في حين تَراجَع الأخضر خطوةً إلى الوراء في سباق التأهل إلى مونديال 2026 بعد خسارته من المنتخب الياباني، يرى خبراء سعوديون وجوب العمل بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة على الصعيدَين الفني والمعنوي؛ تحسباً لأي مفاجآت قد تفسد على الأخضر فرحة «التأهل المباشر» إلى المونديال، والدخول في حسابات هو في غنى عنها.
ويرى المدرب فيصل البدين أن هناك أموراً كثيرة تنقص المنتخب من أجل استعادة المسار الصحيح نحو المونديال المقبل، وأهمها استقرار المدرب مانشيني على قائمة من الأسماء، فتارة يؤكد حرصه على ضم لاعبين أكثر من أصحاب الخبرة، وتارة يبعد هذه الأسماء ويعتمد بشكل كبير على اللاعبين الصاعدين، وهذا يعني أن المدرب لم يحدد مساره بعد، حتى يتم على أثر ذلك قياس العمل الفني الذي يقدمه، والقدرة على تحقيق الأهداف المطلوبة.
وقال البدين: «إن استبعاد اللاعبين أو ضمهم، في العادة يكونان عن قناعة فنية، ولكن الجدل يحضر حينما يتم استبعاد أسماء لها ثقلها في أوقات مهمة، كما يجري الحديث في هذه الفترة عن استبعاد اللاعب علي البليهي بحجة تراجع مستواه، في حين لا يزال اللاعب أساسياً في فريقه الهلال، ويقدم أداءً مميزاً، وإن كانت هناك أخطاء لكنها لا تقنع المتابعين بوصفها عذراً لاستبعاده». ويعتقد البدين بأن العدد الكبير من اللاعبين الأجانب في الفرق السعودية له أثر سلبي؛ لأنه لا يترك فرصاً للاعبين السعوديين في المشاركة، «ولكن هذا قرار الاتحاد السعودي، وإذا كان المدرب من جانبه غير مقتنع بهذا القرار فعليه أن يبلغ الاتحاد بشكل مباشر، ويلحُّ في طلبه بخصوص مسألة خفض عدد اللاعبين الأجانب».
وعدّ البدين أن المباراة المقبلة أمام المنتخب البحريني تمثّل منعطفاً مهماً نحو استعادة الأخضر مساره في هذه التصفيات، حيث إن خسارة أي نقطة تعني زيادة المصاعب مع وجود منافسة قوية على المقعد الثاني المباشر نحو المونديال، في وقت يتقدم فيه منتخب اليابان بالصدارة.
ويرى البدين أن «الاستراتيجية في مثل هذه التصفيات تتمثل في ألّا تخسر، وتقبل بالتعادل أمام أقوى المنافسين خارج أرضك، ويمكن قبول حتى التعادل على أرضك، مقابل ألّا تخسر أمام المنتخبات الأقل سواء على أرضك أو خارجها، لكن المنتخب السعودي خسر نقطتين من منتخب غير منافس مثل إندونيسيا، و3 نقاط أمام اليابان، في حين كان الفوز على منتخب الصين على أرضه هو الهدف الذي تحقق حتى الآن من هذه الاستراتيجية».
وأشار البدين إلى أن «المشوار ما زال طويلاً، وكل شيء قابل للتعويض، لكن تتوجب مضاعفة الجهود والاستفادة من الأخطاء، وتخفيف النقد الهجومي على بعض اللاعبين والمدرب، وعدم المساهمة في طمس الثقة بينهم؛ لأن الجميع في مركب واحد، والنقد الهادف هو المطلوب».
وعدّ البدين أن «الفرصة ما زالت مواتية من أجل كسب فوز جديد على المنتخب البحريني، وهو منتخب لا يُستهان به في كل الأحوال؛ فقد فاز على أستراليا خارج أرضه وبات رصيده النقطي يتساوى مع رصيد كل من المنتخبين السعودي والأسترالي، بـ4 نقاط، وعادة ما تكون مباريات الأخضر مع المنتخبات الخليجية ذات حساسية وصعوبة إلى حد ما».
من جانبه أكد الدكتور عبد العزيز الخالد أن المسؤولية باتت أعظم، والتحدي أكبر أمام المنتخب السعودي. وأضاف: «مهما كانت التحديات، فالثقة بنجومنا عالية جداً، ومن الواجب الاصطفاف خلف المنتخب، والابتعاد تماماً عن ألوان الأندية، وترك التعصب جانباً». وزاد بالقول: «كما يتوجب التعامل مع كل مباراة على حدة، وحتى في حالة التعثر يجب ألّا نقسو على منظومة العمل، بل التركيز على مسألة جمع النقاط».
ورأى الخالد أن «مانشيني مدرب كبير وصاحب إنجازات وحضور عالمي، لديه فكرة فنية حتى وإن اختلفنا معه فهي تحتاج للوقت والدعم للوصول بالمنتخب إلى أفضل الحالات الفنية».
وشدد الخالد على أن الواقعية يجب أن تكون عنواناً للأداء بشكل عام. وطالب اللاعبين بعدم الانشغال بالأحكام، أو أي مؤثرات جانبية تشتت الحالة الذهنية لديهم، حيث إن هذه نقطة في غاية الأهمية.
كما أوضح أن المباراة المقبلة ضد المنتخب البحريني يجب أن تكون ذات هدف واحد، وهو الفوز؛ لأن انقضاء 4 جولات برصيد نقطي أقل من 7 نقاط، يعني تراجع حظوظ التأهل المباشر، خصوصاً أن المنتخب البحريني أيضاً منافس، ويتساوى في الرصيد الحالي من النقاط.
وعدّ الخالد أن العدد الكبير للاعبين الأجانب في صفوف الفرق السعودية ظهر تأثيره على المنتخب، عادّاً أنه من المهم الاستفادة من هذه الدروس والسلبيات الناتجة عن هذه القرارات؛ لأن اللاعب يجب أن يكون لديه حسُّ المشاركة في المباريات حتى يكون جاهزاً ذهنياً، مؤكداً ضرورة الاستفادة قدر الإمكان من اللاعبين ذوي الخبرة الموجودين في الملاعب السعودية، وإن كان بعضهم قد انتقل لدوري الدرجة الأولى ولا يوجد ضمن فرق دوري المحترفين.
وأكد الخالد عدم وجود فوارق فنية كبيرة بين المنتخبات الآسيوية، وهذا ما ظهر من خلال النتائج في الجولات الماضية، والتقارب النقطي، عدا المنتخب الياباني الذي حقق فارقاً واضحاً في مجموعة الأخضر.
وعاد الخالد للقول: «المجموعة ليست سهلة، كما أنها ليست صعبة على نجوم الأخضر الذي تمرّس كثيراً في القارة، وسجّل حضوره المشرف والدائم».وتمنّى الخالد عدم الالتفات للمحبطين والمتعصبين والمتشائمين، الذين ينظّرون ويظهرون في وقت الأزمات، ويقللون من العمل، أو يحبطون المجموعة، أو يستهدفون اللاعبين حسب الميول.
من جهته، قال عبد الوهاب الحربي المدير الفني السابق للمنتخب السعودي للناشئين: «لا شك أن مجموعتنا أقوى المجموعات، وكما كنا نفضل عدم وجود منتخبَي اليابان وأستراليا في طريقنا، كذلك هما أيضاً لم يفضّلا الوجود مع منتخبنا السعودي بناءً على تجارب سابقة في آخر تصفيات للمونديالَين السابقَين، حيث تفوّق المنتخب السعودي».
ورأى أن مانشيني لم يستطع حتى الآن الوقوف على الأسماء، ولا على الطريقة المناسبة، ولكن مع مرور المباريات يتوجب أن يظهر المنتخب السعودي بهوية أوضح مع خوض الجولة الرابعة من التصفيات بمواجهة المنتخب البحريني.
وعبّر الحربي عن أمله في أن «يعتمد مانشيني في الفترة المقبلة التي تعقب الجولة الرابعة على اللاعبين أصحاب الخبرة التراكمية، وأعني اللاعبين الذين يملكون تجارب سابقة، والمتدرجين من المنتخبات السنية؛ لأنهم عاشوا مواقف وخبرات سابقة مع لاعبي الخبرة الموجودين، ولا يمنع أن يكون هناك اسم أو اسمان بارزان لم يلعبا من قبل، مع أن هذا كان الخيار الأنسب منذ بداية التصفيات بدلاً من الاعتماد بشكل كبير على أغلبية من اللاعبين أصحاب التجربة القليلة في مثل هذه التصفيات الحاسمة».