لطالما حملت مباريات الكؤوس في طياتها عديداً من المفاجآت المذهلة للبعض والصادمة للبعض الآخر؛ كونها تقود في كل الأحوال إلى مسارين لا ثالث لهما، إما مواصلة الطريق إلى الأدوار المتقدمة وإما الخروج من دائرة المنافسة.
ومؤخرا، أُسدل الستار على المرحلة الأولى من البطولة الأغلى محلياً، وأمضت 11 نادياً من الدوري السعودي للمحترفين رحلتها دون عناء، في الوقت الذي سجلت فيه خمسة أندية من دوري الدرجة الأولى حضورها في الدور القادم من البطولة.
وشهدت البطولة حتى الآن تسجيل 52 هدفاً، إذ كانت أهداف الشوط الثاني الأكثر بعدد 26 هدفاً، مقابل 20 هدفاً سُجّلت في الشوط الأول، ومن بين المباريات انتهت 13 مواجهة بالوقت الأصلي، مقابل مواجهتين في الأشواط الإضافية، ومواجهة وحيدة احتكمت إلى ركلات الترجيح.
وترصد «الشرق الأوسط» أبرز نقاط وأحداث المرحلة الأولى في بطولة «كأس الملك»، البطولة الأغلى محلياً التي تمكّن المتوج بلقبها من المشاركة في كأس السوبر السعودي، ومشاركة آسيوية، بالإضافة إلى جائزة مالية قدرها عشرة ملايين ريال.
«الجندل يفجّر المفاجأة الكبرى»
كان نادي الجندل الواقع في مدينة دومة الجندل بمنطقة الجوف حديث الشارع الرياضي ومنصات التواصل الاجتماعي، بعد أن تمكّن من الإطاحة بفريق الأهلي والعبور نحو دور الـ16 في مفاجأة كبيرة، ليس كون الجندل قادماً إلى دوري الدرجة الأولى فحسب، وإنما لكونه أيضاً يتذيّل مركزاً متأخراً في لائحة الترتيب، ولم يحقق سوى انتصار وحيد مقابل ثلاثة إخفاقات من أربع مباريات.
الجندل الذي يتولى قيادته الوطني زياد العفر تمكّن من تجاوز الأهلي بهدفين، وسجل مُنجزاً فريداً من نوعه سيُدوّن في تاريخ النادي الذي ينشد البقاء موسماً إضافياً في دوري الدرجة الأولى بعد صعوده من دوري الدرجة الثانية قبل عام من الآن.
«أندية الأولى... نحن هنا»
قد يكون الجندل نجح في خطف الأنظار ممن حوله، إلا أن هناك أربعة أندية أخرى في دوري الدرجة الأولى كسبت الرهان بعد الإطاحة بفرق قادمة من الدوري السعودي للمحترفين، لتسجل حضوراً كبيراً في دور الستة عشر.
خمسة أندية مقارنة بناديين في الموسم الماضي هو رقم كبير ومضاعف جداً، وذلك بعد عودة البطولة إلى دائرة موسعة؛ للمشاركة في البداية من دور الـ32، بعد أن كانت مقتصرة على أندية الدوري السعودي للمحترفين منذ جائحة كورونا.
وأمطر الطائي شباك الخليج بخماسية مثيرة في مباراة امتدت إلى الأشواط الإضافية بعد تعادلهما بهدفين في الوقت الأصلي، وفي المدينة ذاتها نجح القطب الثاني في حائل بالوجود ضمن الدور القادم؛ إذ كسب الجبلين نظيره الفتح بثنائية نظيفة، وأقصى النجمة ضيفه فريق ضمك بالنتيجة ذاتها 2 - 0، ليحجز مقعده للعام الثاني على التوالي بين الكبار، أما العربي فقد تجاوز الأخدود بنتيجة 2 - 1، وسجل حضوره في الدور القادم.
بعيداً عن الفرق المتأهلة من دوري الدرجة الأولى، فقد برزت أندية مثل البكيرية الذي خسر أمام الهلال بهدف وحيد، وكذلك الحزم الذي خسر في اللحظات الأخيرة أمام النصر بهدف ثانٍ بعد خطأ مشترك بين المدافع وحارس المرمى.
«بلان يحرر محليي الاتحاد من دكة البدلاء»
منح مدرب فريق الاتحاد الفرنسي لوران بلان الفرصة لعدد من الأسماء المحلية في لقاء فريقه أمام العين الذي كسبه بثلاثية نظيفة؛ إذ عبّر المدرب عن سعادته في المؤتمر الصحافي بعد المواجهة بمنح اللاعبين السعوديين فرصة المشاركة في المواجهة والحصول على دقائق لعب أكبر.
ونال اللاعبون المحليون في الاتحاد إشادة كبيرة على الأداء الذي قدموه؛ إذ لفت حامد الغامدي الأنظار في ظهوره الأساسي الأول منذ قدومه إلى الفريق في فترة الانتقالات الشتوية الماضية، بعد عدة أزمات مر بها اللاعب على مستوى الإصابات العضلية.
واستعاد الثنائي عبد العزيز البيشي وعبد الرحمن العبود مستوياتهما في مطلع الموسم الحالي، بعد حصولهما على ثقة بلان ومساعديه. البيشي الذي لم يوجد في معسكر الفريق التحضيري فرض نفسه على المدرب الفرنسي واستطاع أن يحصل على دقائق لعب أكبر من أقرانه في الفريق، وبات الخيار الأول من مقاعد البدلاء، في حين حافظ العبود على وجوده ضمن قائمة الفريق بعد إعارته في الموسم الماضي إلى الاتفاق. وكان صالح الشهري عريس المباراة في جدة بتسجيله هدفين، وكان على أعتاب تسجيل «الهاتريك» لولا احتساب الهدف الثاني هدفاً عكسياً في مرمى العين، ورفع الشهري القادم من الهلال أهدافه مع الاتحاد إلى 3 أهداف مع كثير من الإسهامات الإيجابية عند مشاركته.
أحمد الغامدي الموهوب القادم من الاتفاق يبدو أنه لا يحظى بقناعة كبيرة من الجهاز الفني، فقد بات الغامدي صاحب الـ23 عاماً الخيار الخامس في مركز الجناح بعد نصف موسم كان فيه أساسياً الموسم الماضي.
لوران بلان عندما سُئِل عن اللاعب في المؤتمر الصحافي عقب مواجهة الوحدة الدورية، قال إن عليه الصبر والتدرب حتى يحصل على الفرصة، وكانت التوقعات بمشاركة الغامدي في مواجهة العين خصوصاً أن الفريق الأساسي تمت إراحته بالكامل في الجزء الأمامي، إلا أن الغامدي لم يحصل سوى على دقائق محدودة في المشاركة، الأمر الذي يُظهر أن اللاعب لا يحظى بالقناعة الكاملة من المسؤول الفني بالفريق.
«العفر ينتصر للمدرب الوطني»
كما هو الحال لفريقه الجندل، كان زياد العفر مدرب الفريق، الذي يعمل معلماً للغة العربية في إحدى مدارس منطقة الجوف محط الأنظار، بعدما أعاد إلى الواجهة المدرب الوطني ونجح في قيادة فريقه لعبور خصم قوي ومنافس يملك فوارق في الإمكانات المالية والفنية.
العفر الذي وضع نسبة 20 في المائة لفوز فريقه، كما تحدث لـ«الشرق الأوسط»، تمكّن من إرسال رسالة أن المدرب الوطني يحتاج إلى الفرصة فقط، ليس عطفاً على نتيجة المباراة وإنما لمسيرته مدرباً مع فريقه الذي قاده للصعود من الدرجة الثانية إلى الأولى.