أثارت البداية المتذبذبة للهلال في الموسم الجديد تحت قيادة الإيطالي إنزاغي كثيراً من علامات الاستفهام حول جدوى الأسلوب الذي يتبعه هذا المدرب مع الكتيبة الزرقاء، ومدى فاعليتها خلال الاستحقاقات المقبلة.
وبعدما كانت الآراء تكيل المديح للمدرب الإيطالي، انقلبت الأمور رأساً على عقب، تماماً كما حدث للفريق في كلاسيكو الأهلي الذي انفرطت نقاطه من بين يديه بشكل صادم بعد التقدم بثلاثة أهداف في الشوط الأول.
في البدء قال كثيرون إن المدرب لا يناسب أسلوب الهلال، لكن التحول طرأ بعد المستويات المبهرة التي قدمها الهلال في كأس العالم للأندية، أبرزها الانتصار التاريخي على مانشستر سيتي الإنجليزي.
لكن مع بدء منافسات الموسم الكروي الجديد، تجدد القول بأن إنزاغي ينتهج أسلوباً لا يتماشى مع منظومة الهلال وهويته، بينما في واقع الأمر الهلال هذا الموسم بُني على هوية وأسلوب إنزاغي، لكن الأمر الأهم والأكثر تداولاً هو «هل إنزاغي مدرب دفاعي؟».
يتحدث الكويتي عبد الله أشكناني، المحلل الفني لقنوات «ثمانية»، الناقل الرسمي لمنافسات كرة القدم السعودية، عن فكرة أن إنزاغي مدرب دفاعي، ويرفض هذا الأمر، مستشهداً بأرقامه التي حققها مع إنتر ميلان، التي ظهر فيها أقوى خط هجوم.
أشكناني، الخبير بمنافسات كرة القدم الإيطالية، قال: «إنزاغي ليس مدرباً دفاعياً، أربع سنوات قضاها مع إنتر ميلان، كان الأقوى هجوماً في الدوري، والمرة الوحيدة التي لم يحقق فيها القوة الهجومية كانت بفارق هدف عن نابولي البطل».
وواصل حديثه: «من شاهد الشوط الأول ولم يعرف المدرب سيدرك أن هذا أسلوب إنزاغي، بمعنى الخروج من ضغط الأهلي بشكل ممتاز، ومهاجمي أجعله يتفوق على قلب الدفاع للفريق الخصم، لأول مرة أشاهد إيبانيز في هذه الحالة على الأقل في حالتين، داروين نونيز بالسرعة والتحول».
وتفصيلاً في عملية التحول من التقدم بثلاثية إلى التعادل 3-3 وخسارة ثلاث نقاط ثمينة، قال أشكناني: «الشوط الثاني عملية تراكمية، 3-3 هي أمور خارقة من إيفان توني بتسجيله أهدافاً صعبة وتفوق على كوليبالي وحسان، كذلك مدى جودة احتياط الهلال، أيضاً إنزاغي أوصل رسالة إلى أن المباراة انتهت، وكالعادة إخراج ظهيرين، إنزاغي مسؤول نعم وبقية الأمور تشترك في عدم الفوز».
اللاعب البحريني السابق حسين بابا، يقول في معرض حديثه لصالح القنوات الرياضية السعودية: «إنزاغي ليس مدرباً دفاعياً، في آخر خمس سنوات سواء حقق اللقب أو لم يحققه في الدوري الإيطالي، هو الأفضل هجومياً أربع مرات، أن تشاهد الهلال أمام الأهلي الفريق الثقيل فنياً يصل 6 مرات منفرداً هنا كأسلوب المدرب نجح، ولكن في النهاية القرارات هي قرارات لاعبين وكذلك كانت لقطتان الكرة ارتطمت بالعارضة».
وفي مارس (آذار) الماضي، ذكرت شبكة «The Athletic» أن إنتر ميلان بقيادة سيموني إنزاغي يسعى إلى تحقيق الثلاثية، فهو أحد أفضل المدربين في العالم، وتحدثت الشبكة في تقرير موسع عن الحالة الفنية التي أحدثها إنزاغي مع الإنتر، وعن كونه المدرب الأفضل في إيطاليا، قالت الشبكة: «مثل كونتي، يلعب بخطة 3-5-2، ولكن هنا تنتهي أوجه التشابه. فبينما تفوز فرق كونتي عادةً، لكنها غالباً ما تُمثل تحدياً للمشاهدة، فإن هذه النسخة من إنتر ممتعة للمشاهدة، فهي مرنة وسلسة، رشيقة وهجومية».
وأضافت الشبكة: «يتبادل اللاعبون مراكزهم، ينتقل المدافعون إلى خط الوسط، ويتحرك لاعبو الوسط إلى الأجنحة، ويتراجع المهاجمون إلى العمق. أكثر ما يلفت انتباهك عند مشاهدتهم شخصياً هو حركتهم المستمرة؛ 11 كائناً منفصلاً يبدون أشبه بقطيع أسماك، يتحركون ككيان واحد. إنه مزيج استثنائي من البنية المؤسسية والحرية الفردية».
وعوداً لمهمة لإنزاغي مع الهلال، فإن أولى صفقات الصيف كانت من خلال ضمه الظهير الأيسر، الفرنسي ثيو هيرنانديز الذي يعرفه إنزاغي جيداً، إضافة لامتلاك الهلال البرتغالي جواو كانسيلو الظهير الأيمن، مع وضع خيارات هجومية تعتمد على السرعات، المهاجم النيجيري فيكتور أوسيمين، ثم السويدي إيزاك الذي انتقل لاحقاً إلى ليفربول الإنجليزي، فيما كان الأوروغوياني داروين نونيز أحد خياراته التي نجح في الظفر بها.
أدوات المدرب حضرت بشكل كبير، مع وجود الصربي سافيتش اللاعب الذي يعرفه إنزاغي جيداً، وكذلك البرازيلي مالكوم الذي يخدم نهج المدرب الإيطالي.
وعموماً فإن الوصول لدرجة الكمال أمرٌ لن يحدث سريعاً، لكن الهلال يُظهر الكثير من الملامح الشرسة والمثالية تحت قيادة إنزاغي رغم مبارياته الصعبة التي دشنت رحلته محلياً بلقاء القادسية ثم الأهلي.
لكن الأهداف التي سجلها الهلال حتى الآن تحت قيادة المدرب إنزاغي تمنحك الكثير من الدلالات على أن المدرب ليس دفاعياً أو غير مناسب للهلال، لكنه أسلوب مختلف عما اعتادت الجماهير رؤية فريقهم عليه.
موقع رابطة الدوري السعودي للمحترفين أشار في تقرير له عن المدرب إنزاغي: «تقليدياً، يُفضل إنزاغي اللعب بتشكيلة 3-5-2، لكن المرونة والتناوب هما الأساس. تُعطيه الأولوية لتمرير الكرة واستغلال المساحات، سواءً بالتمريرات القصيرة بين الخطوط، أو بجذب الفرق المنافسة وشن هجمات مرتدة».
«يهاجمون كفريق ويدافعون كفريق واحد»، هذا يجعل اللعب ضد فريق إنزاغي صعباً للغاية، حيث قد تجد قلب الدفاع متقدماً في الهجوم، أو المهاجم يتراجع إلى الخلف لشغل المساحات وجذب مدافعي الخصم.
لنأخذ، على سبيل المثال، حقيقة أن 20 لاعباً مختلفاً قدّموا تمريرة حاسمة لإنتر ميلان في الدوري الإيطالي، الموسم الماضي، وهو أعلى رقم بين أفضل الفرق الأوروبية، حيث يبلغ متوسط التمريرات الحاسمة نحو 15 - 16 تمريرة. ولم يقترب من هذا الرقم سوى نادي برشلونة، بـ19 لاعباً مختلفاً.


