أوناي إيمري أثبت قيمته الحقيقية حتى لو تراجع أستون فيلا في الترتيب

بعد الفترة غير السعيدة مع آرسنال نجح المدرب الإسباني في رد اعتباره بإنجلترا

لاعبو أستون فيلا وفرحة الفوز على مانشتر سيتي في الجولة الماضية وإزاحته إلى المركز الرابع (أ.ف.ب)
لاعبو أستون فيلا وفرحة الفوز على مانشتر سيتي في الجولة الماضية وإزاحته إلى المركز الرابع (أ.ف.ب)
TT

أوناي إيمري أثبت قيمته الحقيقية حتى لو تراجع أستون فيلا في الترتيب

لاعبو أستون فيلا وفرحة الفوز على مانشتر سيتي في الجولة الماضية وإزاحته إلى المركز الرابع (أ.ف.ب)
لاعبو أستون فيلا وفرحة الفوز على مانشتر سيتي في الجولة الماضية وإزاحته إلى المركز الرابع (أ.ف.ب)

من المؤكد أن بعض اللاعبين أفضل من غيرهم، وبعض المديرين الفنيين أفضل من غيرهم، لكن في كثير من الأحيان تكون مسألة تحقيق النجاح مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بوجود الشخص المناسب في الوظيفة المناسبة في الوقت المناسب. لقد مرت 4 سنوات على إقالة أوناي إيمري من تدريب آرسنال. وعندما عاد إلى إسبانيا، كان هناك شعور على نطاق واسع بأن أسلوبه في التدريب لم يكن مناسباً للعمل في الخارج، وأنه ربما كان من الأفضل له البقاء في إسبانيا.

في الحقيقة، لم يكن هذا الرأي غريباً على الإطلاق آنذاك، خصوصاً أن إيمري كان قد أقيل من تدريب سبارتاك موسكو الروسي في عام 2012، بعد الهزيمة بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد على أرضه أمام دينامو ليحتل فريقه المركز السابع في جدول ترتيب الدوري الروسي. ولم يحقق نجاحاً كبيراً خلال الفترة التي أمضاها في باريس سان جيرمان، وربما كان أبرز شيء فيها يتمثل في أنه قد طُلب منه تقطيع الكعكة بعد يومين من حفل عيد ميلاد نيمار الممتد - وهو ما كان يبدو مؤشراً واضحاً على أن الغرور والفردية والأنانية هي الصفات السائدة في الفريق، وهو الموقف الذي بلغ ذروته برحيله عن النادي الباريسي في عام 2018.

وكانت آخر نتيجة له في الدوري الإنجليزي قبل أن يقيله آرسنال في عام 2019، التعادل على أرضه أمام ساوثهامبتون بهدفين لكل فريق، بينما كان آرسنال يحتل المركز الثامن في جدول الترتيب بعدما حقق أربعة انتصارات فقط من أول 13 مباراة. ونظراً لنجاحه مع فالنسيا وإشبيلية ـ ولوركا ديبورتيفو وألميريا ـ والطبيعة الغريبة والمحيرة لمؤتمراته الصحافية، فقد بدا من الطبيعي أن يتصور الكثيرون أن إيمري يعاني بشدة خارج إسبانيا.

لكن يجب النظر إلى التفاصيل الدقيقة في كل تجربة من التجارب التي خاضها إيمري، فقد كان سبارتاك موسكو كابوساً سياسياً، حيث كان المدير العام، فاليري كاربين، حريصاً كل الحرص على إقالة المدير الفني الإسباني من أجل تعيين نفسه في هذا المنصب! وكان باريس سان جيرمان بمثابة «عش تكثر فيه السموم»، إن جاز التعبير، لكن إيمري حصد 7 ألقاب على مدار عامين قضاها مع النادي الباريسي، وهو ما يعد شيئاً جيداً بالمقارنة بما حققه المديرون الفنيون الذين جاؤوا من بعده.

من ناحية أخرى، فإن العمل خلفاً لأرسين فينغر في آرسنال كان يبدو مهمة شبه مستحيلة. ومهما كانت عيوب فينغر في النهاية، فمن طبيعة هذه الشخصيات المهيمنة تعني أن الاضطراب الناتج عن إقالتهم يدمر أولئك الذين يأتون بعدهم. ومن المهم أيضاً الإشارة إلى أن الرئيس التنفيذي إيفان غازيديس، ورئيس الكشافين سفين ميسلينتات، ومدير كرة القدم راؤول سانليهي، الذين كان من المفترض أن يقوموا بأدوارهم المختلفة لتسهيل عملية الانتقال في حقبة ما بعد فينغر، رحلوا عن النادي أيضاً.

لم تكن الفترة التي أمضاها إيمري مع آرسنال كارثية، إذ تشير الأرقام والإحصائيات إلى أنه حقق أعلى نسبة فوز لأي مدير فني في آرسنال بخلاف ميكيل أرتيتا وفينغر - أفضل من هربرت تشابمان أو جورج غراهام – وقاد «المدفعجية» للوصول إلى المباراة النهائية للدوري الأوروبي واحتلال المركز الخامس في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق نقطتين فقط عن صاحب المركز الثالث في موسمه الأول.

وتشير تقارير إلى أن إيمري أصيب بالذهول عند إقالته. ولو حصل المدير الفني الإسباني على المزيد من الوقت فربما تمكن من بناء فريق بقوة الفريق الحالي تحت قيادة ميكيل أرتيتا، على الرغم من أن الحقيقة هي أنه بحلول الوقت الذي أقيل فيه، كان آرسنال يعاني بشدة. لقد أعقب ذلك فترات تراجع أخرى في المستوى، وربما كان هناك الكثير من الصبر على أرتيتا على وجه التحديد، لأن مسؤولي آرسنال شعروا بأنهم لم يصبروا بالشكل المطلوب على إيمري. وبهذا المعنى، يبدو أن إيمري كان مرحلة ضرورية يجب تجاوزها، أو كبش فداء تم التضحية به من أجل إعادة ضبط آرسنال. أما بالنسبة لإيمري نفسه، فيمكن القول إنه تولى قيادة آرسنال في الوقت الخطأ.

لقد أنفق أستون فيلا 250 مليون جنيه إسترليني على تدعيم صفوفه خلال الفترة بين صيف عام 2018 وحتى تولي إيمري القيادة الفنية للفريق. وكان دين سميث قد قاد أستون فيلا للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز، ثم لاحتلال المركز الحادي عشر في جدول الترتيب، قبل أن يقال من منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، بينما كان أستون فيلا يحتل المركز السادس عشر. وتحت قيادة ستيفن جيرارد، أنهى الفريق الموسم في المركز الرابع عشر، لكنه كان يحتل المركز السابع عشر عندما أقيل جيرارد عقب الخسارة أمام فولهام بثلاثية نظيفة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.

كانت هذه الظروف مثالية لإيمري الذي تولى قيادة فريق بدا أنه يمتلك قدرات وإمكانات – كما اتضح بعد ذلك - أفضل بكثير مما قد يشير مركزه في جدول ترتيب الدوري، وبدلاً من العمل خلفاً لمدير فني أسطوري كما كانت الحال في آرسنال، فقد عمل خلفاً لمدير فني لم يبدُ قط أنه المدير الفني المناسب لأستون فيلا، الذي كان يرى كثيرون - ربما بشكل غير عادل – أنه كان يستخدم هذه الوظيفة أداةً لتحقيق طموحه النهائي بتولي قيادة ليفربول.

أوناي إيمري نجح في إحياء مسيرته التدريبية في إنجلترا (أ.ف.ب)

كان هناك شعور بأن الفريق قادر على تحقيق نتائج أفضل بكثير – قاد المدير الفني المؤقت، آرون دانكس، الفريق في مباراته الأولى للفوز برباعية نظيفة - لكن ما حدث تحت قيادة إيمري كان أكثر أهمية بكثير من مجرد ظهور وجه جديد. لكن النقطة الأكثر بروزاً ولفتاً للأنظار فيما يتعلق بأستون فيلا تحت قيادة إيمري فهي مصيدة التسلل، حيث تشير الإحصائيات إلى أنه منذ وصول إيمري فإن أستون فيلا أوقع خصومه في مصيدة التسلل بنسبة 75 في المائة أكثر من الفريق الثاني في هذه القائمة، وهو ليفربول. قد يعني هذا أن الفريق يلعب بخط دفاع متقدم، وربما بشكل متهور ــ أظهرت الهزيمة بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد أمام نيوكاسل في الجولة الافتتاحية للموسم الحالي مخاطر اللعب بهذه الطريقة إذا لم يتم تنفيذ الخطة بشكل جيد ــ ومع ذلك فإن متوسط عمق خط دفاع أستون فيلا يُعد سابع أدنى مستوى في الدوري. ويعني هذا أن الفريق يمكنه، عند الضرورة، اللعب بعمق وامتصاص الضغط، كما أنه يجيد إفساد الهجمات المرتدة للمنافسين.

وعلى الرغم من أن أستون فيلا يحتل حالياً المركز الثالث بعد الفوز على مانشستر سيتي، فإن المواسم السابقة تشير إلى أنه لا يمتلك القدرة على الاستمرار في المنافسة على اللقب حقاً، لكن الفريق الآن على بُعد 4 نقاط فقط من الصدارة. وإذا تجنب أستون فيلا الخسارة أمام آرسنال في الجولة المقبلة فسيعني هذا امتلاك الفريق سجلاً مثالياً على ملعبه بنسبة 100 في المائة. وإذا تمكن الفريق من تحقيق نتيجة جيدة أمام آرسنال أيضاً، فقد يتغير التصور المتعلق بعدم قدرته على المنافسة على اللقب. لكن على أقل تقدير يبدو الفريق قادراً على احتلال أحد المراكز الأربعة الأولى المؤهلة للمشاركة في دوري أبطال أوروبا. لكن حتى لو لم يتمكن أستون فيلا من الحفاظ على التقدم بهذه الوتيرة، وحتى لو فشل الفريق في التأهل لدوري أبطال أوروبا واكتفى باحتلال أحد المراكز المؤهلة للدوري الأوروبي، فهناك شعور بأن إيمري قد نجح في إحياء سمعته التدريبية في إنجلترا وأثبت ما يمكن لمدير فني موهوب مثله أن يفعله إذا عمل في بيئة مناسبة.

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

جولة مانشستر سيتي: نجوم واعدون وفرصة لغريليش للتألق

رياضة عالمية رأسية هالاند في طريقها لهز شباك سلتيك في اللقاء الودي (أ.ف.ب)

جولة مانشستر سيتي: نجوم واعدون وفرصة لغريليش للتألق

بعد استبعاده من قائمة المنتخب الإنجليزي في نهائيات «يورو 2024»، يعلم غريليش أنه سيواجه تحدياً كبيراً هذا الموسم

رياضة عالمية إدي نكيتياه لاعب آرسنال... مطلوب من قبل روبرتو دي زيربي في مرسيليا (أ.ف.ب)

أرتيتا يسعى لتأهيل ساكا ورايس نفسياً بعد أحزان «يورو 2024»

لم يكن هناك من هو أكثر سعادة من أرتيتا عندما تخلص ساكا أخيراً من لعنة ركلة الجزاء في «يورو 2024».

رياضة عالمية فودين يفشل في هز شباك منتخب إسبانيا ... مشهد تكرر كثيرا في "يورو 2024" (أ.ف.ب)

هل تحول فودين من لاعب استثنائي مع ناديه إلى لغز مع منتخب بلاده؟

جون بارنز لم يتمكن أبداً من الظهور مع المنتخب الإنجليزي بالمستوى الرائع نفسه الذي كان يقدمه مع ليفربول.

رياضة عالمية إيفرتون مازال خاضعا لملكية فرهاد موشيري (غيتي)

بعد فشل صفقة الاستحواذ... مستقبل إيفرتون إلى أين؟

التراجع عن عملية الاستحواذ على إيفرتون لا يعني حدوث اضطرابات فورية... لكن عملية البيع معقدة للغاية.

رياضة عالمية إنزو ماريسكا (د.ب.أ)

مدرب تشيلسي: لن تحدث مشكلات عند عودة إنزو

يتوقع إنزو ماريسكا، المدير الفني الجديد لفريق تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم، عدم حدوث مشكلات بين اللاعبين عندما يعود إنزو فرنانديز إلى الفريق الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن )

أولمبياد باريس يبهر العالم ويتحدى «التخريب»

أولمبياد باريس يبهر العالم ويتحدى «التخريب»
TT

أولمبياد باريس يبهر العالم ويتحدى «التخريب»

أولمبياد باريس يبهر العالم ويتحدى «التخريب»

رغم الأعمال التخريبية التي ضربت شبكة القطارات الفرنسية، أمس، أبهرت باريس العالم بافتتاح أسطوري لدورة الألعاب الأولمبية 2024، وسط عرض غير مسبوق على نهر السين بمشاركة 6800 رياضي من 205 دول أمام معالم تاريخية في العاصمة الفرنسية.

وللمرّة الأولى في التاريخ، أقيم حفل الافتتاح خارج الملعب الرئيسي، وشاهده 320 ألف متفرّج من مدرّجات بُنيت خصيصاً على ضفاف النهر، ونحو 200 ألف من على شرفات المباني المجاورة.

وكما تجري التقاليد، ضمّ القارب الأوّل بعثة اليونان التي تعدّ مهد الألعاب الحديثة، وتبعته قوارب الوفود الأخرى في مستهل احتفال شاركت فيه نجمة البوب الأميركية الشهيرة ليدي غاغا، والتي أدت أغنية شهيرة من المسرح الاستعراضي الفرنسي.

البعثة السعودية لدى مرورها أمام المتفرجين وضيوف الحفل (أ.ف.ب)

وبدأ الحفل بمقطع فيديو للكوميدي جمال دبوز ولاعب كرة القدم السابق زين الدين زيدان يحملان الشعلة في ملعب استاد «دو فرانس»، قبل العرض غير المسبوق على نهر السين، أمام حضور تقدّمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبجانبه رئيس اللجنة الأولمبية توماس باخ.

وبدت المناطق المطلّة على نهر السين حصناً منيعاً، واقتصر عبور الحواجز الحديدية على الأشخاص المقيمين وأصحاب الحجوزات في الفنادق المزوّدين برمز تعريف خاص.

وجاء حفل الافتتاح المبهر لينهي يوماً شهد مفاجأة من العيار الثقيل؛ إذ ضربت أعمال تخريبية، صبيحة الجمعة، شبكة القطارات السريعة من خلال إشعال مجموعة حرائق استهدفت صناديق الإشارة التي تتحكم بسير القطارات. وسارع المسؤولون الرسميون وممثلو الأحزاب السياسية بمختلف مشاربها إلى التنديد بالعمل التخريبي، وعمدت النيابة العامة إلى فتح تحقيق قضائي. ووصف رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال الهجمات بأنها «أعمال تخريب منسقة».