بدأ أنطوان سيمينيو موسمه بأفضل طريقة ممكنة بعدما افتتح مشواره بثنائية في شباك ليفربول على ملعب «آنفيلد»، ليواصل المسار التهديفي نفسه دون تباطؤ.
ومع اقتراب عودة الدوري الإنجليزي الممتاز، هذا الأسبوع، يقف الجناح الغاني في المركز الثالث بين هدافي المسابقة بشكلٍ مشترك، بعدما سجّل 6 أهداف في 11 مباراة. ولم يكتفِ بهذا، بل قدّم 3 تمريرات حاسمة (في المركز الرابع بشكل مشترك)، ليثبت أنه لاعب شديد الفاعلية في الثلث الهجومي الأخير.
ولن يكون مستغرباً أن تبدأ الأندية في التحليق حوله؛ إذ كشف ديفيد أورنستين من شبكة «The Athletic» أن نادي بورنموث بات مقتنعاً - ولو على مضض - بأنه قد يعجز عن منع رحيله خلال سوق يناير (كانون الثاني) المقبل.
كان سيمينيو مطلوباً بالفعل من مانشستر يونايتد وتوتنهام في الصيف الماضي، ورغم توقيعه على عقد جديد يمتد حتى 2030، فإن عقده يتضمن بنداً جزائياً محدود المدة بقيمة 65 مليون جنيه إسترليني، بحسب أورنستين، مع انخفاض في المبلغ خلال الصيف المقبل.
ومؤخراً، ارتبط اسم اللاعب بليفربول ومانشستر سيتي إضافة إلى توتنهام.
في هذا التقرير، نستعرض مدى ملاءمة لاعب الـ25 عاماً لهذه الأندية، ولماذا قد يكون البقاء لفترة أطول داخل بورنموث مفيداً له.
لماذا قد يرغب مان يونايتد في ضمّه؟
سيمينيو لاعب ذكي، يجيد حمل الكرة بقدميه، الاثنين، ويتمتع بسرعة عالية، وهي صفات تتماشى تماماً مع قائمة احتياجات روبن أموريم. المدرب البرتغالي يدرك جيداً خطورة الغاني، الذي سجّل بالفعل في شباك يونايتد ذهاباً وإياباً، الموسم الماضي.
المركز الأمثل لسيمينيو داخل منظومة 3 - 4 - 3 هو الجناح الهجومي الأيمن، لكنه قادر كذلك على اللعب في أي من الجانبين، ويمتلك حِسّاً دفاعياً يسمح له بالتحوّل إلى مركز الظهير الجانبي إن لزم الأمر. أموريم يفضّل الأجنحة ثنائية القدم لما تتيحه من مرونة أكبر في تدوير المراكز بين الثلاثي الأمامي والأظهرة في الثلث الهجومي؛ ما يساعد على تفكيك الدفاعات العنيدة. كما أن قدرة سيمينيو على المراوغة السريعة وتطوره الواضح في اللمسة الأخيرة - كما يظهر في البيانات التي توضح تحسّن اختياراته للتسديد - تجعله خياراً قاتلاً في الهجمات المرتدة، وهي نقطة قوة رئيسية في يونايتد.
إضافة إلى ذلك، فإن اللاعب يناسب سياسة يونايتد الحالية في ضم مواهب شابة، ثبت مستواها في الدوري الإنجليزي، وتتحلى برغبة قوية في العمل داخل وخارج الاستحواذ.
هل يستطيع يونايتد دفع ثمنه في يناير؟
قيمة 65 مليون جنيه إسترليني تجعل الصفقة صعبة في يناير؛ فقد أنفق النادي أكثر من 200 مليون في الصيف على تعاقدات هجومية، وربما يضطر للانتظار قبل تنفيذ صفقة كبيرة أخرى.
كان يونايتد قد دخل في مفاوضات أولية بشأن سيمينيو في الصيف، قبل أن يتجه نحو برايان مبويمو، على أساس أن تقييم بورنموث البالغ 70 مليون آنذاك كان مبالغاً فيه.
وسيفتقد أموريم خدمات مبويمو وأماد ديالو بسبب كأس الأمم الأفريقية (مع العلم أن غانا لم تتأهل؛ ما يعني استمرار سيمينيو مع فريقه)، لكن المدرب قد يُضطر للاعتماد على الخيارات المتاحة بالفعل بدلاً من الضغط لصفقة جديدة.
كما أن المركز الذي يجيده سيمينيو يشغله مبويمو حالياً داخل الفريق، ما يعقد الأمور. وحتى يتمكن يونايتد من استغلاله كأساسي، قد يتعين عليهم أولاً حل مشكلات وسط الملعب - على الأرجح عبر تعاقد جديد مكلف.
هل يناسب توتنهام هوتسبير؟
بحث توتنهام في الصيف عن جناح أيسر، وكان سيمينيو أحد أهدافه المبكرة. وبعد توقيعه عقد التمديد في يونيو (حزيران)، تحوّل تركيز النادي نحو سافينيو لاعب مانشستر سيتي، لكن الاهتمام بسيمينيو قد يُبعث من جديد.
بعد تعزيز الجبهة اليمنى بالتعاقد مع محمد قدوس، يُعدّ إضافة جناح أيسر مميز ضرورة ملحّة في النافذة المقبلة. سيمينيو يناسب فلسفة توتنهام الرامية إلى دمج العناصر الشابة بصفقات ناضجة دولياً في ذروة مستواها، وسيضيف عاملاً حاسماً إلى الخط الهجومي الذي يعتمد حالياً بشكل كبير على قدوس وتشافي سيمونز، الذي لا يزال يتأقلم مع «البريميرليغ».
وبالنظر إلى حاجة الفريق الواضحة لهذا المركز، وسابقة اهتمامه بسيمينيو، فإن التحرك نحوه يبدو منطقياً للغاية.
بعد ضم راندال كولو ماني في اليوم الأخير من السوق على سبيل الإعارة، لا يزال النادي قادراً على الامتثال لقواعد الربحية والاستدامة المالية؛ ما يمنحه فرصة دخول سباق التعاقد مع سيمينيو في يناير. ومع السعر الذي يعده كثيرون أقل من القيمة الحقيقية للاعب، سيكون جمهور توتنهام متحمساً لرؤية ناديهم يتحرك بسرعة.
وماذا عن ليفربول؟
يعتمد المدرب أرني سلوت حالياً على جناحين فقط من أصحاب الخبرة والثقة: كودي خاكبو ومحمد صلاح. وعدم تعويض رحيل لويس دياز إلى بايرن ميونيخ جعل الفريق ضعيفاً من الناحية العددية في الأطراف.
ولو حافظ خاكبو وصلاح على المستوى الذي قاد ليفربول لتحقيق لقب الدوري الموسم الماضي، لكان الموقف مختلفاً. لكن كليهما يعاني، ما جعل سلوت متردداً في استخدام فيديريكو كييزا أو الشاب ريو نغوموها (17 عاماً). وقد تجنب النادي في الصيف ضم جناح جديد كي لا يُغلق الطريق أمام نغوموها، لكن هذا القرار أثّر سلباً على المدى القصير.
وصول فلوريان فيرتز وهوغو إكيتيكي منح خيارات إضافية، لكن اللعب على الجانب الأيسر ليس المركز المفضل لأي منهما.
سلوت يريد أجنحة تمتلك تهديداً تهديفياً وقدرة على التفوق في المواجهات الفردية، وهي عناصر يُجيدها سيمينيو ببراعة. كما أن سرعته ستضيف بعداً جديداً لهجوم ليفربول، وقدرته على اللعب بكلتا القدمين تجعله مناسباً لجهتي الملعب. وبيانات مركز لعبه تُظهر تعددية واضحة.
وبورنموث تحت قيادة أندويني إراولا فريق يعتمد على الضغط والتحول السريع، وهي هوية مشابهة لتلك التي منحت ليفربول لقب الدوري الموسم الفائت. كذلك، سيشكّل اللاعب جزءاً من مشروع «ما بعد صلاح» الذي يبنيه النادي.
ورغم أن ليفربول أنفق قرابة 450 مليون جنيه إسترليني في سوق الانتقالات الأخيرة، فإن محاولته ضم مارك غيهي في اليوم الأخير تشير إلى وجود مرونة مالية للتعاقد مع اللاعب المناسب، كما أن عائدات البيع التي قد ترتفع إلى 260 مليون دعمت هذا الموقف.
ليفربول لا يزال في وضع مالي قوي، لكن تساؤلاً يبقى: هل الجناح هو الأولوية في يناير؟ ربما يتجه النادي لمعالجة النقص في قلب الدفاع بعد إصابة جوفاني ليوني الطويلة.
كما أن التغيير الكبير الذي حدث في الفريق خلال فترة قصيرة قد يكون أحد أسباب الاضطراب الحالي، وإضافة صفقة ضخمة جديدة قد لا تكون ضماناً للحل.
أخيراً وماذا عن مانشستر سيتي؟
تمتاز فرق بيب غوارديولا دائماً بامتلاك أجنحة حاسمة قادرة على حسم المواجهات الفردية، وتقديم أرقام تهديفية مضاعفة. وبينما يتحسن جيريمي دوكو تدريجياً، فقد اعترف غوارديولا بعد الفوز 3 - 0 على ليفربول بأن الجناح البلجيكي ربما لن يصبح هدّاف الفريق يوماً.
سافينيو وأوسكار بوب أيضاً لم يبلغا بعد مستوى الفاعلية في الثلث الأخير،؛ ما يعني أن سيتي لم يعوض بشكل كامل رحيل رياض محرز، أو حتى ليروي ساني ورحيم ستيرلنغ قبل ذلك.
الاعتماد الكبير على إرلينغ هالاند أصبح واضحاً، وسيمينيو سيقدم تهديداً مباشراً من أي جناح، ويُحسّن قدرة الفريق على الهجمات المرتدة.
وسيتي يتطور ليصبح منافساً شرساً على اللقب هذا الموسم، والتعاقد مع سيمينيو سيكون رسالة قوية: لاعب في ذروة نضجه، قادر على حسم المباريات.
ورغم الإنفاق الكبير في آخر فترتين، فإن النادي تخلى عن عدد من أصحاب الرواتب العالية، كما أن معدل عمر الفريق انخفض؛ ما يمنح مساحة مالية لصفقة جديدة. ومع ذلك، قد يتطلب الأمر خروج مهاجم أو جناح لخلق مساحة في القائمة.
لماذا يجب أن يبقى في بورنموث؟
يبدو الآن أن انتقال سيمينيو إلى نادٍ أكبر مسألة وقت، لكن السؤال الحقيقي: كم نادياً من المهتمين سيمنحه بيئة أفضل للتطور؟
يمتلك اللاعب مجموعة مهارات فريدة تُستثمر بأفضل طريقة في بورنموث؛ فهو جناح قوي ثنائي القدمين، قادر على تمزيق البنى الدفاعية المشتتة - ولا يوجد لاعب سجل أهدافاً من هجمات مرتدة أكثر منه هذا الموسم، بينما لا يتفوق على بورنموث في التسديد من التحولات السريعة سوى ليفربول منذ تولي إراولا المهمة. هذا المدرب يعطي أولوية مطلقة للهجوم الخاطف عند استعادة الكرة.
وهذا لا يعني أنه عاجز أمام الكتل الدفاعية المنخفضة. يكفي مشاهدة هدفه الأول في مرمى فولهام هذا الموسم: تسلُّم على الطرف، ثم سلسلة من الخدع والإستيب أوفرز، قبل اقتحام المساحة الضيقة والانطلاق نحو خط النهاية وتسجيل هدف صادم من زاوية مستحيلة تقريباً.
قوة سيمينيو البدنية وقدرته على التسديد بكلتا القدمين تمنحانه الأدوات اللازمة للسيطرة على مناطق الجزاء المزدحمة، لكن الانتقال إلى فريق يعتمد على الاستحواذ قد يتطلب صبراً كبيراً.
في بورنموث، سيمينيو هو رأس الحربة في مشروع طموح، تحت قيادة مدرب مطلوب في كبرى الأندية، وبمرافق تدريبية حديثة افتُتحت في أبريل (نيسان) الماضي. قد لا يقدم النادي بريق دوري الأبطال أو الملاعب العملاقة أو الرواتب الفلكية - حتى الآن - لكنه يمنحه قاعدة مستقرة ليتطور أكثر، ولو لعامين إضافيين.