هبّت عاصفة من الانتقادات على المدرب الإيطالي روبرتو مانشيني، وذلك عقب البداية المهزوزة للأخضر السعودي في «تصفيات آسيا المونديالية» «المرحلة الثالثة» التي تعادل من خلالها مع المنتخب الإندونيسي 1 - 1 على أرضه وبين جماهيره في ملعب «الجوهرة المشعة» بجدة.
وطالبت شريحة كبيرة بإقالة المدرب الإيطالي، وذلك عطفاً على النتائج التي قدّمها الأخضر تحت إشرافه وعدم إحداثه أي تغييرات إيجابية تحقّق نقلة نوعية في أدائه.
منهجية تكتيكية غير مناسبة
«الشرق الأوسط» بدورها تحصّلت على آراء عدد من النجوم السابقين للكرة السعودية حول هذه المطالب، وما إذا كانت واقعية وذات جدوى؛ إذ قال اللاعب الدولي السابق خالد قهوجي إن المدرب الإيطالي مانشيني نال فرصة واسعة من أجل تقديم المنتخب السعودي بصورة تعكس قيمة الأخضر وقيمته وقدرته على تحقيق الأهداف المرجوة، وفي مقدمتها التأهل إلى نهائيات «كأس العالم 2026». وأضاف: «لا يمكن القول إن الوقت مبكر للحكم على المدرب، كما يرى بعض المتابعين، كون مانشيني نال وقتاً كافياً لمتابعة اللاعبين، وأكمل نحو العام في قيادة المنتخب، ولذا أرى أن المدرب وصل إلى مرحلة الفرصة الأخيرة التي يمكن بعدها أن يُتخذ قرار بحقه».
وزاد بالقول: «أنا لا أؤيّد تغيير المدربين بهذه السرعة، ولكن قد يكون هذا النوع من القرارات المهمة في مرحلة ما خصوصاً إذا ما تم الوصول إلى قناعة أن التطور أو على الأقل تقديم الأداء الفني المطلوب لا يمكن أن يحدث. هنا يجب التوقف واتخاذ القرار الأنسب، من أجل مصلحة المنتخب والبحث عن الحلول الأفضل». وبيّن القهوجي أن إصرار المدرب على اللعب بثلاثة لاعبين في وسط الدفاع، بالإضافة إلى ظهيرين أمام منتخب لا يملك قوة هجومية؛ يعني أن المدرب لديه منهجية غير مناسبة لكل مباراة على حدة، «فالحارس محمد العويس قد لا يكون لمس الكرة في جميع أوقات المباراة، بما فيها الكرة التي جاء منها الهدف الوحيد للمنتخب الإندونيسي».
وعرج قهوجي على أداء بعض لاعبي المنتخب السعودي، يتقدمهم سالم الدوسري الذي لم يقدّم الأداء المعروف عنه، وكان بعيداً عن مستواه عدا ركلة الجزاء التي أضاعها، وكان يمكن أن تأتي بالنقاط الثلاث، «لكن يجب ألا يكون التركيز بالكامل على نقد المدرب وتبرئة اللاعبين، إذ إن المنتخب السعودي نظرياً قادر على التفوّق على إندونيسيا حتى دون وجود مدرب».
وأشار إلى أن الأحاديث قبل المباراة كانت تتركز على كمّ الأهداف التي يمكن أن نسجلها في شباك إندونيسيا، من أجل الاستفادة من مسألة تحديد المتأهلين من فارق الأهداف، لكن هناك من قد يظهر ويقول إن الحديث في هذا الجانب قبل المباراة قد يكون من أسباب الثقة الزائدة، لكن الواضح أن هذا لا يمكن أن يكون تبريراً مقبولاً.
وختم بالقول: «كنا نقول إن من حسنات المدرب مانشيني أنه جعل من خط الدفاع أكثر تنظيماً، ولكن في مباراة إندونيسيا كانت الهوية مفقودة لا دفاع ولا هجوم ولا طعم للمنتخب، ولذا من المهم أن نعود من الصين بالنقاط الثلاث إذا أراد المدرب واللاعبون على حد سواء استعادة الثقة بهم».
لاعبون بلا فاعلية
من جانبه يرى اللاعب الدولي السابق والمحلل التلفزيوني الحالي، عبد العزيز الدوسري، أن التركيز على أن المدرب هو المشكلة الأساسية بل الوحيدة في المنتخب هو تبرئة غير مقبولة للاعبين والأجهزة الإدارية وكل من له علاقة بالمنتخب.
وأضاف: «بعض اللاعبين فاعلون فقط في نطاق الأندية، بل إن بعضهم لا يصلح أن يلعب في الأندية الكبيرة والمنافسة، وهم في طريقهم نحو مغادرة أنديتهم؛ لأنهم غير مقنعين، لكن الخيارات لدى مانشيني ضعيفة ويعمل بالجود بالموجود».
وأضاف: «هناك لاعبون أقل من الحضور في المنتخب، ويرتكبون أخطاء فادحة لا يمكن أن تُعطي مؤشراً إيجابياً على أنهم يستحقون الثقة، والمدرب في الوقت نفسه لا يملك خيارات، ومع كل ذلك يجب عليه أن يعمل على حل المشكلات، وليس الإفصاح عنها لتبرئة ساحته، فاللعب بتكتل دفاعي أمام منتخب متواضع مثل إندونيسيا خطأ، كما أن وجود لاعب يرتكب أخطاء كثيرة مثل عبد الله الخيبري في مركز المحور خطأ فني، وهناك لاعبون عليهم آمال كبيرة، لكنهم خذلونا في المباراة الأخيرة على الأقل مثل سالم الدوسري، فهو بعيداً عن أنه أضاع ركلة جزاء فقد كان أقل من المطلوب في الملعب ولا يركض ويبحث عن الكرة».
وواصل: «حينما أقول إن المدرب مانشيني لا يتحمّل وحده كل شيء يمكن أن أورد أمثلة، منها: ركلة الجزاء الضائعة، وأيضاً انفراد فراس البريكان، كما أن بذل المجهود في الملعب لا يحتاج دائماً إلى توجيهات، أتفق مع من يقول إننا لو لعبنا دون مدرب يمكن أن نتفوّق وبسهولة على إندونيسيا؛ لكن للأسف الواقع شيء آخر».
واستغرب الدوسري ممن يقول إن المنتخب الإندونيسي تطوّر كثيراً، ويبرر التعادل معه بالقول: «المقياس هو ما قدّمه هذا المنتخب في مشواره بالتصفيات، حتى نقول هو منتخب قوي أم أن الضعف في المنتخب السعودي».
وعن المطالبات بإقالة المدرب مانشيني قال الدوسري: «أرى حال المنتخب السعودي مثل حال فريق النصر، فريق منافس؛ ولكنه يحتاج إلى إكمال نواقص رئيسية وحسن إدارة فنية، وبعدها يكون في أفضل حال، ولكن إذا لم ينصلح الحال في مباراة الصين المقبلة فلا بد من اتخاذ قرار مناسب، مع تأكيد القناعة أن المدرب لا يتحمّل كل شيء، بل هو جزء من المشكلة».
ورأى الدوسري أن «التأهل إلى المونديال القادم يتطلّب بقاء مانشيني مع مناقشته بشكل أكبر وتوفير كل المتطلبات له. أما العودة إلى مشهد إقالات المدربين، وكأنهم السبب الأول والأخير في كل شيء؛ فستكون بمثابة العودة إلى الوراء».
وعدّ الدوسري أن هناك لاعبين يمكن تصنيفهم بأنهم لاعبو أندية فقط مثل: متعب الحربي، وعبد الله الخيبري، وعبد الرحمن غريب، وسلطان الغنام.
وختم بالقول: «استقال المدرب السابق هيرفي رينارد؛ لأنه أدرك أنه غير قادر على الإضافة، بعد أن درس الوضع الحالي للمنتخب والكرة السعودية، وإذا كان هناك من يرى غير ذلك سبباً في الاستقالة يمكن أن يبدي رأيه، ولكن في المجمل يجب أخذ الأمور برويّة وبعيداً عن القرارات المتسرعة والبناء على ما حصل في الماضي، وليس العشوائية والقرارات العاطفية هي ما ستكون الحل».
الاستقرار مهم و«لا مكان للعاطفة»
ومن جانبه، يرى اللاعب الدولي السابق والمحلل الحالي محسن الحارثي، أن الاستقرار مهم جداً للمدرب بعيداً عن الجانب العاطفي وقياس الأمور بشكل ضيق، وكأن خسارة نقطتين في بداية المشوار هي نهاية كل شيء.
وبيّن الحارثي أن البدايات عادة ما تكون صعبة، وهذا حصل مع المنتخب السعودي في عدة مناسبات؛ ولذا الاستقرار على المدرب سيكون إيجابياً أكثر من أي قرار آخر في هذه الفترة تحديداً حيث يستعد المنتخب لخوض الجولة الثانية بمواجهة الصين يوم الثلاثاء المقبل.
وأشار الحارثي إلى أن المنتخب السعودي لديه استقرار بشكل كبير من حيث الأسماء التي كانت مع المدرب السابق هيرفي رينارد؛ ولذا قد يكون النقد مرتكزاً على جانب توظيف العناصر داخل الملعب خصوصاً لاعبي خط الوسط الذين تتشابه أدوارهم الموجودين معاً في القائمة، إذ إن من المهم البحث عن لاعبين وسط يمثّلون الدعم في خط الهجوم.
وشدد على أن المدرب يختار الأسماء المتاحة التي يحتاج إليها، ويمكنه أن يُجري تغييرات تتطلّبها الظروف، كما حصل مع إصابة اللاعب متعب الحربي، وهو الأقرب لما يتخذه من قرارات، ويجب أن تتعزّز الثقة بين المدرب واللاعبين وعدم التشكيك في أي طرف في هذا الوقت الحساس.
وختم بالقول: «اليوم علينا أن نتكاتف ونزرع الأجواء الإيجابية؛ لأن اللاعبين قد يتأثرون بما يُنشر في الجانب السلبي، وهم في مهمة وطنية، وفي أيديهم الهواتف المتنقلة، ويتابعون ما يحصل، ولذا المهم التأثير في الجانب الإيجابي والدعم والتحفيز وتأكيد الثقة».