كان الخبر السار بالنسبة لتوتنهام يتمثل في أنه لم يستقبل أي هدف من ركلة ثابتة أمام ليفربول يوم الأحد الماضي. لكن الهزيمة في تلك المباراة بأربعة أهداف مقابل هدفين كانت تعني أن توتنهام خسر أربع مباريات متتالية في الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى منذ عام 2004. وإذا كان توتنهام يريد انتزاع المركز الرابع من أستون فيلا، فيتعين عليه تحقيق الفوز في مبارياته الثلاث المتبقية، والتي ستكون إحداها أمام مانشستر سيتي، على أمل ألا يحقق أستون فيلا الفوز في أي من المباراتين المتبقيتين له.
لقد أنهى توتنهام الموسم الماضي في المركز الثامن، وانتهى الموسم بالضغائن وتبادل الاتهامات. وكان المدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي قد رحل في نهاية شهر مارس (آذار)، بعدما أشار إلى أنه لا يريد البقاء في النادي، بينما كان الجمهور قد سئم من كرة القدم السلبية والمملة التي يقدمها الفريق. لقد كان الجمهور يتقبل في البداية، ولو على مضض، اللعب بهذه الطريقة المملة لأن الفريق يحقق نتائج جيدة، لكن سرعان ما تغيرت الأمور تماماً مع تراجع النتائج.
ويجب الإشارة هنا إلى أن أنغي بوستيكوغلو مدير فني مختلف، ليس فقط عن كونتي، بل عن معظم المدربين الآخرين. قد يبدو عصبياً في بعض الأحيان، لكنه لا يدخل في حالة من الصخب الدائم. يبلغ بوستيكوغلو من العمر 58 عاماً، وهذا هو أعلى مستوى عمل فيه في مجال التدريب على الإطلاق. وقد يكون هذا تتويجاً لمسيرته الحافلة التي تولى خلالها القيادة الفنية لمنتخبي أستراليا واليابان، ونادي سلتيك الأسكوتلندي. وبالنسبة لبوستيكوغلو، فهذه ليست مجرد بضع سنوات أخرى يضيفها إلى سيرته الذاتية، لكنه يريد أن يكتب التاريخ مع السبيرز، ويتحلى بسلوك ممتاز ويسعى لتقديم كرة قدم مثيرة وممتعة. وتحت قيادة المدير الفني الأسترالي، يقدم توتنهام كرة قدم هجومية، وإن كانت بشكل متهور في بعض الأحيان. لقد حصل على 26 نقطة من أول 10 مباريات له في الدوري. لم يكن أحد يعتقد حقا أن توتنهام سيفوز باللقب، لكن الفريق تصدر جدول الترتيب خلال الربع الأول من الموسم.
لكن لم يكن من الممكن أن يستمر الفريق في تقديم هذا الأداء القوي بشكل دائم. وبعد الحصول على 2.6 نقطة في المباراة في المتوسط خلال المباريات العشر الأولى، حصل الفريق على 1.36 نقطة في المباراة في المتوسط في الـ 25 مباراة التالية. ونجح توتنهام في الحصول على نفس عدد النقاط التي حصل عليها خلال الموسم الماضي بأكمله في 7 أبريل (نيسان) الماضي، لكنه لم يحصل على أي نقطة أخرى منذ ذلك الحين! وبالنظر إلى بيع هاري كين في الصيف الماضي، وقدوم مدير فني جديد، وإعادة بناء الفريق، فمن المؤكد أن توتنهام كان سيشعر بالسعادة بالحصول على 60 نقطة في هذه المرحلة من الموسم في ظل تقديم كرة قدم ممتعة، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في الطريقة التي سارت بها الأمور، حيث بدا كل شيء وكأنه ينهار منذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وبدأت أولى علامات الغضب والتذمر من بوستيكوغلو تظهر بين الجماهير، وخاصة فيما يتعلق بعناده بشأن الركلات الثابتة. وقال بوستيكوغلو بعد استقبال فريقه هدفين من ركلتين ركنيتين في ديربي شمال لندن أمام آرسنال، ثم استقبال هدف من ضربة رأس من ركلة ثابتة ضد تشيلسي: «لا أرى أن هناك مشكلة في ذلك». وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن شباك توتنهام اهتزت بـ 16 هدفاً من ركلات ثابتة هذا الموسم؛ وإذا ما احتسبنا ذلك كنسبة من إجمالي الأهداف التي استقبلها الفريق، فإن نوتنغهام فورست هو الفريق الوحيد الذي لديه نسبة أسوأ من توتنهام.
لم يكن بوستيكوغلو يشير بالتأكيد إلى أنه لا يعتقد أن الكرات الثابتة تستحق الاهتمام بها، لكنه كان يقول إنه إذا كان توتنهام يريد حقا احتلال أحد المراكز المؤهلة للمشاركة في دوري أبطال أوروبا فلن يكون ذلك من خلال التحسن في الدفاع في الركلات الركنية، ولكن من خلال تحسين أداء الفريق ككل. ومع ذلك، تخيل أن عدد الأهداف الستة عشر التي استقبلها توتنهام من ركلات ركنية انخفض إلى النصف، فكم عدد النقاط الإضافية التي كان سيحصل عليها الفريق نتيجة لذلك؟ من المؤكد أن ذلك كان سيجعل الفريق منافساً قوياً لأستون فيلا على احتلال المركز الرابع.
ومع ذلك، فإن المشكلة الكبرى، وكما قال بوستيكوغلو، تتمثل على الأرجح في الجانب الآخر من الملعب، أي في النواحي الهجومية وفيما يتعلق باللعب برتم سريع وممارسة الضغط العالي على المنافس. يظل ليفربول، على الرغم من تعثره في الآونة الأخيرة، هو الفريق الأكثر شراسة في الضغط على المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز، في حين كان توتنهام هو أقل فرق المسابقة استحواذاً على الكرة في الثلث الدفاعي من الملعب. كان من المتوقع أن يعاني توتنهام، بشكله الحالي، أمام ليفربول على ملعب آنفيلد، وهو الملعب الذي كانت نتائج السبيرز عليه سيئة للغاية في الآونة الأخيرة. وفي مثل هذه الظروف، ألا يستحق الأمر أن يتنازل المدير الفني عن مبادئه الأساسية قليلاً، ولا يصر ببساطة على اللعب بهذه الطريقة؟
إن اللعب بهذه الطريقة المفتوحة - تسعة فرق فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز استقبلت أهدافاً أقل من توتنهام - جعل جمهور توتنهام يشعر بالقلق من أن أقصى ما يمكن أن يقدمه بوستيكوغلو هو فريق قادر على تقديم كرة قدم مثيرة وممتعة في بعض الأحيان، لكنه غير قادر بهذا الشكل على المنافسة على البطولات والألقاب. ومع ذلك، لا ينبغي أن ننسى التحسن الكبير الذي طرأ على أداء الفريق منذ عام مضى. وبالنظر إلى الاضطرابات التي حدثت في النادي خلال الصيف الماضي، فمن العدل منح بوستيكوغلو الفرصة لتدعيم صفوف فريقه في فترة انتقالات أخرى على الأقل قبل إصدار حكم صارم للغاية عليه.
وقال بوستيكوغلو إن فريقه بحاجة لبعض التغييرات. وتعاقد النادي مع عدد من اللاعبين الجدد بينما رحل عدد من اللاعبين القدامى مثل هوغو لوريس وإريك داير. وقبلهما هاري كين. وأكد المدرب الأسترالي في تصريحات قبل لقاء توتنهام خارج ملعبه مع ليفربول أنه لا يمكن للنادي إجراء تغييرات في أسلوب أدائه دون إجراء بعض التغيير في التشكيلة.
لا يزال الفريق بحاجة إلى التدعيم في كثير من المراكز، ولا يمتلك العناصر التي يمكنها تطبيق أفكار وفلسفة المدير الفني الأسترالي داخل الملعب. وتتمثل مشكلة بوستيكوغلو الآن في أن هذه السلبيات أصبحت أكثر بروزاً بسبب تراجع النتائج في الفترة الأخيرة. لقد كان الموسم بشكل عام واعداً، لكن النهاية كانت محبطة ومخيبة للآمال. وتكمن النقطة الأساسية الآن في أن يُثبت بوستيكوغلو أنه هو - وليس مجرد رحيل كونتي - السبب الرئيسي وراء المستويات الرائعة التي قدمها السبيرز في بداية الموسم!
* خدمة «الغارديان»