جيريمي دوكو ومتعة المراوغة... لاعب أبهر الجميع

جماهير مانشستر سيتي تبدأ الزئير قبل أن تصل الكرة إلى قدميه

تشير الإحصائيات إلى أن دوكو أكمل 11 مراوغة أمام ليفربول في الجولة الماضية (رويترز)
تشير الإحصائيات إلى أن دوكو أكمل 11 مراوغة أمام ليفربول في الجولة الماضية (رويترز)
TT

جيريمي دوكو ومتعة المراوغة... لاعب أبهر الجميع

تشير الإحصائيات إلى أن دوكو أكمل 11 مراوغة أمام ليفربول في الجولة الماضية (رويترز)
تشير الإحصائيات إلى أن دوكو أكمل 11 مراوغة أمام ليفربول في الجولة الماضية (رويترز)

تبدأ الجماهير في «ملعب الاتحاد» في الزئير قبل أن تصل الكرة إلى قدمي جيرمي دوكو، لأنها تعرف جيداً أن هذا الجناح البلجيكي الشاب سوف يمتعها بمهاراته الفذة ويتلاعب بالمدافعين أمامه. لم يكن هناك اهتمام إعلامي كبير عندما وصل دوكو من رين الفرنسي إلى مانشستر سيتي خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية، وكانت الشائعات تقول إن المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، ليس هو من طلب التعاقد مع اللاعب الشاب، وإنما من فعل ذلك هو مدير كرة القدم تكسيكي بيغيريستين. ربما لا يكون دوكو هو اللاعب الذي كان غوارديولا يرغب في ضمه، لكن ربما كان بيغيريستين يرى أنه اللاعب الذي يحتاج إليه مانشستر سيتي. لكن دوكو، ومنذ قدومه إلى «ملعب الاتحاد»، يبهر الجميع بقدراته وفنياته الهائلة وبمراوغاته المثيرة.

تشير الأرقام والإحصائيات إلى أن دوكو أكمل 11 مراوغة أمام ليفربول في الجولة الماضية، وهو أكبر عدد من المراوغات في مباراة واحدة بالدوري الإنجليزي الممتاز منذ عامين. وخلال هذا الموسم، حقق دوكو معدلاً يصل إلى 6 مراوغات في المباراة الواحدة في المتوسط، وهو أعلى معدل للاعب في الدوري هذا الموسم - ما يقرب من ضعف عدد مراوغات لاعب خط وسط كريستال بالاس إيبيريتشي إيزي، الذي يأتي في المركز الثاني بهذه الإحصائية. في الحقيقة، من النادر أن نرى لاعباً بمثل هذه المهارة في عالم كرة القدم في الوقت الحالي، لكن ظهور دوكو لاعباً أساسياً في تشكيلة مانشستر سيتي، الذي يدافع عن لقب الدوري، يحمل أهمية كبيرة.

إذا نظرنا إلى قائمة أبرز المراوغين في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال المواسم القليلة الماضية - ألان سانت ماكسيمين، وويلفريد زاها، وأداما تراوري، وإيمي بوينديا - فإن الشيء المثير للانتباه هو أنهم يلعبون في فرق متعثرة أو فرق في منتصف جدول الترتيب. ويعد هذا هو الاتجاه السائد في المستويات الأعلى، في ظل رغبة أندية النخبة في الاستحواذ على الكرة والهجوم المنظم، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع عنصر المراوغة إلى الفرق الأضعف التي يكون أمام لاعبيها مساحة أكبر للركض ودائماً ما تعتمد على الدفاع المنظم والهجمات المرتدة السريعة.

وكان غوارديولا نفسه، على شاشة التلفزيون الإسباني العام الماضي، هو الذي لاحظ أن فن المراوغة في تراجع، حيث قال: «كرة القدم في الوقت الحالي تفقد عنصر المراوغة. بدون اللاعبين الذين يراوغون، لا يمكن فعل أي شيء». ويشير تطور دوكو - إلى جانب التعاقد مع لاعب خط وسط يتميز بالقدرة على المراوغة مثل ماتيوس نونيس - إلى أن غوارديولا يرى أن هذه هي الفرصة التكتيكية الكبيرة في الفترة المقبلة. ونظراً لأن اللعبة في الوقت الحالي تتسم بالتنظيم الشديد، فإن اللاعب المهاري الذي يمكنه تجاوز لاعبي الفريق المنافس يمكن أن يُصبح نقطة اختلاف رئيسية.

غوارديولا بدأ يعتمد على دوكو في تشكيلته الأساسية (أ.ب)

لكن لا يمكن لأي لاعب أن ينجح في المراوغة بشكل مستمر، فاللاعب المهاري يفشل في المرور من المنافسين بقدر ما ينجح في ذلك. فهذه المهارة عبارة عن موهبة طبيعية وليست مهمة معينة يعمل اللاعب على القيام بها داخل الملعب. في الواقع، ليس لدى موقع تدريب الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ما يقوله عن آليات المراوغة نفسها، وبدلاً من ذلك ينصح المديرين الفنيين بأن دورهم هو «مساعدة اللاعبين على المراوغة وهم يشعرون بالراحة»، وتذكيرهم بأهمية المراوغة في لعبة كرة القدم. إن المراوغة أقرب إلى الفن منها إلى الرياضة، خصوصاً بعدما تحولت كرة القدم الحديثة إلى سلعة.

لا توجد مراوغتان متماثلتان، لأنه لا يوجد لاعبان مهاريان متماثلان على الإطلاق، فلكل لاعب بصمته المهارية الخاصة التي لا يمكن أن تجدها لدى لاعب آخر. يمكن تشبيه المهارة بالموسيقى، فكلها مبنية من النغمات الأساسية نفسها، لكنها تستمد طابعها الفريد من السياق والإيقاع، وشكل الجسم، والخداع، والتفاعل بين الحركة والثبات. وإذا ما شاهدت دوكو عن كثب، ستلاحظ أنه نادراً ما يستخدم قدمه اليسرى، حتى لتشتيت الانتباه، فهو يعتمد بشكل كامل على قدمه اليمنى.

وإذا نظرنا إلى جناح برايتون، كاورو ميتوما، الذي كتب أطروحته الجامعية حول المراوغة، فسنجد أن أصابع قدميه تتجه إلى الأسفل مثل أصابع راقصي الباليه، ويميل وزن جسمه نحو عشب الملعب، قبل أن يدفع الكرة بأعلى قدمه، وهو الأمر الذي يجعل المدافع الذي يلعب أمامه يفقد اتزانه. أما جناح توتنهام السويدي ديان كولوسيفسكي فيحرك الكرة عن طريق نقرات رقيقة بإصبع قدمه الصغير.

وعلى النقيض من ذلك، تقوم نجمة المنتخب النرويجي للسيدات كارولين غراهام هانسن بالمراوغة بدون مراوغة حقيقية على الإطلاق، فيقتصر كل ما تقوم به على التمويه ثم الانحراف بجسدها في الاتجاه الآخر. وفي الوقت نفسه، نجد أن لاعباً مثل جون ماكغين لاعب خط وسط أستون فيلا يراوغ بطريقة مختلفة تماماً.

لكن بغض النظر عن كل ذلك، ما هي المحصلة النهائية؟ ربما هذا هو السبب وراء تحول المراوغة إلى مهارة ضارة على مر السنين، حيث يكون مطلوباً من اللاعب المراوغ أن يحول ما يقوم به إلى نتيجة ملموسة داخل المستطيل الأخضر، وليس مجرد عمل ممتع فحسب. كل هذا يتجاهل حقيقة أن أفضل مراوغة هي التي تنتهي بعمل نهائي ذات قيمة: عمل متقن يساعد الفريق على تحقيق ما يريده ويجعل الجماهير تقف على أطراف أصابعها بسبب المتعة التي تراها، ويدمر معنويات الخصوم. ربما تكون المراوغة هي أبسط تعبير عن متعة كرة القدم، لأنها تمثل تلك النقطة التي تشعر فيها اللعبة على مستوى النخبة بأنها أقرب ما يكون إلى اللعبة التي بدأنا جميعاً لعبها في الشارع أو فناء المدرسة.

بالنسبة لمدير فني غالباً ما يوصف بأنه مهووس بالاستحواذ على الكرة مثل غوارديولا، فدائماً ما كانت الفرق التي يتولى تدريبها تضم لاعبين لديهم قدرات فائقة في المراوغة، بدءاً من ليونيل ميسي إلى آريين روبن وليروي ساني. لا يمكن إخضاع كل شيء للنظام الدقيق، ففي بعض الأحيان يتعين عليك ببساطة أن تستسلم للابتكار وترى إلى أين سيأخذك، أو ما إذا كان قادراً على أن يصنع شيئاً من لا شيء، فالمراوغة هي آخر شيء نقي في رياضة غير نقية!

*خدمة الغارديان


مقالات ذات صلة

جولة مانشستر سيتي: نجوم واعدون وفرصة لغريليش للتألق

رياضة عالمية رأسية هالاند في طريقها لهز شباك سلتيك في اللقاء الودي (أ.ف.ب)

جولة مانشستر سيتي: نجوم واعدون وفرصة لغريليش للتألق

بعد استبعاده من قائمة المنتخب الإنجليزي في نهائيات «يورو 2024»، يعلم غريليش أنه سيواجه تحدياً كبيراً هذا الموسم

رياضة عالمية إدي نكيتياه لاعب آرسنال... مطلوب من قبل روبرتو دي زيربي في مرسيليا (أ.ف.ب)

أرتيتا يسعى لتأهيل ساكا ورايس نفسياً بعد أحزان «يورو 2024»

لم يكن هناك من هو أكثر سعادة من أرتيتا عندما تخلص ساكا أخيراً من لعنة ركلة الجزاء في «يورو 2024».

رياضة عالمية فودين يفشل في هز شباك منتخب إسبانيا ... مشهد تكرر كثيرا في "يورو 2024" (أ.ف.ب)

هل تحول فودين من لاعب استثنائي مع ناديه إلى لغز مع منتخب بلاده؟

جون بارنز لم يتمكن أبداً من الظهور مع المنتخب الإنجليزي بالمستوى الرائع نفسه الذي كان يقدمه مع ليفربول.

رياضة عالمية إيفرتون مازال خاضعا لملكية فرهاد موشيري (غيتي)

بعد فشل صفقة الاستحواذ... مستقبل إيفرتون إلى أين؟

التراجع عن عملية الاستحواذ على إيفرتون لا يعني حدوث اضطرابات فورية... لكن عملية البيع معقدة للغاية.

رياضة عالمية إنزو ماريسكا (د.ب.أ)

مدرب تشيلسي: لن تحدث مشكلات عند عودة إنزو

يتوقع إنزو ماريسكا، المدير الفني الجديد لفريق تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم، عدم حدوث مشكلات بين اللاعبين عندما يعود إنزو فرنانديز إلى الفريق الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن )

أولمبياد باريس يبهر العالم ويتحدى «التخريب»

أولمبياد باريس يبهر العالم ويتحدى «التخريب»
TT

أولمبياد باريس يبهر العالم ويتحدى «التخريب»

أولمبياد باريس يبهر العالم ويتحدى «التخريب»

رغم الأعمال التخريبية التي ضربت شبكة القطارات الفرنسية، أمس، أبهرت باريس العالم بافتتاح أسطوري لدورة الألعاب الأولمبية 2024، وسط عرض غير مسبوق على نهر السين بمشاركة 6800 رياضي من 205 دول أمام معالم تاريخية في العاصمة الفرنسية.

وللمرّة الأولى في التاريخ، أقيم حفل الافتتاح خارج الملعب الرئيسي، وشاهده 320 ألف متفرّج من مدرّجات بُنيت خصيصاً على ضفاف النهر، ونحو 200 ألف من على شرفات المباني المجاورة.

وكما تجري التقاليد، ضمّ القارب الأوّل بعثة اليونان التي تعدّ مهد الألعاب الحديثة، وتبعته قوارب الوفود الأخرى في مستهل احتفال شاركت فيه نجمة البوب الأميركية الشهيرة ليدي غاغا، والتي أدت أغنية شهيرة من المسرح الاستعراضي الفرنسي.

البعثة السعودية لدى مرورها أمام المتفرجين وضيوف الحفل (أ.ف.ب)

وبدأ الحفل بمقطع فيديو للكوميدي جمال دبوز ولاعب كرة القدم السابق زين الدين زيدان يحملان الشعلة في ملعب استاد «دو فرانس»، قبل العرض غير المسبوق على نهر السين، أمام حضور تقدّمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبجانبه رئيس اللجنة الأولمبية توماس باخ.

وبدت المناطق المطلّة على نهر السين حصناً منيعاً، واقتصر عبور الحواجز الحديدية على الأشخاص المقيمين وأصحاب الحجوزات في الفنادق المزوّدين برمز تعريف خاص.

وجاء حفل الافتتاح المبهر لينهي يوماً شهد مفاجأة من العيار الثقيل؛ إذ ضربت أعمال تخريبية، صبيحة الجمعة، شبكة القطارات السريعة من خلال إشعال مجموعة حرائق استهدفت صناديق الإشارة التي تتحكم بسير القطارات. وسارع المسؤولون الرسميون وممثلو الأحزاب السياسية بمختلف مشاربها إلى التنديد بالعمل التخريبي، وعمدت النيابة العامة إلى فتح تحقيق قضائي. ووصف رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال الهجمات بأنها «أعمال تخريب منسقة».