من السفر إلى الأكل والأفلام... الصين تعاقب «سياسات اليابان» بالاقتصاد

طوكيو تحسب تكلفة المقاطعة... و14 مليار دولار عرضة للتبخر

لوحة في مطار طوكيو الدولي تُظهر حركة الطيران من مدن آسيوية بينها الصين (أ.ف.ب)
لوحة في مطار طوكيو الدولي تُظهر حركة الطيران من مدن آسيوية بينها الصين (أ.ف.ب)
TT

من السفر إلى الأكل والأفلام... الصين تعاقب «سياسات اليابان» بالاقتصاد

لوحة في مطار طوكيو الدولي تُظهر حركة الطيران من مدن آسيوية بينها الصين (أ.ف.ب)
لوحة في مطار طوكيو الدولي تُظهر حركة الطيران من مدن آسيوية بينها الصين (أ.ف.ب)

في غضون أيام قليلة، تحوّل تصريح واحد لرئيسة الوزراء اليابانية الجديدة، ساناي تاكايتشي، بشأن تايوان إلى أخطر أزمة دبلوماسية بين طوكيو وبكين منذ سنوات، بعدما قررت الصين الردّ بأداة باتت تجيد استخدامها، وهي «العقاب الاقتصادي»؛ إذ قالت تاكايتشي أمام المشرّعين إن أي هجوم صيني على تايوان يهدد بقاء اليابان، وقد يدفع طوكيو إلى ردّ عسكري، وهو ربط علني نادر بين أمن اليابان وأزمة مضيق تايوان. وبعد سويعات قليلة، سارعت بكين إلى مطالبة رئيسة الوزراء بالتراجع عن تصريحاتها، لكن الحكومة اليابانية أكدت أن ما قالته يتماشى مع الموقف الرسمي، في إشارة إلى أن التراجع غير وارد.

ومع غياب أي بوادر لاختراق دبلوماسي، بدأت الصين تفعيل سلسلة من الضغوط الاقتصادية والرمزية شملت المأكولات البحرية والسياحة والفعاليات الثقافية؛ وحتى الأفلام، لتبعث برسالة مفادها أن تكلفة الموقف السياسي الياباني لن تكون بسيطة.

مأكولات بحرية معروضة بأحد المتاجر في العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

المأكولات البحرية في قلب العاصفة

وتمثلت أحدث حلقات التصعيد في إبلاغ بكين لطوكيو بأنها ستعيد فرض حظر واسع على واردات المأكولات البحرية اليابانية، بعد شهور فقط من تخفيف قيود سابقة. وكانت الصين قد خففت في يونيو (حزيران) الماضي بعض القيود المفروضة على المنتجات البحرية اليابانية، واستأنفت الاستيراد من كل المحافظات تقريباً باستثناء عشر من أصل 47 محافظة يابانية، وذلك في أعقاب الجدل حول تصريف المياه المعالجة من محطة فوكوشيما.

الخطوة الجديدة تمثّل ضربة موجعة للقطاع، إذ كانت الصين قبل قيود 2023 أكبر مشترٍ للمحار الياباني، ووجهة رئيسية لمنتجات مثل خيار البحر. ووفق بيانات رسمية، كانت السوق الصينية تستحوذ على أكثر من خُمس صادرات اليابان من المأكولات البحرية. وأجهض القرار الجديد أحلام كثير من الشركات اليابانية التي كانت تترقب العودة إلى «أكبر سوق لها»؛ إذ تقدم نحو 700 مصدر بطلبات لإعادة التسجيل تمهيداً لاستئناف الشحنات إلى الصين، لكن ثلاثة فقط حصلوا حتى الآن على الموافقة. ومع إعادة تفعيل الحظر تحت غطاء «الحاجة إلى مزيد من المراقبة» لتصريف مياه فوكوشيما، تبددت آمال واسعة بتعافي الصادرات الغذائية في المدى القريب.

حافلة سياحية تقل سياحاً آسيويين في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

السياحة... مقاطعة مُوجِعة لاقتصاد هشّ

وفي خطوة أبعد من الأسماك والمحار، اتجهت بكين إلى ورقة شديدة الحساسية لليابان وهي السياحة؛ فقد حثّت السلطات الصينية مواطنيها على عدم السفر إلى اليابان بسبب النزاع الدبلوماسي، لتبدأ على الفور موجة إلغاءات واسعة في الرحلات والحجوزات.

وفي طوكيو، خسرت شركة «إيست جابان إنترناشيونال ترافيل سيرفيس»، المتخصصة في تنظيم الرحلات الجماعية للزبائن الصينيين، نحو 80 في المائة من حجوزاتها لبقية العام خلال أيام، وفق ما قاله نائب رئيسها يو جينكسين، الذي وصف الوضع بأنه «خسارة فادحة».

وتكتسب هذه التطورات خطورتها من الوزن الكبير لقطاع السياحة في الاقتصاد الياباني؛ إذ تشكّل السياحة نحو 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، حسب المجلس العالمي للسفر والسياحة، وكانت خلال السنوات الأخيرة محركاً أساسياً للنمو. ويُظهر الإحصاء الرسمي أن الزوار من البرّ الرئيسي للصين وهونغ كونغ يمثلون نحو خُمس إجمالي الوافدين إلى اليابان.

وتشير تقديرات معهد «نومورا» الياباني للأبحاث إلى أن مقاطعة السفر الصينية قد تُكلّف طوكيو نحو 2.2 تريليون ين (نحو 14.2 مليار دولار) سنوياً إذا استمرت، في وقت تعاني فيه البلاد أصلاً من تباطؤ استهلاكي وضغوط تضخمية على الأسر. وقد عرضت أكثر من عشر شركات طيران صينية بالفعل استرداد قيمة التذاكر على الرحلات المتجهة إلى اليابان حتى 31 ديسمبر (كانون الأول)، مع تقديرات بإلغاء نحو 500 ألف تذكرة، ما يعني تراجعاً حاداً في عدد الزوار خلال فترة عادة ما تكون نشطة سياحياً.

سياح في منطقة غينزا التجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

الثقافة والترفيه في مرمى الرسائل السياسية

ولم يتوقف التصعيد عند حدود التجارة والسفر؛ فالصين انتقلت أيضاً إلى الفضاء الثقافي والترفيهي، في خطوة تحمل بعداً رمزياً ورسالة موجهة إلى الرأي العام. ونقلت مصادر مطلعة أن الهيئة المنظمة للأفلام في الصين جمّدت الموافقات على الأفلام اليابانية الجديدة، وأوقفت طرح ستة أفلام كانت قد حصلت أصلاً على موافقة سابقة وجدول عرض. والقرار الذي لم تعلّق عليه السلطات الصينية على الفور، أثار مخاوف لدى شركات الإنتاج والتوزيع اليابانية التي تراهن على السوق الصينية الضخمة لتعويض ركود نسبي في الإيرادات المحلية.

كما أُلغيت عروض لفرق كوميدية يابانية في مهرجان مرتقب في شنغهاي بسبب «ظروف لا يمكن تجنبها»، وفق شركة «يوشيموتو كوغيو» الترفيهية. وأيضاً أوقف فريق غنائي ياباني فعالية جماهيرية في كانتون متذرعاً بـ«القوة القاهرة»، في مؤشر على أن المشهد الفني الياباني يتأثر سريعاً ببرودة الأجواء السياسية. ورداً على تصاعد الحساسية، سعى بعض المشاهير اليابانيين المحبوبين في الصين إلى تجنب ردود فعل غاضبة. فقد كتبت المغنية اليابانية ماريا على منصة «ويبو» قائلة إن «الصين بمثابة وطني الثاني، وأصدقائي في الصين هم عائلتي العزيزة، وسأدعم دائماً مبدأ الصين الواحدة».

لوحة تُظهر رحلات الوصول الدولية بمطار هونغياو الدولي في مدينة شنغهاي الصينية (إ.ب.أ)

طوكيو بين ثبات الموقف وحساب التكلفة

في المقابل، تبدو الحكومة اليابانية متمسكة بخطابها، فطوكيو تؤكد أن تصريحات تاكايتشي بشأن تايوان «منسجمة مع الموقف الحكومي»، مما يعني أن تلبية مطلب بكين بالتراجع الرسمي غير مطروحة حالياً. وفي الوقت ذاته، حذرت «الخارجية اليابانية» مواطنيها في الصين من ضرورة اتخاذ احتياطات إضافية وتجنب الأماكن المزدحمة، بعد موجة من التعليقات الحادة في الإعلام الرسمي الصيني ضد رئيسة الوزراء.

وتزيد السوابق التاريخية بين البلدَين من قلق المجتمع الاقتصادي الياباني. ففي عام 2012، حين قررت طوكيو تأميم جزر متنازع عليها في بحر الصين الشرقي، اندلعت احتجاجات واسعة في مدن صينية عدة، وشهدت العلامات التجارية اليابانية مقاطعة شعبية وخسائر ملحوظة... لكن كثيراً من رجال الأعمال يحذرون من أن الأزمة الحالية قد تكون أعمق وأطول أمداً، نظراً إلى تداخل ملفات الأمن الإقليمي مع التنافس الاستراتيجي الأوسع بين القوتين.

وفي جوهره، النزاع الحالي يتجاوز ثنائيّة الصين واليابان، إذ يحمل رسائل إلى عواصم أخرى في المنطقة والعالم، مفادها أن المواقف السياسية من ملف تايوان لن تمر من دون تكلفة... فبكين توظّف ثقلها الاقتصادي وسوقها الاستهلاكية الضخمة للضغط على الحكومات والشركات معاً، فيما تراهن طوكيو على دعم غربي أوسع لنهجها الأمني الجديد في آسيا.

وبينما تحسب اليابان ثمن المقاطعة في السياحة والغذاء والترفيه، تراهن الصين على أن الضغوط المتدرجة قد تدفع بعض الدوائر الاقتصادية اليابانية إلى المطالبة بنبرة أكثر حذراً تجاه تايوان. لكن حتى الآن، لا مؤشرات على تسوية قريبة، مما يعني أن «الحرب الباردة الاقتصادية» بين الجارتَين مرشحة للاستمرار، مع احتمال اتساع دائرتها لتشمل قطاعات أخرى في حال لم تُطفأ جذوة التوتر السياسي.



الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.