سيتي يصطدم بيونايتد في «ديربي مانشستر» الساخن

ليفربول يتطلع لتفادي مفاجآت نوتنغهام فورست... وتوتنهام يسعى لإعادة توازنه في الدوري الإنجليزي

سيتي يواجه يونايتد وعينه على النقاط الثلاث قبل أن يحل ضيفاً على ليفربول (أ.ف.ب)
سيتي يواجه يونايتد وعينه على النقاط الثلاث قبل أن يحل ضيفاً على ليفربول (أ.ف.ب)
TT

سيتي يصطدم بيونايتد في «ديربي مانشستر» الساخن

سيتي يواجه يونايتد وعينه على النقاط الثلاث قبل أن يحل ضيفاً على ليفربول (أ.ف.ب)
سيتي يواجه يونايتد وعينه على النقاط الثلاث قبل أن يحل ضيفاً على ليفربول (أ.ف.ب)

تشهد منافسات الجولة 27 من الدوري الإنجليزي لكرة القدم مواجهات قوية أبرزها الديربي بين مانشستر سيتي وضيفه مانشستر يونايتد التي ستقام (الأحد) على ملعب الاتحاد. وتنطلق منافسات الجولة (السبت)، حيث يحل ليفربول ضيفاً ثقيلاً على نوتنغهام فورست، ساعياً لتحقيق فوز يعزز به وجوده على قمة الترتيب منتظراً هدية من «ديربي مانشستر» في ملعب الاتحاد. ويعتلي ليفربول القمة برصيد 60 نقطة يلاحقه مانشستر سيتي حامل اللقب في المركز الثاني برصيد 59 نقطة ثم آرسنال في المركز الثالث برصيد 58 نقطة الذي سيلعب أيضاً خارج أرضه أمام شيفيلد يونايتد، مساء يوم الاثنين المقبل.

ويدخل ليفربول بقيادة مديره الفني الألماني يورغن كلوب اللقاء منتشياً بتتويجه بكأس رابطة المحترفين الإنجليزية، أوائل الأسبوع الجاري، على حساب تشيلسي بركلات الترجيح ثم التأهل لدور الثمانية لكأس الاتحاد الإنجليزي على حساب ساوثهامبتون بنتيجة 0-3 بقوام أغلبه من اللاعبين الشباب. ويأمل ليفربول في استعادة عدد من نجومه الذين غابوا في الفترة الأخيرة بسبب إصابات مختلفة مثل الثنائي الهجومي محمد صلاح وداروين نونيز ولاعب الوسط دومينيك سوبوسلاي. بينما تضم قائمة الغيابات عناصر أخرى ستبتعد لفترة أطول مثل ثنائي الوسط رايان جرافينبرخ وواتارو إندو، وحارس المرمى أليسون بيكر وكورتيس جونز وترنت ألكسندر أرنولد وديوغو جوتا بخلاف غياب جويل ماتيب وتياغو ألكانتارا لنهاية الموسم.

مانشستر يونايتد يسعى لعرقلة مسيرة مانشستر سيتي نحو اللقب (أ.ب)

ولكن يورغن كلوب كسب في هذه الفترة الصعبة عدداً من الوجوه الشابة التي برزت بشكل كبير مثل جاريل كوانساه وكونور برادلي وجيمس ماكونيل وبوبي كلارك، بالإضافة إلى لويس كوماس وجايدن دانس، اللذين سجلا 3 أهداف في فوز ليفربول على ساوثهامبتون. ويسعى كلوب ولاعبوه لفوز رابع على التوالي يريح الأعصاب قبل أسبوع مضغوط تتخلله مواجهة سبارتا براغ التشيكي في دور الـ16 للدوري الأوروبي يوم الخميس المقبل، قبل أن يستضيف مانشستر سيتي بعدها بثلاثة أيام في قمة جديدة ببطولة الدوري.

ولكن مهمة كلوب ولاعبيه لن تكون سهلة في ظل تحسن أداء فريق نوتنغهام فورست تحت قيادة مديره الفني الجديد البرتغالي نونو سانتو، حيث ودّع الفريق كأس الاتحاد الإنجليزي بصعوبة بالخسارة أمام مانشستر يونايتد بهدف في الدقائق الأخيرة. ويجيد فريق نوتنغهام فورست أيضاً إحراج الكبار على ملعبه ووسط جماهيره رغم أنه يقبع في المركز السابع عشر برصيد 24 نقطة من 6 تعادلات و6 انتصارات منها 3 انتصارات وسط جماهيره أمام مانشستر يونايتد ونيوكاسل يونايتد ووستهام يونايتد.

وتقام (السبت) أيضاً 6 مباريات أخرى، حيث يحل أستون فيلا رابع الترتيب برصيد 52 نقطة ضيفاً على لوتون تاون صاحب المركز الثامن عشر برصيد 20 نقطة. ويسعى أستون فيلا لتحقيق فوز جديد يؤمن وجوده في المربع الذهبي بينما يحاول فريق لوتون تاون مصالحة جماهيره بعد خسارة ثقيلة أمام مانشستر سيتي بنتيجة 2-6، مساء الأربعاء، ليودع كأس الاتحاد الإنجليزي من دور الـ16.

ويلعب توتنهام هوتسبير خامس الترتيب برصيد 47 نقطة ضد ضيفه كريستال بالاس صاحب المركز الثالث عشر برصيد 28 نقطة، والمنتشي بفوزه على بيرنلي في الجولة الماضية، بينما يسعى الفريق اللندني لتصحيح مساره بعد السقوط أمام وولفرهامبتون في المباراة الأخيرة.

وفي مباراة تبدو متكافئة نسبياً، يحل برايتون صاحب المركز السابع برصيد 39 نقطة ضيفاً على فولهام صاحب المركز الثاني عشر برصيد 32 نقطة والمنتشي بفوزه الثمين على مانشستر يونايتد في المباراة الماضية. أما برايتون بقيادة مديره الفني الإيطالي روبرتو دي زيربي فيسعى لتصحيح مساره بعد التعادل في الجولة الماضية مع إيفرتون ثم الخروج من كأس الاتحاد الإنجليزي بالخسارة أمام وولفرهامبتون يوم الأربعاء الماضي.

ويحل وستهام يونايتد صاحب المركز الثامن برصيد 39 نقطة ضيفاً على إيفرتون صاحب المركز الخامس عشر برصيد 25 نقطة، والساعي بدوره لاستغلال عاملي الأرض والجمهور في العودة لسكة الانتصارات بعدما اكتفى بفوز وحيد في آخر 10 جولات. ويسعى إيفرتون أيضاً لتفادي الدخول في دوامة الهبوط، خصوصاً أن الفريق مخصوم من رصيده 6 نقاط لانتهاك لوائح اللعب المالي النظيف.

تن هاغ مدرب مانشستر يونايتد (أ.ب)

وفي مواجهة شرسة، يلعب نيوكاسل يونايتد ضد ضيفه وولفرهامبتون في مواجهة لفض الاشتباك بين صاحبي المركزين التاسع والعاشر، حيث يتفوق وولفرهامبتون برصيد 38 نقطة مستفيداً من صحوته بالفوز في آخر جولتين. أما نيوكاسل يونايتد فيملك 37 نقطة، وتذبذب أداؤه ونتائجه في الفترة الأخيرة، خصوصاً بعد الخسارة الثقيلة أمام آرسنال بنتيجة 1-4 في الجولة الماضية، ما أثار الشكوك حول مستقبل المدرب إيدي هاو.

وبمعنويات مرتفعة نسبياً، يحل تشيلسي صاحب المركز الحادي عشر برصيد 35 نقطة ضيفاً على برينتفورد القابع في المركز السادس عشر برصيد 25 نقطة. ورغم الإنفاق الضخم على الصفقات في الصيف الماضي، خيّب تشيلسي بقيادة مدربه الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو الآمال وابتعد كثيراً عن دائرة المنافسة، مبرراً ذلك بأنه يبني فريقاً جديداً بحاجة لوقت للانسجام وتحقيق النتائج المطلوبة.

وفي الجولة الماضية، انتزع تشيلسي نقطة ثمينة بالتعادل في معقل مانشستر سيتي، حامل اللقب، في مباراة كاد خلالها الفريق اللندني أن يخرج بنقاط الفوز لولا الفرص السهلة التي أضاعها مهاجماه نيكولاس جاكسون ورحيم سترلينغ. وتجاوز تشيلسي كبوة الخسارة أمام ليفربول في نهائي كأس رابطة المحترفين الإنجليزي بفوز صعب على ليدز يونايتد 3-2 في اللحظات الأخيرة ليتأهل لدور الثمانية في كأس الاتحاد الإنجليزي.

وتقام (الأحد) مباراتان، حيث يلعب مانشستر سيتي ضد ضيفه وجاره مانشستر يونايتد في ديربي المدينة، بينما يلعب بيرنلي ضد بورنموث في مواجهة أقل بريقاً. ويسعى جوسيب غوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي لتأكيد تفوقه على نظيره إيريك تن هاغ مدرب مانشستر يونايتد للمباراة الثالثة على التوالي، بعدما هزمه بنتيجة 2-1 في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي بالموسم الماضي، قبل أن يفوز المدرب الإسباني مجدداً بثلاثية نظيفة في مباراة الدور الأول من الموسم الجاري.

غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (رويترز)

ويريد غوارديولا أيضاً تفادي أي تعثر أو فقدان للنقاط قبل أن يحل ضيفاً على ليفربول في ملعب «أنفيلد» الأسبوع المقبل، بعد أن يخوض (سيتي) اختباراً مختلفاً أمام كوبنهاغن الدنماركي في إياب دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا. من جانبه، يريد تن هاغ، مدرب مانشستر يونايتد، تجاوز كبوة الخسارة أمام فولهام في الجولة الماضية التي تراجعت بالفريق للمركز السادس برصيد 44 نقطة وكسرت سلسلة 4 انتصارات متتالية. وقبل «الديربي» تجاوز تن هاغ ولاعبوه اختباراً صعباً بالفوز على نوتنغهام فورست بهدف في الدقائق الأخيرة ليتأهل «الشياطين الحمر» لدور الثمانية في كأس الاتحاد الإنجليزي يوم الأربعاء الماضي. ويعلم تن هاغ أنه سيكون في مهمة صعبة لإيقاف خطورة أسلحة مانشستر سيتي مثل محاور صناعة اللعب رودري وكيفن دي بروين وبرناردو سيلفا والرباعي الهجومي جيريمي دوكو وجوليان ألفاريز وإرلينغ هالاند وفيل فودين. ويملك هالاند حاسة تهديفية لافتة أمام يونايتد، إذ هزّ شباك «الشياطين الحمر» 5 مرات في آخر 4 مواجهات.

وتختتم منافسات الجولة بلقاء بين آرسنال ثالث الترتيب برصيد 58 نقطة ضد مضيفه شيفيلد يونايتد متذيل الترتيب برصيد 20 نقطة، بعدما اكتفى بتعادلين وفوز وحيد في آخر 10 جولات. ويأمل ميكيل أرتيتا المدير الفني لآرسنال الذي يملك ثاني أقوى خط هجوم في الدوري الإنجليزي هذا الموسم (62 هدفاً) أن يستغل الفوارق الفنية الكبيرة في تحقيق فوز سابع على التوالي قد يمنحه صدارة الترتيب في لعبة الكراسي الموسيقية مع ليفربول ومانشستر سيتي في الجولات الأخيرة.

*عنوان فرعي*


مقالات ذات صلة

جولة مانشستر سيتي: نجوم واعدون وفرصة لغريليش للتألق

رياضة عالمية رأسية هالاند في طريقها لهز شباك سلتيك في اللقاء الودي (أ.ف.ب)

جولة مانشستر سيتي: نجوم واعدون وفرصة لغريليش للتألق

بعد استبعاده من قائمة المنتخب الإنجليزي في نهائيات «يورو 2024»، يعلم غريليش أنه سيواجه تحدياً كبيراً هذا الموسم

رياضة عالمية إدي نكيتياه لاعب آرسنال... مطلوب من قبل روبرتو دي زيربي في مرسيليا (أ.ف.ب)

أرتيتا يسعى لتأهيل ساكا ورايس نفسياً بعد أحزان «يورو 2024»

لم يكن هناك من هو أكثر سعادة من أرتيتا عندما تخلص ساكا أخيراً من لعنة ركلة الجزاء في «يورو 2024».

رياضة عالمية فودين يفشل في هز شباك منتخب إسبانيا ... مشهد تكرر كثيرا في "يورو 2024" (أ.ف.ب)

هل تحول فودين من لاعب استثنائي مع ناديه إلى لغز مع منتخب بلاده؟

جون بارنز لم يتمكن أبداً من الظهور مع المنتخب الإنجليزي بالمستوى الرائع نفسه الذي كان يقدمه مع ليفربول.

رياضة عالمية إيفرتون مازال خاضعا لملكية فرهاد موشيري (غيتي)

بعد فشل صفقة الاستحواذ... مستقبل إيفرتون إلى أين؟

التراجع عن عملية الاستحواذ على إيفرتون لا يعني حدوث اضطرابات فورية... لكن عملية البيع معقدة للغاية.

رياضة عالمية إنزو ماريسكا (د.ب.أ)

مدرب تشيلسي: لن تحدث مشكلات عند عودة إنزو

يتوقع إنزو ماريسكا، المدير الفني الجديد لفريق تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم، عدم حدوث مشكلات بين اللاعبين عندما يعود إنزو فرنانديز إلى الفريق الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن )

باريس توقد شعلتها الأولمبية بمشاهد تاريخية وعروض أسطورية

جسر نهر السين تلون بأدخنة العالم الفرنسي (أ.ب)
جسر نهر السين تلون بأدخنة العالم الفرنسي (أ.ب)
TT

باريس توقد شعلتها الأولمبية بمشاهد تاريخية وعروض أسطورية

جسر نهر السين تلون بأدخنة العالم الفرنسي (أ.ب)
جسر نهر السين تلون بأدخنة العالم الفرنسي (أ.ب)

أوقدت باريس شعلتها الأولمبية، وسط افتتاح مذهل دُشّن بمقطع فيديو للكوميدي من أصول مغربية جمال دبوز، ولاعب كرة القدم السابق زين الدين زيدان «من أصول جزائرية» في استاد «دو فرانس»، قبل العرض غير المسبوق على نهر السين، بمشاركة 6 آلاف و800 رياضي، أمام معالم تاريخية في العاصمة الفرنسية.

وللمرة الأولى يُقام حفل الافتتاح خارج الملعب الرئيسي، يشاهده 320 ألف متفرج من مدرجات بُنيت خصوصاً للحفل على ضفاف النهر، ونحو 200 ألف من على شرفات المباني المجاورة.

وعَبَر أول قارب يقلّ البعثة اليونانية جسر «أوسترليتز» في باريس، ليُطلق موكب الوفود على نهر السين، في بداية حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، الجمعة، في باريس.

بعثة اللاجئين تشارك للمرة الثالثة في الألعاب الأولمبية (رويترز)

وانفتح جدار من المياه المتدفقة تحت الجسر؛ ما أتاح مرور قارب البعثة اليونانية، كما تقضي التقاليد بوصف اليونان مهد الحركة الأولمبية الحديثة، وهو الأول من بين 85 قارباً يجب أن تنقل 6 آلاف و800 رياضي إلى تروكاديرو.

وحملت نجمة التايكوندو دنيا أبو طالب علم البعثة السعودية، التي ظهرت على متن قرب، وارتدى أفرادها الزي التاريخي (البشت والشماغ والعقال)، في حين ارتدت الرياضيات زياً نسائياً تراثياً (جلابية وطرحة على الرأس)، ورفرف جميعهم بالأعلام السعودية.

ومرت الساعات والدقائق ببطء شديد، بعد ظهر الجمعة بانتظار انطلاق الحفل الافتتاحي للأولمبياد الـ33 للعصر الحديث في باريس، التي تحوّلت إلى قلعة حصينة يصعب على المواطن العادي التنقل داخلها ما لم يكن حاصلاً على «الخاتم السحري»، الذي يُطلب منه عند كل مفترق طرق أو عند أي جسر على نهر السين.

الرئيس الفرنسي ماكرون يصافح باخ رئيس الأولمبية الدولية قبل انطلاق الحفل (رويترز)

الحكومة الفرنسية بدت قلقة وهي تضع نصب عينيها توفير الأمن المطلق للملوك ورؤساء الدول والحكومات والوزراء ورؤساء المنظمات الدولية والإقليمية، الذين أمّوا باريس؛ للمشاركة في أضخم حدث أولمبي تشهده العاصمة الفرنسية، الذي تريده الأجمل والأكثر إثارة في تاريخ الأولمبياد. كوكبة ضخمة تزيد على 120 مسؤولاً كبيراً كانوا على موعد مع «عاصمة النور» التي عبّأت أجهزتها الأمنية بشكل مطلق، إذ يصل إلى 90 ألف رجل أمن عام وخاص وأفراد من الجيش، بل استعانت بعناصر أجنبية من 60 دولة؛ لتوفير أفضل تغطية أمنية، ولسد المنافذ كافّة التي يمكن أن تؤثر في المسار الصحيح للاحتفال.

أولمبياد باريس: الاستثناء

سمعة فرنسا كانت في الميزان. ولأن باريس عرفت في السنوات والأشهر الأخيرة حراكاً اجتماعياً أو أحداثاً أمنية لها علاقة بالإرهاب، ولأن أولمبيادها يجري في ظل توترات جيوسياسية وحربين مشتعلتين، الأولى في أوكرانيا منذ فبراير (شباط) 2022، والثانية في غزة منذ عشرة أشهر، فإن المخاوف كانت أن تنعكس هذه الحالة على الحفل الافتتاحي، ولكن أيضاً على الفعاليات الرياضية التي ستُجرى في العاصمة وفي عديد من المدن الأخرى. ومنذ ما قبل حصوله، برز غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لم يُدع إلى الاحتفال «عقاباً» له على حربه على أوكرانيا.

الفنانة ليدي غاغا خلال فقرتها الغنائية (رويترز)

كذلك تقلّصت البعثة الرياضية الروسية إلى 15 فرداً مُنعوا من حمل علم بلادهم، وسُمح لهم بالمشاركة بصفتهم الفردية، في حين كانت البعثة الروسية في المناسبات السابقة من الأكبر (أكثر من 300 رياضي). وكما غاب بوتين، غاب أيضاً الرئيس الصيني شي جينبينغ، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، والرئيس البرازيلي إيناسيو لولا دا سيلفا... كذلك، فإن حرب غزة كانت حاضرة من خلال الدعوة إلى منع مشاركة الوفد الإسرائيلي في الحفل الافتتاحي، بل في الفعاليات الرياضية.

ولأن اللجنة الأولمبية المسؤولة عن الدعوات رفضت الاستجابة إلى هذا الطلب، فقد اتُّهمت بـ«ازدواجية المعايير».

وخلال مباراة كرة القدم، التي تواجه خلالها الفريقان المالي والإسرائيلي، في ملعب «بارك دي برانس» في باريس، رُفعت الأعلام الفلسطينية وسُمعت أهازيج فلسطينية وصفير وتنديد بالفريق الإسرائيلي. ومن بين البعثات الرياضية كافّة، فإن البعثة الإسرائيلية تحظى بأكبر حماية بوليسية، إن في موضع سكنها أو خلال تنقلاتها ومشاركاتها الرياضية. وسارع رئيسا الجمهورية والحكومة ووزير الداخلية إلى الترحيب بالمشاركة الإسرائيلية وإلى التنديد بدعوة المقاطعة، في حين سارعت الهيئات القريبة من إسرائيل إلى التذكير بما حصل للفريق الرياضي الإسرائيلي خلال ألعاب ميونيخ في عام 1974.

البعثة السعودية لدى مرورها أمام المتفرجين وضيوف الحفل (أ.ف.ب)

المفاجأة الأولى

أرادت باريس، من خلال أولمبيادها، أن تدهش العالم... هذا ما دأب مسؤولوها على ترداده يوماً بعد يوم. ولذا، رُصد للأولمبياد ما يقارب سبعة مليارات يورو للإنشاءات الأولمبية ولتجميل العاصمة.

ولم يكن اختيار مجرى نهر السين، الذي يقسّم باريس إلى قسمين «شمال وجنوب» للحفل الافتتاحي إلا لغرض إبراز الانقطاع عما عرفته الأولمبيادات السابقة، خصوصاً من أجل إبراز الإرث التاريخي العمراني والحضاري والمعماري للعاصمة التي نشأت على ضفتي النهر. ذلك أن التطواف في نهر السين لـ94 مركباً، التي حملت جانباً كبيراً من أفراد 204 بعثات أولمبية (ما يقارب 8 آلاف و500 شخص)، لمسافة نهرية تزيد على ستة كلم؛ دفع إلى الواجهة أبرز المحطات الباريسية، التي يتعيّن على كل زائر للمدينة أن يعرفها؛ أكان ذلك «كاتدرائية نوتردام»، ومبنى «بلدية باريس»، وصولاً إلى جزيرتي «سان لويس»، و«لا سيتيه»، و«جسر الفنون» (لو بون دي زار أو جسر العشاق)، ومتحف «اللوفر»، وقصر «التويليري»، وامتداداً إلى مبنى «الجمعية الوطنية»، وقصر «كي دورسيه» (وزارة الخارجية)، فضلاً عن «متحف أورسي» وبرج إيفل. وانتهى المسار تحت أقدام ساحة تروكاديرو الشهيرة وحديقتها المطلة مباشرة على نهر السين؛ إذ كانت الوفود الرسمية التي تقدمها الرئيس إيمانويل ماكرون.

ويمكن اعتبار المشاهدين الـ320 ألفاً الذين توفّرت لهم الفرصة لمشاهدة التطواف مباشرة من مقاعدهم على ضفتي نهر السين من المحظوظين. بيد أنهم لم يكونوا وحدهم مَن تمتع بهذه المشاهد؛ إذ إن الاحتفالية نُقلت مباشرة على شاشات التلفزة في العالم كله، إذ قُدّر أن هناك ما بين مليار ومليار ونصف المليار مشاهد تابعوا التطواف في نهر السين، وما رافقه من أنشطة وفعاليات فنية وموسيقية ولوحات راقصة، قدّمها ما لا يقل عن 3 آلاف فنان وراقص وموسيقي، وبمشاركة أسماء عالمية دُعيت خصوصاً إلى هذه المناسبة.

ماكرون: كل شيء جاهز

قبل الموعد الحاسم، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مقطع مصور نشره على موقع «إكس» للتواصل الاجتماعي: «كل شيء جاهز»، مشيراً بشكل خاص إلى الإجراءات الاستثنائية التي عمدت الأجهزة المعنية إلى اتخاذها. وأكد وزير الداخلية «المستقيل» جيرالد دارمانان، من جانبه، أن الاستعدادات قد تمت، وأنه لا يوجد أي «تهديد محدد» لحفل الافتتاح أو المنافسات.

وفي هذا السياق، لجأت السلطات، في إطار عملية أمنية واسعة النطاق، إلى الصلاحيات التي أقرها قانون مكافحة الإرهاب، ووضعت 155 شخصاً قيد إجراءات المراقبة الصارمة التي تحد من تحركاتهم كثيراً.

كذلك عمدت إلى تجميع الأشخاص الذين يفترشون الشوارع والساحات وأخرجتهم من العاصمة إلى مراكز خارجها، في حين فرضت داخل باريس، خصوصاً في المناطق القريبة من مجرى السين والساحات الرئيسية، مثل: «التروكاديرو» و«الكونكورد» و«الأنفاليد»؛ تدابير استثنائية، إن للمشاة خصوصاً السيارات. ولكن على الرغم من ذلك، جاءت مفاجأة من العيار الثقيل لتذكّر المسؤولين أن سد الثغرات كافّة ليس بالعمل السهل.

وقد برز ذلك مع الأعمال التخريبية، التي ضربت صبيحة يوم الجمعة شبكة القطارات السريعة من خلال إشعال مجموعة حرائق استهدفت صناديق الإشارة التي تتحكم بسير القطارات.

وسارع المسؤولون الرسميون وممثلو الأحزاب السياسية بمختلف مشاربها إلى التنديد بالعمل التخريبي، وعمدت النيابة العامة إلى فتح تحقيق قضائي لاستجلاء ظروف ما حدث. ووصف رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال الهجمات بأنها «أعمال تخريب منسّقة».

وغرّد عبر منصة «إكس»، قائلاً إن آثار الهجوم على شبكة السكك الحديدية في يوم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية ضخمة وحادة. وأضاف: «تمّت تعبئة أجهزة المخابرات ووكالات إنفاذ القانون، للعثور على الجناة في هذه الأعمال الإجرامية ومعاقبتهم». وقال دارمانان إن الأعمال التخريبية «ليست لها نتائج مباشرة على الحفل الافتتاحي ولا على الفعاليات الرياضية»، مشيراً، في المقابل، إلى أن هناك أكثر من 50 ألف رجل أمن، بالإضافة إلى العسكريين الذين يسهرون على سلامة الافتتاح.

وقال ديفيد لابارتيان، رئيس اللجنة الأولمبية الفرنسية، إن الرياضيين المشاركين في الفعاليات وصلوا جميعهم إلى مواقعهم. وحتى عصر الجمعة، رفض أي مسؤول فرنسي توجيه أصابع الاتهام إلى أي جهة، والدعوة إلى انتظار نتائج التحقيق الذي بدأته الأجهزة الأمنية. بيد أن مصادر أخرى أشارت إلى احتمال ضلوع مجموعات يسارية متشددة أو أخرى بيئوية متطرفة في الأعمال التخريبية التي أضرّت بما لا يقل عن 800 ألف مسافر، بينهم الأكثرية الساحقة التي كانت تتحضّر للذهاب إلى المنتجعات في إطار العطلة الصيفية. واعترف المسؤولون عن الشبكة بعجزهم عن حماية 30 ألف كلم من الخطوط الحديدية.

قناصة فوق الأسطح... وغطاسون في مياه السين

منذ ما بعد الظهر، كانت شبكة الأمان قد انتشرت تماماً في منطقة التطواف النهري. والصعوبة الأولى، وفق المصادر الأمنية، كانت تكمن في تأمين الحماية لمسافة 12 كلم على ضفتي نهر السين، إن من خلال تفتيش المنازل والأقبية والأبنية القائمة على جانبي النهر، أو التعرّف إلى هويات الأشخاص الذين يسكنون في شققها. فضلاً عن ذلك، كان على الأجهزة أن تنشر قناصتها على أسطح البنايات لتدارك أي عملية إطلاق نار على الوفود الرسمية، كما حصل في إطلاق النار على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، في مناسبة مهرجان انتخابي. واستبقت الأجهزة الأمنية بداية التطواف النهري بعملية تفتيش واسعة ودقيقة، أسهمت فيها الكلاب البوليسية للمراكب التي شاركت في الافتتاح، والتي حملت أفراد البعثات الرياضية. بيد أن الهم الأكبر الآخر تمثّل في توفير الحماية الجوية للافتتاح. ولذا، مُنع تحليق أي طائرة في دائرة قطرها 150 كلم حول العاصمة؛ ما شلّ حركة الطيران في مطاري باريس الرئيسيين: «رواسي شارل ديغول» في شمال العاصمة، و«أورلي» جنوبها.

ووُضع الطيران الحربي في حالة تأهب لإسقاط أي طائرة أو مروحية تنتهك الإجراءات المشار إليها.

إلا أن للقلق مصدراً آخر هو المسيرات. لذا، فقد تم إيجاد مركز تنسيق لمواجهتها في قاعدة «فيلاكوبليه» الجوية الواقعة جنوب العاصمة ومهمته القضاء، بكل الوسائل المتاحة، على أي تهديد يمكن أن تشكّله أي مسيرة أكانت مثلاً حاملة لعلم من الأعلام أو أن تكون مفخخة. وعُلم أن مجموعة كبيرة من القناصة الذين تقوم مهمتهم على إسقاط هذه المسيّرات سيتم نشرهم إلى جانب وسائل الدفاع الجوي التقليدية.

التطلّع إلى السماء

ليس سراً أن باريس تسعى دوماً، في كل ما تفعله، إلى أن تكون متميزة. ولأنها انتظرت مائة عام لتنظم الأولمبياد الصيفي، فإنها أرادت الحدث انعكاساً لتميّزها وفرادتها. من هنا، أهمية الاستثنائية التي أُفردت للجوانب الجمالية والفنية، الأمر الذي برز في اللوحات الاستعراضية، بداية مع المراكب التي مخرت نهر السين، وما رافقها من أنشطة فنية، وأخيراً في الحفل الغنائي والألعاب النارية التي اختتم بها الحفل الافتتاحي. كما استمتع المشاهدون بلوحات فنية أداها فنانون من على أسطح عدة أبنية تطل على مجرى السين أو على نوافذ بعض الشقق. بيد أن العديد من هذه الأنشطة كانت رهن حالة الطقس المتأرجحة بين الماطرة والغائمة. ووفق تخطيط مصممي الاحتفال، فإن الغرض من بدء الاحتفال في الساعة السابعة والنصف بتوقيت باريس (أي قبل غياب الشمس)، وانتهائه قبل منتصف الليل، كان الجمع بين الليل والنهار في حركة انسيابية وانسجامية ذات أبعاد فنية كثيرة.