استقطب الجدل الدائر بين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وريال مدريد الإسباني حول مشاركة النادي العريق في النسخة الجديدة من مونديال الأندية، في الولايات المتحدة الأميركية، أنظار العالم وعلى الأخص عشاق بطل أوروبا.
وبحسب صحيفة «ماركا» الإسبانية واسعة الانتشار، فإنه بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي، يرى ريال مدريد أنه لا يزال يتعين اتخاذ خطوات لتحسين هيكل البطولة فيما يخص «حقوق البث التلفزيوني والملاعب».
وقد جذبت تصريحات كارلو أنشيلوتي التي استبقت الانسحاب المحتمل لريال مدريد من البطولة، الانتباه وذلك لحدتها ولصدورها عن مدرب بطل أوروبا.
واضطر ريال مدريد إلى إصدار بيان ينفي فيه تصريحات المدرب الإيطالي، الذي أوضح فيما بعد كلامه. ومع ذلك، هناك قلق حقيقي في النادي حول مشروع يعتبر «مثيراً للاهتمام» ولكن لا تزال هناك «ثغرات» فيه.
وهذه الثغرات لا تتعلق فقط بالجانب المالي، حيث يقول أنشيلوتي إن قيمة كل مباراة في مدريد تبلغ 20 مليوناً، وهو الرقم الذي ينوي المنظمون توسيع نطاقه ليشمل البطولة بأكملها.
ويعتقد ريال مدريد أن «فيفا» لم يضع بعد هيكلاً متيناً للمنافسة التي ستنطلق نسختها الأولى في عام 2025. وتقول مصادر في النادي المدريدي: «يجب أن يلملم الاتحاد الإسباني لكرة القدم شتات نفسه».
هذا الهيكل يتجاوز الجانب الاقتصادي، وهو أمر مهم بالطبع بالنسبة لمدريد والأندية الأخرى المشاركة. ويتعلق الأمر بجوانب ذات صلة مثل حقوق البث التلفزيوني، وهو جانب رئيسي آخر من الناحية المالية، بالإضافة للملاعب التي ستستضيف المباريات.
ويعتقد ريال مدريد أن هذه البطولة يمكن أن تشكل علامة فارقة في تاريخ كرة القدم وهذا يتطلب اهتماماً شديداً بالتفاصيل.
ويؤيد ريال مدريد المشروع، لكنه يرى أنه يجب اتخاذ المزيد من الخطوات لضبط تفاصيل البطولة. ويثق النادي من أن «فيفا» سيأخذ بعين الاعتبار مطالب الأندية وسينظم «بطولة رائعة».
وإذا تم اتخاذ هذه الخطوات التي يطالب بها ريال مدريد - والمزيد من الأندية - في الاتجاه الصحيح، فإن مشاركة بطل أوروبا في بطولة «فيفا» الجديدة لن تكون في خطر.
ويعتقد النادي الملكي بصفته مؤسس الهيئة العليا لكرة القدم العالمية، أنه يجب أن يكون حاضراً في ولادة البطولة التي ستصبح، أخيراً، منافسة لتحديد الفريق الأفضل في العالم دون أدنى شك.
وتم الحديث منذ فترة طويلة عن كأس العالم للأندية في صيف 2025 على أنه سيوزع 50 مليون يورو للفرق التي ستشارك في البطولة، لكن الواقع مختلف تماماً.
وبحسب صحيفة «ماركا»، فإن هذا المبلغ هو نتيجة لنقطة بداية التخطيط لكأس العالم للأندية، عندما وافق «فيفا» على إقامتها في الصين في عام 2019. وفي ذلك الوقت كان هناك حديث عن 50 مليون كحافز للفرق الـ24 التي كانت ستشارك في البطولة.
لكن مالذي حدث بعد ذلك؟ أوقفت جائحة كورونا كل شيء، واختفت الصين وتولى الاتحاد الدولي لكرة القدم تنظيم البطولة التي ارتفع عدد الفرق المشاركة فيها من 24 إلى 32 فريقاً.
وقبل عام من انطلاق البطولة، لم تُصدر الهيئة المنظمة لكرة القدم العالمية أي بيان بشأن الأموال التي سيتم توزيعها، ويرجع ذلك أساساً إلى أنها لم تغلق بعد عملية بيع الحقوق السمعية والبصرية للبطولة، حيث تتفاوض مع شركة «آبل» ولا تزال تنتظر التوصل إلى اتفاقات تجارية، لذلك لا يوجد توزيع على الإطلاق.
ولم يكن «فيفا» واضحاً للغاية منذ البداية، فالتوزيع لن يكون بالتساوي ولن تحصل جميع الفرق على نفس المبلغ من المال، وهناك العديد من الجبهات المفتوحة بالفعل مع مختلف الاتحادات والأندية بحثاً عن اتفاق لا يزال يتعذر إغلاقه بسبب عدم وجود الأموال الدقيقة التي يمكن أن توزعها البطولة.
ما هو واضح بالنسبة لقادة الاتحاد الدولي لكرة القدم هو أنه لا يمكن لجميع الأندية الحصول على نفس المبلغ، حيث أن قيمتها السوقية مختلفة تماماً، حيث تهيمن فرق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بشكل واضح وتأتي فرق الكونميبول في المركز الثاني. وقد قبلت العديد من الأندية بالفعل هذا الوضع، وبالنسبة لهم، فإن حصولهم على مبلغ حوالي 10 ملايين يورو يكفي لتبرير وجودهم في البطولة.
ويتفاوض «فيفا» مع الاتحاد الأوروبي «ويفا»، كما يتفاوض ريال مدريد، من أجل الحصول على حقه الخاص. أي أن لدى رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو وفريقه جبهتان مفتوحتان.
مطلوب من «فيفا» إذاً تحديد قيمة حضور النادي المدريدي في كأس العالم للأندية، ومن ناحية أخرى إتمام الصفقة التي ستُمكّن ملعب «سانتياغو برنابيو» من استضافة نهائي كأس العالم 2030.
العلاقة الجيدة بين رئيسي «فيفا» والنادي يمكن أن تصل بالمفاوضات إلى خاتمة جيدة، لكن الكيان الذي يترأسه فلورنتينو بيريز لا يؤيد التنازل عن الملعب لمدة ثلاثة أشهر لـ«فيفا»، كما هو مطلوب من قبل منظمي كأس العالم. وهي مسألة يعلم الطرفان أن عليهما حلها.
ما أراد أنشيلوتي التعبير عنه هو أن وجود ريال مدريد له ثمن، وأن على «فيفا» أن يتكيف مع السوق، وهو ما يعتقده الجميع في النادي الملكي.