دمٌ وغضبٌ ورهائن... عندما تشتبك السياسة بالألعاب الأولمبية

العدّاء الأميركي سميث وحامل البرونزية كارلوس قاما بحركة تخلدت أولمبياً (الأولمبية الدولية)
العدّاء الأميركي سميث وحامل البرونزية كارلوس قاما بحركة تخلدت أولمبياً (الأولمبية الدولية)
TT

دمٌ وغضبٌ ورهائن... عندما تشتبك السياسة بالألعاب الأولمبية

العدّاء الأميركي سميث وحامل البرونزية كارلوس قاما بحركة تخلدت أولمبياً (الأولمبية الدولية)
العدّاء الأميركي سميث وحامل البرونزية كارلوس قاما بحركة تخلدت أولمبياً (الأولمبية الدولية)

مذبحة رياضيين، هجومٌ بقنبلة ورفع قبضتين سوداوتين نحو السماء: لطالما تأثّر تاريخ الألعاب الأولمبية بشكلٍ متكرّرٍ بالعنف العالمي.

تستعرض «وكالة الصحافة الفرنسية» ملخصاً موجزاً لأبرز اللحظات «السياسية» منذ بداية الألعاب الحديثة:

1896-1906: وُلِد سياسياً - أعيد إحياء الألعاب الأولمبية الحديثة لأهدافٍ سياسيةٍ نبيلة.

كتب البارون الفرنسي بيار دو كوبرتان، مؤسّس الألعاب الحديثة ومصمّم رموزها كالعلم والشعار، «تندلع الحروب لأن الدول تسيء فهم بعضها بعضاً. لن ننعم بالسلام حتّى تنتهي التحيّزات التي تفصل بين الأعراق المختلفة. لتحقيق هذه الغاية، هل هناك أفضل من جمع الشباب من جميع البلاد في استعراضٍ للقوة والمرونة؟».

أراد دو كوبرتان أن يُعيد إحياء الألعاب الأولمبية من العاصمة باريس عام 1900، لكنّه تراجع أمام حماسة اليونانيين وسمح لأثينا بإضاءة الشعلة قبل ذلك التاريخ بأربعة أعوام، قبل استضافة فرنسا للألعاب 1900 ومن بعدها سانت لويس الأميركية 1904.

1908: التلويح بالعلم - استغرقت الألعاب الأولمبية بعض الوقت لاستغلال قوة القوميّة وجعل الرياضيين يمثّلون بلادهم. لم يبدأ اعتماد مراسم استعراض البعثات خلال حفل الافتتاح حتّى الدورة الرابعة في لندن عام 1908. أما النشيد الوطني، فعُزف لأول مرة للمتوّجين بالميداليات الذهبية عام 1924 في باريس التي أصبحت أول مدينة تستضيف الألعاب الحديثة مرتين.

برلين-1936: ألعاب هتلر -مُنِح حق تنظيم الألعاب الأولمبية عام 1936 لبرلين قبلها بخمسة أعوام، عندما كانت ألمانيا لا تزال دولةً ديمقراطية. بعد عامين، تولّى أدولف هتلر السُلطة. سُرعان ما سيدرك قيمة هذا الحدث من حيث البروباغندا.

في أوروبا كما في الولايات المتحدة، كان مناصرو حملات مقاطعة الأولمبياد في برلين قلّة، وفي نهاية الأمر أرسلت جميع الدول المنضوية تحت شعار اللجنة الأولمبية وفوداً للمشاركة إلى عاصمة الرايخ. تحوّلت الألعاب إلى عرضٍ لقوّة النظام واستخدم النازيون انتصاراتهم لإظهار نظريتهم حول «العرق الأسمى».

هلسنكي 1952: قريتان أولمبيتان - في ذروة الحرب الباردة، شارك الاتحاد السوفياتي لأوّل مرة في الألعاب الأولمبية. ولتجنّب التوترات المحتملة بين الوفود، قرّر المنظمون الفنلنديون إنشاء قريتين أولمبيتين متباعدتين بنحو عشرة كيلومترات: إحداهما لرياضيي «دول الشرق»، والأخرى لبقية العالم. رحّب السوفيات بهذا الفصل ورأوا أنه يحدّ من خطر انشقاق رياضييهم.

1956: حمّام دم ومقاطعات - بعد أقل من ثلاثة أسابيع على سحق الدبابات السوفياتية للثورة المجرية، التقى البلدان في رياضة كرة الماء خلال أولمبياد ملبورن. قضى المجريون الذين فازوا بالذهبية في الأولمبياد السابق الوقت باستفزاز منافسيهم، وسُرعان ما أدى ذلك إلى تبادل اللكمات والركلات. وقبل دقيقة على انتهاء الوقت وفي ظل تقدّم المجر 4-0، خرج إرفن زادور الذي سجّل هدفين من حوض السباحة وهو ينزف بعد تلقّيه لكمةً على وجهه. ومع خروج الجماهير من المدرجات، أنهى الحكم المواجهة.

تدخّلت الشرطة الأسترالية لمنع الجمهور من الوصول إلى الفريق السوفياتي. في اليوم التالي، أُعلن تتويج المجر بالميدالية الذهبية.

شهدت ألعاب ملبورن أيضاً أوّل مقاطعة سياسية، إذ رفضت إسبانيا وسويسرا وهولندا المشاركة في ظل وجود الاتحاد السوفياتي. كما امتنعت مصر والعراق ولبنان عن المشاركة تنديداً بالاحتلال العسكري الإسرائيلي-الفرنسي-البريطاني لقناة السويس. جمهورية الصين انسحبت بدورها احتجاجاً على وجود تايوان.

محاولات إخماد الشعلة في الألعاب الأولمبية ببكين (الأولمبية الدولية)

1968: رفع القبضات السوداء - بعد تحقيقه رقماً قياسياً في سباق 200 م في المكسيك، حنا العدّاء الأميركي تومي سميث وحامل البرونزية جون كارلوس رأسيهما ورفع كل منهما قبضة يدٍ واحدة على منصة التتويج، في تحيةٍ إلى قوّة العرق الأسود خلال عزف نشيد بلدهما الوطني.

دعمهما في ذلك الأسترالي بيتر نورمان الذي فاز بالفضيّة، وكان يعلم أنهما سيقومان بلفتةٍ احتجاجية، فوضع شعار «مشروع أولمبي للحقوق الإنسانية». ردّ الفعل على ذلك كان شرساً. هذه اللحظة أنهت مسيرة الرجال الثلاثة.

تسلّل فريق كوماندوز فلسطيني إلى القرية الأولمبية ليلاً واحتجز رياضيين إسرائيليين رهائن (الأولمبية الدولية)

1972: مذبحة في القرية الأولمبية -في الخامس من سبتمبر (أيلول)، تسلّل فريق كوماندوز فلسطيني إلى القرية الأولمبية ليلاً واحتجز رياضيين إسرائيليين رهائن. بسبب ضعف الاستعداد، تحوّلت عملية الإنقاذ من قبل الشرطة الألمانية إلى إخفاقٍ تام، إذ قتل أعضاء الكوماندوز جميع الرهائن الـ11، كما قُتل أحد رجال الشرطة الألمان وخمسة من الفلسطينيين الثمانية.

وأثار قرار استكمال الألعاب جدلاً، لكنها استكملت بشكلٍ طبيعيّ بعد حفل افتتاحٍ كئيب.

1976-1984: زمن المقاطعة - ثلاثُ نسخٍ متتالية كانت شاهدةً على حملات مقاطعةٍ سياسيةٍ بارزة.

مونتريال 1976: انسحب 22 بلداً أفريقياً اعتراضاً على مشاركة نيوزيلندا بعد خوض منتخب الرغبي مبارياتٍ في جنوب أفريقيا التي كانت تُعاني بسبب سياسات الفصل العنصري.

موسكو 1980: امتنع الأميركيون إلى جانب 60 بلداً عن المشاركة، احتجاجاً على احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان في ديسمبر (كانون الأوّل) 1979.

لوس أنجليس 1984: ردّ الاتحاد السوفياتي و14 بلداً من حلفائه الدّين لأميركا بعدها بأربعة أعوام بالامتناع عن المشاركة.

قنبلةٌ بين الحشود انفجرت في أتلانتا بالحديقة الأولمبية المئوية (أرشيفية)

1996: انفجرت قنبلة في أتلانتا في الحديقة الأولمبية المئوية وأدّت إلى مقتل شخصين (بينهما مصوّر تعرّض لأزمةٍ قلبية) وإصابة 111 شخصاً. إريك رودولف الذي فجّر القنبلة ولم يُعتقل حتّى عام 2003 قال إنه كان يحتجّ على «الاشتراكية العالمية» والولايات المتحدة. لاحقاً، قام بتفجير عيادة إجهاض وحانة للمثليات.

2008: محاولات إخماد الشعلة -أقيمت الألعاب الأولمبية في بكين وسط سيلٍ من التساؤلات السياسية من وسائل الإعلام الغربية. أقيمت مظاهرات في الشوارع خارج الصين قبل الألعاب.

وقام الناشطون الذين أدانوا في البداية سياسة النظام الصيني في إقليم التيبت، بإيقاف مسيرة الشعلة الأولمبية بشكلٍ مستمر. فشلت محاولة إخماد النيران في لندن. وفي باريس، أدّت حوادث عدّة إلى قطع المسيرة.

لاحقاً، أُطفئت الشعلة بشكلٍ موقت ونُقلت عبر حافلة للشرطة إلى مكانٍ آمن.

وفي سان فرانسيسكو، تم تغيير طريق المسيرة واختُصِر لتفادي الاحتجاجات.


مقالات ذات صلة

زيركزي مهاجم يونايتد الجديد: أنا لاعب لا يمكن التنبؤ بتصرفاته

رياضة عالمية جوشوا زيركزي (روبترز)

زيركزي مهاجم يونايتد الجديد: أنا لاعب لا يمكن التنبؤ بتصرفاته

قال جوشوا زيركزي المنضم حديثاً إلى مانشستر يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إن جماهير الفريق يمكنها أن تتوقع مشاهدة لاعب مبدع.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية هذه المرة الأولى التي يُحقق فيها كاراباس فوزاً في مرحلة من طواف فرنسا (أ.ب)

«طواف فرنسا»: فوز أوّل لكاراباس... وبوغاتشار يحافظ على الصدارة

فاز الإكوادوري ريتشارد كاراباس بالمرحلة الأولى من طواف فرنسا للدراجات الهوائية، في سانت بول تروا شاتو (177.8 كلم) الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية احتاج زفيريف إلى ساعة و18 دقيقة فقط لتخطّي منافسه (د.ب.أ)

«دورة هامبورغ»: زفيريف يبلغ ثمن النهائي

تأهل الألماني ألكسندر زفيريف المصنف رابعاً عالمياً وحامل اللقب، إلى ثمن نهائي دورة هامبورغ الألمانية الدولية لكرة المضرب، بفوزه على الهولندي يسبر دي يونغ.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ )
رياضة سعودية لؤي مشعبي رئيس شركة نادي الاتحاد (نادي الاتحاد)

مشعبي… رئيساً لشركة نادي الاتحاد

أعلنت الجمعية العمومية لشركة نادي الاتحاد عن تعيين مجلس إدارة الشركة، الأربعاء، برئاسة لؤي مشعبي.

علي العمري (جدة)
رياضة عالمية شفيونتيك خلال بطولة ويمبلدون الأخيرة حيث خرجت مبكراً (أ.ف.ب)

شفيونتيك... هل تعاني المصنفة الأولى عالمياً من مشكلة في الملاعب العشبية؟

سجل خروج واحد من بطولة ويمبلدون: الدور الأول؛ الدور الرابع؛ الدور الثالث؛ الدور ربع النهائي؛ الدور الثالث.

ذا أتلتيك الرياضي (لندن)

«طواف فرنسا»: فوز أوّل لكاراباس... وبوغاتشار يحافظ على الصدارة

هذه المرة الأولى التي يُحقق فيها كاراباس فوزاً في مرحلة من طواف فرنسا (أ.ب)
هذه المرة الأولى التي يُحقق فيها كاراباس فوزاً في مرحلة من طواف فرنسا (أ.ب)
TT

«طواف فرنسا»: فوز أوّل لكاراباس... وبوغاتشار يحافظ على الصدارة

هذه المرة الأولى التي يُحقق فيها كاراباس فوزاً في مرحلة من طواف فرنسا (أ.ب)
هذه المرة الأولى التي يُحقق فيها كاراباس فوزاً في مرحلة من طواف فرنسا (أ.ب)

فاز الإكوادوري ريتشارد كاراباس بالمرحلة الأولى من طواف فرنسا للدراجات الهوائية، في سانت بول تروا شاتو (177.8 كلم) الأربعاء.

وهذه المرة الأولى التي يُحقق فيها كاراباس فوزاً في مرحلة من طواف فرنسا في مسيرته.

وتمكّن الإكوادوري الذي أنهى طواف عام 2021 في المركز الثالث ضمن الترتيب العام، من تخطّي البريطاني سيمون ييتس الثاني وقاد آخر 10 كيلومترات منفرداً.

قال بطل جيرو إيطاليا في الموسم السابق: «كان يوماً كبيراً بالنسبة لي. لقد عانيت لكنني حققت هدفاً».

وأضاف دراج أدوكايشن فيرست: «كم هو شعور مميّز، أنا مدين لفريقي بالكثير».

وكانت بداية السباق هادئة بالنسبة إلى متصدّر الترتيب العام السلوفيني تادي بوغاتشار المحتفظ بالقميص الأصفر الذي يُمنح لمتصدر الترتيب العام، وملاحقه حامل اللقب الدنماركي يوناس فينغيغارد، والثالث البلجيكي ريمكو إيفينيبول، قبل أن يدخلوا في منافسة قوية في وقتٍ متأخّر.

وأنهى إيفينيبول السباق في المركز 26 بفارق 10 ثوانٍ عن بوغاتشار الـ27، و12 ثانية عن فينغيغارد الـ28.

واحتفظ الإريتري بنيام غيرماي بالقميص الأخضر الذي يمنح لصاحب أكثر عدد من النقاط بـ387 نقطة.

وتُعتبر المرحلة 18 من السباق الخميس، واحدة من الأجمل، حيث تمر عبر البحيرات والجبال وتمتد لـ179 كلم.