلى المهاجمين، وكان أكثر مدافعي الدوريات الخمسة الكبرى صناعة للأهداف الموسم الماضي برصيد خمسة أهداف. كما احتل المرتبة الأولى بين أقرانه فيما يتعلق بالتسديدات بعد التقدم من الخلف للأمام، بواقع 14 تسديدة.

ويأمل آرسنال أن يستفيد من قدرات كالافيوري الكبيرة في الاستحواذ على الكرة في خلق جبهة قوية في الجهة اليسرى، التي كان الفريق يعاني فيها بشكل واضح الموسم الماضي، حيث تشير الإحصائيات إلى أن هجمات الفريق من الجهة اليمنى كانت أعلى بكثير من الجهة اليسرى، في ظل الانسجام الكبير بين ساليبا ووايت ومارتن أوديغارد وبوكايو ساكا.

وفي المقابل، واجهت الجهة اليسرى صعوبات كبيرة، بعد رحيل غرانيت تشاكا، وعدم وجود ظهير أيسر قوي، والإصابات التي تعرض لها غابرييل جيسوس. وعانى غابرييل مارتينيلي بشكل واضح، مقارنة بالموسم السابق فيما يتعلق بتسجيل الأهداف والتمريرات الحاسمة. وعلى الرغم من أن لياندرو تروسارد أثبت أنه بديل فعال، يأمل أرتيتا أن يؤدي الاعتماد على كالافيوري إلى مساعدة مارتينيلي على العودة إلى تقديم أفضل مستوياته.

كالافيوري سيضيف بُعداً جديداً إلى خط دفاع «المدفعجية» (إ.ب.أ)

وقال أرتيتا: «نرحّب بريكاردو وعائلته في آرسنال. إنه صفقة رائعة من شأنها منحنا قوة هائلة لتعزيز دفاعنا». وتابع: «لدى ريكاردو شخصية كبيرة وحضور مع مهارات محدّدة ستجعلنا أقوى في سعينا للفوز ببطولاتٍ كبيرةٍ». وأضاف: «أظهر سلفاً تطوراً كبيراً في المواسم الأخيرة من خلال أدائه مع بولونيا وإيطاليا، وكان تقدّمه وتطوّره مثيراً للإعجاب حقاً في العام الماضي». واستطرد: «نتطلّع إلى العمل مع ريكاردو ودمجه في الفريق ودعمه في السنوات المقبلة».

من المؤكد أن جمهور آرسنال يمني النفس بتدعيم خط الهجوم أيضا خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية، خاصة في ظل الشعور بأن الفريق لا يزال بحاجة إلى مهاجم صريح قوي، على الرغم من أداء هافرتز الجيد في هذا المركز خلال النصف الثاني من الموسم. لكن من الواضح أنه بعد تدعيم خط الدفاع بالتعاقد مع كالافيوري، فإن آرسنال يركز حاليا على تدعيم مركز حراسة المرمى. لقد وصل تومي سيتفورد، البالغ من العمر 18 عاماً، بالفعل من أياكس ليتم دمجه على مستوى أكاديمية الناشئين. وفي الوقت نفسه، أثار رحيل كارل هاين على سبيل الإعارة اهتماماً بدان بنتلي من وولفرهامبتون كخيار ثالث في هذا المركز. علاوة على ذلك، هناك توقع بأنه يجب البحث عن بديل لآرون رامسديل بعدما فقد مكانه الأساسي لصالح ديفيد رايا.

في الواقع، تُعد التغييرات التي أجريت في مركز حراسة المرمى دليلاً آخر على أولويات أرتيتا. ومع ذلك، لم يتم التعاقد مع كالافيوري على أنه مدافع فقط، ولكن على أنه إضافة قوية أيضا لترسانة أرتيتا الهجومية بفضل قدرته على الاستحواذ على الكرة وتمرير كرات بينية متقنة والتقدم من الخلف للأمام لإحداث حالة من الارتباك في صفوف المنافسين.


مقالات ذات صلة

مدرب مانشستر يونايتد يفكر في استخدام سانشو وفرنانديز مهاجمين

رياضة عالمية إريك تن هاغ (أ.ف.ب)

مدرب مانشستر يونايتد يفكر في استخدام سانشو وفرنانديز مهاجمين

يفكر إريك تن هاغ في الاستعانة بجادون سانشو وبرونو فرنانديز مهاجمين للمساعدة في حل مشاكل مانشستر يونايتد الهجومية.

ذا أثلتيك (ساوث كارولينا )
رياضة عالمية فابيو كارفاليو (أ.ف.ب)

ليفربول يرفض عرضاً بـ15 مليون جنيه إسترليني لضم كارفاليو

رفض ليفربول عرضاً من ساوثهامبتون بقيمة تصل إلى 15 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع فابيو كارفاليو.

ذا أتلتيك الرياضي (لوس انجليس)
رياضة عالمية ملعب سوفي الضخم في لوس أنجليس (الشرق الأوسط)

ملعب الـ100 ألف مشجع... فرصة تأتي مرة واحدة في القرن

لم تشهد مباراة كرة قدم إنجليزية منذ عام 1985 «عندما تغلّب مانشستر يونايتد على إيفرتون في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي» حضور جمهور يصل إلى 100 ألف متفرج.

ذا أتلتيك الرياضي (مانشستر)
رياضة عالمية سلوت مدرب ليفربول (أ.ب)

مدرب ليفربول: علينا أن نكون أكثر جدية في الأسبوعين المقبلين

قال الهولندي أرنه سلوت مدرب ليفربول المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إن فريقه لا يزال بإمكانه التحسن رغم اختتام جولته الاستعدادية للموسم الجديد.

«الشرق الأوسط» (ساوث كارولاينا)
رياضة عالمية لوبيتيغي مدرب وستهام كان حريصاً للغاية على ضم كيلمان إلى وستهام (غيتي)

كيف سيحسن كيلمان «المهيمن على ألعاب الهواء» أداء وستهام؟

سيستفيد وستهام كثيراً من قدرة كيلمان على اللعب في أكثر من مركز والقيام بأكثر من دور داخل الملعب.


ملعب الـ100 ألف مشجع... فرصة تأتي مرة واحدة في القرن

ملعب سوفي الضخم في لوس أنجليس (الشرق الأوسط)
ملعب سوفي الضخم في لوس أنجليس (الشرق الأوسط)
TT

ملعب الـ100 ألف مشجع... فرصة تأتي مرة واحدة في القرن

ملعب سوفي الضخم في لوس أنجليس (الشرق الأوسط)
ملعب سوفي الضخم في لوس أنجليس (الشرق الأوسط)

لم تشهد مباراة كرة قدم إنجليزية منذ عام 1985 «عندما تغلّب مانشستر يونايتد على إيفرتون في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي» حضور جمهور يصل إلى 100 ألف متفرج. وسرعان ما أدى تحول «ويمبلي» إلى ملعب يتسع لجميع الجماهير بعد أربع سنوات إلى تقليص قدراته. لم يتم تجاوز تلك الأعداد الكبيرة القديمة قط.

لقد ازدهرت شعبية كرة القدم في العقود الأربعة الماضية، لكنها كانت دائماً تحت هذه السقف. فكثير من الأندية الآن مقيّدة بسعات غير مناسبة؛ إذ يفوق الطلب على التذاكر العرض. كان أفضل حضور جماهيري في الدوري الإنجليزي الممتاز في مباراة توتنهام وتشيلسي قبل ست سنوات في «ويمبلي»، ولكن هناك الآن خططاً توسعية لفتح آفاق جديدة.

ويفضّل مانشستر يونايتد بناء ملعب جديد يتسع لـ100 ألف متفرج، بوصفه جزءاً من عملية التشاور حول مستقبل «أولد ترافورد»، التي من المفترض أن تنتهي هذا العام. ويمكن استخدام الأرض المجاورة، المملوكة لليونايتد، في بناء ملعب بتكلفة ملياري جنيه إسترليني (2.6 مليار دولار) مع الحد الأدنى من الانقطاعات في إيرادات يوم المباراة. ويبدو أن السير جيم راتكليف لديه كل تفاؤل كيفن كوستنر في حقل ذرة؛ «حيث فكرة قم ببنائه وسيأتون». ومع ذلك، سيكون هذا مشروعاً لا مثيل له. أكبر من أي شيء آخر في المملكة المتحدة، ومن بين أكبر الملاعب الرياضية في العالم. سوف يستضيف عدداً من المشجعين يوازي عدد مشجعي «ستامفورد بريدج» و«ملعب الإمارات» مجتمعين.

مانشستر يونايتد يتطلع لتشييد ملعب استثنائي خلال السنوات المقبلة (الشرق الأوسط)

من المرجح أن يتراوح الجدول الزمني لبناء ملعب بهذا الحجم بين 6 و10 سنوات. كما أن التجديد الكامل لملعب «كامب نو»، الذي شهد لعب برشلونة في ملعب أولمبي سابق أصغر حجماً على تلة مونتغويك، هو أقرب ما يمكن أن يكون للمقارنة بين ما يمكن أن يتطلّع إليه يونايتد من أجل قياس حجمه في أوروبا. ومع وجود خطط أوسع لتجديد متنزه «ترافورد بارك» و«سالفورد كوايز»، قد يتحوّل هذا المشروع إلى مشروع أكبر. «فرصة تأتي مرة واحدة في القرن» كما وصفها راتكليف في مارس (آذار).

لا يوجد نموذج واضح يتسع لـ100 ألف متفرج يمكن تكراره أو مخطط يمكن اتباعه، ومع ذلك فإن عملية التشاور التي يقودها فريق عمل تجديد «أولد ترافورد» برئاسة اللورد سيباستيان كو، بدأت تؤمن بإمكانية تحقيق ذلك.

وعن كيفية بناء ملعب كرة قدم؛ يقول أليكس توماس، مدير التصميم الإقليمي للرياضة والترفيه في شركة «إتش كي إس»، شركة الهندسة المعمارية الشهيرة في الولايات المتحدة الأميركية، التي تقف وراء ملعب «سوفي» في لوس أنجليس، وملعب «إيه تي آند تي» في دالاس، في حديثه مع شبكة «The Athletic»: يجب أن يكون الملعب جزءاً من صورة أوسع بكثير. لم يعد بإمكانك وضع ملعب بمفرده بعد الآن. عليك أن تفكّر في تأثيره في المدينة المحيطة به والفرصة التي يخلقها. «الفرصة» هي الكلمة الأهم. إن تكلفة الاستاد الضخم هائلة، وسيرغب رجال الأعمال المسؤولون في الاستفادة من هذا الأصل قدر الإمكان. لكن الأمر لا يتعلق فقط بجني المال. بل يتعلّق الأمر بتحقيق فوائد أكبر وخلق استخدامات أخرى تجلب الناس إلى الموقع. للملعب تأثير تحفيزي كبير على دائرة نصف قطرية كبيرة حوله، فلماذا لا تضع مخططاً رئيسياً رائعاً حوله؟ الأمر يتعلّق بشيء يحدث كل يوم في المجتمعات التي تتشكّل حوله.

سيكون الاستاد دائماً هو نقطة الجذب الرئيسية والعلامة التجارية. من المرجح أن يكون المسؤولون من يونايتد -وحتى آرسنال- قد فتحوا أعينهم عند زيارة ملعب «سوفي» في مباراة ودية في نهاية الأسبوع الماضي. فالملعب الذي يتسع لـ70 ألف متفرج، الذي بُني بمبلغ 6 مليارات دولار أميركي، يُعدّ من بين أفخم الملاعب في العالم. ويريد يونايتد سعة أكبر، ولكن موقع هوليوود بارك الأوسع نطاقاً من المتوقع أن يتبعه موقع آخر.

بالإضافة إلى مسرح «يوتيوب» الذي يتسع لـ6 آلاف حفل موسيقي، فإن الموقع الذي تبلغ مساحته 300 فدان ويضم حدائق عامة ومساحات مكتبية قد غيّر زاوية غير محبوبة في لوس أنجليس. ويقع «سوفي» في قلب هذه المدينة، ولا يمكن تجاهل أوجه التشابه مع استمرار الحكومة المحلية، بما في ذلك عمدة مانشستر، آندي بورنهام، في لعب دور بارز في التخطيط. الدعم -إن لم يكن التمويل- موجود بلا شك. يقول توماس: «في حال (سوفي) فإن الغرض الأساسي هو أن يكون هناك مقر لفريق لوس أنجليس رامز وفريق تشارجرز. كما أن (سوفي) قادر أيضاً على استضافة 100 ألف شخص في الحفلات الموسيقية. أنت تنشئ منصة للاستفادة من كل تجربة حولها أولاً وقبل كل شيء، ولكنك أيضاً تتمتع بالمرونة للسماح لكل هذه الأشياء الأخرى بالحدوث، مما يحقق فوائد وهذا التأثير المضاعف. كل ذلك يجتمع ليشكل هذه المنطقة، ويتيح الفرصة لجلب الناس إلى هناك في أيام مختلفة من السنة. أنت تحاول أن تجتهد في تصميم الأصول، وتحاول تصميم المرونة وتعدد الوظائف. لقد خلق الحجم الهائل لخطط اليونايتد التي تم الترويج لها معظم العناوين الرئيسية».

وبصرف النظر عن استاد لندن، الذي شُيّد في الأصل لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية لعام 2012، قبل أن يُعاد استخدامه لاستضافة وست هام يونايتد، فإن أكبر ملعب في الدوري الإنجليزي الممتاز بُني من الصفر هو استاد «توتنهام هوتسبير»، الذي تبلغ سعته أقل من 63 ألف متفرج.

استاد الملك سلمان سيكون الأضخم في السعودية بسعة 92 ألف مشجع (الشرق الأوسط)

ومن المقرر أن ينتقل إيفرتون إلى ملعبه الجديد في براملي مور دوك قبل موسم 2025 - 2026. ولكن بسعة 53 ألف متفرج، سيكون ذلك تقريباً نصف حجم ما يفكر فيه يونايتد. عادة ما تكون هناك مساحة مناسبة لمشروعات الملاعب الكبيرة تتراوح بين 60 ألفاً و80 ألف مقعد. على سبيل المثال، كلّفت عملية إعادة تطوير ملعب «سانتياغو برنابيو» التي تم الانتهاء منها مؤخراً 1.5 مليار جنيه إسترليني لريال مدريد، ولكن المناطق المحيطة به حدّت من قدرته الاستيعابية. كما أن هناك عقبات أخرى، بما في ذلك التكلفة المالية واتساع قاعدة المشجعين، التي نادراً ما يجري التفكير في إنشاء ملعب يتسع لـ100 ألف متفرج. حتى إن أكبر مشروع مخطط له في السعودية لاستضافة كأس العالم 2034، وهو استاد «الملك سلمان الدولي»، ستبلغ سعته 92 ألفاً و760 متفرجاً. لماذا نادراً ما تصل سعة الاستادات الحديثة إلى 6 أرقام؟

يقول توماس: «كلما كبرت سعة الاستاد زادت تكلفته. يحتوي الصف الخلفي من الاستاد على أرخص المقاعد، ولكن نظراً إلى ارتفاعها في الهواء، فهي الأكثر تكلفة في البناء. هناك قانون تناقص العوائد - فأنت تضيف تكاليف باهظة مقابل تحقيق إيرادات تذاكر قليلة نسبياً. ولا أحد يحب أن يرى ملعباً فارغاً. المقاعد الفارغة في الاستاد أمر سيئ للجميع وللأجواء العامة. إنها عملية تصويب للحجم... كل ذلك جزء من العملية».

قد يعود الأمر إلى شيء بسيط مثل عدم وجود مساحة كافية. قد تكون هناك قيود مادية أو تقنية حول خطوط الرؤية وأشياء أخرى. يمكنك أن تكون أكبر بكثير من 100 ألف إذا كانت لديك أسباب لذلك. لا يتعلق الأمر فقط بـ100 ألف شخص، وفي حالة الطوارئ، الأمر لا يتعلّق فقط بإخراجهم. عليك التفكير في التجربة بأكملها، في اليوم بأكمله. وذلك عندما تبدأ التفكير في المدينة بأكملها، والناس الذين يسافرون من جميع أنحاء العالم للحضور إلى ملعبك؛ عليك أن تفكر في كيفية اندماج الاستاد في المدينة والمجال العام المحيط به.

إن تكلفة مثل هذا المشروع الطموح ستكون حتماً باهظة. حدد مقال لمجلة «بيلدينغ» في فبراير (شباط) الماضي نموذجاً لتكلفة إعادة تطوير نظري لملعب يتسع لـ40 ألف متفرج؛ إذ ستجري زيادة سعة الملعب بمقدار 6 آلاف متفرج من خلال بناء طبقة علوية جديدة. وتشير التقديرات إلى أن بناء استاد بهذا الحجم سيصل إلى 116 مليون جنيه إسترليني، إذ تبلغ تكلفة الهياكل الفولاذية والسقف 25 مليون جنيه إسترليني فقط. وستتكلّف أنظمة التكييف والتدفئة والتهوية 8 ملايين جنيه إسترليني أخرى، ثم هناك البنية التحتية الأوسع والتحسينات اللازمة للطرق وخطوط النقل. سيتجنّب يونايتد على الأقل البدء من لا شيء في موقع يمكنه بالفعل استضافة 75 ألف شخص بأمان. كان ملعب توتنهام هوتسبير الذي تبلغ تكلفته نحو مليار جنيه إسترليني، أغلى ملعب في الدوري الإنجليزي الممتاز.

وبالنظر إلى التضخم اللاحق، وارتفاع تكاليف مواد البناء وخطط اليونايتد الأكبر، سيكون من شبه المستحيل إبقاء الفاتورة أقل من ملياري جنيه إسترليني لمشروع على أحدث طراز، كما وعد راتكليف، بسعة 100 ألف متفرج. وقد تحدث نيك مارشال، المالك المشارك ومدير شركة «كي إس إس» في لندن للمهندس المعماري ومقرها لندن، إلى شبكة «The Athletic» العام الماضي في دراسة لتكاليف الملعب. قال مارشال، الذي كانت شركته وراء المدرج الرئيسي لليفربول، الذي اُفتتح في عام 2016: «بمجرد أن تبدأ في الهواء وتبدأ وضع المقاعد في الارتفاع، فإنك ستدخل في مستوى مختلف من التكلفة. إن الأشياء التي تؤثر في التكلفة هي امتدادات السقف والسلامة الهيكلية للطبقات العليا في المقام الأول. فبمجرد أن تبدأ في بناء المدرجات التي يزيد طولها على 12 إلى 14 متراً، تبدأ التكلفة في الارتفاع بشكل أسرع. عادة ما يكون المدرج الكبير المكون من طبقتين أو ثلاث طبقات، حتى مع مقاعد الدخول العام، سيكون امتداده من 35 إلى 40 متراً. أنت تدفع مقابل كثير من المساحة الهوائية والسقوف (الكابولية) حتى تتجنّب أي أعمدة. لماذا يُعدّ بناء ملاعب كرة القدم مكلفاً للغاية؟ تُعدّ الشهور الـ12 المقبلة، عندما تبدأ الخطط في التبلور، كاشفة. ويضيف توماس قائلاً: «من وجهة نظر المهندس المعماري، أنت تسأل أين يجب إنفاق الأموال في المشروع... هل نحتاج إلى سقف متحرك؟ لأن هذا أمر مكلف يمكن أن نرى أموالاً تنفق في مكان آخر في الملعب لتحقيق فوائد أخرى. إن التخطيط والتصميم والتكلفة كلها تعمل معاً، وكل هذا التفكير يجب أن يتم قبل البدء في حفر الأرض. وهذا يمنحك اليقين بأنك تفعل الشيء الصحيح. عندما تتحدث عن نجاح الملعب، فأنت تتحدّث عن عقود من الزمن.

وإذا كان ملعب مانشستر يونايتد الحالي، الذي يتسع لـ75 ألف مشجع، قادراً على تحقيق 136 مليون جنيه إسترليني من عائدات يوم المباراة كل موسم، فمن المحتمل أن تكون الأهداف محددة لرفع هذا الرقم إلى ما يزيد على 200 مليون جنيه إسترليني مع حضور 25 ألف مشجع إضافي، وحتماً مع مرافق أكبر للشركات. يمكن لراتكليف أن يرسم صورة إيثارية لهذه الزاوية الصناعية التقليدية في جنوب غربي مانشستر، ولكن زيادة عائدات النادي الذي يمتلكه جزئياً هو الدافع الأكبر لهدم «أولد ترافورد» وسقفه الذي يتسرّب منه الماء.

يقول الدكتور دان بلوملي، كبير المحاضرين في التمويل الرياضي في جامعة «شيفيلد هالام»: «يتمتع مانشستر يونايتد بقاعدة جماهيرية لا يمكن أن يضاهيها كثير من الأندية، إن وجدت. لست متأكداً من أن الأمر يتعلّق بما إذا كان بإمكانهم ملء هذه القاعدة الجماهيرية، لذلك إذا نُفّذ هذا الأمر فسيكون تحولاً على المدى الطويل، على نطاق لم نشهده من قبل في كرة القدم الإنجليزية. إن مبلغ ملياري جنيه إسترليني يساوي تقريباً ما يعادل ثلاث سنوات من إجمالي إيرادات مانشستر يونايتد».

وتصبح كيفية دفع هذا المبلغ سؤالاً كبيراً يجب الإجابة عنه في السنوات المقبلة. ويضيف بلوملي: «إذا نظرت إلى توتنهام بوصفه نموذجاً يُحتذى به، فقد كان ذلك مزيجاً من موارد النادي وإيراداته، ولكن الأهم من ذلك هو القروض. يأتي ذلك بطرق مختلفة. المقرضون التقليديون للتمويل. كان لدى توتنهام كثير من التسهيلات الائتمانية الدوارة مع البنوك، والتي كان يُعاد التفاوض بشأنها عند الحاجة. قد يكون ذلك من الأسهم الخاصة، وهو أمر قام به إيفرتون. أنت تنظر إلى قاعدة الموارد الخاصة بك، وما لديك لتطرحه، وما يمكن أن تجلبه من مستثمرين آخرين ربما لترى المكاسب على المدى الطويل. ثم هناك الاقتراض التقليدي، وكل ذلك مع التركيز على الفوائد الضخمة على المدى الطويل».

كان توتنهام، الذي حصل على معدلات فائدة بنسبة 2.8 في المائة في اقتراضه طويل الأجل، محظوظاً بتوقيت مشروعه، حتى لو تسببت جائحة «كوفيد - 19» في إغلاق مبكر غير متوقع لأنصاره. كان إيفرتون، الغارق في مشكلات خارج الملعب، أقل حظاً بكثير، حتى إنه خسر صفقة حقوق التسمية المقترحة مع شريك النادي السابق «يو إس إم»، المملوك للأوليغارشي الروسي أليشر عثمانوف، بعد غزو أوكرانيا في عام 2022.

ذكرت «The Athletic» الشهر الماضي أن مانشستر يونايتد قد فكّر بالفعل في بيع حقوق تسمية ملعب «أولد ترافورد» أو ملعب جديد، بالإضافة إلى إجراء محادثات استكشافية مع مؤسسات مالية كبرى، بما في ذلك «بنك أوف أميركا»، لتأمين التمويل اللازم. مشروعات بهذا الحجم لن تدفع تكاليفها بنفسها. ويضيف بلوملي: «حقوق التسمية هي طريقة جيدة لاسترداد بعض من تلك النفقات الأولية، وأنت تنظر دائماً إلى المدى الطويل. سيستغرق الأمر من توتنهام نحو 23 عاماً لسداد قيمة الملعب، أي نحو 30 مليون جنيه إسترليني سنوياً. ولكن فرصة توليد الإيرادات إلى جانب ذلك هي المردود طويل الأجل. وتُعد حقوق التسمية خياراً جيداً، ولكن أيضاً الأحداث عندما لا يستضيف ملعبك مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز. لقد رأينا توتنهام يستضيف دوري كرة القدم الأميركية، وحفلات موسيقية، وشراكة في (فورمولا 1). النموذج موجود لتكراره». إن أي رحلة نحو ملعب يتسع لـ100 ألف متفرج ستكون طويلة ومكلفة. ومع ذلك، يمكن لمانشستر يونايتد أن يعتقد بشكل مبرر أن نقطة النهاية ستجعل كل شيء يستحق العناء.