ما الذي حدث للجيل الذهبي لكرة القدم الأميركية؟

قائمة «الغارديان» لأفضل 100 لا يوجد فيها أي لاعب من الولايات المتحدة رغم النقلة النوعية التي تشهدها المسابقة هناك

 بوليسيتش يعد النجم الأبرز بين الاميركان في هذا الجيل لكن مسيرته تعثرت في تشيلسي لينتقل الى ميلان (اب)
بوليسيتش يعد النجم الأبرز بين الاميركان في هذا الجيل لكن مسيرته تعثرت في تشيلسي لينتقل الى ميلان (اب)
TT

ما الذي حدث للجيل الذهبي لكرة القدم الأميركية؟

 بوليسيتش يعد النجم الأبرز بين الاميركان في هذا الجيل لكن مسيرته تعثرت في تشيلسي لينتقل الى ميلان (اب)
بوليسيتش يعد النجم الأبرز بين الاميركان في هذا الجيل لكن مسيرته تعثرت في تشيلسي لينتقل الى ميلان (اب)

هناك 32 جنسية مختلفة مُمثلة في قائمة «الغارديان» لأفضل 100 لاعب كرة قدم في العالم لعام 2023. ويحتل المركز الأول لاعب من النرويج - دولة يبلغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة فقط - والتي يمثلها لاعب آخر أيضاً ضمن أفضل 20 لاعباً في القائمة. وفي قائمة أفضل 100 لاعب في العالم، هناك لاعبان من جورجيا وغينيا، وحتى كندا، لكن لا يوجد بها أي لاعب أميركي!

في الحقيقة، لم يكن هذا الأمر مفاجئاً. صحيح أن كثيراً من لاعبي كرة القدم الأميركيين تألقوا في أعلى المستويات، وما زالوا يفعلون ذلك، لكن الولايات المتحدة لم تنتج نجماً حقيقياً في هذه الرياضة أبداً، ولا تزال تنتظر ظهور مثل هذا النجم. وفي الوقت الحالي، فإن أكبر نجم كرة قدم في البلاد هو النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي! لكن لماذا لا تضم قائمة أفضل 100 لاعب في العالم لاعباً واحداً من الولايات المتحدة؟

كان من المفترض أن يكون هذا جيلاً ذهبياً لكرة القدم الأميركية. وإذا كان فشل المنتخب الأميركي في التأهل لكأس العالم 2018 يمثل أدنى مستوى في العصر الحديث لكرة القدم في البلاد، فقد كانت هناك آمال عريضة على أن يعود المنتخب الأميركي إلى المسار الصحيح بفضل جيل جديد يضم كوكبة من أفضل اللاعبين في تاريخ كرة القدم الأميركية.

وكان من المفترض أن يكون كريستيان بوليسيتش هو النجم الأبرز في هذا الجيل. وعلى الرغم من أن اللاعب البالغ من العمر 25 عاماً يلعب بالتأكيد على مستوى عالٍ مع ميلان، أحد أكبر الأندية الإيطالية، فإن مسيرته الكروية لم تكتمل بالطريقة المتوقعة عندما انضم إلى تشيلسي في صفقة قيمتها 64 مليون يورو جعلته أغلى لاعب كرة قدم أميركي في التاريخ. ووصفت مارينا غرانوفسكايا، مديرة تشيلسي، اللاعب البالغ من العمر 20 عاماً آنذاك، بأنه «أحد أكثر اللاعبين الشباب المطلوبين في أوروبا». وفي الحقيقة، لم تكن غرانوفسكايا تبالغ على الإطلاق في ذلك.

احتل بوليسيتش المركز 77 في قائمة «الغارديان» لأفضل 100 لاعب في العالم لعام 2017. وفي عام 2018، تراجع إلى المركز 246، مع العلم بأن 3 أشخاص فقط من أصل 2018 شخصاً في لجنة التصويت اختاروا بوليسيتش ضمن قائمة أفضل 40 لاعباً. وفي هذه المرحلة، لم يصل بوليسيتش إلى قائمة أفضل 100 لاعب منذ 5 سنوات!

ومع ذلك، فقد تأثر بوليسيتش كثيراً بالإصابات التي تعرض لها، فضلاً عن التخبط الإداري في تشيلسي، والتعاقد مع المدير الفني الألماني توماس توخيل، الذي كان يعتمد على نظام ليس به مكان للجناح الأميركي. لم يكن هناك أي شك في القدرات والإمكانات والموهبة الكبيرة لبوليسيتش، لكن تشيلسي لم يكن أبداً البيئة المناسبة لتطور النجم الأميركي بالشكل المطلوب. ويمكن القول إن تشيلسي لم يستغل بوليسيتش أبداً بالطريقة المطلوبة.

وينطبق الأمر نفسه إلى حد ما على سيرجينيو ديست، اللاعب الأميركي الدولي المولود في هولندا والذي انضم إلى برشلونة قادماً من أياكس في عام 2020 كواحد من أفضل اللاعبين في مركز الظهير الأيمن بالعالم. تعاقد برشلونة مع ديست بناء على طلب من المدير الفني السابق رونالد كومان، وانتهى الأمر بأن لعب ديست تحت قيادة 3 مدربين مختلفين في عامه الأول في ملعب «كامب نو»، وفشل في تلبية متطلبات تشافي هيرنانديز، الذي سرعان ما استبعده من التشكيلة الأساسية لبرشلونة. والآن، يلعب ديست على سبيل الإعارة مع نادي بي إس في آيندهوفن، ويعيد إحياء مسيرته الكروية في هولندا، حيث أصبح الآن ركيزة أساسية في صفوف الفريق الذي يتصدر جدول ترتيب الدوري الهولندي الممتاز.

ديست ترك برشلونة ليحيي مسيرته في ايندهوفن (ا ب ا)

كان جيو رينا لاعباً صاعداً مميزاً في كرة القدم الأميركية ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه سيصل إلى القمة قريباً، لكن الإصابات حرمته من حجز مكان له في التشكيلة الأساسية لبوروسيا دورتموند بشكل منتظم. لا يزال رينا يبلغ من العمر 21 عاماً فقط، وبالتالي لا يزال بإمكانه الظهور في قائمة أفضل 100 لاعب وفق اختيارات صحيفة «الغارديان» في وقت ما بالمستقبل، لكن المسار الذي تتخذه مسيرته الكروية حتى الآن يشبه مسار كثير من اللاعبين الأميركي بين الذين لم ينجحوا أبداً في الارتقاء إلى مستوى التوقعات على مستوى النخبة.

ويُلقي البعض باللوم على القاعدة الشعبية لكرة القدم الأميركية في هذا الأمر، فنظام «الدفع مقابل اللعب» في مراحل الناشئين بالبلاد غالباً ما يعطي الأولوية للربح على حساب تطوير اللاعبين، وقد يفتح الباب أمام الأجانب الذين قد لا يهتمون بمصلحة الرياضة في الولايات المتحدة الأميركية - برشلونة ويوفنتوس لديهما أكاديميات للناشئين في الولايات المتحدة يبدو الهدف الأساسي منها هو تحقيق الأرباح وليس إنتاج المواهب الحقيقية لكرة القدم الأميركية.

ويرى آخرون أن السبب الرئيسي وراء هذه المشكلة يعود إلى عدم النضج النسبي لثقافة كرة القدم الأميركية، فعمر الدوري الأميركي لكرة القدم بأكمله 27 عاماً فقط. وقبل عام 1990، لم يشارك المنتخب الأميركي في كأس العالم لمدة 40 عاماً. ولا يُنظر إلى كرة القدم ككل من خلال المنظور السائد لباقي الرياضات الأميركية الأخرى. ومن الناحية الثقافية، فإن دولاً أخرى - حتى الأصغر منها - تتقدم على الولايات المتحدة بعقود من الزمن.

ومع ذلك، تفتخر الولايات المتحدة بأن عدد لاعبي كرة القدم الشباب المسجلين لديها يفوق أي دولة أخرى في العالم. وتظهر الدراسات باستمرار أن الاهتمام بكرة القدم في الولايات المتحدة قد وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق - استطلاع أجرته مؤسسة «غالوب» في عام 2019 يظهر أن 31 في المائة من الأميركيين يصفون أنفسهم بأنهم من مشجعي كرة القدم. وتم تصنيف المنتخب الأميركي لكرة القدم في المرتبة 11 على مستوى العالم، وفقاً للاتحاد الدولي لكرة القدم - متقدماً بفارق كبير عن النرويج وجورجيا وغينيا وكندا. ويضم المنتخب الأميركي للسيدات كثيراً من النجمات العالميات (11 من أفضل 100 لاعبة كرة قدم، وفق تصويت صحيفة «الغارديان» لعام 2022، من الولايات المتحدة).

ويلعب نجوم المنتخب الأميركي لكرة القدم في جميع الدوريات الكبرى بأوروبا، ويتدربون تحت قيادة أفضل المديرين الفنيين في العالم - على النقيض من أبرز نجمات المنتخب الأميركي للسيدات لكرة القدم اللائي يعانين من الانعزال. ويواصل المنتخب الأميركي للسيدات إنتاج المواهب على المستوى العالمي، على الرغم من الدعوات الموجهة للاعبات بضرورة الانتقال إلى أكبر الأندية في أوروبا لإعادة المنتخب الوطني إلى المسار الصحيح.

قد يكون من الصعب تحديد السبب الدقيق وراء الصعوبة التي تواجهها الولايات المتحدة لإنتاج لاعب من بين أفضل اللاعبين في العالم، وهو ما يؤدي غالباً إلى ظهور آراء مثل الرأي السائد والمتكرر بأن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على المنافسة على المستوى العالمي إلا عندما يمارس أفضل الرياضيين لديها كرة القدم، وليس الرياضات الأخرى مثل كرة السلة وكرة القدم الأميركية. ولو كانت اللياقة البدنية هي العامل الحاسم في لعبة كرة القدم، فإن لاعباً مثل أداما تراوري كان سيحصل على كرات ذهبية أكثر من ليونيل ميسي!

ستكون السنوات القليلة المقبلة فترة محورية لكرة القدم في الولايات المتحدة، لأنها ستستضيف نهائيات كأس العالم 2026، كما ستستضيف بطولة «كوبا أميركا» هذا الصيف، وكأس العالم للأندية الموسعة في عام 2025، ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية في 2028. وإذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تصبح يوماً ما قوة عظمى حقيقية في هذه الرياضة، فهذا هو الوقت المناسب لتحقيق ذلك. ومع ذلك، سوف يستغرق الأمر جيلاً أو جيلين حتى يصبح ذلك أمراً دائماً وواضحاً، خصوصاً فيما يتعلق بإنتاج المواهب.

ربما يرجع عدم تمثيل الولايات المتحدة في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم إلى سوء الحظ والتوقيت المؤسف، فهل كان بوليسيتش سينضم إلى هذه القائمة لو فضل الانتقال إلى ليفربول على تشيلسي وابتعدت عنه الإصابات؟ ربما يكون ذلك صحيحاً! وهل هناك فرصة لفولارين بالوغون، في ضوء تألقه الحالي، لكي ينضم إلى القائمة خلال السنوات القليلة المقبلة؟ ربما يحدث ذلك. لكن في نهاية المطاف، ربما تنتظر الولايات المتحدة بعض الوقت حتى يصبح لديها لاعب مثل ميسي أو إيرلينغ هالاند!

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

عودة موسيالا وخماسية بوخوم يحفزان بايرن في كأس ألمانيا

رياضة عالمية كونراد لايمر (رويترز)

عودة موسيالا وخماسية بوخوم يحفزان بايرن في كأس ألمانيا

يتطلع بايرن ميونيخ للاستفادة من فوزه العريض على بوخوم بنتيجة 5 - صفر في الدوري الألماني لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (برلين )
رياضة عالمية يخوض نابولي المتصدر اختباره الجِدّي الثاني بمواجهة مضيفه ميلان (د.ب.أ)

«الدوري الإيطالي»: نابولي في اختبار جِدّي جديد أمام ميلان

يخوض نابولي المتصدر اختباره الجِدّي الثاني بمواجهة مضيفه ميلان، الثلاثاء، في افتتاح المرحلة العاشرة من الدوري الإيطالي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية تن هاغ أقيل من منصبه بعد موسمين ونصف الموسم (رويترز)

إقالة تِن هاغ من تدريب مانشستر يونايتد

أعلن نادي مانشستر يونايتد، اليوم الاثنين، إقالة مديره الفني إيريك تن هاغ من منصبه، حيث يحتل فريق «أولد ترافورد» المركز الرابع عشر في ترتيب الدوري.

The Athletic (مانشستر (إنجلترا))
رياضة عالمية سلوت وصلاح عقب مباراة آرسنال (رويترز)

سلوت: جودة صلاح صنعت الفارق لليفربول

قال أرنه سلوت مدرب ليفربول إن اللاعبين المتميزين مثل محمد صلاح يشكلون عنصراً حاسماً في المباريات الكبرى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مارتينيز ولحظة حسرة على التفريط بالنقاط (رويترز)

مارتينيز متأسفاً على الخسارة: كرهت مباراة ويستهام

أعرب ليساندرو مارتينيز، قلب دفاع مانشستر يونايتد، عن شعوره بالإحباط بعد خسارة فريقه 2-1 أمام مضيفه ويستهام يونايتد

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

سينر يتربع على قمة التصنيف العالمي للتنس للأسبوع الـ21 توالياً

يانيك سينر (أ.ف.ب)
يانيك سينر (أ.ف.ب)
TT

سينر يتربع على قمة التصنيف العالمي للتنس للأسبوع الـ21 توالياً

يانيك سينر (أ.ف.ب)
يانيك سينر (أ.ف.ب)

واصل نجم التنس الإيطالي يانيك سينر التربع على عرش التصنيف العالمي للاعبين المحترفين للأسبوع الحادي والعشرين على التوالي.

ويعتلي سينر التصنيف برصيد 11420 نقطة ليضمن البقاء على الصدارة لنهاية الموسم الحالي لتفوقه بفارق كبير عن الإسباني كارلوس ألكاراز صاحب المركز الثاني 7120 نقطة، والألماني ألكسندر زفيريف صاحب المركز الثالث 6805 نقاط.

ولم تشهد باقي قائمة العشرة الأوائل أي تغيير، حيث يوجد الصربي المخضرم نوفاك ديوكوفيتش في المركز الرابع 6210 نقاط، خلفه الروسي دانييل ميدفيديف 5230 نقطة، ثم الأميركي تايلور فريتز في المركز السادس 4335 نقطة، والروسي أندريه روبليف سابعاً بـ4070 نقطة، والنرويجي كاسبر رود في المركز الثامن 3855 نقطة، والبلغاري جريجور ديمتروف في المركز التاسع 3740 نقطة، والأسترالي أليكس دي مينور بالمركز العاشر 3725 نقطة.

وتقدم البريطاني جاك دريبر ثلاث خطوات للأمام ليصل إلى المركز الـ15 بفضل تتويجه ببطولة فيينا المفتوحة (فئة 500 نقطة)، كما تحرك وصيفه الروسي كاران خاشانوف ثلاثة مراكز ليصل إلى المرتبة الـ21 في التصنيف العالمي.

بينما قفز الفرنسي جيوفاني بيريكارد 19 خطوة ليصل إلى المركز الـ31 بعد فوزه ببطولة بازل، وتحرك وصيفه الأميركي بين شيلتون للمركز الـ19 متقدماً أربعة مراكز عن التصنيف الماضي.