بين التضامن والحرب: كيف تموّل أوروبا الاقتصاد الروسي؟

رغم دعمها لأوكرانيا

الرئيسان إيمانويل ماكرون وفولوديمير زيلينسكي يصلان لقمة «تحالف الراغبين» في قصر الإليزيه... 4 سبتمبر 2025 (رويترز)
الرئيسان إيمانويل ماكرون وفولوديمير زيلينسكي يصلان لقمة «تحالف الراغبين» في قصر الإليزيه... 4 سبتمبر 2025 (رويترز)
TT

بين التضامن والحرب: كيف تموّل أوروبا الاقتصاد الروسي؟

الرئيسان إيمانويل ماكرون وفولوديمير زيلينسكي يصلان لقمة «تحالف الراغبين» في قصر الإليزيه... 4 سبتمبر 2025 (رويترز)
الرئيسان إيمانويل ماكرون وفولوديمير زيلينسكي يصلان لقمة «تحالف الراغبين» في قصر الإليزيه... 4 سبتمبر 2025 (رويترز)

على الرغم من أن دولاً أوروبية، من بينها فرنسا، تُعدُّ من أبرز الداعمين لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، فإنها في الوقت نفسه عزَّزت وارداتها من الطاقة الروسية، ما يضخ مليارات اليوروات في الاقتصاد الحربي لموسكو.

ومع دخول الصراع عامه الرابع، يظل الاتحاد الأوروبي في موقف صعب يتمثَّل في تمويل طرفَي النزاع. فبينما يواصل إرسال شحنات كبيرة من المساعدات العسكرية والإنسانية إلى كييف، يستمر في دفع أموال مقابل النفط والغاز الروسيَّين.

ورغم أن الاتحاد قلّص اعتماده على روسيا، التي كانت المُورِّد المهيمن سابقاً، بنحو 90 في المائة منذ عام 2022، فقد استورد أكثر من 11 مليار يورو من الطاقة الروسية خلال الأشهر الـ8 الأولى من 2025، وفق تحليل أجرته «رويترز» استناداً إلى بيانات «مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (CREA)» في هلسنكي.

سبع دول من بين الأعضاء الـ27 في الاتحاد زادت قيمة وارداتها مقارنة بالعام الماضي، من بينها 5 دول تُعدُّ من أبرز الداعمين لأوكرانيا. فقد ارتفعت واردات فرنسا من الطاقة الروسية بنسبة 40 في المائة لتصل إلى 2.2 مليار يورو، بينما قفزت واردات هولندا بنسبة 72 في المائة إلى 498 مليون يورو، بحسب التحليل.

ورغم استخدام مواني الغاز الطبيعي المسال (LNG) في دول مثل فرنسا وإسبانيا بوصفها نقاط دخول للإمدادات الروسية إلى أوروبا، فإن الغاز لا يُستهلَك بالضرورة في تلك الدول، بل يُعاد توجيهه إلى مشترين في بقية أنحاء القارة.

يلتقط الزوار صوراً لنموذج لناقلة غاز طبيعي مسال تحمل شعار شركة «غازبروم» (رويترز)

ووصف فايبهاف راغوناندان، المتخصص بشؤون الاتحاد الأوروبي وروسيا لدى المركز، زيادة هذه التدفقات بأنها «شكل من أشكال الإضرار الذاتي»، مشيراً إلى أن مبيعات الطاقة تُعدُّ أكبر مصدر دخل لروسيا في خضم الحرب. وقال: «الكرملين يتلقى فعلياً تمويلاً لمواصلة نشر قواته في أوكرانيا».

ترمب يوجه الانتقادات لأوروبا

عادت المدفوعات الأوروبية لموسكو إلى دائرة الاهتمام بعد أن وجَّه الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقادات لاذعة لزعماء أوروبا في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، مطالباً بوقف هذه المشتريات فوراً.

وقال ترمب: «على أوروبا أن ترفع وتيرتها. لا يمكنها الاستمرار في شراء النفط والغاز من روسيا بينما تقاتلونها. هذا أمر مخزٍ للغاية، وكان محرجاً حين اكتشفت ذلك».

من جهتها، قالت وزارة الطاقة الفرنسية لـ«رويترز» إن ارتفاع قيمة وارداتها من الطاقة الروسية هذا العام يعود إلى إعادة تزويد عملاء في دول أخرى، دون الإفصاح عن هذه الدول أو الشركات المعنية. وتشير بيانات سوق الغاز إلى أن جزءاً من واردات فرنسا يُعاد توجيهه إلى ألمانيا، وفق محللين في شركة «كيبلر».

أما الحكومة الهولندية، فأكدت دعمها لخطط الاتحاد الأوروبي للتخلص التدريجي من الطاقة الروسية، لكنها شدَّدت على أنه ما دامت هذه المقترحات لم تُقرّ رسمياً ضمن قوانين الاتحاد، فهي عاجزة عن منع العقود القائمة بين الشركات الأوروبية والمُورِّدين الروس.

وكان الاتحاد قد حظر بالفعل معظم واردات النفط الخام الروسي والوقود المكرر، وأعلن خططاً لتسريع الحظر الكامل على الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى عام 2027 بدلاً من 2028. ويُشكِّل الغاز المسال الآن أكبر مكوّن في واردات الاتحاد من الطاقة الروسية، نحو نصف قيمتها الإجمالية.

ورفضت المفوضية الأوروبية التعليق على بيانات واردات 2025، بينما قالت المفوضة المسؤولة عن شؤون الطاقة، الشهر الماضي، إن الانسحاب التدريجي من الوقود الأحفوري الروسي صُمِّم لتفادي ارتفاعات حادة في الأسعار أو نقص الإمدادات.

وتعني هذه المقترحات أن الأموال الأوروبية قد تستمر في دعم الاقتصاد الحربي الروسي لعام أو أكثر مقبل.

ويشير ترمب إلى أن النفط والغاز الأميركيَّين يمكن أن يحلّا محل الإمدادات الروسية، ويقول كثير من المحللين إن ذلك ممكن، لكنه سيزيد اعتماد أوروبا على الطاقة الأميركية في وقت تستخدم فيه واشنطن الرسوم الجمركية أداةً سياسيةً.

وقالت آن صوفي كوربو، الباحثة في «مركز سياسات الطاقة العالمية» بجامعة كولومبيا: «الاتحاد الأوروبي اتفق على شراء مزيد من الطاقة الأميركية؛ استجابةً للضغوط من واشنطن لوقف الواردات الروسية، لكن من الوهم الاعتقاد بأن الغاز الأميركي سيحل محل الغاز الروسي بشكل متكافئ، فالغاز الأميركي في أيدي شركات خاصة لا تطيع أوامر البيت الأبيض أو المفوضية الأوروبية، بل تسعى إلى تعظيم أرباحها».

ارتفاع الفواتير في بعض الدول الأوروبية

قطع الاتحاد الأوروبي شوطاً طويلاً منذ عام 2021، حين استورد أكثر من 133 مليار يورو من الطاقة الروسية قبل غزو روسيا لأوكرانيا. أما في الفترة بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب) 2025، فقد بلغت الفاتورة 11.4 مليار يورو، أي أقل بنسبة 21 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.

وتظل المجر وسلوفاكيا، اللتان تحتفظان بعلاقات وثيقة مع الكرملين وترفضان التخلي عن الغاز الروسي، من كبار المستوردين، إذ شكَّلتا معاً نحو 5 مليارات يورو من الإجمالي. ولن تتأثرا بالعقوبات الأوروبية المقترحة على الغاز المسال، ما يعني إمكانية استمرار تلقيهما الغاز عبر الأنابيب حتى عام 2028.

كما كانت المجر ضمن الدول السبع التي زادت وارداتها من الطاقة الروسية هذا العام بنسبة 11 في المائة، إلى جانب فرنسا وهولندا وبلجيكا (3 في المائة)، وكرواتيا (55 في المائة)، ورومانيا (57 في المائة)، والبرتغال (167 في المائة).

وقالت وزارة الطاقة البلجيكية إن الزيادة تعود إلى حظر عمليات «إعادة الشحن» في مارس (آذار)، مما اضطر لتفريغ الغاز في بلجيكا بدلاً من نقله مباشرة من سفينة إلى أخرى. وأوضحت وزارة الطاقة البرتغالية أن البلاد تستورد كميات محدودة فقط من الغاز الروسي، وستكون تدفقات 2025 أقل من مستويات 2024.

وتظهر بيانات «مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف» أن إجمالي واردات الاتحاد من الطاقة الروسية منذ 2022 تجاوز 213 مليار يورو، متفوقاً على ما أنفقه الاتحاد على المساعدات لأوكرانيا في الفترة نفسها (167 مليار يورو «وفق معهد كيل الألماني للاقتصاد»).

جانب من المنتدى الدولي الـ14 للغاز في سانت بطرسبرغ... 8 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

التزامات الشركات بعقود طويلة الأجل

تُعدُّ شركة «توتال إنرجي» الفرنسية من أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى أوروبا، إلى جانب شركات كبرى أخرى مثل «شل» البريطانية، و«ناتورجي» الإسبانية، و«سيفي» الألمانية، وشركة التجارة «غنفور». وتعمل هذه الشركات وفق عقود طويلة الأجل تمتد إلى ثلاثينات وأربعينات القرن الحالي.

وقالت «توتال إنرجي» لـ«رويترز» إنها تستمر في تسلم شحنات من مصنع «يامال» الروسي بموجب عقود لا يمكن تعليقها دون صدور عقوبات رسمية من الاتحاد الأوروبي، مضيفة أنها ستواصل الإمدادات ما دامت الحكومات الأوروبية ترى أن الغاز الروسي ضروري لأمن الطاقة.

وتتجنَّب الشركات الأخرى التعليق على وارداتها الروسية، بينما يشير محللون إلى أن الشركات ملتزمة بعقود طويلة الأمد، والإخلال بها قد يفرض غرامات، ما يعني استمرار تدفق الأموال إلى روسيا.

وأوضح رونالد بينتو، محلل أبحاث الغاز في شركة «كيبلر»، أن جزءاً كبيراً من الغاز الروسي الوارد إلى فرنسا يمر عبر بلجيكا قبل الوصول إلى ألمانيا، حيث الطلب الصناعي مرتفع، لكنه حذَّر من صعوبة تتبع حركة الغاز بدقة داخل شبكة أوروبا.

وأكد متحدث باسم «سيفي» أنها تستورد الغاز الروسي عبر فرنسا وبلجيكا، بينما أوضحت وزارة الاقتصاد الألمانية أن الشركة ملتزمة بعقد طويل الأمد مع مصنع «يامال» وفق شروط «خذ أو ادفع»، ما يعني دفع ثمن الكميات المتفق عليها حتى لو لم يتم تسلُّمها فعلياً، وهو دعم مزدوج للاقتصاد الروسي.


مقالات ذات صلة

انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

الولايات المتحدة​ المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز) play-circle

انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

تعيش العواصم الأوروبية وكييف توتراً دبلوماسياً متزايداً، بعدما كشفت تقارير صحافية مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني…

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
أوروبا حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تعبر عن رغبتها في «سلام حقيقي وليس تهدئة» مع روسيا

قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها اليوم الخميس في كلمة أمام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن أوكرانيا تريد «سلاماً حقيقياً وليس تهدئة» مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)

تقرير: رصد مسيرات قرب مسار طائرة تقل زيلينسكي إلى آيرلندا

ذكرت وسائل إعلام محلية في آيرلندا أن سفينة تابعة للبحرية الآيرلندية رصدت ما يصل إلى 5 طائرات مسيرة تحلق بالقرب من مسار طائرة الرئيس الأوكراني زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (دبلن)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.