سجَّل مؤشر نيكي الياباني ارتفاعاً لافتاً الخميس، منهياً سلسلة خسائر استمرت أربعة أيام، بعدما عززت التوقعات الإيجابية لشركة «إنفيديا» الأميركية أداء أسهم التكنولوجيا عالمياً، وسط نشاط قوي للمستثمرين الأجانب في أسواق اليابان المالية.
وقفز المؤشر بنحو 2.7 في المائة ليغلق عند 49,823.94 نقطة، بعد أن لامس لفترة وجيزة مستوى 50 ألف نقطة، وهو مستوى نفسي مهم للأسواق. كما صعد مؤشر توبكس الأوسع نطاقاً بنسبة 1.7 في المائة. ويأتي هذا الارتفاع في وقت ما تزال فيه الأسواق تراقب تداعيات خطة التحفيز التي تعتزم حكومة رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي إطلاقها، وما قد تسببه من تقلبات في عوائد السندات الحكومية اليابانية.
وتصاعد التفاؤل العالمي بعد إعلان «إنفيديا»، أيقونة الذكاء الاصطناعي، عن توقعات تفوق تقديرات المحللين لإيراداتها الفصلية المقبلة، مما هدّأ مخاوف المستثمرين من حدوث «فقاعة» في قطاع الذكاء الاصطناعي.
وقالت المحللة ماكي ساوادا من «نومورا سيكيوريتيز» إن التركيز كان على قدرة شركات الذكاء الاصطناعي على تحقيق أرباح تبرّر الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية. وأضافت: «الأسهم التي تعرضت لعمليات جني أرباح سابقاً تشهد الآن عمليات شراء قوية، وهو ما دعم هذا الارتداد الحاد في مؤشر نيكي».
وبرزت شركات التكنولوجيا بين أكبر الرابحين في جلسة الخميس، ومنها «أدفانتست» و«طوكيو إلكترون»، اللتان كانتا من أكبر المساهمين في صعود المؤشر. كما قفز سهم «فوجيكورا»، المورد الرئيس لمراكز البيانات، بنسبة 5.9 في المائة.
وفي السياق نفسه، ارتفعت أسهم شركات التأمين، حيث قفز سهم «سومبو هولدينغز» بأكثر من 10 في المائة بعد إعلانها برنامج إعادة شراء أسهم بقيمة 77 مليار ين.
وفي المقابل، تراجع سهم «طوكيو إلكتريك باور» بنحو 4 في المائة بعدما ذكرت صحيفة «أساهي» اليابانية أن الشركة أساءت التعامل مع وثائق سرية، في وقت تسعى فيه لإعادة تشغيل محطة «كاشيوازاكي - كارياوا» النووية.
بنك اليابان مستعد للتدخل
ومع الارتفاع المستمر في عوائد السندات الحكومية اليابانية، أكدت جونكو كويْدا، عضو مجلس إدارة بنك اليابان المركزي، أن البنك «على استعداد للتدخل» في حال حدوث ارتفاعات حادة في العوائد تحت ظروف استثنائية.
وقالت خلال مؤتمر صحافي في نيغاتا: «من المناسب أن تعكس عوائد السندات أساسيات السوق، لكننا سنبقى مستعدين لاتخاذ إجراءات مرنة، بما في ذلك زيادة مشتريات السندات أو تنفيذ عمليات طارئة، إذا شهدت الأسواق تحركات مبالغاً فيها».
وتأتي التصريحات في وقت تقترب فيه عوائد السندات لأجل 10 سنوات من أعلى مستوى في 17 عاماً عند 1.8 في المائة، بالتزامن مع زيادة التكهنات بأن حكومة تاكايتشي ستتبنى حزمة إنفاق قد تتجاوز 25 تريليون ين، وهو ما دفع عوائد السندات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية هذا الأسبوع.
ومن جانبها، قالت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما أمام البرلمان إنها تناقش مع محافظ بنك اليابان كازو أويدا «مراقبة الأسواق بدرجة عالية من اليقظة».
تدفقات أجنبية قوية
وشهدت أسواق السندات اليابانية الأسبوع الماضي تدفقات أجنبية كبيرة مع استقرار العوائد نسبياً، قبل أن يتجدد القلق بشأن حجم الإصدارات المتوقعة لتمويل خطة التحفيز الحكومية. وأظهرت بيانات وزارة المالية أن المستثمرين الأجانب اشتروا ما قيمته 961.6 مليار ين من السندات طويلة الأجل خلال الأسبوع المنتهي في 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو أعلى مستوى منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وبالتوازي، جذبت سوق الأسهم اليابانية 1.02 تريليون ين من الاستثمارات الأجنبية، مع استهداف المستثمرين لأسهم التكنولوجيا التي كانت قد تعرضت لضغوط بيع مكثف. وفي المقابل، أنهى المستثمرون اليابانيون موجة بيع للأسهم الأجنبية استمرت أربعة أسابيع، ليشتروا صافي 183.3 مليار ين من الأسهم الخارجية. كما ضخّوا 348.4 مليار ين في السندات الأجنبية طويلة الأجل و78.9 مليار ين في أدوات الدين قصيرة الأجل.
ويشير محللون إلى أن الأسواق اليابانية تتحرك حالياً ضمن مسارين متناقضين، الأول مدعوم بالطفرة العالمية في الذكاء الاصطناعي وصعود أسهم التكنولوجيا، والثاني مثقَل بتداعيات خطة التحفيز الحكومية وما تسببه من ضغوط على تكاليف الاقتراض.
ومع استمرار المستثمرين في مراقبة أرباح شركات التكنولوجيا والقرارات المرتقبة لبنك اليابان، تبدو الفترة المقبلة حافلة بتقلبات قد تحدد اتجاهات السوق حتى نهاية العام.
