«لوس أنجليس 1984»: كارل لويس وعد فأوفى

كارل لويس نجم «أولمبياد لوس أنجليس» (اللجنة الأولمبية الأميركية)
كارل لويس نجم «أولمبياد لوس أنجليس» (اللجنة الأولمبية الأميركية)
TT

«لوس أنجليس 1984»: كارل لويس وعد فأوفى

كارل لويس نجم «أولمبياد لوس أنجليس» (اللجنة الأولمبية الأميركية)
كارل لويس نجم «أولمبياد لوس أنجليس» (اللجنة الأولمبية الأميركية)

استعرض الأميركي كارل لويس موهبته «حتى الثمالة» في «الكوليزيوم»، واستحق ميدالياته الذهبية الأربع في دورة لوس أنجليس 1984.

واستعاد الجميع ذكريات جيسي أوينز (برلين 1936)، إذ حصد لويس مثله أربع ذهبيات في سباقات: 100 م، و200 م، والتتابع 4 مرات 100 م، والوثب الطويل، وكانت بداية مسلسل جمعه الميداليات الأولمبية التي بلغت تسع ذهبيات حتى «دورة أتلانتا 1996».

الفصل الأوّل من الاستعراض حقّقه لويس في سباق 100 م. ولا تزال ماثلة في الأذهان صورة بول تراكور الذي كان جالساً في الصف الثاني من القسم 27 في المدرجات وبجانبه ابنه (12 عاماً). فما أن اجتاز لويس خط النهاية مسجلاً 9.99 ثانية، متقّدماً على مواطنه سام غرادي (10.19 ث)، والكندي بن جونسون (10.22 ث)، حتى أخرج تراكور القادم من نيو أورليانز علماً أميركياً حمله في حقيبة، وراح يلوح به.

وشاهده لويس خلال جولة حول المضمار محيياً المتفرّجين، فعاد أدراجه واتجه نحوه، وأخذ العلم من تراكور وراح يحتفل على طريقته، والجميع يشاركه فرحته رقصاً.

كان لويس يُوصف بـ«مايكل جاكسون ألعاب القوى»، ويُعدّ صاحب أسلوب في سباق 100 م قريباً من الكمال.

ولما انتهى لويس من احتفاله، توجّه إلى حيث يجلس جون كارلوس «الكبير» صاحب برونزية 200 م في دورة مكسيكو عام 1968، وارتمى بين ذراعيه.

وكارلوس هو أحد أبطال «القبضات السود» في مكسيكو 1968، مناهضة للتمييز العنصري في الولايات المتحدة. وحين شارك في الأولمبياد كان لويس في السابعة من عمره يقيم في نيوجيرسي، وتابع سباق كارلوس و«حركته» عبر الشاشة الصغيرة، وحلم بأن يخوض الألعاب الأولمبية يوماً ويعتلي منصة التتويج.

وأصدر لويس بعد ساعات من حصده ذهبية 100 م بياناً، ذكّر فيه أنه حقق 60 في المائة من برنامجه، باعتبار هذا السباق «أصعب مسافة والمفاجآت واردة دائماً». وأوضح «أنه كان متأثراً جداً عند الفوز»، مضيفاً: «أنا أؤمن بقدراتي، وطريقة أدائي في الأمتار الأخيرة تخوّلني النجاح. لما بلغت 80 م أدركت أن الانتصار في متناولي، لكنني بقيت حذراً».

تقدّم لويس على غرادي بفارق 20 في المائة من الثانية، وهو الأكبر منذ فوز مواطنهما بوب هايز في «دورة طوكيو 1964».

كان غرادي يردّد أن لويس في متناوله، وعلّل خسارته السباق الأولمبي بأن منافسه كان في أفضل حالاته يومها. وفي ردّه، عدّ البطل الأولمبي أن كل ما يستشفه من تصريحات لمنافسيه وإبدائهم الرغبة في الفوز عليه، يزيده تصميماً ويقوّي عزيمته، مؤكّداً أنه يصعب عليهم تحقيق هذه الأمنية في المدى القريب.

عقب تتويجه بالذهبية الرابعة بعد مساهمته بتحقيق المركز الأوّل في سباق التتابع (مع رون براون وغرادي وكالفن سميث)، عنونت صحف: «رهان (جيسي لويس) تحقق». وهي قصدت مقارنة كارل لويس بجيسي أوينز.

لكن «البطل الاستثنائي» رفض هذه المقارنة؛ لأن «أوينز أسطورة لكنه إنسان، وأنا فخور بمعادلتي إنجازه. لكن لا تجوز المقارنة مطلقاً. هو يبقى جيسي أوينز وأنا كارل لويس، فنحن من عصرين مختلفين».

سجل لويس 8.54 م في الوثب الطويل و19.80 ث في سباق 200 م، وكان العدّاء الرابع في سباق التتابع، وأنهى المسافة بزمن 37.62 ثانية، فحمل بالوناً على شكل قلب وطاف به المضمار شاكراً المتفرجين، كما شكر عائلته وأصدقاءه وكل من دعّمه وآمن بموهبته، خصوصاً مدربه توم تيليز ومدير أعماله جو دوغلاس (مؤسّس فريق «سانتا مونيكا تراكس» الذي ضم لويس).

وقال: «أنا سعيد لكنني متعب. هذا الفوز ثمرة وحدتنا. كنا خمسة في سباق التتابع. قوّة الله وإرادته ونحن العدائين الأربعة. أشكر الله الذي منحني القوة لأركض وأسابق وأفوز بأربع ذهبيات لا تُقدّر بثمن».

وجاء اختيار فريديريك كارلتون ماكينلي لويس «كارل لويس»، المولود في الأول من يوليو (تموز) 1961، والابن الثالث لعائلة رياضية من أربعة أفراد، أفضل عداء في القرن العشرين في رياضة أم الألعاب عن جدارة.

وكان أوينز القدوة والمثل الأعلى للويس الذي لم يتحمّل الجهود البدنية المكثفة؛ لكنه أدرك بعد ذلك ضرورتها لبلوغ النجومية.

ولم تكن أرقام كارل لويس في الوثب الطويل تنبئ ببروز بطل، لكن كل شيء تغيّر عام 1978، وكان عمره آنذاك 16 عاماً؛ إذ تُوّج بطلاً لمنطقته بقفزه 7.76 م.

وبمجرد شيوع الخبر، بدأت مجموعة الجامعات تبدي اهتمامها بكارل وقدّمت له عروضاً مغرية؛ لكنه واتباعاً لنصائح والديه رفضها كلها، وفضّل الانضمام إلى جامعة «هيوستن»؛ إذ أشرف على تدريبه المدرب تيليز.

كان اختيار كارل موفّقاً؛ إذ نجح في تخطي حاجز 8 أمتار، واضطر مدرّبه إلى تكثيف تمارينه والاعتماد على الجانب البدني لتحسين بنيته الكبيرة 1.88 م. ورأى ضرورة امتلاكه سرعة هائلة لتجاوز حاجز 8 أمتار، فكانت المفاجأة في إحدى الحصص التدريبية عندما تفوّق على مواطنه ستيف ويليامز في سباق 100 م. ومنذ ذلك الوقت تنبّأ تيليز بأن يكون كارل أحد أقوى العدائين في سباقات السرعة، رغم تفضيل هذه «الموهبة» مسابقات الوثب الطويل.


مقالات ذات صلة

تاليسكا يستعيد بريقه في «معسكر النصر التحضيري»

رياضة سعودية أندرسون تاليسكا يستعيد بريقه مجدداً بعد غياب دامَ لأكثر من أربعة أشهر (نادي النصر السعودي)

تاليسكا يستعيد بريقه في «معسكر النصر التحضيري»

استعاد أندرسون تاليسكا، نجم نادي النصر السعودي، بريقه مجدداً بعد غياب دام لأكثر من أربعة أشهر، حيث أشعل الملعب بتسجيله هدفاً رائعاً في شباك فارينزي البرتغالي.

فارس الفزي (الرياض)
رياضة سعودية الاستراتيجية تستهدف إعداد جيل واعد من الحكام وذلك من خلال تكليف 32 حكماً واعداً (الاتحاد السعودي)

32 حكماً سعودياً واعداً يديرون منافسات «بطولة المنتخبات الإقليمية»

أكدت لجنة الحكام في الاتحاد السعودي مسيرة مخرجات خطتها الاستراتيجية والتي تستهدف إعداد جيل واعد من الحكام لقيادة المنافسات الكروية، وذلك من خلال تكليف 32 حكماً.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة عالمية اشتكى اللاعب لمسؤولي المباراتين بأنه تعرض لإساءات ليتم إلغاؤهما (د.ب.أ)

«شباب ليفربول» ينسحب من مباراتين في ألمانيا بسبب «العنصرية»

دعا نادي ليفربول الإنجليزي لإجراء تحقيق عاجل بعد استهداف أحد لاعبي فريق الشباب تحت 18 عاماً بإساءات عنصرية في مباراتين متتاليتين خلال بطولة للشباب بألمانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية شاكاري ريتشاردسون (رويترز)

«أولمبياد باريس»: شاكاري ريتشاردسون جاهزة لمجد جديد

تخوض الأميركية شاكاري ريتشاردسون في باريس 2024 أوّل دورة ألعاب أولمبية في مسيرتها الاحترافية، حيث يبدو أن المجد ينتظر العداءة المتألقة التي هدأت بعد 3 سنوات.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
رياضة عالمية بن جونسون خلال أولمبياد سيول 1988 (رويترز)

«أولمبياد 1988»: العداء بن جونسون... «أسطورة العار»

فصلت أقل من 3 أيام بين تتويج الكندي بن جونسون بطلاً لسباق 100م بدورة سيول وتجريده من ذهبيته، بعدما وجدت في بوله آثار مواد ممنوعة.

«الشرق الأوسط» (نيقوسيا)

فرستابن: لنكن واقعيين... أدائي ليس جيداً

ماكس فرستابن (أ.ف.ب)
ماكس فرستابن (أ.ف.ب)
TT

فرستابن: لنكن واقعيين... أدائي ليس جيداً

ماكس فرستابن (أ.ف.ب)
ماكس فرستابن (أ.ف.ب)

قال ماكس فرستابن، سائق «رد بول» ومتصدر الترتيب العام لبطولة العالم لسباقات «فورمولا 1» للسيارات، إن على فريقه فعل المزيد من العمل بعدما هيمن «مكلارين» على الصف الأول في التجارب التأهيلية لجائزة المجر الكبرى، السبت.

وينطلق فرستابن، بطل العالم 3 مرات والذي حقق 7 انتصارات في 12 سباقاً هذا الموسم، من المركز الثالث، الأحد، على حلبة يصعب فيها تجاوز المنافسين.

وأبلغ السائق الهولندي الصحافيين: «بالطبع التحديثات التي أُجريت على السيارة في المجر ناجحة، لكننا لسنا في المركز الأول، أليس كذلك؟ لذا نحتاج إلى بذل مجهود أكبر. الأمر بهذه البساطة».

وأقر فرستابن بأنه يشعر بالإحباط والذي بدا جلياً في لفّته الأخيرة عندما ضرب مقود السيارة خلال عبور خط النهاية.

وقال: «أعتقد بالنظر إلى أدائي في التجارب التأهيلية، كنت سعيداً جداً باللفات التي قطعتها، لكن على مستوى الاتزان، كان كل شيء على الحافة. أضغط بقدر استطاعتي. أشعر بأنني أضغط أكثر من العام الماضي، لكنّ هذا لا ينعكس على الأزمنة. لذا أعتقد أن هذا يعني أننا أبطأ بعض الشيء. لذا أمامنا عمل يتعين علينا فعله. الأمر بهذه البساطة».

وحقق فرستابن 19 انتصاراً العام الماضي عندما أفلت سباق واحد من قبضة «رد بول» الذي هيمن على المسابقة في 2023 بصورة لا سابق لها.

وهذا العام، حقق «فيراري» و«مرسيدس» و«مكلارين» انتصارات واعتلى 6 سائقين مختلفين منصة التتويج في 12 سباقاً أُقيمت حتى الآن.

ويبدو أن سيارة «مكلارين» هي الأسرع.

وقال فرستابن عن «مكلارين» بعدما حسم لاندو نوريس مركز أول المنطلقين متفوقاً على أوسكار بياستري الذي ينطلق ثانياً: «سأحاول بذل قصارى جهدي. سأحاول أن يكون التوازن جيداً في السيارة. وآمل أن أتمكن من ملاحقتهما إذا حققت ذلك. لكن لا أعرف. أعني كانت فترة محاكاة السباق لا بأس بها بالنسبة لي، لكن ليس هناك شيء رائع أو مميز. أعتقد أن من الأفضل أن نكون واقعيين بدلاً من التحلي بآمال زائفة».

ولم يشارك فرستابن في آخر دقيقتين من الجولة الثالثة والأخيرة من التجارب التأهيلية بعدما فتحت حارة الصيانة أبوابها إثر حادث يوكي تسونودا سائق «آر بي»، وأوضح الهولندي أنه لم يرَ فائدة من الخروج على الحلبة مجدداً.

وقال: «لم أرغب في القيادة. لم تكن الإطارات في حالة جيدة، كانت مستهلكة لذا لم أكن سأتمكن من تحسين زمني. لذا، لم يكن هناك طائل من الانتظار في حارة الصيانة».