خطر الإغلاق الحكومي يمنح إدارة ترمب سلطة واسعة على الإنفاق

الرئيس الأميركي يلغي اجتماعه مع الديمقراطيين وسط خلاف على التمويل

مبنى الكابيتول ونُصب واشنطن التذكاري في واشنطن (أ.ب)
مبنى الكابيتول ونُصب واشنطن التذكاري في واشنطن (أ.ب)
TT

خطر الإغلاق الحكومي يمنح إدارة ترمب سلطة واسعة على الإنفاق

مبنى الكابيتول ونُصب واشنطن التذكاري في واشنطن (أ.ب)
مبنى الكابيتول ونُصب واشنطن التذكاري في واشنطن (أ.ب)

ستتمتع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسلطة واسعة لاتخاذ قرارات بشأن الإنفاق في حال إغلاق الحكومة الأسبوع المقبل. كما ستمتلك السلطة نفسها، في حال استمرار عمل الحكومة بموجب تمديد طويل الأجل للتمويل.

تصاعد خطر الإغلاق

ألغى ترمب، يوم الثلاثاء، اجتماعه مع كبار القادة الديمقراطيين في الكونغرس لمناقشة تمويل الحكومة، مما زاد من احتمال حدوث إغلاق جزئي الأسبوع المقبل. وتبادل كل من الديمقراطيين والرئيس الجمهوري الاتهامات بشأن المسؤولية عن الإغلاق المحتمل الذي قد يؤثر على مجموعة واسعة من الخدمات الفيدرالية، ومن المرجح أن يؤدي إلى تسريح مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين مؤقتاً.

وكتب ترمب، في منشور على منصة «تروث سوشيال»: «لقد قررتُ أنه لا يمكن لأي اجتماع مع قادتهم (الديمقراطيين) في الكونغرس أن يكون مثمراً». وكان الزعيمان الديمقراطيان، تشاك شومر في مجلس الشيوخ، وحكيم جيفريز في مجلس النواب، قد صرحا بأن ترمب وافق على الاجتماع قبل انتهاء التمويل الحكومي في 30 سبتمبر (أيلول). وتظل مسألة التمويل التقديري الذي يمثّل نحو ربع الموازنة الفيدرالية البالغة نحو 7 تريليونات دولار، محل خلاف بين المشرعين، وفق «رويترز».

موقف الديمقراطيين من الإعفاء الضريبي

قال شومر: «الديمقراطيون مستعدون للعمل لتجنب الإغلاق الحكومي. ترمب والجمهوريون يحتجزون أميركا رهينة». وأضاف أن الكونغرس يحتاج أيضاً إلى تمديد الإعفاء الضريبي المؤقت عن أقساط التأمين الصحي المدعومة اتحادياً، المقرر أن ينتهي في 31 ديسمبر (كانون الأول). وتشير تقديرات منظمة «كيه إف إف» غير الربحية إلى أن مدفوعات الأقساط من جيوب المواطنين قد ترتفع أكثر من 75 في المائة خلال السنة المالية المقبلة. وقال شومر: «إنه الفرق بين أن تتمكّن الأسرة من سداد قسط الرهن العقاري أو الحصول على الرعاية الصحية».

موقف الجمهوريين من مشروع القانون المؤقت

يقول قادة الجمهوريين إنهم لم يغلقوا الباب نهائياً أمام تمديد الإعفاء الضريبي، لكنهم يرون أن مشروع القانون المؤقت للتمويل ليس الحل الأمثل. وقد أقر مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون مشروع القانون الأسبوع الماضي لتمديد التمويل الحكومي حتى 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه فشل في مجلس الشيوخ، حيث يمتلك الجمهوريون 53 مقعداً من أصل 100. وأكد رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، أنه لن يستدعي الأعضاء إلى واشنطن قبل الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، حيث ستكون الحكومة قد أغلقت أبوابها في حال عدم تحرّك مجلس الشيوخ.

تمديد التمويل والسلطة التنفيذية

يعمل الكونغرس حالياً بموجب هذا التمديد منذ أشهر، ويحاول تمرير تمديد آخر قصير الأجل يُعرف باسم «القرار المستمر» (CR) قبل انتهاء صلاحية قوانين التمويل الفيدرالي. ودون اتخاذ أي إجراء، سيبدأ الإغلاق في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) بعد منتصف الليل بقليل، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وفي حال تمديد التمويل، ستحصل الإدارة على مساحة أوسع لتحديد كيفية إنفاق الأموال الفيدرالية مقارنة بالعمليات الاعتيادية. أما إذا أُغلقت الحكومة فسيكون لترمب ومكتب الإدارة والموازنة في البيت الأبيض سلطة تحديد الوكالات والمكاتب التي ستبقى مفتوحة وتلك التي ستتوقف عن العمل حتى تُحل الأزمة.

تشاك شومر خلال مؤتمر صحافي حول مشروع قانون ترمب للضرائب والإنفاق يونيو 2025 (رويترز)

مواقف المشرعين

هذا الوضع يجعل المشرعين، خصوصاً الديمقراطيين، يشعرون بأنهم عالقون مع اقتراب الموعد النهائي للإغلاق. وحتى لو وافق الكونغرس على قوانين تمويل جديدة للعام بأكمله -وهو أمر غير ممكن قبل الموعد النهائي- يقول البيت الأبيض إنه يمتلك سلطة منع التمويل أو إلغاء البرامج.

وقالت عضوة لجنة المخصصات في مجلس النواب (ديمقراطية - بنسلفانيا)، النائبة مادلين دين: «لقد استولوا بالفعل على هذه السلطة». وأضافت: «لقد انتزعت سلطة المادة الأولى الدستورية من لجنتنا بسبب موافقة الأغلبية الجمهورية. لذا، فإن الرئيس وإدارته يدّعون بالفعل السلطة والصلاحيات بشكل غير قانوني».

تجارب سابقة للديمقراطيين

واجه الديمقراطيون معضلة مماثلة في وقت سابق من هذا العام. ففي مارس (آذار)، انضمت مجموعة من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ إلى الجمهوريين للسماح بإقرار طلب تغيير مستمر يُغّطي ستة أشهر من التمويل الحكومي، خوفاً من أن يمكّن الإغلاق الحكومي مدير مكتب الإدارة والموازنة راسل فوت، وإيلون ماسك الذي كان، آنذاك، رئيساً لخدمة خفض التكاليف في الولايات المتحدة، من إلغاء أعداد كبيرة من الوكالات الفيدرالية.

لكن هذا التمديد لستة أشهر كان له تأثير غير مقصود؛ إذ سهّل توجيه الأموال بعيداً عن الأولويات التي حدّدها الكونغرس نحو أولويات الإدارة الخاصة. تأتي قوانين التخصيصات أو الإنفاق عادة مصحوبة بتقارير مفصلة متفق عليها من كلا الحزبين، توضح مقدار الأموال المخصص لكل برنامج. وغالباً ما تتجاهل تمديدات التمويل الطويلة هذه التقارير، تاركة تمويلاً غير محدد في كل وكالة يمكن توجيهه حسب رغبة الإدارة.

وقد مكّن تمديد التمويل الطويل الأجل الإدارة من تحويل الأموال من برامج سبق أن حددها الكونغرس إلى مجالات أخرى، بما في ذلك توجيه تمويل إضافي لسلاح المهندسين بالجيش إلى الولايات الجمهورية، وإعادة توجيه تمويل وزارة التعليم من منح المعلمين وتعليم الطفولة المبكرة والكليات التي تُعلّم طلاب الأقليات إلى المدارس المستقلة، ودعم برامج التربية المدنية والكليات القبلية والكليات والجامعات المخصصة للسود تاريخياً.

ويقول خبراء الموازنة إن رؤساء كلا الحزبين أنفقوا في الماضي الأموال، وفقاً للتوجيهات الواردة في التقارير، حتى لو لم تكن ملزمة قانونياً في القرار المستمر، لتجنّب تعطيل المفاوضات المستقبلية. وقال تشارلز كيفر، الذي عمل سابقاً في مكتب الإدارة والموازنة خلال إدارات جمهورية وديمقراطية: «هذا ليس قانوناً، بل ممارسة راسخة منذ زمن طويل. هذه الإدارة في وضع مختلف».

التحديات المستقبلية

يقترح بعض الجمهوريين أن يواصل الكونغرس تمويل الحكومة بتمديد التمويل الحالي إلى ما بعد نوفمبر لفترة طويلة، متجاوزين بذلك عملية تخصيص هذا العام بالكامل. ويخشى بعض الديمقراطيين أن تؤدي هذه التمديدات الطويلة إلى تقويض موقفهم في المستقبل.

وقال رئيس كتلة الحرية في مجلس النواب (جمهوري عن ولاية ماريلاند)، النائب آندي هاريس: «أعتقد أنه قد يتضح بحلول نوفمبر أن الديمقراطيين لن يتفاوضوا بحسن نية، وعندها لا يمكننا تحمل تكرار التهديدات بإغلاق الحكومة». وأضاف: «أعتقد أننا سنؤجل الأمر إلى الأول من ديسمبر المقبل».

وإذا عرقل الديمقراطيون في مجلس الشيوخ إقرار تمديد قصير الأجل للتمويل وفرضوا إغلاقاً الأسبوع المقبل، فسيكون لترمب ومكتب الموازنة سلطة تحديد الوظائف والموظفين الفيدراليين اللازمين لحماية الأرواح والممتلكات الحكومية. على سبيل المثال، عادةً ما يظل موظفو التفتيش في المطارات التابعون لإدارة أمن النقل في وظائفهم -دون أجر- في حين يُرسل موظفو وكالة حماية البيئة إلى منازلهم في إجازة مؤقتة.

ولا يزال من غير الواضح ما القطاعات الحكومية التي ستُغلق في حال الإغلاق، خصوصاً أن إدارة ترمب لم تنشر خطط التوظيف كما كان معتاداً في السنوات السابقة.

الخلافات حول تمديد الإنفاق

يقول الديمقراطيون إنهم لن يدعموا تمديد إنفاق الحزب الجمهوري إذا لم يُطلب رأيهم. ويصر الجمهوريون على أن يُمدّد الكونغرس أيضاً دعم خطط التأمين الصحي بموجب قانون الرعاية الصحية الميسرة الذي يعود إلى فترة الجائحة، ويعيد الإنفاق الذي جمّدته إدارة ترمب، ويعكس تخفيضات برنامج «ميديكيد» في قانون الضرائب الجمهوري الصادر هذا الصيف، المعروف باسم «مشروع القانون الكبير الجميل».

ومع ذلك، يقول الجمهوريون إنهم يقدمون بالضبط ما طالب به الديمقراطيون في معارك الإغلاق السابقة: قرار إصلاحي «نظيف» يُمدّد التمويل الحالي فقط دون أي سياسات أخرى مرفقة. كما سيضيف مشروع قانون الحزب الجمهوري عشرات الملايين من الدولارات لتأمين المشرعين وقضاة المحكمة العليا ومسؤولي السلطة التنفيذية بعد حادثة إطلاق النار على تشارلي كيرك.

الموقف الجديد لشومر والديمقراطيين

استشاط قادة الحزب الديمقراطي من اليسار غضباً عندما أيّد شومر وآخرون قرار مجلس الشيوخ بشأن الإصلاحات الضريبية في مارس، قائلين إنهم تهربوا من مواجهة ترمب بشأن الإنفاق الفيدرالي وسلطة المشرعين على الموازنة.

والآن، يقول شومر إنه لن يكرر هذه الخطوة. وقال يوم الجمعة: «لقد تغيّر العالم تماماً منذ مارس. لقد رأى الناس الضرر الذي ألحقه الجمهوريون. لقد دمّر مشروع قانون المصالحة الرعاية الصحية بشكل كبير. والآن، دخلت الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، مما زاد من تكاليف المواطنين بشكل كبير». وأضاف: «لقد شهدنا عدم قانونية إدارة ترمب بعد مارس، مع عمليات الإلغاء والحجز وإلغاءات الجيب. لذا أصبح العالم مكاناً مختلفاً الآن».


مقالات ذات صلة

وول ستريت تتسم بالهدوء والترقب قبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي

الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

وول ستريت تتسم بالهدوء والترقب قبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي

تذبذبت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت بين مكاسب وخسائر طفيفة، يوم الخميس، حيث قام المستثمرون بتحليل مجموعة من البيانات لتحديد توقعاتهم بشأن الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويوك)
الاقتصاد الرئيس دونالد ترمب محاطاً بعدد من كبار تنفيذيي صناعة السيارات الأميركية في المكتب البيضاوي يوم 3 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

ترمب ينقلب على معايير «الكفاءة الخضراء»

في خطوة تُعدّ انقلاباً مباشراً على إرث إدارة جو بايدن، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن خطة شاملة لخفض معايير الكفاءة في استهلاك الوقود للسيارات والشاحنات.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة «نوظف الآن» معلّقة على نافذة صالون حلاقة بمدينة ميدفورد الكبرى في ولاية ماساتشوستس (رويترز)

تراجع حاد في تسريحات العمال الأميركيين رغم استمرار تباطؤ التوظيف

تراجعت عمليات تسريح العمالة المعلنة من جانب أصحاب العمل الأميركيين بشكل حاد خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غير أن نيات التوظيف واصلت التباطؤ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سكوت بيسنت يتحدث خلال قمة «نيويورك تايمز ديلبوك 2025» في مركز جاز لينكولن (أ ف ب)

بيسنت متفائل بموافقة المحكمة العليا على رسوم ترمب الجمركية

أعرب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الأربعاء، عن تفاؤله بأن المحكمة العليا ستؤيِّد قانونية الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

قلق المستثمرين بشأن المالية العامة يرفع عوائد السندات بمنطقة اليورو

أوراق نقدية من اليورو (رويترز)
أوراق نقدية من اليورو (رويترز)
TT

قلق المستثمرين بشأن المالية العامة يرفع عوائد السندات بمنطقة اليورو

أوراق نقدية من اليورو (رويترز)
أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

ارتفعت عوائد السندات السيادية في منطقة اليورو يوم الجمعة، مع اختتام أسبوع شهد واحدة من كبرى موجات البيع في الديون طويلة الأجل خلال 3 أشهر، في ظل استمرار قلق المستثمرين بشأن المالية العامة للحكومات.

وقادت السندات الحكومية اليابانية موجة البيع العالمية هذا الأسبوع، حيث سجلت عوائد سندات الحكومة اليابانية لأجل 30 عاماً مستويات قياسية، بعد أن أشار بنك اليابان بأقوى إشارة له هذا الأسبوع، إلى احتمال رفع أسعار الفائدة خلال الشهر الحالي، وفق «رويترز».

كما ارتفعت عوائد السندات طويلة الأجل في مناطق أخرى، متجاوزة بذلك عوائد السندات قصيرة الأجل في ظاهرة تعرف باسم انحدار المنحنى. وارتفعت عوائد السندات الألمانية لأجل 30 عاماً بمقدار 7.4 نقطة أساس هذا الأسبوع، وهو أعلى مستوى لها منذ منتصف أغسطس (آب)، بينما ارتفعت عوائد سندات «شاتز» لأجل عامين بمقدار 4.8 نقطة أساس فقط.

ويواجه المستشار الألماني فريدريش ميرتس، اختباراً صعباً لقدرته على السيطرة على ائتلافه، إذ يصوت البرلمان يوم الجمعة على مشروع قانون المعاشات التقاعدية، الذي أثار تمرداً بين الأعضاء الشباب في حزبه المحافظ. وقد أعاد هذا الخلاف الشكوك حول قدرة ميرتس على إدارة حزبه، مما قد يجعله معتمداً على المعارضة لتمرير الحزمة في البرلمان.

وأشار الخبيران الاستراتيجيان في «كومرتس بنك»، راينر غونترمان وهاوك سيمسن، في مذكرة: «من المرجح ألا يشعر الائتلاف بارتياح ملحوظ إلا إذا حظي بأغلبية المستشارين في التصويت (ما لا يقل عن 316 صوتاً بـ«نعم» من الائتلاف)، ولن تُخفف الحزمة الضغط طويل الأجل على نظام المعاشات التقاعدية. وبالتالي، فإن الانخفاض الأخير في هامش مبادلة السندات الألمانية على المدى الطويل، لديه فرص للاستمرار».

وفروق أسعار المبادلة هي الفجوة بين عائد السندات الحكومية وسعر المبادلة ذي الاستحقاق المماثل، أو الفرق بين الجزء ذي الفائدة الثابتة من المبادلة والسعر المتغير، ويمكن أن تعكس قلق المستثمرين عند اتساعها.

وسجلت عوائد السندات الألمانية القياسية لأجل 10 سنوات ارتفاعاً بمقدار نقطة أساس واحدة، لتصل إلى 2.7795 في المائة، وهي أعلى مستوياتها تقريباً منذ أوائل سبتمبر (أيلول)، فيما ارتفعت عوائد السندات لأجل عامين أيضاً بمقدار نقطة أساس لتصل إلى 2.08 في المائة.

وفي ظل غياب بيانات اقتصادية أوروبية رفيعة المستوى، قد يستقي المستثمرون إشاراتهم من القراءة المتأخرة لمعدل التضخم الأساسي الأميركي في وقت لاحق من يوم الجمعة. ومن المتوقع أن يُظهر مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) لشهر سبتمبر - المقياس المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» لقياس التضخم - ارتفاعاً بنسبة 0.2 في المائة على أساس شهري، مع بقاء المعدل السنوي دون تغيير عند 2.9 في المائة.

وفي مكان آخر، استقرت عوائد السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات عند 3.48 في المائة، مما رفع فارقها مع السندات الألمانية إلى 69.81 نقطة أساس، بعد أن سجل أدنى مستوى له في 16 عاماً عند 67 نقطة أساس يوم الخميس.


استقرار الأسهم الأوروبية بعد 3 أيام من المكاسب

رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني داكس في بورصة فرانكفورت (رويترز)
رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني داكس في بورصة فرانكفورت (رويترز)
TT

استقرار الأسهم الأوروبية بعد 3 أيام من المكاسب

رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني داكس في بورصة فرانكفورت (رويترز)
رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني داكس في بورصة فرانكفورت (رويترز)

استقرت الأسهم الأوروبية يوم الجمعة بعد ثلاث جلسات متتالية من المكاسب، ما وضع المؤشرات على مسار تحقيق ارتفاع أسبوعي، في وقت يترقب فيه المستثمرون قراءة مهمة لمعدل التضخم في الولايات المتحدة.

وارتفع مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 579.52 نقطة بحلول الساعة 08:05 بتوقيت غرينيتش، فيما سجلت البورصات الإقليمية الرئيسية، مثل مؤشر «داكس» الألماني ومؤشر كاك 40 الفرنسي، ارتفاعات بنسبة 0.2 في المائة و0.3 في المائة على التوالي، وفق «رويترز».

ويترقب المستثمرون صدور تقرير إنفاق الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة، الذي قد يؤثر على توجهات «الاحتياطي الفيدرالي» بشأن تخفيف السياسة النقدية في أكبر اقتصاد عالمي. وقد دفعت البيانات الأخيرة والتعليقات المتشددة من بعض أعضاء المجلس المستثمرين إلى تعزيز توقعاتهم بشأن خفض محتمل لأسعار الفائدة الأسبوع المقبل.

وارتفع قطاع الموارد الأساسية بنسبة 1.3 في المائة، متصدراً قائمة الرابحين على المؤشر، بعد تسجيل أسعار النحاس مستويات قياسية. كما قفزت أسهم الصناعات بنسبة 0.3 في المائة، متجهة نحو تحقيق مكاسب للجلسة الرابعة على التوالي.

ومن جانبها، حددت مجموعة «سيتي غروب» هدفاً لمؤشر «ستوكس 600» عند 640 نقطة لعام 2026، ورفعت تصنيف قطاعات السيارات والصناعات والكيماويات والموارد الأساسية، مشيرة إلى أجواء مالية مواتية للعام المقبل.

على صعيد الأسهم الفردية، تراجع سهم شركة «سويس ري» بنسبة 5.3 في المائة ليحتل قاع مؤشر «ستوكس 600» بعد أن أعلنت عن أهدافها لعام 2026، التي جاءت دون توقعات المحللين. في المقابل، تصدر سهم «أوكادو» المؤشر بارتفاع 12.7 في المائة، مدعوماً بدفعة نقدية لمرة واحدة بقيمة 350 مليون دولار من شركة «كروغر»، عقب قرار الأخيرة إغلاق ثلاثة مستودعات آلية وإلغاء منشأة كانت مخططاً لها.


الدولار يستقر قرب أدنى مستوى في 5 أسابيع

أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
TT

الدولار يستقر قرب أدنى مستوى في 5 أسابيع

أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

استقر الدولار الأميركي يوم الجمعة قرب أدنى مستوى له في 5 أسابيع مقابل العملات الرئيسية، فيما يستعد المستثمرون لاحتمال إقدام مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض سعر الفائدة الأسبوع المقبل.

وكان الضغط على العملة الأميركية أكثر وضوحاً أمام الين، إذ صعدت العملة اليابانية إلى أعلى مستوى لها في نحو 3 أسابيع، مدعومة بتوقعات تشير إلى أن بنك اليابان قد يستأنف دورة رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر، وفق «رويترز».

وتتوقع الأسواق على نطاق واسع أن يخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية خلال اجتماع لجنة السوق المفتوحة يومي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول). وسيكون التركيز منصباً على أي إشارات بشأن حجم التيسير النقدي المتوقع خلال الفترة المقبلة.

وتراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام 6 عملات منافسة، بنسبة 0.2 في المائة، إلى 98.929 بحلول الساعة 06:23 بتوقيت غرينيتش، ليقترب مجدداً من أدنى مستوى له في 5 أسابيع والذي سجله الخميس عند 98.765. ويتجه المؤشر نحو انخفاض أسبوعي بنحو 0.6 في المائة. وبحسب بيانات بورصة لندن للأوراق المالية، يقدّر المتداولون احتمال خفض الفائدة الأسبوع المقبل بنحو 86 في المائة، مع توقع تخفيضات إضافية خلال العام المقبل.

ويراقب مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» تطورات سوق العمل بدقة لتقييم مدى الحاجة إلى مزيد من التحفيز. وأظهرت بيانات صدرت ليلاً، تراجع طلبات إعانة البطالة الجديدة إلى أدنى مستوى في أكثر من 3 سنوات الأسبوع الماضي، رغم احتمال تأثر الأرقام بعطلة عيد الشكر. ولا تزال الصورة الاقتصادية غير مكتملة بفعل تأخّر بعض البيانات نتيجة الإغلاق الحكومي الطويل، مما حال دون إصدار بيانات أخرى.

وفي حين جرى تأجيل تقرير الوظائف الشهري - عادة ما يُنشر في هذا التوقيت من الشهر - إلى منتصف ديسمبر، سيصدر اليوم مؤشر مُخفّض نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) لشهر سبتمبر (أيلول)، وهو المقياس المفضّل لدى «الفيدرالي» للتضخم.

ويتوقع اقتصاديون استطلعت آراؤهم «إل إس إي جي»، ارتفاعاً شهرياً بنسبة 0.2 في المائة في المؤشر الأساسي. وقالت كارول كونغ، خبيرة استراتيجيات العملات لدى «بنك الكومنولث الأسترالي»، في مذكرة: «نعتقد أن ارتفاعاً بنسبة 0.2 في المائة أو أقل، سيعزز فرص خفض الفائدة الأسبوع المقبل». وأضافت: «يشير تحليلنا إلى أن المخاطر تتركز في ارتفاع طفيف لا يتجاوز 0.1 في المائة».

وتعرض الدولار لمزيد من الضغوط أيضاً وسط تكهنات باحتمال تولي كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، رئاسة «الاحتياطي الفيدرالي» بعد انتهاء ولاية جيروم باول في مايو (أيار) المقبل، إذ يُتوقع أن يدفع هاسيت باتجاه مزيد من تخفيضات الفائدة.

وانخفض الدولار 0.3 في المائة إلى 154.46 ين، وهو أدنى مستوى له منذ 17 نوفمبر (تشرين الثاني).

وذكرت «بلومبرغ» يوم الجمعة، أن مسؤولي بنك اليابان يستعدون لرفع أسعار الفائدة في 19 ديسمبر، إذا لم تحدث صدمات اقتصادية كبيرة، وذلك بعد تقرير لـ«رويترز» نُقل عن 3 مصادر قالوا فيه إن رفع الفائدة خلال هذا الشهر بات مرجحاً. وارتفع اليورو بنسبة 0.1 في المائة إلى 1.1659 دولار، مقترباً من أعلى مستوى له في 3 أسابيع الذي سجله الخميس عند 1.1682 دولار.

كما صعد الجنيه الإسترليني 0.2 في المائة إلى 1.33505 دولار، مواصلاً اقترابه من أعلى مستوى له في 6 أسابيع، والذي لامسه في الجلسة السابقة عند 1.3385 دولار.

ويترقب المستثمرون أسبوعاً مزدحماً بقرارات السياسة النقدية، إذ يصدر بنك الاحتياطي الأسترالي قراره يوم الثلاثاء، يليه بنك كندا الأربعاء، ثم البنك الوطني السويسري الخميس. وفي الأسبوع التالي، ستصدر قرارات بنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا والبنك المركزي السويدي.

وارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.3 في المائة إلى 0.6626 دولار أميركي، وهو أعلى مستوى له في أكثر من شهرين.

كما صعد الفرنك السويسري 0.1 في المائة إلى 0.8026 مقابل الدولار، بعد تراجعه من أعلى مستوى في أسبوعين، والذي سجله الأربعاء عند 0.7992.