«المحاربون القدامى»: كيف عاد المدربون المخضرمون إلى المشهد مرة أخرى؟

هودغسون وألاردايس ووارنوك يواجهون مهمة صعبة لإنقاذ أندية تواجه شبح الهبوط

هودغسون مدرب كريستال بالاس (إ.ب.أ)
هودغسون مدرب كريستال بالاس (إ.ب.أ)
TT

«المحاربون القدامى»: كيف عاد المدربون المخضرمون إلى المشهد مرة أخرى؟

هودغسون مدرب كريستال بالاس (إ.ب.أ)
هودغسون مدرب كريستال بالاس (إ.ب.أ)

هناك مجموعة محددة ومعروفة من المديرين الفنيين تلجأ إليها الأندية التي تسعى للهروب من شبح الهبوط في الدوري الإنجليزي الممتاز، أو حتى تلك الأندية التي تسعى للصعود من دوري الدرجة الأولى. ويمكن وصف هذه المجموعة من المديرين الفنيين باسم «المجموعة الدوّارة»؛ نظراً لأنك تجد هذا المدير الفني أو ذاك يتولى القيادة الفنية لنادٍ معين ثم يرحل بعدها إلى نادٍ آخر، وهكذا. ووصل الأمر لدرجة أن كلاً من آلان بارديو وستيف بروس قادا خمسة أندية في الدوري الإنجليزي الممتاز، في حين قاد مارك هيوز ستة أندية! لكن هذا الثلاثي، الذي يصل عمر كل منهم إلى 60 عاماً تقريباً - بروس وبارديو في فترات توقف عن العمل، وهيوز في ملحق الصعود من دوري الدرجة الثالثة مع برادفورد – لم يعد مؤهلاً للعمل في كرة القدم الحديثة، التي أصبحت تعتمد على الشراسة. في إيطاليا، يُطلق على المديرين الفنيين الذين يتم اللجوء إليهم قرب نهاية الموسم بسبب خبراتهم الكبيرة في إنقاذ الأندية التي تسعى لتجنب الهبوط من الدوري الإيطالي الممتاز أو دوري الدرجة الأولى اسم قائد المعدية «المراكبي»؛ لأنهم يسعون للعبور بهذه الأندية إلى بر الأمان.

وقال نيل وارنوك، البالغ من العمر 74 عاماً، بعد نجاحه في إنقاذ هيدرسفيلد من الهبوط من دوري الدرجة الأولى «سأعود في فبراير (شباط) المقبل في مكان ما». وأدلى وارنوك بالتصريح نفسه إلى حد كبير في فبراير الماضي عند عودته إلى النادي الذي تركه من قبل في 1995 ووجده يعاني بشدة ويواجه شبح الهبوط، حيث قال «أحب أن أقوم بهذا العمل التقليدي القديم - إنه لأمر رائع أن تحدِث تغييراً في جدول ترتيب الدوري من خلال الخبرات التي تمتلكها». وقد نجح وارنوك في مهمته مع روثرهام في عام 2016 ثم مع هيدرسفيلد، ويبدو مستعداً تماماً للاستماع إلى المزيد من العروض بمجرد أن يتأزم موقف بعض الأندية في نهاية الموسم المقبل. لقد تولى وارنوك القيادة الفنية لـ16 نادياً من قبل، وبالتالي لم يعد بإمكانه الابتعاد عن مجال التدريب الذي أصبح «يدمن» العمل به.

وقد فعل روي هودغسون، البالغ من العمر 75 عاماً، الشيء نفسه مع كريستال بالاس، الذي يعدّ التجربة التدريبية التاسعة عشرة له، حيث أضافت عودته الثانية إلى هذا النادي أبعاداً جديدة لسمعته التدريبية التي امتدت بالفعل على مدى خمسة عقود قاد خلالها أربعة منتخبات وطنية أيضاً. لكن هودغسون لم يقد كريستال بالاس للابتعاد عن شبح الهبوط فحسب، لكنه قاده لاحتلال المركز الثاني عشر في جدول الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما نجح في استغلال القدرات والمهارات الجيدة للاعبي الفريق.

وعندما قبل سام ألاردايس، البالغ من العمر 68 عاماً، تولي القيادة الفنية لنادي ليدز يونايتد في تاسع تجربة تدريبية له في الدوري الإنجليزي الممتاز، كان هودغسون ووارنوك قد نجحا بالفعل في قيادة الناديين اللذين يتوليان تدريبهما إلى بر الأمان. وقال ألاردايس قبل هزيمة ليدز يونايتد أمام مانشستر سيتي بهدفين مقابل هدف وحيد، في تلميح للروح القتالية التي قد تنجح في إنقاذ الفريق من الهبوط «هناك روي هودغسون ونيل وارنوك وأنا، وآمل أن أحقق شيئاً مشابهاً لما حققاه من حيث النتائج في المباريات المقبلة. سيكون هذا مفيداً للمديرين الفنيين المخضرمين، أليس كذلك؟».

وصنف ألاردايس نفسه ضمن هذه الفئة الجديدة من المديرين الفنيين المخضرمين أو ما يمكن وصفهم بـ«المحاربين القدامى»، الذين يقضون فصل الشتاء في الاسترخاء والراحة، لكن بمجرد وصول الربيع يتلقون عروضاً جديدة ويحصلون على مبالغ مالية طائلة في حال نجاحهم في مهمة الإنقاذ، حيث تشير تقارير إلى أن ليدز يونايتد سيمنح ألاردايس 500 ألف جنيه إسترليني خلال الفترة القصيرة التي سيتولى خلالها قيادة الفريق، في حين سيحصل على 2.5 مليون جنيه إسترليني في حال نجاحه في إنقاذ الفريق من الهبوط.

وقال هودغسون مؤخراً بشيء من التواضع «لا أعتمد على السحر، ولا أنثر غباراً سحرياً على الفريق، لكن كل ما يمكنني القيام به هو العمل مع اللاعبين الموجودين بالفعل». إن ما يفعله هودغسون وزملاؤه من المديرين الفنيين المخضرمين يتمثل في إدارة الفريق بشكل جيد، وتحفيز اللاعبين، وإضفاء اللمسة الشخصية التي قد يتم تهميشها في كرة القدم الحديثة. قد يشعر بعض اللاعبين، لا سيما أولئك الذين يلعبون في الفرق التي تكافح من أجل البقاء، بتضاؤل قيمتهم الذاتية بسبب تقييمهم بناءً على مجموعة من البيانات والإحصائيات المملة والسلبية، وبالتالي فإن تغيير طريقة التعامل معهم في غرفة خلع الملابس - على غرار ما يفعله وارنوك أو هودغسون - قد يساعد في رفع روحهم المعنوية وتقديم مستويات أفضل.

وارنوك نجح في إنقاذ هيدرسفيلد (غيتي)

من المؤكد أن التحليلات والبيانات أصبحت تلعب دوراً مهماً في كرة القدم الحديثة، لكن تقييم اللاعبين بناءً على ذلك فقط يمثل خطراً كبيراً. لذلك؛ نجد أن كبار المديرين الفنيين مثل جوسيب غوارديولا ويورغن كلوب وميكيل أرتيتا، يمزجون بين الاعتماد على هذه التحليلات وبين التحفيز الجماعي للفريق، لكن اتباع النهج نفسه مع المستويات الأقل لا يوفر ضماناً للنجاح.

لقد أصبحت ولاية ناثان جونز في ساوثهامبتون مثالاً واضحاً على الفشل في هذا الشأن، حيث أدى تصميمه على اتباع النهج القائم نفسه على الإحصائيات الذي كان يتبعه مع فريق لوتون تاون في دوري الدرجة الأولى وتطبيقه بالشكل نفسه مع ساوثهامبتون في الدوري الإنجليزي الممتاز إلى سبع خسائر من ثماني مباريات. وأصاب غراهام بوتر، الذي كان يعمل مع مستوى أعلى من المواهب، نفسه باللعنة في تشيلسي عندما استشهد بإحصائية «الأهداف المتوقعة» ليثبت أن فريقه تشيلسي كان الأفضل رغم الخسارة أمام أستون فيلا بهدفين دون رد.

لكن البقاء لم يعد مضموناً عند التعاقد مع هؤلاء المديرين الفنيين المخضرمين. أصبحت الأندية تبحث عن حلول مختلفة، لكن معدلات البقاء تقل بشكل كبير، وأقيل 14 مديراً فنياً في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، ليتم تحطيم الرقم القياسي السابق والذي كان يتمثل في إقالة 10 مديرين فنيين في موسم واحد. والآن أصبحت معركة الصراع من أجل البقاء في نهاية الموسم تنحصر بين خمسة أندية: ثلاثة أندية لديها باع طويل في المسابقة، في مقابل ناديين يلعبان في الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى. وكان ستيف كوبر في نوتنغهام فورست هو الوحيد الذي ظل في منصبه من بين المديرين الفنيين لهذه الأندية الخمسة حتى نهاية الموسم. وفي ساوثهامبتون، فإن الفوزين اللذين حققهما الفريق تحت قيادة روبن سيليس من أصل 13 مباراة لم يكونا كافيين لتعويض الخسائر الكثيرة التي مُني بها الفريق تحت قيادة جونز. ونجح بورنموث في البقاء بعدما حقق نجاحاً كبيراً تحت قيادة غاري أونيل الذي حل بديلا لسكوت باركر.

ولجأ ليستر سيتي إلى دين سميث، وإيفرتون إلى شون دايك. وقد وافق المديران الفنيان، البالغان من العمر 51 عاماً و52 عاماً على الترتيب، على هذه المهمة على أمل الحصول على الوظيفة بشكل «دائم». لكن الثلاثي المخضرم المتمثل في وارنوك وهودغسون وألاردايس ليست لديهم هذه الرغبة، حيث يبحثون عن تحقيق نجاح على المدى القصير فقط. لكن ألم يعد النجاح شيئاً قصير المدى في كرة القدم الحديثة؟ وفي شهر فبراير المقبل، سنرى نفس أسماء هؤلاء المديرين الفنيين المخضرمين تتردد مرة أخرى لقيادة الأندية التي تواجه شبح الهبوط!

* خدمة «الغارديان الرياضي»


مقالات ذات صلة

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

رياضة عالمية صلاح لقيادة ليفربول إلى فوز جديد في الدوري الإنجليزي (أ.ب)

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

تتجه الأنظار الأحد، إلى استاد الاتحاد، حيث يتواجه مانشستر سيتي حامل اللقب، مع ضيفه وغريمه مانشستر يونايتد في ديربي المدينة، بينما يسعى ليفربول المتصدر إلى مواصل

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المدرب الإيطالي يهنئ لاعبيه عقب إحدى الانتصارات (إ.ب.أ)

كيف أنهى ماريسكا كوابيس تشيلسي في لمح البصر؟

في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، كان الإيطالي إنزو ماريسكا يلعب محور ارتكاز مع إشبيلية، عندما حل فريق برشلونة الرائع بقيادة المدير الفني جوسيب غوارديولا ضيفاً

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية  فيرنانديز دعا إلى إصلاح الأخطاء الفنية في فريقه (إ.ب.أ)

فيرنانديز: علينا إصلاح أخطائنا قبل التفكير في مان سيتي

قال البرتغالي برونو فيرنانديز قائد فريق مانشستر يونايتد إن فريقه يجب أن يعمل على إصلاح أخطائه بدلاً من التفكير في الأداء السيئ لمنافسه في المباراة المقبلة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية استبدل بوستيكوغلو المهاجم فيرنر ودفع بالجناح ديان كولوسيفسكي (إ.ب.أ)

مدرب توتنهام يهاجم فيرنر: لم تكن مثالياً أمام رينجرز

وجه أنجي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام هوتسبير، انتقادات لاذعة لمهاجمه تيمو فيرنر بعدما استبدله بين الشوطين خلال التعادل 1-1 مع رينجرز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوندوغان نجم السيتي خلال مواجهة اليوفي بدوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوندوغان: على الجميع تقديم أفضل أداء لتبديل حظوظنا

اعترف الألماني إلكاي غوندوغان، لاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي، بأن فريقه "لم يعد جيدا بشكل كاف"، في الوقت الذي فشل فيه في إيجاد حل لتبديل حظوظه بالموسم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بريست يتألق أوروبياً ويعاني محلياً

فرحة لاعبي بريست بالفوز الأخير أوروبياً على آيندهوفن (رويترز)
فرحة لاعبي بريست بالفوز الأخير أوروبياً على آيندهوفن (رويترز)
TT

بريست يتألق أوروبياً ويعاني محلياً

فرحة لاعبي بريست بالفوز الأخير أوروبياً على آيندهوفن (رويترز)
فرحة لاعبي بريست بالفوز الأخير أوروبياً على آيندهوفن (رويترز)

شعار «أحلم بشكل أكبر» الخاص بنادي باريس سان جيرمان الفرنسي لكرة القدم يناسب غريمه في الدوري الفرنسي بريست بشكل أفضل على أكبر مسرح كروي في أوروبا.

مع إحدى أصغر الميزانيات في الدوري الفرنسي، يحقق فريق بريست نجاحا كبيرا في النسخة الحالية بدوري أبطال أوروبا، التي تقام بشكلها الجديد بمشاركة 36 فريقا، وذلك في مشاركته القارية الأولى.

ورغم الكثير من الإصابات، عزز بريست من فرصه في إنهاء مرحلة الدوري بالبطولة الأوروبية في المراكز الثمانية الأولى بعد فوزه على آيندهوفن الهولندي بهدف نظيف يوم الثلاثاء الماضي.

ومع تبقي مباراتين فقط على إنهاء مرحلة الدوري يوجد بريست في المركز السابع متساويا مع خمسة فرق، من بينها فريق آرسنال الإنجليزي.

في الوقت نفسه يقبع فريق سان جيرمان في المركز الخامس والعشرين، وأصبح مهددا بالخروج المبكر من البطولة.

ويعد هذا إنجازا مذهلا لفريق بريست، الذي يتسع ملعبه لـ15 ألف متفرج، مقارنة بملعب باريس سان جيرمان (الأمراء) الذي يتسع لنحو 49 ألف مشجع، في حين أن الميزانية السنوية المقدرة لباريس سان جيرمان هي 860 مليون يورو مقارنة بـ 48 مليون يورو لبريست.

وقال إريك روي، مدرب بريست، بعد مشاهدته سلسلة من التصديات الحاسمة لحارس الفريق ماركو بيزوت وتسجيل جوليان لو كاردينال هدف الفوز على آيندهوفن: «هذا عمل بطولي لناد مثل نادينا. اللاعبون قدموا كل ما عندهم. كانت أمسية رائعة ستكتب في تاريخ هذا النادي».

ولأن ملعب بريست لا يلبي متطلبات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، يخوض الفريق المباريات التي تقام على أرضه في دوري أبطال أوروبا على ملعب رودورو الذي يبعد 114 كيلومترا.

ومع اقتراب الفريق من التأهل للأدوار الإقصائية في البطولة الأوروبية، أشارت تقارير إعلامية إلى أن بريست، الذي سيواجه ريال مدريد في آخر مباراة له بمرحلة الدوري على ملعبه المؤقت، يبحث عن ملعب أكبر لمبارياته المستقبلية.

ووفقا لصحيفة «ليكيب»، تواصل مسؤولو بريست مع مسؤولي ملعب ستاد دو فرنس، للتحقق مما إذا كان يمكن للفريق استخدام الملعب الموجود في باريس، والذي يتسع لـ80 ألف مشجع، خلال مباريات الأدوار الإقصائية.

في الموسم الماضي، تمكن بريست من التأهل مباشرة لدوري أبطال أوروبا بعدما احتل المركز الثالث في الدوري الفرنسي.

ولكن نتائج الفريق المحلية هذا الموسم لم تكن جيدة مثل الموسم الماضي، حيث يوجد بريست حاليا في المركز الحادي عشر قبل مواجهة نانت الأحد.

وتفرض بطولة دوري أبطال أوروبا عبئا ثقيلا على الفريق، كما أن الإصابات تراكمت في الأسابيع الأخيرة.

وكان بيير ليس ميلو، لاعب الوسط المخضرم، والذي يغيب عن الفريق حتى العام المقبل، من بين سبعة لاعبين غابوا عن مواجهة آيندهوفن، وسوف يفتقد الفريق العديد من اللاعبين عندما يواجه نانت.

ومع تراكم المباريات، حاول روي تدوير لاعبيه بقدر المستطاع، ولكن مع ازدياد عدد اللاعبين الغائبين عن المباريات، لا يملك المدير الفني الكثير من الحلول المتبقية.

وقال روي عقب الفوز على آيندهوفن: «بمرور الوقت لن نتمكن من المنافسة في أعلى المستويات إذا كان لدينا الكثير من الإصابات. بالكاد يوجد لدينا لاعبون جاهزون. من لعبوا في مباراة آيندهوفن سيبدأون مباراة الأحد. لا يوجد لدينا خيار».

وقال المدرب إن المدافع السنغالي عبد الله نداي كان ضحية لتدخل أسفر عن جرح في قدمه في وقت مبكر من المباراة أمام آيندهوفن. لكنه استمر في اللعب، وكان الجرح بحاجة إلى سبع غرز في استراحة الشوطين. وقال روي: «لقد تحامل على نفسه».