كيف أصبح أليكس فيرغسون الأب الروحي للمدربين الشباب؟

تأثيره يتجاوز نجاحه الشخصي من خلال النصائح التي يقدمها للمديرين الفنيين الصاعدين

السير أليكس فيرغسون ... تتواصل إنجازاته حتى بعد إعتزاله التدريب (أ.ب)
السير أليكس فيرغسون ... تتواصل إنجازاته حتى بعد إعتزاله التدريب (أ.ب)
TT

كيف أصبح أليكس فيرغسون الأب الروحي للمدربين الشباب؟

السير أليكس فيرغسون ... تتواصل إنجازاته حتى بعد إعتزاله التدريب (أ.ب)
السير أليكس فيرغسون ... تتواصل إنجازاته حتى بعد إعتزاله التدريب (أ.ب)

في مثل هذا الوقت تقريباً من عام 2006، وبعد وقت قصير من فوز تشيلسي على مانشستر يونايتد على ملعب «ستامفورد بريدج» ليضمن الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الثانية على التوالي، رن هاتف السير أليكس فيرغسون، وكان المتصل هو شخص يُدعى إيدي بوثرويد، الذي كان في ذلك الوقت مجرد مدرب شاب صاعد نجح بطريقة أو بأخرى في قيادة فريق واتفورد للوصول إلى ملحق الصعود للدوري الإنجليزي الممتاز. وقال بوثرويد في وقت لاحق: «اتصلت به هاتفياً وطلبت منه بعض النصائح، وأعطاني بعض النصائح الثمينة. لقد أعارني كتابين وكان دائماً ما يرد على اتصالاتي الهاتفية إذا كنت بحاجة إلى أي مساعدة. أعتقد أنه يفعل ذلك مع الجميع وليس معي فحسب».

وأتذكر أنني كنت أشعر بالدهشة مما يفعله في ذلك الوقت. كان فيرغسون يبلغ من العمر آنذاك 64 عاماً، وكان قد أعلن بالفعل اعتزاله التدريب قبل أن يعدل عن قراره، وكان يتعرض لانتقادات في غير محلها بسبب الأداء الضعيف أحياناً لفريقه، قبل أن يواصل العمل بكل قوة ويقود مانشستر يونايتد للفوز بالبطولات والألقاب عندما كان يعيش عصره الذهبي. باختصار، كان المدير الفني الأسكوتلندي مشغولاً للغاية، ولم يكن بحاجة إلى مضايقات من بعض المديرين الفنيين المبتدئين الذين يسعون للحصول على نصائح. لكنه ورغم كل ذلك، لم يبخل على أحد بنصائحه، وأعار الكتب لإيدي بوثرويد، الذي قال في العام التالي: «كان دائماً يرد على اتصالاتي، أو يعيد الاتصال بي إذا لم يتمكن من الرد في المرة الأولى. لم يتجاهل الرد علي أبداً».

وبعد ثمانية عشر عاماً والتعاقد مع 25 مديراً فنياً مختلفاً، أعلن واتفورد مؤخراً عن تعيين توم كليفرلي مديراً فنياً مؤقتاً للفريق، بعد أن عينه في البداية مديراً فنياً لفريق الشباب بالنادي تحت 18 عاماً خلال الصيف الماضي. لقد مر ما يقرب من عقدين من الزمن منذ ظهور بوثرويد على ساحة التدريب للمرة الأولى، لكن مصدر النصائح المفيدة للمديرين الفنيين الشباب لا يزال كما هو ولم يتغير. وقال كليفرلي بعد تعيينه مديراً فنياً للمرة الأولى: «لقد تلقيت مكالمة لطيفة من السير أليكس فيرغسون. لا بد أنه قرأ في مكان ما أنني شغلت هذه الوظيفة، وتحدثنا سوياً عبر الهاتف لمدة 10 أو 15 دقيقة، وكان شيئاً لطيفاً للغاية. لقد نصحني ببعض الأمور الفنية وبعض الأمور النفسية، ثم تحدثنا في بعض الأمور العامة. لم أتحدث معه منذ خمس أو ست سنوات على الأرجح، لذلك كانت مكالمة رائعة وغير متوقعة».

وقال فيرغسون ذات مرة عن طفولته: «يقول الناس إن نشأتي كانت سيئة، وأنا حقاً لا أعرف ماذا يقصدون بذلك! لقد كان الأمر صعباً، لكننا لم نكن فقراء للغاية. ربما لم يكن لدينا جهاز تلفزيون، ولم يكن لدينا سيارة، لم يكن لدينا حتى هاتف، لكنني أعتقد أنني كنت أملك كل شيء أريده، وكان لدي كرة ألعب بها». ربما لم يكن لدى فيرغسون هاتف عندما كبر، لكن يبدو أنه لم يتوقف عن استخدام هاتفه إلا نادراً منذ ذلك الحين!

وفي بداية هذا الموسم، تحدث كيني كوبر، المهاجم السابق لفريق الشباب بمانشستر يونايتد والذي واصل اللعب في موطنه بالولايات المتحدة، عن مكالمة هاتفية تلقاها عندما بدأ مسيرته في مجال التدريب، قائلاً: «لقد تواصلت مع السير أليكس للحصول على بعض النصائح في مجال التدريب، ولم يرد علي في البداية لكنه أعاد الاتصال بي في اليوم التالي، وكنت مندهشاً لأنه وجد الوقت الكافي للقيام بذلك. لقد منحني ثقة وتشجيعاً لا يقدران بثمن. وبعيداً عن كرة القدم، كان فيرغسون يدرك تماماً ما يمكن أن يعنيه ذلك بالنسبة لي».

وفي مارس (آذار)، وبعد وقت قصير من تعيين جون أوشي (المتخرج في أكاديمية الناشئين بمانشستر يونايتد، مثل كليفرلي) مديراً فنياً مؤقتاً لمنتخب جمهورية آيرلندا، رن هاتفه باتصال من رقم غير معروف. وقال أوشي عن ذلك: «الشخص الوحيد الذي لا يزال يتصل بي دون معرفة هوية المتصل هو السير أليكس فيرغسون. في أي وقت أنتقل فيه للعمل مع نادٍ أو أشارك في شيء ما، كان يتصل بي دائماً».

وكما يتضح من تجربة بوثرويد، فإن فيرجسون لا يكتفي بمساعدة الأشخاص الذين لديهم علاقات بمانشستر يونايتد فقط. وقبل عشر سنوات، وبعد وقت قصير من نجاحه في قيادة بيرنلي للصعود للدوري الإنجليزي، كان شون دايك يتواصل مع فيرغسون بشكل منتظم. يقول دايك: «كان يرد على اتصالاتي الهاتفية في كل مرة أتصل به، فلديه الوقت المناسب تماماً لمساعدة الآخرين. لقد كان يفعل هذا أيضاً حتى عندما كان يعمل مديراً فني قبل اعتزاله التدريب. لديه خبرات هائلة وقد عاش كل شيء تقريباً في عالم كرة القدم، وأطلب منه النصيحة باستمرار».

وفي عام 2019، كان من بين المديرين الفنيين الذين تحدثوا علناً عن تلقي مساعدة من فيرغسون، كريس وايلدر، الذي قال: «اعتاد السير أليكس على الاتصال بي عندما كنت مديراً فنياً شاباً. لقد كان يجد الوقت المناسب لمساعدتي دائماً. لقد اعتاد أن يفعل ذلك مع عدد لا بأس به من المديرين الفنيين البريطانيين الشباب». وفي العام نفسه، تحدث جون أسكي، الذي كان يعمل آنذاك في بورت فايل، عن تقديم فيرغسون المساعدة له، قائلاً: «لقد أفادني كثيراً من خلال تقديم النصائح الثمينة لي. إنه شخص لا يتوقف عن دعم ومساعدة الآخرين، فهو لم يساعدني فقط وإنما يساعد الكثير من المديرين الفنيين». وفي عام 2019 أيضاً، قال ستيف بروس: «لقد كان رائعاً، وليس معي فحسب. لقد كان متاحاً دائماً لمساعدة أي مدير فني يحتاج إلى بعض النصائح».

في الحقيقة، من المستحيل معرفة عدد المكالمات التي أجراها فيرغسون حتى الآن، أو عدد المديرين الفنيين الذين حاول فيرغسون مساعدتهم في تجاربهم التدريبية. ولفترة من الفترات - وربما لا يزال الأمر كذلك حتى الآن - كان فيرغسون يبحث باستمرار عن طرق جديدة لتقديم المساعدة، حيث قال في عام 2015، بعد عامين من اعتزاله التدريب: «إحدى هواياتي الآن هي مشاهدة المؤتمرات الصحافية، التي تعد جزءاً مهماً من وظيفية أي مدير فني. أحب مشاهدة المؤتمرات الصحافية على قناة «سكاي سبورتس» يومي الخميس والجمعة، وأستمتع بذلك كثيراً. لقد اتصلت عدة مرات بعدد من المديرين الفنيين وقدمت لهم بعض النصائح. لقد اتصلت بنيغل بيرسون، حيث كنت أعتقد أن هناك بعض الأمور التي يمكنني مساعدته من خلالها. وحدث الشيء نفسه أيضاً مع آلان بارديو. وفي بعض الأحيان، يتصل بي المديرون الفنيون ويطلبون مني بعض النصائح، لذا فأنا لست معزولاً عن اللعبة».

باختصار، أصبح فيرغسون بمثابة الأب الروحي للمديرين الفنيين، حيث يقف دائماً إلى جانب المحتاجين ويقدم لهم كل الدعم اللازم وقت الحاجة. ورغم أنه في الثانية والثمانين من عمره الآن، فإنه يواصل العطاء ولا يبخل بأي نصيحة على الآخرين. إن إنجازاته في عالم التدريب مدونة ومعروفة للجميع، لكن الوصول للعظمة شيء ومعرفة كيفية استخدامها على النحو الأمثل شيء آخر تماماً!

* خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

محمد صلاح... اللاعب الأكثر قيمة تجارية في «بريمرليغ»

رياضة عالمية محمد صلاح وعائلته بعد مباراة لليفربول (غيتي)

محمد صلاح... اللاعب الأكثر قيمة تجارية في «بريمرليغ»

ليست الأرقام المهمة هي التي ستحدد إرث ليفربول، ولكن التي قُدمت بهدوء في مارس (آذار) هي ما ساعدت على توضيح قيمة محمد صلاح في ضوء مختلف.

ذا أتلتيك الرياضي (لندن)
رياضة عالمية ثنائي آرسنال كاي هافرتز وديكلان رايس ضمن أفضل الصفقات هذا الموسم (رويترز)

أفضل الصفقات بالدوري الإنجليزي هذا الموسم

أسدل الستار على منافسات موسم 2023 - 2024 في بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي شهد سطوع نجم كثير من الصفقات الجديدة.

رياضة عالمية من الصعب تكرار العلاقة الوثيقة التي أقامها كلوب مع جمهور ليفربول (رويترز)

مهام بالغة الأهمية تنتظر آرني سلوت في ليفربول

على الرغم من النهاية المحبطة لولايته مع الريدز فإن يورغن كلوب ترك لخليفته فريقاً رائعاً.

رياضة عالمية فان غال أقيل من منصبه بعد مرور 24 ساعة فقط من الفوز بكأس إنجلترا (غيتي)

هل يواجه تن هاغ نفس مصير مواطنه فان غال؟

مسؤولو يونايتد لن ينسوا أن الفريق تخلف عن سيتي بفارق 31 نقطة وخسر أمامه مرتين في بطولة الدوري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أنيس أونال (د.ب.أ)

بورنموث يضم أونال لـ 4 أعوام مقبلة

أكمل فريق بورنموث الإنجليزي لكرة القدم تعاقده بشكل دائم مع المهاجم التركي أنيس أونال من فريق خيتافي الإسباني.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رئيس الملاكمة الدولي: المسؤولون يسافرون درجة أولى... ويعاملون الرياضيين بـ«درجة أقل»

عمر كريمليف رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة (الشرق الأوسط)
عمر كريمليف رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة (الشرق الأوسط)
TT

رئيس الملاكمة الدولي: المسؤولون يسافرون درجة أولى... ويعاملون الرياضيين بـ«درجة أقل»

عمر كريمليف رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة (الشرق الأوسط)
عمر كريمليف رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة (الشرق الأوسط)

ربما تؤدي خطط الاتحاد الدولي للملاكمة لتقديم جوائز مالية لجميع الأبطال الأولمبيين والحاصلين على ميداليات في ألعاب باريس هذا العام، إلى توسيع الخلاف المتعلق بحوكمة ملاكمة الهواة، بعد أن أثار الإعلان عن تلك الخطط انتقادات حادة من قبل اللجنة الأولمبية الدولية.

ووفقاً لوكالة «رويترز»، جاءت خطوة الاتحاد الدولي للملاكمة في أعقاب قرار الاتحاد الدولي لألعاب القوى، الذي أعلن في أبريل (نيسان) الماضي «أنه سيقدم جوائز مالية قدرها 50 ألف دولار لأبطاله الأولمبيين بدءاً من ألعاب باريس هذا العام».

وقوبل إعلان الاتحاد الدولي للملاكمة بانتقادات من جانب اللجنة الأولمبية الدولية التي اقترح رئيسها توماس باخ أن يستخدم الاتحاد تلك الأموال في دعم الرياضيين في مختلف الجوانب.

ورغم رفض اللجنة الأولمبية الدولية، قال عمر كريمليف، رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة، إن «الاتحاد الدولي لألعاب القوى اتخذ القرار الصحيح».

وأضاف كريمليف لـ«رويترز» بمساعدة مترجم: «بالنسبة لي، تتمثل روح الألعاب الأولمبية في خلق الظروف المناسبة للرياضيين... الرياضيون هم من يجذبون الرعاة، وبالطبع، يجب أن تكون كل الأموال للرياضيين. وهذه هي الروح الحقيقية للألعاب الأولمبية والحركة الأولمبية. ونحن نعرف أن هذا ليس ما تفعله قيادة اللجنة الأولمبية الدولية في الوقت الحالي».

وتابع: «مسؤولو اللجنة الأولمبية الدولية يسافرون على الدرجة الأولى، ويقيمون في فنادق من فئة خمس نجوم، في حين أن الرياضيين لا يعيشون في أفضل ظروف... أرى الأمر مثل معارك المصارعين، حيث يتم التعامل مع الرياضيين كما لو كانوا عبيداً».

ويعيش الاتحاد الدولي للملاكمة واللجنة الأولمبية الدولية حالة من الخلافات منذ أعوام، إذ سحبت اللجنة اعترافها بالاتحاد في يونيو (حزيران) من العام الماضي، بداعي فشله في استكمال إصلاحات متعلقة بالحوكمة والتمويل والقضايا الأخلاقية.

ومثلما كان الحال في أولمبياد طوكيو، تنظم اللجنة الأولمبية الدولية منافسات الملاكمة في ألعاب باريس، لكن هناك مخاوف من احتمال استبعاد اللعبة من الدورات الأولمبية مستقبلاً، وذلك في ظل عدم إدراج الرياضة في البرنامج المبدئي لأولمبياد لوس أنجليس 2028.

وكان قد أعلن الاتحاد الدولي للملاكمة، أمس الأربعاء، أنه سيقدم جوائز مالية تزيد قيمتها الإجمالية على 3.1 مليون دولار للملاكمين الفائزين بميداليات والمتأهلين إلى دور الثمانية في الأولمبياد.

لكن الاتحاد لم يكشف عن مصدر تمويله، وقال إنه «سيتم تسليم الجوائز المالية في حفل يقام في الاجتماع المقبل للجمعية العمومية للاتحاد»، الذي سيعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) أو ديسمبر (كانون الأول).

من جانبها، قالت اللجنة الأولمبية الدولية إنها «علمت بإعلان الاتحاد الدولي، لكنها شككت في مصدر الأموال».

وأضافت: «هذا الافتقاد التام للشفافية المالية كان أحد الأسباب التي دفعت اللجنة الأولمبية الدولية لسحب اعترافها بالاتحاد الدولي للملاكمة».

وتوترت العلاقات بين اللجنة والاتحاد بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، إذ يدار الاتحاد من جانب الروسي كريمليف، كما أن شركة «غازبروم» الروسية للطاقة هي «الراعي الرئيسي» للاتحاد، رغم أن كريمليف قال في العام الماضي إن الرعاية قد انتهت.

وقالت اللجنة الأولمبية الدولية أيضاً إنها «لن تنظم منافسات الملاكمة في عام 2028، وطالبت الاتحادات الوطنية باتخاذ قرار بشأن بديل ذي مصداقية وحوكمة جيدة يخلف الاتحاد الدولي بحلول العام المقبل».

كما حذرت اللجنة الأولمبية الدولية الاتحادات الوطنية المتحالفة مع الاتحاد الدولي للملاكمة من «أنها لن تتمكن من المشاركة في أولمبياد لوس أنجليس في حال إدراج الملاكمة ضمن تلك الدورة».

وأضافت اللجنة: «سيتعين على اللجنة الأولمبية الوطنية المعنية استبعاد الاتحاد الوطني للملاكمة من عضويتها».