رئيس «إتش إس بي سي»: السعودية محور النمو الإقليمي ونتطلع لتوسيع أعمالنا في المنطقة

الحداري كشف لـ«الشرق الأوسط» ملامح الاستراتيجية الجديدة: بناء مصرف أكثر مرونةً وطموحاً

مقر مجموعة «إتش إس بي سي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
مقر مجموعة «إتش إس بي سي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

رئيس «إتش إس بي سي»: السعودية محور النمو الإقليمي ونتطلع لتوسيع أعمالنا في المنطقة

مقر مجموعة «إتش إس بي سي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
مقر مجموعة «إتش إس بي سي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رسمَ الرئيس التنفيذي لمجموعة «إتش إس بي سي» (HSBC)، ملامح استراتيجية المصرف بعد إعادة الهيكلة العالمية التي انطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، مؤكداً تحقيق «تقدّم ملحوظ» في بناء مصرف «أكثر مرونةً وبساطةً وتركيزاً وطموحاً للنمو».

وأشار الحداري في حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض، إلى المضي على «الطريق الصحيح» نحو أهداف خفض التكاليف، عبر إعلان 11 صفقة تخارج هذا العام، واصفاً إياها بأنها «كلها في مجالات غير استراتيجية». ولفت إلى أن «مشروع الخصخصة المقترح لبنك هانغ سنغ»، الذي أُعلن عنه مؤخراً، يمثّل مثالاً واضحاً على «كيفية الاستثمار من أجل تحقيق النمو»، كما تطرق إلى عمليات البنك في السعودية والمنطقة ورؤيته المستقبلية في هذا الجانب.

إعادة الهيكلة

شدّد الحداري على أن «إتش إس بي سي» يحقق تقدماً ملحوظاً في سعيه لبناء مصرف يتسم بمزيد من المرونة والبساطة والتركيز والطموح لتحقيق مزيدٍ من النمو، موضحاً أنهم، ضمن هذه الرؤية، يسيرون على الطريق الصحيح لتحقيق الأهداف المتعلقة بخفض التكاليف. وقال الرئيس التنفيذي لـ«إتش إس بي سي»، إن المصرف أعلن عن 11 صفقة تخارج لأعمال مصرفية محددة هذا العام، جميعُها في مجالات غير استراتيجية.

وأضاف: «من شأن عمليات التخارج هذه أن تتيح لنا فرصة الاستثمار في المجالات التي نتمتع فيها بميزةٍ تنافسيةٍ أقوى. ويعد مشروع الخصخصة المقترح لبنك هانغ سنغ، الذي أعلنا عنه مؤخراً، مثالاً واضحاً على كيفية استثمارنا من أجل تحقيق النمو».

الأولويات الرئيسية

وحول انعكاس الاستراتيجية العالمية على أولويات البنك وخطط تحقيق النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، قال الحداري: «إذا نظرنا إلى تاريخ وجودنا في المنطقة، فإننا موجودون في الشرق الأوسط منذ أكثر من 130 عاماً؛ وقد أسهمنا في إرساء أسس التجارة، وإنشاء صناديق الثروة السيادية، وبناء أسواق رأس المال وتعزيزها، كما استثمرنا في مشاريع البنية التحتية الوطنية الأساسية».

وأضاف: «التزامنا تجاه هذه المنطقة قوي، ونرى فرصاً هائلة للنمو، بما في ذلك ربط المنطقة بالعالم عبر ممراتٍ اقتصادية ناشئة ومزدهرة، ودعم برامج التنمية والتطوير الاقتصادي لدول المنطقة، وتلبية الطلب المزداد على خدمات إدارة الثروات».

جورج الحداري الرئيس التنفيذي لمجموعة «إتش إس بي سي»

أنشطة الدمج والاستحواذ وأسواق المال

وبشأن إعلان البنك في وقتٍ سابق من هذا العام، الخروجَ من أنشطة الدمج والاستحواذ وأعمال أسواق رأس المال المساهم في أوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وإعادة تركيز الجهود في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية على آسيا والشرق الأوسط، بوصفها جزءاً من التحول الاستراتيجي العالمي نحو آسيا، أكّد الحداري أن تقليص هذه الأنشطة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا سيتيح وفوراتٍ في التكاليف بقيمة 300 مليون دولار.

وأوضح: «يمكننا إعادة استثمارها وتوظيفها في مجالات أخرى. لم تكن هذه الأنشطة مربحةً على نحوٍ ملموس، ونتوقع تحقيق عائدٍ أعلى عند إعادة استثمار هذه الوفورات. كما نحافظ على تركيزٍ أكبر في أسواق الدمج والاستحواذ وأسواق رأس المال المساهم في آسيا وهنا في منطقة الشرق الأوسط، حيث يمكننا تحقيق قيمةٍ إضافيةٍ لعملائنا».

العوامل الجيوسياسية العالمية

وعن تأثير العوامل الجيوسياسية العالمية على الأعمال خارجياً على المستوى العالمي وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، قال الحداري: «ليست العوامل الجيوسياسية والرسوم الجمركية أموراً جديدةً على الاقتصاد العالمي؛ الجديد هو وتيرة التغييرات وحجمها. وبعض هذه التغييرات هيكليةٌ بطبيعتها وتصب في مصلحتنا لأنها تعزّز نقاط قوتنا».

وأضاف: «على سبيل المثال، تنمية التجارة المتبادلة بين منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا وآسيا، وتنمية التجارة في مجال الخدمات، ونحن في الحالتين نتمتع بوضعٍ جيد يتيح لنا توفير الدعم لكليهما».

وتابع: «بشكلٍ عام، فإن ملاءتنا المالية القوية، وخبرتنا في تيسير التدفقات المالية، إضافةً إلى خبراتنا المحلية، تعني أن المجموعة في وضعٍ جيد لتجاوز هذه الفترة من عدم الاستقرار والضبابية، وكذلك تقديم الدعم لعملائنا لمساعدتهم في تجاوزها».

وزاد: «ينطبق ذلك على دعم عملائنا في السعودية؛ إذ أظهرت نتائج استطلاعنا الأخير (شبكات إتش إس بي سي الجديدة لرأس المال في المملكة العربية السعودية)، أن 8 من أصل كل 10 شركات تخطط لزيادة التجارة والاستثمار في السعودية خلال السنوات الخمس المقبلة، وأن 89 في المائة من هذه الشركات ترى أن السعودية تُشكّل مركزاً موثوقاً للتجارة والاستثمار الإقليمي والدولي في ظل الظروف الجيوسياسية المتوترة».

الآفاق الاقتصادية

وتطرّق الحداري إلى الآفاق الاقتصادية الحالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، مشيراً إلى أن المنطقة لا تزال تتمتع بالقدرة على التكيف والمرونة، مدعومةً بأوضاع مالية قوية، وخطط تحولٍ اقتصادي مهمة، وبرامج تنويعٍ اقتصادي متسارعة في اقتصادات دول الخليج.

وأوضح: «نعتقد أن خطط الإنفاق الحكومية المستمرة، لا سيما في قطاعات البنية التحتية والسياحة والصناعة، ستواصل تعزيز الطلب المحلي وفتح آفاق جديدة لتوسع القطاع الخاص».

وأكد أن من بين العوامل الرئيسية الأخرى المحفّزة للنمو، تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع آسيا، بما يعيد تشكيل تدفقات رأس المال ويعزّز دور المنطقة حلقةَ وصلٍ بين الشرق والغرب، مشدداً على أن هذا التحول في السيولة نحو الشرق، إلى جانب استمرار نشاط إصدار السندات السيادية وتوسع أسواق رأس المال إقليمياً، كفيلٌ بجذب المستثمرين المحليين والدوليين على حدٍّ سواء.

«رؤية 2030»

وتحدث الحداري عن التحول السريع الذي تشهده السعودية في ظل «رؤية 2030»، والفرص التي يراها «إتش إس بي سي» لدعم هذه المبادرة، قائلاً: «نرى إمكاناتٍ هائلة في المنطقة، ولا شك أن السعودية محور هذا النمو المتوقع».

وأضاف: «إن خطة التحول الاقتصادي التي تعتمدها المملكة، من خلال (رؤية 2030)، تُترجم إلى زخمٍ اقتصادي حقيقي، بينما يجذب تركيزُ هذه الرؤية على الابتكار الشركاتِ والمستثمرين العالميين. ويتوقع اقتصاديونا نموَّ الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة 4.3 في المائة في عام 2025، فيما زاد الناتج الاقتصادي غير النفطي بأكثر من 40 في المائة عن مستويات ما قبل الجائحة».

وتابع: «تشير الآراء التي تم استطلاعها لدى 4000 من قادة الأعمال العالميين في تقريرنا حول (شبكات إتش إس بي سي الجديدة لرأس المال في السعودية)، إلى أن المملكة باتت وجهةً رئيسية للتجارة والاستثمار بالنسبة للشركات العالمية، في حين أن 74 في المائة من هذه الشركات توصي بالسعودية بوصفها وجهة استثمارية للشركات الأخرى».

وأضاف: «قمنا على مدى السنوات العشر الماضية بتوسيع قدراتنا للمساهمة في تطوير البنية التحتية المالية للمملكة وتلبية احتياجات عملائنا، ولا نزال نواصل الاستثمار في هذا المجال».

«إتش إس بي سي» يعزّز حضوره في العاصمة بانتقال مقره إلى مركز الملك عبد الله المالي (الشرق الأوسط)

وأكّد أن البنك يستعد للمرحلة التالية من النمو لأعماله دعماً لعملائه، قائلاً: «ستَنقل (إتش إس بي سي العربية السعودية) مكاتبها إلى مركز الملك عبد الله المالي (كافد) في قلب مدينة الرياض أوائل العام المقبل. ويمثّل هذا الإعلان تدشيناً لمرحلةٍ جديدة من نمو الشركة ومواكبةً لمسيرة التنمية الاقتصادية التي تعيشها المملكة. ولدينا أكثر من 300 خبيرٍ متخصص في الخدمات المصرفية الاستثمارية وأسواق رأس المال في الرياض».

وزاد: «نستثمر أيضاً في مجالاتٍ تنافسيةٍ أساسية بالمنطقة؛ فعلى سبيل المثال لدينا أكبر فريقٍ من الخبراء المتخصصين في إدارة أسواق رأس المال المساهم في الشرق الأوسط». وتابع: «ومع وجود فرق قيادتنا العليا لأسواق رأس المال والاستشارات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا في مركزين ماليين رئيسيين؛ هما السعودية والإمارات، سنكون في وضعٍ أفضل للشراكة مع عملائنا ودعمهم في استكشاف إمكانات النمو بالمنطقة».

خطط الاستثمار والنمو

وشدّد الحداري على أن منطقة الشرق الأوسط تقع في صميم المرحلة المقبلة من تحقيق النمو لأعمال البنك، وأن المكانة المتميزة لـ«إتش إس بي سي» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا تؤهّله لتحقيق هذا النمو المنشود. وأضاف: «نستثمر في تعزيز قدراتنا الميدانية في أسواق رئيسية مثل الإمارات والسعودية وقطر ومصر، مع توسيع عروض منتجاتنا وخدماتنا في مجالات التمويل التجاري، وخدمات المعاملات المصرفية، والأسواق، وإدارة الثروات».

وفي مجال إدارة الثروات، قال: «أعلنا في سبتمبر (أيلول) من هذا العام، افتتاح أول مركزٍ للثروات في الشرق الأوسط، وذلك في دولة الإمارات، ضمن تركيزنا على توفير حلول إدارة ثرواتٍ رائدة ومتميزة في مختلف أنحاء المنطقة. كما نواصل قيادة التحول الرقمي في خدمات المدفوعات والتجارة والتداول وصرف العملات الأجنبية والأوراق المالية».

وختم: «نواصل الاستثمار في ابتكار حلول التمويل المستدام لمساعدة عملائنا في مواكبة التحول بمجال الطاقة والتنويع الاقتصادي على نطاقٍ أوسع. ومع أخذ كل ذلك في الحسبان، تؤكد هذه الاستثمارات مدى ثقة بنك (إتش إس بي سي) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا مركزاً حيوياً للتجارة ورأس المال والابتكار».


مقالات ذات صلة

الأرجنتين تتفاوض مع بنوك للحصول على قرض بقيمة 7 مليارات دولار

الاقتصاد الواجهة القديمة للبنك المركزي الأرجنتيني بعد ترميمها في بوينس آيرس  (رويترز)

الأرجنتين تتفاوض مع بنوك للحصول على قرض بقيمة 7 مليارات دولار

أعلن وزير الاقتصاد الأرجنتيني لويس كابوتو، يوم الأربعاء، أن بلاده تجري مفاوضات مع بنوك للحصول على قرض يصل إلى 7 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس )
الاقتصاد أشخاص يمرون بجوار بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا» يخفض متطلبات رأس المال لأول مرة منذ الأزمة المالية

خفض «بنك إنجلترا»، الثلاثاء، متطلبات رأس المال التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها، في أول خفض لمتطلبات رأس المال منذ الأزمة المالية العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص رئيس الحكومة اللبناني مجتمعاً مع رئيس وأعضاء جمعية مصارف لبنان (رئاسة الحكومة)

خاص الحكومة اللبنانية تنجز قريباً مشروع قانون «الفجوة» المالية

بلغ مشروع قانون استرداد الودائع مرحلة الصياغة القانونية النهائية بعد جولات طويلة من النقاشات داخل اللجنة الوزارية، التي يرأسها نوّاف سلام.

علي زين الدين (بيروت)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يحث بنوك اليورو على تعزيز سيولتها لمواجهة ضغوط الدولار

دعا البنك المركزي الأوروبي، يوم الأربعاء، المقرضين في منطقة اليورو الذين لديهم تعاملات كبيرة بالدولار، إلى تعزيز سيولتهم ورفع احتياطياتهم الرأسمالية.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد شعار بنك يو بي إس السويسري في زيوريخ (رويترز)

«يو بي إس» يواجه خسائر محتملة في صناديق الائتمان بسبب إفلاس «فيرست براندز»

ذكرت صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية، يوم الأربعاء، نقلاً عن مصادر، أن «يو بي إس» قد يضطر إلى خفض قيمة صناديق الائتمان التي تديرها وحدة صندوق التحوط «أوكونور».

«الشرق الأوسط» (زيوريخ )

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
TT

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس»، أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

واستطلعت الدراسة آراء أكثر من 400 شركة قبل وبعد موافقة سويسرا الشهر الماضي، على اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية من 39 في المائة إلى 15 في المائة، حيث حدد نحو ربع الشركات بالفعل خطوات ملموسة ستتخذها، وفق «رويترز».

وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من ثلث هذه الشركات قررت زيادة استثماراتها خارج سويسرا، ونقل إنتاجها وعملياتها إلى الخارج. وأفاد نحو 16 في المائة من الشركات بأنها ستنقل عملياتها إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، فيما ستتجه 10 في المائة إلى الولايات المتحدة، و5 في المائة أخرى نحو الاتحاد الأوروبي.

وشملت الخيارات الأخرى البحث عن أسواق جديدة، ورفع الأسعار، وحتى تعليق الصادرات إلى الولايات المتحدة.

وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في «إيكونومي سويس»، إن نقل العمليات والاستثمار في الخارج لم يضر بسويسرا، التي تظل وجهةً تجارية جاذبة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وأنشطة البحث والتطوير.

وكجزء من الاتفاق، تعهدت برن أيضاً باستثمارات بقيمة 200 مليار دولار من شركاتها في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن التأثير الاقتصادي المحتمل على المدى الطويل.

وأشار بنك «يو بي إس» إلى أنه في حال نقل صناعة الأدوية - أكبر قطاع تصدير في سويسرا - جميع إنتاجها المتجه إلى الولايات المتحدة إلى هناك، فإن النمو الاقتصادي التراكمي السويسري على مدى 5 سنوات سينخفض من 10 في المائة إلى 7.7 في المائة.

وأضاف مينش أن سويسرا أصغر من أن تستوعب مبلغ 200 مليار دولار، لكنها تمتلك تاريخاً طويلاً في الاستثمار بالخارج، وقد ساعدت هذه الاستثمارات أيضاً في تأمين فرص عمل داخل البلاد.


حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل، وذلك وسط توقعات متزايدة بأن يقدم البنك على رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقال وزير إنعاش الاقتصاد مينورو كيووتشي إن الحكومة «تأمل أن يواصل بنك اليابان إدارة السياسة النقدية بالشكل المناسب لتحقيق استقرار التضخم عند 2 في المائة، بالتعاون الوثيق مع الحكومة»، مضيفاً أن قرار رفع الفائدة وآلياته أمر يعود للبنك المركزي وحده.

وفي مؤتمر منفصل، أعرب كبير أمناء مجلس الوزراء مينورو كيّهارا عن قلق طوكيو من التحركات السريعة من جانب واحد في سوق العملات، خصوصاً مع تراجع الين لمستويات قرب 155 للدولار. وقال كيّهارا: «نراقب السوق عن كثب، ومستعدون لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد التحركات المفرطة أو غير المنتظمة، بما في ذلك سلوكيات المضاربة». وتأتي تلك التصريحات في حين يقترب بنك اليابان من إنهاء مرحلة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بعد عقود من السياسات التيسيرية.

وفي تحليل نشرته «رويترز»، أفاد مسؤولون بأن رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بدأت تنتهج خطاباً أكثر حذراً تجاه الأسواق بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات اليابانية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ 2007. وخلال اجتماع مع فريقها الاقتصادي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما على تاكايتشي مخططاً يوضح تسارع عمليات بيع السندات وارتفاع تكلفة الاقتراض، وهو ما جعل تعبيرات رئيسة الوزراء «أكثر جدية»، وفق مصدر مطّلع. وتاكايتشي، التي تُعد من ورثة «أبينوميكس»، تواجه تحدياً كبيراً في تمويل خطتها التحفيزية البالغة 137 مليار دولار، والمعتمدة في جزء كبير منها على إصدار ديون جديدة. وتحاول رئيسة الوزراء تهدئة الأسواق، نافية أن تواجه اليابان سيناريو مشابهاً لـ«صدمة تراس» في بريطانيا عام 2022، التي شهدت انهيار السندات والإطاحة بالحكومة على خلفية تمويل خطط إنفاق غير ممولة.

وتكشف التحليلات أن تراجع مشتريات بنك اليابان وشركات التأمين المحلية يضع عبئاً كبيراً على سوق السندات؛ إذ تشير تقديرات بنك أوف أميركا إلى أن صافي المعروض سيرتفع بـ11 تريليون ين إضافية في 2026. وقال مدير محافظ في طوكيو: «خطة تاكايتشي تعتمد على نمو اقتصادي قوي... لكن إذا لم يتحقق هذا النمو، فلن يبقى إلا جبل الديون». كما بدأ بعض المستثمرين بالرهان على مزيد من انخفاض الين وارتفاع عوائد السندات، بسبب التوقعات برفع الفائدة قريباً.

من جانبه، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن هناك «عدم يقين» بشأن المستوى المناسب لرفع الفائدة مستقبلاً، لافتاً إلى أن المعدل الطبيعي (الحيادي) في اليابان يتراوح بين 1 في المائة و2.5 في المائة. ومن المتوقع أن يصبح مؤتمر أويدا الصحافي في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحدث الأكثر أهمية للأسواق، مع محاولة المستثمرين استشراف مسار التشديد النقدي في 2026.


الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق، مدفوعاً بارتفاع الاستثمارات وتحسن الاستهلاك المحلي، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن هيئة الإحصاء اليونانية يوم الجمعة.

وجرى تعديل نمو الربع الثاني بالخفض إلى 0.4 في المائة، إلا أن الربع الثالث أظهر ديناميكية أقوى في القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية، في مؤشر على استمرار زخم النمو رغم الضغوط التي تواجه الاقتصاد الأوروبي عموماً.

وأظهرت البيانات المعدلة موسمياً ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي النهائي بنسبة 0.6 في المائة، حيث ارتفع استهلاك الأسر بنسبة 1.2 في المائة، وزاد إنفاق القطاع الحكومي بنسبة 2.3 في المائة. ويعكس هذا الاتجاه تحسناً في ثقة المستهلكين، وتوسّعاً في الطلب المحلي، وهو عامل أساسي في اقتصاد يعتمد على الاستهلاك والسياحة.

وسجّل إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مؤشر رئيسي لقياس الاستثمار في الأصول طويلة الأجل، مثل المنشآت والبنية التحتية، ارتفاعاً لافتاً بلغ 3.5 في المائة، مقارنة بالربع السابق. ويأتي هذا التحسن في إطار سعي أثينا إلى جذب مزيد من الاستثمارات المدعومة بإصلاحات هيكلية وبرامج تمويل أوروبية ضمن خطة التعافي من آثار الجائحة.

كما سجّلت الصادرات، وخدمات السياحة التي تُعد ركيزة مهمة للدخل القومي، ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المائة. وفي حين تراجعت الواردات إجمالاً بنسبة 1.6 في المائة، وكانت الواردات السلعية الأكثر تأثراً بتراجع بلغ 2.3 في المائة، فقد ارتفعت واردات الخدمات 1 في المائة. وساهم تراجع الواردات في تخفيف الضغط على الميزان التجاري خلال الربع الثالث.

وفي تطور لافت يعزز صورة التعافي الاقتصادي، انخفض معدل البطالة في اليونان خلال الربع الثالث إلى 8.2 في المائة، مقارنة بـ8.6 في المائة في الربع الثاني، وفق بيانات هيئة الإحصاء الصادرة يوم الخميس. وحسب الأرقام، فقد بلغت البطالة بين النساء 10.6 في المائة مقابل 6.2 في المائة للرجال. وكان ما يقرب من 59 في المائة من العاطلين عن العمل هم من العاطلين لفترات طويلة (12 شهراً فأكثر). ويمثل هذا المعدل الأدنى للبطالة منذ أكثر من عقد، في بلد كان قد سجّل معدلات بطالة تجاوزت 27 في المائة خلال الأزمة الاقتصادية التي ضربته قبل سنوات.

وتعتمد اليونان في نموها على مزيج من نشاط السياحة القوي وارتفاع الاستهلاك المحلي وتحسّن الاستثمارات المرتبطة بخطة التعافي الأوروبية، إضافة إلى إصلاحات مالية وهيكلية دعمت ثقة المستثمرين. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، بما في ذلك ارتفاع الأسعار، وتكاليف الاقتراض الأوروبية، واستمرار حساسية الاقتصاد تجاه أي تباطؤ في قطاع السياحة... لكن بيانات الربع الثالث تعطي انطباعاً بأن اليونان تسير بثبات نحو تعزيز نموها الاقتصادي بعد سنوات من التقشف والأزمات.