سجّلت مستويات قياسية... هل تواصل الفضة ارتفاعها رغم أزمة الإمدادات؟

بائعة تُظهر عملةً فضيةً لزبون في «يوم دانتيراس» وهو يوم ميمون لشراء الذهب والفضة في غواهاتي (أ.ب)
بائعة تُظهر عملةً فضيةً لزبون في «يوم دانتيراس» وهو يوم ميمون لشراء الذهب والفضة في غواهاتي (أ.ب)
TT

سجّلت مستويات قياسية... هل تواصل الفضة ارتفاعها رغم أزمة الإمدادات؟

بائعة تُظهر عملةً فضيةً لزبون في «يوم دانتيراس» وهو يوم ميمون لشراء الذهب والفضة في غواهاتي (أ.ب)
بائعة تُظهر عملةً فضيةً لزبون في «يوم دانتيراس» وهو يوم ميمون لشراء الذهب والفضة في غواهاتي (أ.ب)

تشهد أسواق الفضة، التي يُطلق عليها غالباً لقب «معدن الشيطان»؛ بسبب تقلبها الشديد، مرحلة صعود استثنائية هذا العام، مسجلةً مستويات قياسية جديدة ومتجاوزة ذروتها التاريخية السابقة التي سُجِّلت في أكتوبر (تشرين الأول). وقد تفوَّقت الفضة على الذهب في 2025، محققةً نمواً بلغ نحو 71 في المائة، مقارنة بنمو الذهب البالغ 54 في المائة.

ورغم انحسار المكاسب قليلاً بعد الوصول إلى الذروة، بدأت الأسعار في النمو مجدداً، مدفوعةً بطلب غير مسبوق من القطاع الصناعي وارتفاع الاستهلاك في الهند، حتى في ظل أزمة وشح في الإمدادات العالمية.

وارتفع سعر الفضة الفوري بنسبة وصلت إلى 2.6 في المائة ليلامس 54.76 دولار للأوقية، مدعوماً بمزيج من التفاؤل الاقتصادي العالمي، ونقص غير مسبوق في المعروض، والطلب الصناعي المتزايد. ويرى الخبراء أن هذه الديناميكيات غير المسبوقة قد ترسل الفضة إلى مستويات أعلى بكثير، خصوصاً أنها تعتمد على أسس مختلفة عن موجات الصعود السابقة.

سبائك من الذهب والفضة بمصنع فصل المعادن النمساوي «أوغوسا» في فيينا (رويترز)

تسجيل ذروة تاريخية

وصل سعر الفضة الآن إلى قمة جديدة بعد أن كان قد سجَّل ذروةً سابقةً عند 54.47 دولار للأوقية في منتصف أكتوبر، وهي المرة الثالثة فقط التي يبلغ فيها المعدن هذا المستوى في آخر 50 عاماً. ويستند هذا الارتفاع الحاد إلى عاملين رئيسيَّين؛ الأول ازدياد التفاؤل في الأسواق العالمية بشأن قرب قيام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض أسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول)، مما يدعم الأصول التي لا تدر عائداً مثل الذهب والفضة. والثاني الضيق اللوجيستي؛ حيث يتفاقم شح الإمدادات، مما دفع بأسعار الاقتراض في سوق لندن إلى الارتفاع بشكل جنوني في أكتوبر.

وعلى عكس موجات الاستثمار السابقة، يعتمد ازدهار الفضة في 2025 على مزيج من انخفاض الإمدادات والاحتياجات الصناعية المتزايدة والطلب القياسي من الهند. إذ تُعدّ أكبر مستهلك للفضة في العالم، حيث تستخدم نحو 4000 طن متري سنوياً، معظمها في صناعة المجوهرات والأواني والحلي. وقد تَزَامَنَ ارتفاع جاذبية الفضة في الخريف مع نهاية مواسم الأمطار والحصاد في الهند ومهرجان ديوالي (عيد الأنوار)، حيث يفضِّل المزارعون، الذين يُشكِّلون 55 في المائة من السكان، تحويل مدخراتهم إلى أصول مادية مثل الذهب أو الفضة. ونتيجة لذلك، ارتفع سعر الفضة في الهند في 17 أكتوبر إلى مستوى قياسي بلغ 170415 روبية للكيلوغرام، بزيادة قدرها 85 في المائة منذ بداية العام.

سبائك من الفضة (رويترز)

أزمة الإمدادات... وشح في الخزائن

تفاقمت أزمة الإمدادات؛ بسبب اعتماد الهند على الاستيراد بنسبة 80 في المائة، حيث كانت المملكة المتحدة تقليدياً أكبر مورديها. إلا أن خزائن لندن (التي تديرها رابطة سوق سبائك لندن) شهدت فراغاً متسارعاً؛ فمن 31023 طناً مترياً في يونيو (حزيران) 2022، انخفضت الأحجام بنحو الثلث لتصل إلى 22126 طناً مترياً بحلول مارس (آذار) 2025، وهو أدنى مستوى لها منذ سنوات. وأدى هذا الشح إلى اضطرار التجار لدفع تكاليف اقتراض أعلى بكثير لإغلاق مراكزهم، حيث بلغت تكلفة الاقتراض لليلة واحدة 200 في المائة على أساس سنوي في مرحلة ما من أكتوبر. ويأتي هذا الشح في وقت تشير فيه «دراسة الفضة العالمية 2025» إلى تراجع إنتاج المناجم على مدى السنوات الـ10 الماضية.

الفضة بوصفها معدناً صناعياً وتقنياً

تتحول الفضة تدريجياً من كونها مجرد «معدن ثمين» إلى «معدن صناعي» حيوي في ظل التطورات التكنولوجية الحديثة. ويشير الخبراء إلى أن الفضة تشهد تحولاً من الفائض إلى العجز لـ3 أسباب رئيسية: كهربة أساطيل المركبات (السيارات الكهربائية)، والذكاء الاصطناعي، والخلايا الكهرضوئية (الألواح الشمسية).

تتمتع الفضة بموصلية حرارية وكهربائية أعلى من المعادن الأخرى. وفي الوقت الحالي، تحتوي السيارة الكهربائية القياسية على نحو 25 غراماً من الفضة، ولكن إذا تمَّ التحول إلى بطاريات الفضة ذات الحالة الصلبة، فقد تتطلب كل مركبة كهربائية كيلوغراماً أو أكثر من الفضة. هذا التقاطع بين الاستخدام الثمين والتطبيقات التكنولوجية يجعل قيمة الفضة مرشحةً لمواصلة الارتفاع في عالم يتجه نحو مزيد من الكهربة والرقمنة.

المخاطر الجمركية تزيد تعقيد السوق الأميركية

تواجه السوق الأميركية تعقيداً إضافياً، حيث يراقب التجار احتمال فرض رسوم جمركية بعد إضافة الفضة إلى قائمة هيئة المسح الجيولوجي الأميركية للمعادن «الحرجة» في نوفمبر (تشرين الثاني). وقد أدت هذه المخاوف إلى تردد التجار في شحن المعدن خارج البلاد، على الرغم من خروج نحو 75 مليون أوقية من خزائن بورصة «كومكس» في نيويورك منذ أوائل أكتوبر، مما يعكس الخشية من فرض «علاوة» مفاجئة على الفضة داخل السوق الأميركية.


مقالات ذات صلة

الصين تُصدر الدفعة الأولى من التراخيص المبسطة لتصدير المعادن النادرة

الاقتصاد عمال ينقلون رمالاً تحتوي معادن أرضية نادرة في ميناء ليانينغنغ شرق الصين (رويترز)

الصين تُصدر الدفعة الأولى من التراخيص المبسطة لتصدير المعادن النادرة

قال مصدر يوم الثلاثاء إن الصين أصدرت الدفعة الأولى من تراخيص تصدير المعادن النادرة الجديدة، التي من شأنها تسريع الشحنات إلى عملاء مُحددين

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد العاصمة السعودية (واس)

السعودية: فتح المنافسة على 3 أحزمة تعدينية غنية بالذهب والنحاس والفضة

أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية عن بدء المنافسة على رخص الكشف في ثلاثة أحزمة متمعدنة ضخمة، تغطي مساحة إجمالية تبلغ 13 ألف كيلومتر مربع.

الاقتصاد «أماك» للتعدين السعودية تعلن عن موارد معدنية اقتصادية محتملة تقدّر بـ11 مليون طن في نجران

«أماك» للتعدين السعودية تعلن عن موارد معدنية اقتصادية محتملة تقدّر بـ11 مليون طن في نجران

أعلنت شركة المصانع الكبرى للتعدين (أماك) السعودية، يوم الثلاثاء، عن اكتشاف موارد معدنية اقتصادية محتملة في منطقة نجران.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح متحدثاً في قمة «اليونيدو» (الشرق الأوسط)

الفالح: المنطقة تستقطب 3 % فقط من الاستثمار الأجنبي رغم غناها بالموارد

أكد وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في ضعف جذبها للاستثمار الأجنبي المباشر مقارنة بحجم الفرص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد عامل يتفقد شحنة من النحاس متجهة للتصدير إلى آسيا بميناء فالبارايسو في تشيلي (أرشيفية - رويترز)

«يو بي إس» يرفع توقعاته لأسعار النحاس في 2026

توقع بنك «يو بي إس» ارتفاع أسعار النحاس في العام المقبل، مستنداً إلى شح المعروض نتيجة الانقطاعات المستمرة في المناجم والطلب القوي طويل الأجل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.