الولايات المتحدة في دوامة الإغلاق الحكومي

مئات آلاف الموظفين من دون رواتب... وترمب يهدد بطردهم

ترمب هدد بطرد موظفين فدراليين في حال الإغلاق (أ.ف.ب)
ترمب هدد بطرد موظفين فدراليين في حال الإغلاق (أ.ف.ب)
TT

الولايات المتحدة في دوامة الإغلاق الحكومي

ترمب هدد بطرد موظفين فدراليين في حال الإغلاق (أ.ف.ب)
ترمب هدد بطرد موظفين فدراليين في حال الإغلاق (أ.ف.ب)

دخلت الولايات المتحدة مجدداً في دوامة الإغلاق الحكومي، وهو الأول منذ عام 2019؛ فقد استيقظ الأميركيون، صباح يوم الأربعاء، على أنباء فشل المشرّعين في التوصل إلى اتفاق ينقذ حكومتهم من شبح الإغلاق الذي سيخيم على مرافقها، من دون أي نور في نهاية الأفق.

فما من مفاوضات جارية لمحاولة حل الأزمة، وما من مساعٍ جدية للتوصل إلى تسويات. على العكس تماماً؛ فقد شهدت الساعات الأخيرة تصعيداً حاداً في اللهجة السياسية وتبادل اتهامات شرسة وجّه فيها الطرفان (الديمقراطي والجمهوري) اللوم لبعضهما في التسبُّب بالإغلاق؛ فقال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، جون ثون، إن الديمقراطيين اختاروا إغلاق الحكومة لأن اليسار المتشدد أراد مواجهة مع الرئيس الأميركي، فيما اتهم زعيم الديمقراطيين في مجلسي الشيوخ، تشاك شومر، الجمهوريين بالدفع بأميركا نحو الإغلاق ورفض المحادثات بين الحزبين، مضيفاً: «عليهم أن يجلسوا معنا والتفاوض للتوصل إلى تسوية يمكننا الموافقة عليها».

زعيم الجمهوريين في «الشيوخ» جون ثون في مؤتمر صحافي - 30 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

لا تسويات

لكن التسويات بعيدة المنال حالياً؛ فقيادات الحزبين تواجه كثيراً من الضغوط، خصوصاً من القاعدة الشعبية الديمقراطية التي دفعت بشومر إلى مواجهة الجمهوريين، بعد استيائها منه عندما رضخ لهم في مارس (آذار) من العام الحالي، وساعدهم على إقرار مشروع التمويل المؤقت، ومن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي رفض رفضاً قاطعاً أي تسويات، رغم الاجتماع الذي عقده مع القيادات الديمقراطية في البيت الأبيض، يوم الاثنين.

على العكس تماماً؛ فقد زاد ترمب من حدة المواجهة، ناشراً تدوينات ساخرة من الزعماء الديمقراطيين بعد الاجتماع، ومهدداً باستغلال الجمود الحكومي لطرد آلاف الموظفين الفيدراليين استكمالاً لخطته بتقليص حجم الحكومة الفيدرالية.

وحذّر الديمقراطيين من مغبة رفضهم للمشروع الجمهوري بتمويل الحكومة، مشيراً إلى احتمال اتخاذه قرارات «لا يمكن التراجع عنها»، واقتطاع برامج يدعمها الحزب الديمقراطي.

وفعلياً، إذا كان الرئيس جدياً في تهديداته، فهذه فرصته الذهبية لتنفيذها، في غياب الإشراف التشريعي الذي يترافق مع الإغلاق الحكومي. فمهام الكونغرس وصلاحياته في فترة الإغلاق الحكومي محدودة، إلى أن يتم التصويت على إعادة فتح المرافق الفيدرالية. ومن هذا المنطلق، اعتبر ترمب أن «كثيراً من الأمور الجيدة يمكن أن تنجم عن الإغلاقات الحكومية».

زعيم الديمقراطيين في «الشيوخ» تشاك شومر يتحدث عن الإغلاق في 30 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

مراهنة سياسية

لكن التاريخ يثبت العكس؛ فقلّما أدَّت الإغلاقات إلى تحقيق أي طرف لمطالبه، وخير مثال على ذلك إغلاق عام 2013 في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، عندما حاول الجمهوريون الضغط لإلغاء برنامج الرعاية الصحية المعروف بـ«أوباما كير»، من دون أن ينجحوا بذلك، والإغلاق الأطول في تاريخ الولايات المتحدة في عهد ترمب الأول في عام 2018، الذي استمر على مدى 35 يوماً، بسبب إصرار الرئيس على تمويل جداره الحدودي، قبل أن يتراجع.

والأرجح أن يواجه الديمقراطيون المعضلة نفسها مع هذا الإغلاق؛ فرغم إصرارهم على دمج بعض الإعفاءات لبرنامج الرعاية الصحية، فإن استراتيجيتهم قد تنقلب عليهم، لا سيما إذا ما نفذ ترمب تهديداته وطرد موظفين فيدراليين.

أغلقت الحكومة الفيدرالية أبوابها بعد فشل الكونغرس في تمويلها - 1 أكتوبر 2025 (أ.ب)

وفعلياً، هؤلاء الموظفون هم من يدفعون ثمن الإغلاق اليوم، ويصل عددهم إلى نحو الـ750 ألف موظف، لن يتقاضوا رواتبهم قبل إعادة فتح المرافق، منهم مَن سيضطر إلى التوجه إلى وظائفهم إذا ما صُنفت في إطار «الضرورية»، كعناصر الجيش الأميركي مثلاً، مع استثناءات قد يلجأ إليها «البنتاغون» الذي يتمتع بالقدرة على تخصيص مبالغ معينة لحالات الطوارئ وتسديد رواتب عناصره.

لكن عنصر الوقت مهم جداً في هذه المعادلة؛ فكلما طالت مدة الإغلاق شحَّت الموارد، وظهر أثرها على أداء الحكومة ومرافقها، من المباني الحكومية إلى المعاملات الفيدرالية والمتنزهات العامة والمتاحف والمطارات، وصولاً إلى المدارس.

حالياً، تقضي خطة المشرّعين بعودة «الشيوخ» للانعقاد، يوم الأربعاء، والتصويت على تمديد التمويل، لكن مصير هذا التصويت هو الفشل في حال عدم التسوية، وهذه هي الحال اليوم؛ ما يضع مصير الحكومة وموظفيها في غياهب المجهول، فمن سيتنازل هذه المرة؟ ومن سيدفع الثمن في صناديق الاقتراع؟


مقالات ذات صلة

فنزويلا تستأنف استقبال طائرات المُرحّلين من أميركا

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي خلال مغادرته اجتماعاً حكومياً في البيت الأبيض الثلاثاء (إ.ب.أ)

فنزويلا تستأنف استقبال طائرات المُرحّلين من أميركا

استأنفت فنزويلا استقبال رحلات تُقلُّ مواطنيها المهاجرين من الولايات المتحدة، رغم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب إغلاق المجال الجوي الفنزويلي.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يوقع على قرار تنفيذي في 23 يوليو 2025 (رويترز)

تحرّك في الكونغرس لترسيخ تصنيف «الإخوان» على لوائح الإرهاب

بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب التمهيدي لإدراج فروع من جماعة «الإخوان المسلمين» على لوائح الإرهاب يتحرك الكونغرس لدعم هذه الخطوة

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مساع تشريعية لإلغاء الجنسية المزدوجة في أميركا (أ.ف.ب)

مساع في الكونغرس لإلغاء «الجنسية المزدوجة»

طرح السيناتور الجمهوري بيرني مورينو مشروع قانون يلغي الجنسية المزدوجة في أميركا. ويتطلب المشروع من أي مواطن أميركي يحمل جنسية أخرى الاختيار بين الجنسيتين.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو ممسكاً بسيف بيرو في كاراكاس (إ.ب.أ) play-circle

سيناتور أميركي: واشنطن عرضت على مادورو «المغادرة إلى روسيا»

عرضت الولايات المتحدة على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو «المغادرة إلى روسيا» أو دولة أخرى، وفق ما قال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ماركواين مولين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن) «الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ السيناتور الأميركي آدم شيف (ديمقراطي من كاليفورنيا) يتحدث أمام لافتة عليها صورة مدير «مكتب التحقيقات الفيدرالي» كاش باتيل في أثناء إدلائه بشهادته أمام لجنة القضاء في مجلس الشيوخ بشأن الإشراف على «مكتب التحقيقات الفيدرالي» على تلة الكابيتول في العاصمة واشنطن - 16 سبتمبر 2025 (رويترز)

نواب ديمقراطيون يتّهمون ترمب باستخدام «مكتب التحقيقات الفيدرالي» لـ«ترهيبهم»

اتّهم نواب ديمقراطيون الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، باستخدام مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لـ«ترهيب» أعضاء الكونغرس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الذهب يستقر قبيل بيانات أميركية حاسمة

سبائك ذهبية في متجر بلندن (رويترز)
سبائك ذهبية في متجر بلندن (رويترز)
TT

الذهب يستقر قبيل بيانات أميركية حاسمة

سبائك ذهبية في متجر بلندن (رويترز)
سبائك ذهبية في متجر بلندن (رويترز)

استقرت أسعار الذهب يوم الجمعة، إذ عوّض ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية تأثير تراجع الدولار، بينما يترقب المستثمرون بيانات تضخم محورية قد توفّر مؤشرات مهمة حول مسار سياسة «الاحتياطي الفيدرالي» قبل اجتماعه الأسبوع المقبل.

وبحلول الساعة 05:24 بتوقيت غرينيتش، استقر الذهب الفوري عند 4215.92 دولار للأوقية، متجهاً نحو انخفاض أسبوعي بنحو 0.3 في المائة. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأميركي تسليم ديسمبر (كانون الأول) بنسبة 0.1 في المائة إلى 4245.70 دولار للأوقية، وفق «رويترز».

وحافظت عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات، على استقرارها بالقرب من أعلى مستوى لها في أكثر من أسبوعين.

في الوقت نفسه، استقر الدولار قرب أدنى مستوى له في 5 أسابيع مقابل العملات الرئيسية، مما جعل الذهب المقوّم بالدولار أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.

وقال كونال شاه، رئيس الأبحاث في شركة «نيرمال بانغ» للسلع: «السوق بانتظار محفزات جديدة قد تأتي من قرارات (الفيدرالي). الذهب يشهد استقراراً بعد موجة صعود قصيرة في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن الاتجاه العام يبدو صاعداً». وأضاف أن ارتفاع عوائد السندات الأميركية وضع ضغوطاً على الأسعار.

وأظهرت بيانات صدرت يوم الخميس، تراجع طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى 191 ألف طلب الأسبوع الماضي، وهو أدنى مستوى لها في أكثر من 3 سنوات وبفارق واضح عن التوقعات البالغة 220 ألفاً. كما أظهرت بيانات «إيه دي بي» يوم الأربعاء، انخفاض وظائف القطاع الخاص بمقدار 32 ألف وظيفة في نوفمبر، في أكبر تراجع منذ أكثر من عامين ونصف العام.

وتتوقع أغلبية من أكثر من 100 خبير اقتصادي استطلعت «رويترز» آراءهم، أن يخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الأساسي بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه يومي 9 و10 ديسمبر، في إطار جهوده لدعم سوق العمل المتباطئة. ومن المعروف أن أسعار الفائدة المنخفضة تعزز جاذبية الأصول غير المدرّة للعائد مثل الذهب.

وينتظر المستثمرون صدور مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) لشهر سبتمبر (أيلول)، وهو المقياس المفضل لدى (الفيدرالي) لمتابعة التضخم.

وبالنسبة لبقية المعادن النفيسة، ارتفعت الفضة بنسبة 1 في المائة إلى 57.68 دولار للأوقية، واتجهت لتسجيل مكاسب أسبوعية بعد أن بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 58.98 دولار يوم الأربعاء.

وتراجع البلاتين بنسبة 0.1 في المائة إلى 1644.04 دولار، مع توقع تسجيل خسارة أسبوعية، بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 1.1 في المائة إلى 1464.70 دولار، متجهاً لإنهاء الأسبوع على ارتفاع.


الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».