كشف محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي عُقد مؤخراً عن تباينات «قوية ومختلفة» بين صانعي السياسة النقدية بشأن ما إذا كان يجب خفض أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماع ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وعلى الرغم من أن «أغلب» الأعضاء رأوا أن خفض الفائدة سيكون مناسباً لتحريكها نحو مستوى «محايد» لا يحفز النمو ولا يبطئه، لم يُبدِ «العديد» منهم دعمهم لخفض آخر بمقدار 25 نقطة أساس، مؤكدين أن القرار ليس «نتيجة محسومة»، كما أشار رئيس الفيدرالي جيروم باول في وقت سابق.
ويتركز الخلاف حول مدى تقييد أسعار الفائدة حالياً، حيث يعتقد البعض أنها لا تزال تعوق النمو، بينما يرى آخرون أنها ليست مقيدة بما يكفي نظراً لمرونة الاقتصاد.

خطر التضخم
ويعكس هذا الانقسام قلق المسؤولين من استمرار ارتفاع التضخم الأساسي، خاصة في خدمات غير الإسكان، حيث لفتوا إلى أن ارتفاع أسعار السلع الناتج عن التعريفات الجمركية يُعوّض انخفاض أسعار خدمات الإسكان. وقد حذر العديد من صانعي السياسة من أن المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة قد يضيف إلى خطر ترسيخ التضخم المرتفع، أو قد يُساء تفسيره على أنه تراجع عن التزامهم بتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. وقد تجسدت هذه الآراء المتباينة في تصريحات الرؤساء الإقليميين، مثل رئيسة احتياطي دالاس، لوري لوغان، التي فضلت تثبيت الفائدة ورئيسة احتياطي كليفلاند، بيث هاماك، التي ترى أن السياسة النقدية «بالكاد مقيدة، إن وُجدت».
في سياق آخر، أظهر المحضر تأييداً واسعاً لقرار الفيدرالي وقف تقليص ميزانيته العمومية، المعروف بـ«التشديد الكمي»، اعتباراً من الأول من ديسمبر. وقد أيّد «الكل تقريباً» هذا القرار الذي جاء في وقت أبكر مما توقعه الكثيرون.
كان هدف «التشديد الكمي»، الذي بدأ في عام 2022، هو سحب السيولة الفائضة من النظام المالي. وعلى الرغم من نجاحه في خفض الميزانية العمومية من ذروتها البالغة 9 تريليونات دولار إلى 6.6 تريليون دولار، فإنها لا تزال أكبر بكثير من مستوياتها قبل الجائحة، ما يثير قلق بعض المسؤولين، مثل وزير الخزانة سكوت بيسنت، الذي يرى أن هذا الحجم «يشوه الأسواق المالية».
ومع ذلك، أشار المسؤولون إلى أنهم يفكرون بنشاط في تحويل المزيد من حيازاتهم إلى سندات خزانة قصيرة الأجل للحصول على «مرونة» أكبر في إدارة احتياجات السيولة في السوق. وقد أوضحت رئيسة احتياطي كليفلاند، بيث هاماك، أن هذا الحجم الكبير ضروري ضمن الإطار الحالي لإدارة أسعار الفائدة، مشيرة إلى أن فوائد هذا الإطار «تفوق بكثير التكاليف». أما فيما يتعلق بسوق العمل، توقع محافظو البنوك المركزية أن يستمر التباطؤ التدريجي، مع تردد الشركات في إضافة عمال جدد أو تسريح الموظفين، مما يضيف مخاطر هبوطية محتملة على التوظيف.
