تتجه الأنظار في الدور ثمن النهائي من كأس الملك في السعودية، نحو مواجهة من العيار الثقيل تجمع النصر والاتحاد، وهي مواجهة تتجاوز حدود المنافسة المحلية، لتعيد إلى الذاكرة صراعاً تدريبياً برتغالياً مثيراً بين خورخي خيسوس وسيرجيو كونسيساو، اللذين يعودان للاصطدام مجدداً في الملاعب السعودية لأول مرة بعد سلسلة طويلة من المواجهات الحامية في البرتغال.
وبحسب موقع «ترانسفر ماركت»، فقد تواجه المدربان في 19 مباراة بمختلف البطولات، حقق خلالها خورخي خيسوس الفوز في 8 لقاءات، مقابل 6 انتصارات لسيرجيو كونسيساو، بينما انتهت 5 مباريات بالتعادل. وسجلت الفرق التي قادها خيسوس 32 هدفاً مقابل 23 هدفاً تلقّتها شباكه، بمعدل تهديفي بلغ 1.68 مقابل 1.21 لخصمه، وبمعدل نقاط وصل إلى 1.53 نقطة في المباراة الواحدة، ما يعكس ندية واضحة وحدّة عالية في الصراع الفني بين الطرفين.
وشهد تاريخ المواجهات بين المدربين لحظة فارقة في 15 يناير (كانون الثاني) 2021، عقب مباراة كلاسيكو الدوري البرتغالي بين بورتو وبنفيكا التي انتهت بالتعادل 1 - 1 على ملعب «الدراغاو»، عندما انفجرت مشادة كلامية حادة بين المدربين فور انتهاء المقابلة السريعة التي أدلى بها خيسوس للتلفزيون.
ووفق ما أظهرته اللقطات التلفزيونية، فقد تقدّم سيرجيو كونسيساو نحو خيسوس وهو في حالة غضب شديد ليعترض على تصريحاته. وحاول خيسوس الرد بهدوء، غير أنّ حدّة النقاش تصاعدت بسرعة كبيرة، وتحوّل الحوار إلى خلاف محتدم، ما دفع ممثلي نادي بورتو للتدخل لإبعاد كونسيساو، بينما غادر خيسوس مسرعاً باتجاه غرف الملابس.

وعند سؤاله عن الحادثة من قناة «سبورت تي في»، حاول كونسيساو التقليل من حجم التوتر، قائلاً: «كانت مجرد أحاديث كرة القدم». لكنه لم يخفِ امتعاضه من النتيجة حين قال: «أنا غير راضٍ عن التعادل، أما مدرب الخصم فيبدو سعيداً به، وهذا واضح من كلامه. كل شيء طبيعي». في حين جاء تعليق خيسوس خلال المؤتمر الصحافي مقتضباً، لكنه حمل نبرة غموض عندما قال: «هذا حديث بيني وبين سيرجيو، ولا يخص أحداً سوانا».
لاحقاً، كشف خيسوس مزيداً من كواليس تلك الواقعة خلال مقابلة مع «قناة 11»، إذ قال: «كانت لدي دائماً علاقة جيدة معه، ومنذ ذلك الوقت لم أتحدث معه أبداً. علاقتي بسيرجيو لم تكن علاقة رياضية فقط؛ بل كانت قوية، كأصدقاء مقرّبين». واعترف بأنه شعر بالحزن الشديد قائلاً: «ذلك اليوم كان صعباً عليّ، ومنذ تلك اللحظة وحتى اليوم لم أتحدث معه مرة أخرى. هل أرغب في أن نتحدث من جديد؟ نعم. فالأيام تمضي، وكلما ازدادت خبرتي في الحياة، تعلمني الحياة أكثر أن هذا النوع من الخلافات لا يؤدي إلى أي شيء». وأضاف مؤكداً احترامه لخصمه وسعادته بنجاحه: «أنا سعيد جداً بنجاح سيرجيو كونسيساو، وكذلك بأحد أبنائه. عندما كنت أدرب سبورتنغ، كان فرانسيسكينيو هناك».
وعن إمكانية تدريب بورتو قال: «إذا قلت إنني أرغب في تدريب أي فريق برتغالي... فكل شيء يعتمد على التوقيت. الوقت مهم للغاية. كان من أهداف مسؤولي فلامنغو عودتي، وعندما جاء الوقت بالفعل، لم يعد بإمكاني ذلك».
ويمتلك خيسوس مسيرة مميزة تتضمن التتويج بالدوري البرتغالي 3 مرات، وكأس البرتغال مرة، وكأس الرابطة البرتغالية 6 مرات، إضافة إلى لقب الدوري البرازيلي مرة واحدة مع فلامنغو، ولقب كأس تركيا مرة واحدة.
وفي المقابل، صنع سيرجيو كونسيساو نجاحات لافتة مع بورتو بفضل صلابته التكتيكية واعتماده على الضغط العالي، ليخوض حالياً تحدياً جديداً في السعودية بوصفه مدرباً للاتحاد.
ولا تعدّ مواجهة النصر والاتحاد مباراة عادية؛ بل محطة تاريخية جديدة في صراع برتغالي ممتد، يعيد إلى الذاكرة توتراً قد يشتعل من جديد على الأراضي السعودية، حيث يسعى كل من خيسوس وكونسيساو لتأكيد تفوقه الفني وتحقيق العبور نحو ربع النهائي، في فصل جديد من قصة لا تزال مفتوحة على احتمالات كثيرة داخل الملعب وخارجه.


