التراجع الأخير لنيوكاسل يجعل مستقبل إيدي هاو محفوفاً بالمخاطر

إلى أي مدى ساءت الأمور في نيوكاسل؟ لقد أصبح الفريق يحتل مركزا أدنى من مانشستر يونايتد في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الآن، وهو ما لا يمكن أن يكون علامة جيدة على الإطلاق، نظراً للمشكلات الكبيرة وحالة عدم الشك في ملعب «أولد ترافورد».

لقد خسر نيوكاسل ثماني مباريات من آخر 12 مباراة، وخرج من دوري أبطال أوروبا، وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة. وتعرض الفريق لصافرات الاستهجان بعد الخسارة على ملعبه الثلاثاء الماضي بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد أمام نوتنغهام فورست، الذي لم يفز خارج ملعبه سوى مرة واحدة فقط طوال الموسم! ربما لا يواجه نيوكاسل أزمة حقيقية في الوقت الحالي، لكن من الواضح أن بوادر الأزمة تلوح في الأفق الآن!

وتبدو المباريات الثلاث المقبلة مهمة للغاية، ففي الدوري يواجه نيوكاسل ليفربول خارج أرضه، ثم يستضيف مانشستر سيتي، وهما مواجهتان ستكونان صعبتين للغاية حتى لو كان نيوكاسل في أفضل حالاته. وبين هاتين المباراتين، وبالتحديد في أول يوم سبت من العام الجديد، يلعب نيوكاسل أمام سندرلاند خارج ملعبه في كأس الاتحاد الإنجليزي. على أي حال، فإن كأس الاتحاد الإنجليزي ستشكل معضلة لنيوكاسل، فالفريق يعطي الأولوية للدوري واحتلال أحد المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، لكن كأس الاتحاد هي الفرصة الوحيدة المتبقية للفريق للحصول على بطولة هذا الموسم، وهي الفرصة الوحيدة لإنهاء الابتعاد عن منصات التتويج منذ عام 1969.

لكن الأهم من ذلك بكثير هو أن مواجهة كأس الاتحاد الإنجليزي ستكون أمام سندرلاند، الغريم التقليدي على المستوى المحلي، والذي لم يلعب أمامه نيوكاسل منذ عام 2016 ولم يفز عليه منذ عام 2011. إنها مواجهة صعبة ومعقدة بالنسبة لنيوكاسل، لأنه حتى لو فاز بالمباراة، حتى ولو بشكل مريح، فإن هذا سيكون طبيعيا ومتوقعا لأن سندرلاند يلعب حاليا في دوري الدرجة الأولى ولم يتم تدعيمه بملايين الجنيهات.

لكن إذا خسر نيوكاسل، فسيتردد صدى هذه الخسارة عبر الأجيال. ربما يكون هذا أهم ديربي بين الفريقين منذ الدور نصف النهائي من ملحق دوري الدرجة الثانية في عام 1990، لكنه بالنسبة لنيوكاسل لا ينطوي على الكثير من الأشياء الإيجابية. وإذا خسر نيوكاسل هذه المواجهة فسيكون لذلك تأثير كبير على مستقبل المدير الفني إيدي هاو.

إيدي هاو مطالب بسرعة تحسين النتائج (رويترز)

وبصرف النظر عن تداعيات الهزيمة المحتملة، لا يستطيع هاو تحمل تبعات الاعتماد على تشكيلة من اللاعبين الاحتياطيين، لأن كل قرار سيتخذه هاو في هذه المواجهة سيتعرض لتحليل دقيق. لقد انتهت فترة رود خوليت كمدير فني لنيوكاسل بعد «ديربي المطر» الذي استبعد فيه آلان شيرار ودونكان فيرغسون من التشكيلة الأساسية (على الرغم من أن سندرلاند لم يتعادل إلا بعد نزول فيرغسون من على مقاعد البدلاء، ولم يحرز هدف الفوز إلا بعد مشاركة شيرار). فمن المعروف في مثل هذه المباريات الحساسة أنه يتم تضخيم كل شيء والمبالغة فيه.

من المفترض أن هاو يرغب في إراحة اللاعبين الأساسيين والدفع بعدد من اللاعبين الاحتياطيين في هذه المواجهة، خاصة أن فريقه يعاني من الإرهاق. وعلى الرغم من أن أزمة الإصابات بدأت تتراجع إلى حد ما، فإن الفريق لا يزال يفتقد خدمات سبعة لاعبين، بالإضافة إلى ساندرو تونالي الموقوف بسبب انتهاك قواعد المراهنات. لقد تراجع أداء قائد الفريق كيران تريبيير بعدما ظل يقدم مستويات ممتازة وثابتة لمدة عام أو نحو ذلك، وتسبب في استقبال الفريق لأهداف أمام إيفرتون وتوتنهام، وأمام تشيلسي في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة. ومع ذلك، لم يكن تريبيير هو الوحيد الذي تراجع مستواه، بل تراجع مستوى الفريق ككل وفي جميع المراكز.

ولأول مرة منذ تعيينه على رأس القيادة الفنية لنيوكاسل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، بدأ إيدي هاو يواجه بعض الشكوك حول مستقبله. لا يزال هاو يتمتع بشعبية كبيرة بين مشجعي نيوكاسل، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنه أعاد الفريق إلى المسار الصحيح بعد سنوات من التراجع تحت قيادة ستيف بروس. وعلى الرغم من إنفاق الكثير من الأموال على تدعيم صفوف الفريق منذ الاستحواذ السعودي على النادي، فإنه نجح في تطوير مستوى كثير من اللاعبين الذين كانوا موجودين بالفعل في النادي.

ربما لا يقدم الفريق كرة قدم ممتعة ومثيرة تحت قيادة هاو، لكن الفريق ظل لسنوات يقدم كرة قدم رائعة في منتصف التسعينات من القرن الماضي ولم يفز بأي بطولة! إن تعلم ما يمكن وصفه بـ«الفنون القذرة» لكرة القدم أثناء قضاء فترة معايشة مع المدير الفني لأتلتيكو مدريد، دييغو سيميوني، جعل هاو يلعب بطريقة برغماتية من أجل تحقيق النتائج التي يسعى إليها، دون النظر إلى تقديم كرة قدم ممتعة. وعلاوة على ذلك، نجح هاو في تحويل ملعب «سانت جيمس بارك» إلى معقل حصين للفريق يواجه فيه المنافسون صعوبات هائلة.

ربما يفسر هذا سبب استمرار الفريق في تحقيق نتائج جيدة في المباريات التي يخوضها على ملعبه هذا الموسم، على عكس المباريات التي يلعبها بالخارج. لقد خسر نيوكاسل بهدف دون رد أمام مانشستر سيتي في أول مباراة يلعبها خارج ملعبه هذا الموسم، ولم يتعاف منذ ذلك الحين. وجاء الفوز الوحيد الذي حققه الفريق خارج ملعبه في الدوري هذا الموسم أمام شيفيلد يونايتد (رغم أنه كان بنتيجة ثمانية أهداف دون رد).

وحتى في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما خسر أمام بورنموث، كان هناك شجار قوي بين مشجع غير راض عن أداء الفريق وتريبيير. وتكرر نفس الأمر أمام نوتنغهام فورست، حيث كان فريق نيوكاسل يعاني من الإرهاق بشكل واضح، وكان يجد صعوبة كبيرة في التعامل مع الانطلاقات السريعة في المساحات الواسعة. وعندما تقل قدرة الفريق على الضغط على المنافس، فإنه يفتقر إلى الإبداع في خط الوسط.

لا يوجد أي ضغط جماهيري على هاو حتى الآن، كما أن المُلاك السعوديين يتحلون بالصبر والعقلانية في اتخاذ قراراتهم. لكن إذا سارت الأمور بشكل سيئ خلال المباريات الثلاث المقبلة، فسوف يتساءلون عما إذا كان هاو هو حقا المدير الفني القادر على تحويل استثماراتهم إلى بطولات!

* خدمة «الغارديان»