الذهب ينتقل من «فومو» المضاربين إلى مخاوف «نداءات الهامش»

المعدن الأصفر في طريقه لتحقيق أكبر نمو سنوي له منذ عام 1979

سبائك الذهب مكدسة في قبو في دار سك العملة بالولايات المتحدة (أ.ب)
سبائك الذهب مكدسة في قبو في دار سك العملة بالولايات المتحدة (أ.ب)
TT

الذهب ينتقل من «فومو» المضاربين إلى مخاوف «نداءات الهامش»

سبائك الذهب مكدسة في قبو في دار سك العملة بالولايات المتحدة (أ.ب)
سبائك الذهب مكدسة في قبو في دار سك العملة بالولايات المتحدة (أ.ب)

دخل الذهب في مرحلة جديدة من الارتفاع الملحوظ، حيث أدى ازدياد نفوذ المضاربين إلى مزيد من التقلبات، إلا أن اللاعبين في السوق يتمسكون بتوقعات ارتفاع الأسعار في عام 2026 حتى مع تراجع طلب البنوك المركزية.

يتجه الذهب نحو تحقيق أكبر ارتفاع سنوي له منذ عام 1979، حيث شهد ارتفاعه بنسبة 54 في المائة حتى الآن اختراقه مستويات المقاومة النفسية الرئيسية عند 3 آلاف دولار للأونصة في مارس (آذار) و4 آلاف دولار في أكتوبر (تشرين الأول).

وساهم في هذا الارتفاع التوترات السياسية وعدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأميركية، ومؤخراً موجة من الشراء بدافع الخوف من تفويت الفرصة، أو ما يعرف بـ«FOMO».

وقال جون ريد، كبير استراتيجيي السوق في مجلس الذهب العالمي: «لقد تغيرت طبيعة هذا الارتفاع، إذ يقوده الآن المستثمرون الغربيون بدلاً من مشتري الأسواق الناشئة الأكثر تشدداً خلال معظم العامين الماضيين»، وأضاف: «هذا يعني المزيد من عدم اليقين والتقلبات حتى لو بدا أن العوامل المؤثرة على الذهب ستستمر».

وبعد أن وصل الذهب إلى مستوى قياسي بلغ 4381 دولاراً للأوقية، يوم الاثنين، شهد يوم الثلاثاء عملية بيع حادة بنسبة 5 في المائة، وهي أكبر انخفاض يومي منذ خمس سنوات. هذه «النوبة» دفعت مؤشر القوة النسبية (RSI) للسوق إلى منطقة «الطبيعي» لأول مرة منذ سبعة أسابيع، بعد أن كان في منطقة «ذروة الشراء». ووصف المحللون التراجع بأنه «صحّي»، حيث قال كارستن مينكي، المحلل في «جوليوس باير»: «الخلفية الأساسية للذهب تظل مواتية».

صائغ يبيع الحلي الذهبية في سوق في بيشاور (إ.ب.أ)

خفض الفائدة الأميركية... ومخاوف «فقاعة كل شيء»

يأتي الارتفاع القياسي للذهب بعدما قفز بنسبة 20 في المائة منذ تخفيضات أسعار الفائدة التي أجراها الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر (أيلول). هذا الأداء فاق أداء الذهب في معظم دورات التيسير السابقة للاحتياطي الفيدرالي.

لكن المحللين في «MKS PAMP» أشاروا إلى أن الدورة الحالية تختلف: «في الدورات السابقة، لم يكن الاحتياطي الفيدرالي يخفض أسعار الفائدة بينما كانت الأسهم الأميركية عند مستويات قياسية، مع وجود حديث عن الفقاعات في الأسواق وارتفاع التضخم بشكل مقنع فوق الهدف».

وقالت نيكي شيلز، رئيسة استراتيجية المعادن في الشركة، إن «فقاعة كل شيء» هذه يبدو أن لديها مجالاً للاستمرار، وأن أسعار الذهب التي تتجاوز 4500 دولار ستعزز فقط عمليات الشراء المدفوعة بـ«FOMO» بين الأفراد.

تضاعفت أسعار الذهب في العامين الماضيين، متجاوزةً أعلى مستوى مُعدّل للتضخم في عام 1980، الذي حسبته «إم كيه إس بامب» عند 3590 دولاراً (الأعلى اسمياً عند 850 دولاراً آنذاك).

عارض متجر يعرض قطعة من الذهب على أحد الزبائن في متجر مجوهرات داخل سوق الذهب في دبي (إ.ب.أ)

مراقبة حذرة لسوق الأسهم

يولي المتخصصون في السوق اهتماماً خاصاً لارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز» وتدفق الأموال المتزامن على الذهب، خشية تكرار سيناريوهات تاريخية أجبرت فيها التصحيحات الحادة في أسواق الأسهم المستثمرين على بيع أصول الملاذ الآمن، بما في ذلك الذهب، لتوفير السيولة أو تلبية «نداءات الهامش».

وحذر جيمس ستيل، محلل في بنك «إتش إس بي سي»، من أن «جزءاً من مشتريات الذهب قد تم كتحوط ضد انخفاض سوق الأسهم. وقد يؤدي التصحيح في الأسهم، كما حدث في الماضي، إلى تصفية المراكز الطويلة للذهب حيث يسعى المستثمرون لجمع النقد أو تلبية نداءات الهامش».

البنوك المركزية والمستثمرون المؤسسيون

مع المكاسب الهائلة التي تحققت خلال الشهر الماضي، لم تعد البنوك المركزية في الأسواق الناشئة بحاجة إلى بذل الكثير من الجهد لتحقيق هدفها المشترك المتمثل في زيادة حصة الذهب في احتياطاتها من العملات الأجنبية؛ حيث يؤدي ارتفاع الأسعار تلقائياً إلى زيادة قيمة ممتلكاتها.

ورغم التوقعات باستمرار عمليات الشراء من البنوك المركزية لسنوات، فإن الزيادة السعرية قد تدفع أيضاً المستثمرين المؤسسيين طويلي الأجل إلى «تخفيف المخاطر» وتقليص حيازاتهم من الذهب بعد تجاوزهم حدود المحافظ الاستثمارية الموضوعة مسبقاً، وفقاً لشيلز.

ويحذر المحللون من أنه إذا تباطأ زخم المستثمرين في عام 2026، فإن فائض المعروض المادي قد يبدأ في الضغط على الأسعار، خصوصاً مع انخفاض الطلب من قطاع المجوهرات في مناطق الاستهلاك الرئيسية، حيث انخفضت واردات الصين من الذهب بنسبة 26 في المائة في يناير - سبتمبر، وواردات الهند بنسبة 25 في المائة في يناير - يوليو.


مقالات ذات صلة

ترمب ينقلب على معايير «الكفاءة الخضراء»

الاقتصاد الرئيس دونالد ترمب محاطاً بعدد من كبار تنفيذيي صناعة السيارات الأميركية في المكتب البيضاوي يوم 3 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

ترمب ينقلب على معايير «الكفاءة الخضراء»

في خطوة تُعدّ انقلاباً مباشراً على إرث إدارة جو بايدن، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن خطة شاملة لخفض معايير الكفاءة في استهلاك الوقود للسيارات والشاحنات.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون أمام شاشات المراقبة ببنك هانا في سيول (إ.ب.أ)

الأسهم الآسيوية تتباين وسط توقعات خفض الفائدة الأميركية

افتتحت الأسهم الآسيوية تداولات يوم الخميس بأداء متباين، بعد أن دعمت البيانات الاقتصادية الأضعف من المتوقع توقعات خفض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
الاقتصاد إنتاج سبائك الذهب في مصنع معالجة في منجم فارفارينسكوي للذهب في كازاخستان (رويترز)

تراجع الذهب مع توخّي المستثمرين الحذر قبل اجتماع «الفيدرالي»

انخفض سعر الذهب يوم الخميس مع إقبال المستثمرين على جني الأرباح، وتوخّيهم الحذر قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مضخات نفط تعمل في حقل مزارع بالقرب من كالغاري (رويترز)

النفط يرتفع بعد هجمات أوكرانية على البنية التحتية النفطية الروسية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الخميس، بعد أن أشارت الهجمات الأوكرانية على البنية التحتية النفطية الروسية إلى قيود محتملة على الإمدادات.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
TT

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

فرض الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، غرامة قدرها 120 مليون يورو (140 مليون دولار) على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، المملوكة لإيلون ماسك، لخرقها قواعد المحتوى الرقمي، في أول تطبيق لعقوبة بموجب تشريع رقمي تاريخي قد يثير غضب الحكومة الأميركية.

وتجنبت شركة «تيك توك» العقوبة نفسها من خلال تقديم تنازلات لتعزيز الشفافية، وفق «رويترز».

واعتبرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن حملة أوروبا الصارمة على شركات التكنولوجيا الكبرى تميّز الشركات الأميركية وتستهدف الأميركيين، بينما أكدت المفوضية الأوروبية أن قوانينها لا تميّز على أساس الجنسية، وتهدف فقط لحماية المعايير الرقمية والديمقراطية التي غالباً ما تُصبح معياراً عالمياً.

وأشار رئيس قسم التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي إلى أن الغرامة متناسبة مع المخالفات، ولا تمثل شكلاً من أشكال الرقابة، لافتاً إلى أن العقوبة جاءت بعد تحقيق استمر عامين بموجب قانون الخدمات الرقمية، الذي يُلزم المنصات بتحمل مسؤولية أكبر في معالجة المحتوى غير القانوني والضار.

وأوضح تحقيق الاتحاد الأوروبي في منصة «تيك توك»، التابعة لشركة «بايت دانس»، أن الشركة انتهكت شروط القانون من خلال مستودع الإعلانات الذي يسمح للباحثين والمستخدمين باكتشاف الإعلانات الاحتيالية. وقالت هينا فيركونين، رئيسة قسم التكنولوجيا في المفوضية الأوروبية، إن الغرامة المفروضة على «إكس» محسوبة بعناية وفق طبيعة المخالفات وعدد المستخدمين المتأثرين ومدتها، مؤكدةً أن الهدف هو إنفاذ التشريعات الرقمية وليس فرض أعلى الغرامات.

وأضافت فيركونين أن القرارات المستقبلية بشأن الشركات المتهمة بانتهاكات قانون الخدمات الرقمية ستصدر في وقت أقصر مقارنة بالعامين اللذين استغرقتهما قضية «إكس». من جهته، أكد نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، أن الاتحاد الأوروبي لا ينبغي أن يهاجم الشركات الأميركية، محذراً من أن الغرامة لا ينبغي أن تُستخدم أداةً للرقابة على المحتوى.

وحثّت «تيك توك»، التي تعهدت بإصلاح مكتبة إعلاناتها لزيادة الشفافية، الجهات التنظيمية على تطبيق القانون بشكل متساوٍ على جميع المنصات. وأوضحت الهيئات الأوروبية أن انتهاكات «إكس» شملت التصميم المُضلّل للعلامة الزرقاء للحسابات الموثقة، وانعدام الشفافية في مستودع الإعلانات، وعدم تمكين الباحثين من الوصول إلى البيانات العامة.

وأكدت المفوضية استمرار التحقيق في محتوى غير قانوني على «إكس»، والإجراءات المتخذة لمكافحة التلاعب بالمعلومات، بالإضافة إلى تحقيق منفصل في نظام «تيك توك» الخوارزمي والتزامه بحماية الأطفال. وتصل الغرامات المقررة بموجب قانون الخدمات الرقمية إلى 6 في المائة من الإيرادات العالمية السنوية للشركة.


دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
TT

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس»، أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

واستطلعت الدراسة آراء أكثر من 400 شركة قبل وبعد موافقة سويسرا الشهر الماضي، على اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية من 39 في المائة إلى 15 في المائة، حيث حدد نحو ربع الشركات بالفعل خطوات ملموسة ستتخذها، وفق «رويترز».

وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من ثلث هذه الشركات قررت زيادة استثماراتها خارج سويسرا، ونقل إنتاجها وعملياتها إلى الخارج. وأفاد نحو 16 في المائة من الشركات بأنها ستنقل عملياتها إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، فيما ستتجه 10 في المائة إلى الولايات المتحدة، و5 في المائة أخرى نحو الاتحاد الأوروبي.

وشملت الخيارات الأخرى البحث عن أسواق جديدة، ورفع الأسعار، وحتى تعليق الصادرات إلى الولايات المتحدة.

وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في «إيكونومي سويس»، إن نقل العمليات والاستثمار في الخارج لم يضر بسويسرا، التي تظل وجهةً تجارية جاذبة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وأنشطة البحث والتطوير.

وكجزء من الاتفاق، تعهدت برن أيضاً باستثمارات بقيمة 200 مليار دولار من شركاتها في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن التأثير الاقتصادي المحتمل على المدى الطويل.

وأشار بنك «يو بي إس» إلى أنه في حال نقل صناعة الأدوية - أكبر قطاع تصدير في سويسرا - جميع إنتاجها المتجه إلى الولايات المتحدة إلى هناك، فإن النمو الاقتصادي التراكمي السويسري على مدى 5 سنوات سينخفض من 10 في المائة إلى 7.7 في المائة.

وأضاف مينش أن سويسرا أصغر من أن تستوعب مبلغ 200 مليار دولار، لكنها تمتلك تاريخاً طويلاً في الاستثمار بالخارج، وقد ساعدت هذه الاستثمارات أيضاً في تأمين فرص عمل داخل البلاد.


حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل، وذلك وسط توقعات متزايدة بأن يقدم البنك على رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقال وزير إنعاش الاقتصاد مينورو كيووتشي إن الحكومة «تأمل أن يواصل بنك اليابان إدارة السياسة النقدية بالشكل المناسب لتحقيق استقرار التضخم عند 2 في المائة، بالتعاون الوثيق مع الحكومة»، مضيفاً أن قرار رفع الفائدة وآلياته أمر يعود للبنك المركزي وحده.

وفي مؤتمر منفصل، أعرب كبير أمناء مجلس الوزراء مينورو كيّهارا عن قلق طوكيو من التحركات السريعة من جانب واحد في سوق العملات، خصوصاً مع تراجع الين لمستويات قرب 155 للدولار. وقال كيّهارا: «نراقب السوق عن كثب، ومستعدون لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد التحركات المفرطة أو غير المنتظمة، بما في ذلك سلوكيات المضاربة». وتأتي تلك التصريحات في حين يقترب بنك اليابان من إنهاء مرحلة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بعد عقود من السياسات التيسيرية.

وفي تحليل نشرته «رويترز»، أفاد مسؤولون بأن رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بدأت تنتهج خطاباً أكثر حذراً تجاه الأسواق بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات اليابانية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ 2007. وخلال اجتماع مع فريقها الاقتصادي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما على تاكايتشي مخططاً يوضح تسارع عمليات بيع السندات وارتفاع تكلفة الاقتراض، وهو ما جعل تعبيرات رئيسة الوزراء «أكثر جدية»، وفق مصدر مطّلع. وتاكايتشي، التي تُعد من ورثة «أبينوميكس»، تواجه تحدياً كبيراً في تمويل خطتها التحفيزية البالغة 137 مليار دولار، والمعتمدة في جزء كبير منها على إصدار ديون جديدة. وتحاول رئيسة الوزراء تهدئة الأسواق، نافية أن تواجه اليابان سيناريو مشابهاً لـ«صدمة تراس» في بريطانيا عام 2022، التي شهدت انهيار السندات والإطاحة بالحكومة على خلفية تمويل خطط إنفاق غير ممولة.

وتكشف التحليلات أن تراجع مشتريات بنك اليابان وشركات التأمين المحلية يضع عبئاً كبيراً على سوق السندات؛ إذ تشير تقديرات بنك أوف أميركا إلى أن صافي المعروض سيرتفع بـ11 تريليون ين إضافية في 2026. وقال مدير محافظ في طوكيو: «خطة تاكايتشي تعتمد على نمو اقتصادي قوي... لكن إذا لم يتحقق هذا النمو، فلن يبقى إلا جبل الديون». كما بدأ بعض المستثمرين بالرهان على مزيد من انخفاض الين وارتفاع عوائد السندات، بسبب التوقعات برفع الفائدة قريباً.

من جانبه، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن هناك «عدم يقين» بشأن المستوى المناسب لرفع الفائدة مستقبلاً، لافتاً إلى أن المعدل الطبيعي (الحيادي) في اليابان يتراوح بين 1 في المائة و2.5 في المائة. ومن المتوقع أن يصبح مؤتمر أويدا الصحافي في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحدث الأكثر أهمية للأسواق، مع محاولة المستثمرين استشراف مسار التشديد النقدي في 2026.