عُمان تطلق «المثلث الرقمي» لبناء اقتصاد قائم على الذكاء الاصطناعي والاستدامة

الشيذاني لـ«الشرق الأوسط»: نبني مستقبل السلطنة بعد مرحلة النفط

«المثلث الرقمي العُماني» يسعى لإعادة تشكيل اقتصاد عُمان الرقمي ورفع مساهمته إلى 10 في المائة بحلول 2040 (شاترستوك)
«المثلث الرقمي العُماني» يسعى لإعادة تشكيل اقتصاد عُمان الرقمي ورفع مساهمته إلى 10 في المائة بحلول 2040 (شاترستوك)
TT

عُمان تطلق «المثلث الرقمي» لبناء اقتصاد قائم على الذكاء الاصطناعي والاستدامة

«المثلث الرقمي العُماني» يسعى لإعادة تشكيل اقتصاد عُمان الرقمي ورفع مساهمته إلى 10 في المائة بحلول 2040 (شاترستوك)
«المثلث الرقمي العُماني» يسعى لإعادة تشكيل اقتصاد عُمان الرقمي ورفع مساهمته إلى 10 في المائة بحلول 2040 (شاترستوك)

تعتبر الشراكة التي أعلنت عنها وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في سلطنة عُمان قبل أيام مع الهيئة الدولية لمراكز البيانات (IDCA)، خطوة تتجاوز مجرد التحديث التقني. إذ تسعى السلطنة إلى جعلها مشروعاً وطنياً يحمل طُموحاً لإعادة تشكيل الاقتصاد الرقمي، وربما مكانة عُمان الإقليمية في سباق الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية العالمي.

يحمل المشروع اسم «المثلث الرقمي العُماني» (ODT)، وهو أول منظومة رقمية من نوعها في العالم، تقوم على ثلاثة مراكز مترابطة تستضيف مراكز بيانات فائقة القدرة، ومنشآت للحوسبة عالية الأداء، وخدمات سحابية ذكية. ويهدف المشروع إلى تحويل السلطنة إلى قوة رقمية إقليمية مستدامة، ورفع مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي من نحو 2 في المائة عام 2021 إلى 10في المائة بحلول عام 2040.

يقول الدكتور علي بن عامر الشيذاني وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في سلطنة عُمان خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا المشروع يمثل تجسيداً عملياً لطموحات رؤية عُمان 2040، إذ يرسّخ اقتصاداً قائماً على التقنية والمعرفة، يضمن ازدهار السلطنة بعد مرحلة النفط».

الدكتور علي بن عامر الشيذاني وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في سلطنة عُمان

من الرؤية إلى البنية التحتية

تسعى رؤية عُمان 2040 إلى تنويع الاقتصاد وبناء قاعدة معرفية مبتكرة. ويأتي «المثلث الرقمي» ليشكّل العمود الفقري لهذه الرؤية الرقمية. فكل مركز من المراكز الثلاثة سيُقام في موقع استراتيجي قريب من نقاط إنزال الكابلات البحرية الدولية، ليعمل كمحور للحوسبة الخضراء والذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية.

ويوضح الدكتور الشيذاني أن عُمان تقع في ملتقى آسيا وأفريقيا وأوروبا، ما يجعلها موقعاً مثالياً لتبادل البيانات. ومن خلال ربط المدن الثلاث بألياف ضوئية عالية السرعة، «نؤسس شبكة ثلاثية متينة توفر انتقالاً فورياً للبيانات ومرونة تشغيلية غير مسبوقة». وبذلك تتحول السلطنة إلى ما وصفه بـ«سويسرا الرقمية للشرق الأوسط»، «أي مركز محايد ومستقر الاستضافة ومعالجة البيانات العابرة للقارات».

خريطة طريق زمنية دقيقة

يتميّز المشروع بخطة تنفيذ محددة بمؤشرات قياس واضحة. ففي العام الأول، سيتم إعداد الخطة الوطنية للاقتصاد الرقمي، وخريطة الطريق الوطنية للبنية التحتية الرقمية، وإطار المعايير الوطنية، والبرنامج الوطني للتعليم والتأهيل الرقمي. وبحلول العام الثاني، ستُنجز التصاميم المفاهيمية والهندسية للمراكز الثلاثة، مع بدء التعاقد مع مستأجرين دوليين من كبار مزوّدي الحوسبة السحابية. أما خلال الأعوام من الثالث إلى الخامس، فستبدأ أعمال بناء وتشغيل مراكز بيانات بقدرات تصل إلى غيغاواط، مع متابعة مؤشرات أداء تشمل حجم السعات تحت التطوير، وحركة البيانات الدولية عبر السلطنة، وعدد الكوادر العُمانية المدرّبة والمعتمدة.

ويشير الشيذاني إلى أنه «بحلول عام 2030 تهدف السلطنة إلى تشغيل مركز بيانات فائق بالكامل، وتطبيق معايير وطنية وترخيصية متقدمة، وتحقيق نمو ملموس في مساهمة الاقتصاد الرقمي بالناتج المحلي، لترسيخ مكانة عُمان كقوة رقمية إقليمية».

الإنسان قبل البنية

يضع المشروع الإنسان في جوهر التحوّل الرقمي. إذ يتضمن الاتفاق مع الهيئة الدولية لمراكز البيانات إنشاء برنامج وطني لتأهيل الكفاءات العُمانية في تشغيل مراكز البيانات والهندسة السحابية والذكاء الاصطناعي. يعد الشيذاني تنمية رأس المال البشري ركيزة أساسية في المثلث الرقمي. ويشير إلى خطة لإطلاق برامج تدريب وشهادات مهنية متخصصة تضمن نقل المعرفة وتوطينها بشكل مستدام.

وبفضل خبرة «IDCA» التي درّبت آلاف المتخصصين عالمياً، سيخضع نخبة من العُمانيين لبرامج «تدريب المدرّبين»، ليصبحوا معتمدين لتأهيل أجيال جديدة محلياً. كما تعمل الوزارة عبر برنامج «مَكِين» على تصميم مسارات مهنية متقدمة في الذكاء الاصطناعي وتقنيات مراكز البيانات، برواتب مجزية وفرص نمو واضحة، لتصبح وظائف التقنية جذّابة كقطاع النفط سابقاً.

استدامة طاقة هائلة

يولي المشروع أولوية قصوى للطاقة المستدامة، نظراً لأن مراكز البيانات الضخمة قد تستهلك قدرات كهربائية هائلة. وتتبنّى السلطنة استراتيجية متعددة المحاور تجمع بين الطاقة المتجددة والكفاءة العالية وتقنيات التبريد المبتكرة. تعتمد الخطة على توسع مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر لتزويد المراكز بالطاقة النظيفة. كما ستُستخدم تقنيات تبريد متقدمة مثل التبريد السائل والتخزين الحراري واستخدام مياه البحر، مستفيدة من المواقع الساحلية. ويصرح الشيذاني بأن عُمان «تحرص على أن تكون مراكز البيانات خضراء منذ اليوم الأول»، ويضيف: «من خلال دمج الطاقة المتجددة مع الكفاءة التشغيلية، سنحقق متطلبات الذكاء الاصطناعي الهائلة دون الإخلال بأهداف الاستدامة». وسيُقاس الأداء عبر مؤشرات مثل فعالية استخدام الطاقة (PUE) وخفض البصمة الكربونية، مع نشر تقارير شفافة بالتعاون مع «IDCA»، لتصبح عُمان نموذجاً عالمياً في الدمج بين التقنية والاستدامة.

مهدي باريافي الرئيس التنفيذي ومؤسس هيئة مركز البيانات الدولية (IDCA)

السيادة والحوكمة والثقة

يدرك صُنّاع القرار في عُمان أن الثقة هي أساس الاقتصاد الرقمي. لذلك تتبنى السلطنة إطاراً تشريعياً صارماً لحماية البيانات والسيادة الرقمية. يوضح الشيذاني أن لدى عُمان قانوناً لحماية البيانات الشخصية متوافقاً مع اللائحة الأوروبية (GDPR)، ويوفر بيئة قانونية تضمن بقاء البيانات ضمن الولاية العُمانية حين يطلب العملاء ذلك. أما في مجال الأمن السيبراني، فتُعد عُمان من الدول المتقدمة إقليمياً بفضل المركز الوطني للاستجابة للطوارئ السيبرانية، وستُلزم المراكز الجديدة بالامتثال لمعايير مثل «ISO 27001» ومعايير «IDCA G-Tier» للأمن والجودة.

لماذا عُمان؟

من منظور هيئة مركز البيانات الدولية (IDCA)، لم يكن اختيار السلطنة موقعاً لأول «مثلث رقمي» عالمي مصادفة. وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، يقول مهدي برايافي الرئيس التنفيذي ومؤسس هيئة مركز البيانات الدولية، إن «البيانات تحتاج إلى بيئة يسودها السلام والموثوقية. وعُمان دولة بلا تاريخ نزاعات، ومركز للحوار والاستقرار في المنطقة، وهي الصفات التي تبحث عنها اقتصادات البيانات الحديثة».

تضم السلطنة 18 محطة إنزال للكابلات البحرية، وشعباً شاباً متعلماً، وموقعاً جغرافياً متنوّع المناخ، وهي عناصر تجعلها مثالية لاحتضان مثلث رقمي عالمي. ويضيف برايافي: «عرضنا الفكرة على عدة دول خليجية، لكن عُمان كانت الأكثر انفتاحاً واستعداداً. الوزارة أظهرت رؤية وشجاعة في تبنّي مشروع بهذا الحجم». ورغم أن عُمان تحتل المرتبة 41 عالمياً في الجاهزية الرقمية وفق تصنيف IDCA لعام 2025، فإن برايافي يعدّ «الاقتصاد القادم لا يُقاس بالماضي، بل بقدرة الدول على بناء البنية الرقمية العالية الأداء بسرعة وكفاءة».

معايير عالمية وسيادة رقمية

ستُبنى معايير السلطنة الوطنية على إطار «Infinity Paradigm AE360» التابع لـ«IDCA»، الذي يضمن الامتثال لمفاهيم التوفّر، والمرونة، والكفاءة، والأمن، والابتكار، والسلامة. ويشرح برايافي أنه «لا توجد دولة تملك موارد غير محدودة. لذلك ستضمن المعايير الجديدة سيادة عُمان الرقمية، وتوفّر بيئة يمكن التنبؤ بها للمستثمرين، وتحدد أولويات توزيع الموارد على المشغلين المؤهلين». ويتضمن الإطار نظام ترخيص متدرجاً يربط جودة الخدمة بالامتثال للمعايير الوطنية، ما يعزز الشفافية والمساءلة.

يهدف «المثلث الرقمي العُماني» إلى إيجاد إطار قانوني متطور يحمي البيانات ويضمن سيادة رقمية متوافقة مع معايير الأمن والجودة العالمية

ابتكار مفتوح وتكنولوجيا متجددة

لن يقيّد المشروع نفسه بتقنيات ثابتة، بل سيُدار كمنصة مفتوحة للتجربة والتطور. يقول برايافي إنه «لن يتم رفض الابتكار أو حصر أنفسنا في تقنيات قد تتقادم سريعاً. المراكز ستتبنى أحدث حلول التبريد والطاقة، من أنظمة هواء بقدرة 20 كيلوواط إلى وحدات تبريد سائل بكثافة تصل إلى 1.2 ميغاواط لكل خزانة». وستعمل المراكز الثلاثة بشكل مستقل من حيث الطاقة لكنها مترابطة وفائقة السرعة، ما يوفر مرونة تشغيلية وتعدداً جغرافياً يعزز استمرارية الخدمة حتى في حالات الطوارئ. وينوه بأن «العنصر الأهم هو التطور مع الزمن. المثلث الرقمي سيكون مختبراً عالمياً لتقنيات المستقبل، لكن بانتقائية وحكمة».

بيئة استثمارية تنافسية

يستند المشروع إلى حوافز استثمارية واسعة، إذ ستعمل المراكز ضمن مناطق اقتصادية خاصة (SEZ) تتيح إعفاءات ضريبية طويلة الأجل، وملكية أجنبية بنسبة 100في المائة، وإجراءات ترخيص مبسطة. كما تُدرس تعريفات خضراء للطاقة المتجددة لتشجيع الاستثمارات المستدامة. ويتوقع برايافي تدفق عشرات المليارات من الدولارات من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى اقتصاد عُمان الرقمي. ويزيد: «نحن بالفعل في محادثات مع كبار مزوّدي الخدمات السحابية وشركات أشباه الموصلات. حياد السلطنة واستقرارها يجعلانها بيئة مثالية للمستثمرين الذين يبحثون عن الأمن والتكلفة التنافسية مع وضوح القوانين».

التكامل الإقليمي لا التنافس

لا يرى المسؤولون في السلطنة المشروع منافساً إقليمياً بل ركيزة تكاملية ضمن البنية الخليجية. ويلفت الشيذاني إلى أن العمل يتم عبر لجان مجلس التعاون لتوحيد سياسات البيانات وضمان انسيابية التبادل عبر الحدود. يقول: «نريد أن تكون الخدمات السحابية في عُمان متاحة لجيراننا بسهولة وامتثال تام. كما سيُستخدم تنوّع المواقع الجغرافية للمثلث لتأمين أنظمة نسخ احتياطي وتعافٍ من الكوارث (DR)، مع إمكانية تبادل الدعم مع دول الخليج لتقوية مرونة البنية الرقمية الإقليمية».

المراكز الثلاثة المترابطة تجمع بين الحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة لتجعل السلطنة قوة رقمية إقليمية (شاترستوك)

بناء المعرفة ونقل الخبرة

تولي «IDCA » جانب التعليم أهمية مساوية للبنية المادية. فإلى جانب التدريب التقني، ستُطبّق برامج «تدريب المدرّبين» لإعداد كوادر محلية معتمدة قادرة على نقل الخبرة. ويؤكد برايافي أنه «لا يمكن لأي اقتصاد رقمي أن يعمل دون قوة بشرية مؤهلة. تصميم وتشغيل منشآت بقدرات غيغاواطية يتطلبان مهارات تتطور باستمرار مع التكنولوجيا، ونحن نعرف ما يلزم لبناء تلك الكفاءات». وسيُطبّق برنامج تعليم وطني يحدد المؤهلات المطلوبة ومسارات التطوير المهني لضمان استمرارية التأهيل والتحديث المعرفي.

سباق مع الزمن

يخضع المشروع لجدول زمني طموح، حيث ستبدأ الأعمال في المراكز الثلاثة بالتوازي خلال 24 شهراً، بالتزامن مع إطلاق المعايير الوطنية وبرامج التعليم. ويشدد برايافي على أن الوقت عامل حاسم والتأخر يعني فقدان موجة الاستثمار العالمية في الذكاء الاصطناعي. ويشرح: «النافذة مفتوحة الآن، ويجب أن نتحرك بسرعة. وبالفعل، بدأ العمل على التصاميم والأطر القانونية والفنية بالتعاون بين فرق الوزارة وIDCA».

معايير النجاح

يعدّ برايافي أن المشروع «حقق نجاحاً قبل أن يكتمل بناؤه»، مشدداً على أن «عُمان قبل المثلث الرقمي، لم تكن تُذكر عند الحديث عن الذكاء الاصطناعي أو مراكز البيانات. اليوم أصبحت على الخريطة العالمية. هذا بحد ذاته إنجاز». وبيّن أن الهدف النهائي هو الوصول إلى قدرات تصل إلى 9 غيغاواط، لتكون «أضخم مشروع معلن في الشرق الأوسط وأفريقيا». أما الشيذاني فيرى أن النجاح سيُقاس بالأثر الاقتصادي وخلق فرص العمل وتعزيز الاستثمار قائلاً: «نحن لا نبني مباني فقط، بل نبني مستقبلاً رقمياً يمكّن أبناءنا ويربط عُمان بالعالم».

رسالة إلى العالم

تختتم عُمان و «IDCA» رسالتهما بدعوة مفتوحة للمستثمرين وشركات الذكاء الاصطناعي العالمية. يقول برايافي: «تزدهر البيانات في بيئة يسودها السلام والثقة. وعُمان تمتلك كل المقومات لتقود اقتصادها الرقمي بثقة». ويوجه الشيذاني دعوة إلى مزوّدي الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية الرائدين «للانضمام إلى هذا المشروع الريادي لبناء واحدة من أكثر المنظومات الرقمية استدامة وديناميكية في العالم».


مقالات ذات صلة

فيصل بن فرحان والبوسعيدي يناقشان المستجدات إقليمياً ودولياً

الخليج وزير الخارجية السعودي ونظيره العماني خلال الاجتماع التنسيقي (واس)

فيصل بن فرحان والبوسعيدي يناقشان المستجدات إقليمياً ودولياً

ترأس الأمير فيصل بن فرحان والوزير بدر البوسعيدي الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق «السعودي – العُماني» بمشاركة رؤساء اللجان المنبثقة.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان وناريندرا مودي رئيس وزراء الهند خلال توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (العمانية)

عمان والهند توقعان اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة

وقّعت عمان والهند اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار الثنائيين.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون لدى وصوله إلى سلطنة عمان حيث كان باستقباله السلطان هيثم بن طارق ووفد رسمي (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني من عمان: السلطنة تضطلع بدور حكيم إقليمياً ودولياً

وصل الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى سلطنة عمان حيث كان باستقباله السلطان هيثم بن طارق ووفد رسمي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد العاصمة العمانية مسقط (الشرق الأوسط)

عُمان وبوتسوانا توقعان اتفاقيات لتعزيز الشراكة في الطاقة والتعدين

وقّعت سلطنة عُمان وبوتسوانا، يوم السبت، اتفاقيات تهدف إلى وضع اللبنة الأولى لشراكة استثمارية طويلة الأجل تشمل قطاعات الطاقة والتعدين.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
رياضة عربية كوت ديفوار هزمت عمان وديّاً بثنائية (الاتحاد العماني)

كوت ديفوار تهزم عمان بثنائية وديّاً

سجلت كوت ديفوار هدفين في الشوط الأول لتفوز 2 - صفر على مضيّفتها عمان الثلاثاء، وديّاً.

«الشرق الأوسط» (مسقط)

المعادن... مستويات قياسية شبه يومية

سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)
TT

المعادن... مستويات قياسية شبه يومية

سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)

لفتت المعادن أنظار المتعاملين في الأسواق بشكل جعلها تسجل بشكل شبه يومي مستويات قياسية جديدة، قبل نهاية العام الحالي، نتيجة النمو القوي في الاقتصادات الكبرى، وزيادة الطلب الناتج عن مرحلة عدم يقين تسيطر على معظم المستثمرين قبل بداية عام جديد، ربما يحمل كثيراً من المفاجآت للأسواق.

فمع استمرار مشتريات البنوك المركزية للذهب، ‍وتراجع الدولار، زاد أيضاً الطلب على الملاذ الآمن من قبل الأفراد بشكل ملحوظ في أسواق محددة، حتى إن بعض محافظ المستثمرين رفعت نسبة المعادن النفيسة في محافظهم المالية إلى نسبة مسيطرة، حتى تتضح الأمور مع بداية 2026.

وتجاوز الذهب مستوى 4500 دولار للأوقية (الأونصة)، الأربعاء، للمرة الأولى، وارتفعت الفضة والبلاتين والنحاس إلى مستويات قياسية أيضاً، إذ عززت زيادة الطلب ​على أصول الملاذ الآمن والتوقعات بمواصلة خفض أسعار الفائدة الأميركية العام المقبل شهية المضاربين تجاه المعادن النفيسة.

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنحو 0.1 في المائة إلى 4493.76 للأوقية بحلول الساعة 10:23 بتوقيت غرينيتش، بعد أن سجّل مستوى قياسياً مرتفعاً عند 4525.19 دولار في وقت سابق. وصعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم فبراير (شباط) 0.3 في المائة إلى مستوى قياسي بلغ 4520 دولاراً.

وزادت الفضة ‌في المعاملات ‌الفورية 0.9 في المائة إلى 72.‌09 ⁠دولار للأوقية. ​وسجّلت الفضة ‌أعلى مستوى على الإطلاق عند 72.70 دولار.

وارتفع البلاتين 0.3 في المائة عند 2282.70 دولار، وبلغ ذروته عند 2377.50 دولار قبل أن يتخلى عن مكاسبه.

وارتفع سعر النحاس للجلسة السادسة على التوالي، مسجلاً أعلى مستوى له على الإطلاق قرب 12300 دولار للطن المتري، يوم الأربعاء، مدعوماً بنمو اقتصادي أميركي قوي عزّز توقعات الطلب، وضعف الدولار الذي دعم الأسعار.

وانخفض البلاديوم 2.5 في المائة إلى 1815.25 دولار، متراجعاً بعد أن لامس أعلى مستوى في 3 سنوات.

وقال فؤاد رزاق زاده، محلل الأسواق لدى «سيتي إندكس وفوركس»، وفقاً لـ«رويترز»، إن ⁠الذهب تلقى دعماً «بسبب عدم وجود أي عوامل سلبية وزخم قوي، وكل ذلك مدعوم ‌بأساسيات متينة، تشمل استمرار مشتريات البنوك المركزية ‍وتراجع الدولار وقدر من الطلب ‍على الملاذ الآمن».

وأضاف: «ارتفعت معادن أساسية أخرى، مثل النحاس، ما ‍وفّر دعماً لسوق المعادن كله».

وارتفع الذهب بأكثر من 70 في المائة هذا العام، مسجلاً أكبر مكاسبه السنوية منذ عام 1979، مع إقبال المستثمرين على أصول الملاذ الآمن، وسط التوتر الجيوسياسي وتوقعات باستمرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) ​في تيسير السياسة النقدية.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، إنه يريد من رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي القادم ⁠خفض أسعار الفائدة إذا كانت الأسواق في حالة جيدة.

وغالباً ما ترتفع قيمة الأصول، التي لا تدر عائداً، مثل الذهب عند انخفاض أسعار الفائدة. وتشير أداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي» إلى أن المتعاملين يتوقعون حالياً خفضين محتملين لأسعار الفائدة العام المقبل.

وارتفعت الفضة بأكثر من 150 في المائة منذ بداية العام متجاوزة الذهب بفضل الطلب الاستثماري القوي وإدراج الفضة في قائمة المعادن الحيوية في الولايات المتحدة وتزايد استخدامها في الصناعة.

وارتفع سعر البلاتين نحو 160 في المائة، والبلاديوم أكثر من 100 في المائة منذ بداية العام، وهما معدنان يستخدمان بشكل أساسي في المحولات الحفزية للسيارات ‌لتقليل الانبعاثات، وذلك بسبب محدودية إمدادات المناجم وضبابية الرسوم الجمركية والتحول من الطلب الاستثماري على الذهب.


«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

سادت حالة من الهدوء النسبي على «وول ستريت»، في مستهل تعاملات يوم الأربعاء، حيث استقرت المؤشرات الرئيسية بالقرب من مستويات قياسية في جلسة تداول قصيرة تسبق عطلة عيد الميلاد.

وبحلول الساعة 9:45 صباحاً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بنسبة 0.1 في المائة، فيما صعد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة طفيفة تقل عن 0.1 في المائة، بينما تراجع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.1 في المائة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

ومن المقرر أن تُغلق الأسواق أبوابها عند الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت الساحل الشرقي عشية عيد الميلاد، على أن تظل مغلقة طوال عطلة العيد. وتُستأنف التداولات بجلسة كاملة يوم الجمعة، وسط توقعات باستمرار ضعف أحجام التداول هذا الأسبوع، في ظل موسم العطلات، وإغلاق معظم المستثمرين مراكزهم مع اقتراب نهاية العام.

ولا يزال اهتمام المستثمرين منصباً بشكل أساسي على أداء الاقتصاد الأميركي، وتوجهات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية؛ إذ تتزايد التوقعات بإبقاء البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه المرتقب في يناير (كانون الثاني).

وتشير أحدث البيانات الاقتصادية إلى استمرار الضغوط التضخمية وتراجع ثقة المستهلكين القلقين من ارتفاع الأسعار، إلى جانب مؤشرات على تباطؤ سوق العمل وتراجع مبيعات التجزئة.

وفي هذا السياق، أفادت وزارة العمل الأميركية، الأربعاء بأن عدد المتقدمين بطلبات إعانات البطالة انخفض خلال الأسبوع المنتهي في 20 ديسمبر (كانون الأول) بمقدار 10 آلاف طلب، ليصل إلى 214 ألف طلب، مقارنة بـ224 ألفاً في الأسبوع السابق. وجاء هذا الرقم دون توقعات المحللين الذين استطلعت آراءهم شركة «فاكت سيت»، والبالغة 232 ألف طلب، ما يشير إلى استمرار متانة سوق العمل نسبياً، رغم بعض إشارات الضعف.

وعلى صعيد الشركات، قفزت أسهم شركة «داينافاكس تكنولوجيز» بنسبة 38 في المائة عقب إعلان شركة «سانوفي» الفرنسية للأدوية استحواذها على شركة اللقاحات الأميركية، ومقرها كاليفورنيا، في صفقة بلغت قيمتها 2.2 مليار دولار.

وستضيف «سانوفي» لقاحات «داينافاكس» المضادة لالتهاب الكبد الوبائي (ب) إلى محفظتها، إلى جانب لقاح قيد التطوير ضد الهربس النطاقي، في حين لم تسجل أسهم «سانوفي» تغيراً يُذكر في تعاملات ما قبل الافتتاح.

أما في الأسواق العالمية فقد تباين أداء الأسهم الأوروبية بين ارتفاعات محدودة وتراجعات طفيفة، بينما سادت حالة من الهدوء في الأسواق الآسيوية؛ إذ ارتفع مؤشر «هونغ كونغ» بنسبة 0.2 في المائة، في مقابل تراجع مؤشر «نيكي» الياباني بنسبة 0.1 في المائة.


«أكوا باور» ترفع ملكيتها في «الشعيبة للمياه والكهرباء» إلى 62 %

مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
TT

«أكوا باور» ترفع ملكيتها في «الشعيبة للمياه والكهرباء» إلى 62 %

مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

وقّعت شركة «أكوا باور» اتفاقية شراء أسهم «إس بي إيه» للاستحواذ على كامل حصة شركة المياه والكهرباء القابضة «بديل» – التابعة لصندوق الاستثمارات العامة – في شركة الشعيبة للمياه والكهرباء، والبالغة 32 في المائة من رأس المال.

وأفادت «أكوا باور»، في بيان على «تداول السعودية»، بأن أصول شركة الشعيبة تضم قدرات لتوليد الكهرباء تبلغ 900 ميغاواط، وطاقة لتحلية المياه تصل إلى 880 ألف متر مكعب يومياً.

وقالت الشركة إنها تعد حالياً مساهماً غير مباشر في «الشعيبة للمياه والكهرباء»، مشيرة إلى أن الصفقة سترفع ملكيتها من 30 في المائة إلى 62 في المائة.

وذكرت أن المشروع ينطوي على مخاطر تشغيلية محدودة، ويتمتع بتدفقات نقدية متعاقد عليها حتى عام 2030، ما يُتوقع أن ينعكس بمساهمة إضافية في أرباح «أكوا باور» وتدفقاتها النقدية.

وبحسب البيان، يتم تنفيذ الاستحواذ عبر شركة «الواحة للمشروعات» المملوكة بالكامل لـ«أكوا باور»، على أن تبلغ قيمة الصفقة 843.32 مليون ريال (224.8 مليون دولار) قبل أي تعديلات متفق عليها لسعر الشراء.

وأوضحت «أكوا باور» أن إتمام الصفقة يظل مشروطاً باستيفاء الشروط المسبقة الواردة في اتفاقية شراء الأسهم، بما في ذلك الحصول على جميع الموافقات التنظيمية اللازمة.

ولفتت الشركة إلى أن «الشعيبة للمياه والكهرباء» تُعد أول مشروع مستقل لإنتاج المياه والكهرباء في السعودية، وبدأ تشغيله عام 2010 بالقدرات نفسها المعلنة حالياً: 900 ميغاواط للكهرباء و880 ألف متر مكعب يومياً للتحلية.

وأكدت أن الصفقة ستسهم في زيادة صافي الدخل المتكرر والتدفقات النقدية الحرة لحملة الأسهم، مبينة أن الطرف البائع هو «بديل» التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، التي تُعد كذلك أكبر مساهم في «أكوا باور».

وتعد هذه الصفقة جزءاً من استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة في سياق التزامه بتمكين القطاع الخاص بوصفه ركيزة أساسية لدعم تنويع الاقتصاد الوطني، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030».

كما تنسجم هذه الصفقة مع استراتيجية الصندوق الهادفة إلى استقطاب استثمارات القطاع الخاص محلياً وعالمياً إلى شركات محفظته، بما يسهم في تعظيم قيمتها وإطلاق كامل قدراتها، إلى جانب مواصلة دوره في دفع جهود التحول الاقتصادي للسعودية وتحقيق عوائد مستدامة على المدى الطويل.