استثمارات الذكاء الاصطناعي تمنح «نيكي» الياباني إغلاقاً قياسياً جديداً

تحول منحنى عائد السندات يخدم الأجانب

أحد المشاة يعبر الطريق أمام شاشة تعرض حركة الأسهم في العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
أحد المشاة يعبر الطريق أمام شاشة تعرض حركة الأسهم في العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

استثمارات الذكاء الاصطناعي تمنح «نيكي» الياباني إغلاقاً قياسياً جديداً

أحد المشاة يعبر الطريق أمام شاشة تعرض حركة الأسهم في العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
أحد المشاة يعبر الطريق أمام شاشة تعرض حركة الأسهم في العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أغلق مؤشر «نيكي» الياباني عند مستوى قياسي مرتفع يوم الأربعاء، متعافياً من خسائره المبكرة بفضل التفاؤل الذي عزّزته الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي. وارتفع مؤشر «نيكي 225» بنسبة في المائة ليغلق عند مستوى غير مسبوق 45.630.31 نقطة، متعافياً من خسائر الجلسة السابقة التي بلغت 0.6 في المائة. وارتفع مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 0.2 في المائة. وكان حماس المستثمرين للذكاء الاصطناعي محركاً رئيسياً في «وول ستريت»، وارتفعت على أثرها الأسهم اليابانية إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.

وكشف كل من «أوبن إيه آي» و«أوراكل» و«سوفت بنك غروب» اليابانية، يوم الثلاثاء، عن خطط لبناء خمسة مراكز بيانات جديدة للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، وذلك بهدف بناء مشروع «ستارغيت» الطموح. وقالت الخبيرة الاستراتيجية في «نومورا»، ماكي ساوادا، إن الانخفاضات المبكرة، يوم الأربعاء، كانت بمثابة حركة تصحيحية بعد الارتفاع الأخير للمؤشر، في حين قدمت أسهم التكنولوجيا الدعم. وأضافت: «لا نزال نرى أسهم الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات صامدة بشكل جيد».

وشهد مؤشر «نيكي» القياسي ارتفاع 100 سهم، مقابل انخفاض 121 سهماً، واستقرار 4 أسهم. وبدأ ما يُسمّى مؤشر القوة النسبية (RSI) لـ14 يوماً -وهو مؤشر معياري-، الجلسة فوق مستوى 70 نقطة، مما يشير إلى سوق محمومة.

وكانت أكبر الرابحين في مؤشر «نيكي» هي شركة «آي إتش آي» للصناعات التحويلية التي ارتفعت بنسبة 9.7 في المائة، تليها مجموعة «سوفت بنك» التي قفزت بنسبة 6 في المائة.

وكان الانخفاض الأكبر في أسهم شركة «طوكيو للطاقة الكهربائية» التي انخفضت بنسبة 4.89 في المائة، تليها شركة «نيكسون» لألعاب الفيديو التي انخفضت بنسبة 3.8 في المائة.

مفاجأة «بنك اليابان»

وفي سوق السندات، عزّز موقف متشدد مفاجئ من بنك اليابان المركزي، وتراجع المخاوف بشأن تفاقم أزمة المالية العامة، فرص المستثمرين الأجانب الذين استثمروا بكثافة في السندات الحكومية اليابانية طويلة الأجل خلال الأشهر السبعة الماضية.

وتُؤتي رهانات المستثمرين الأجانب على استقرار منحنى عائد السندات الحكومية اليابانية ثمارها؛ إذ واصلت العائدات قصيرة الأجل تحقيق مكاسبها على خلفية توقعات برفع أسعار الفائدة، في حين انخفضت عائدات السندات طويلة الأجل التي تمتد لعشرين و30 عاماً عن مستوياتها التاريخية.

وأدى ما يُسمى «تسطيح منحنى العائد» -وهو تحول تنخفض فيه أسعار الفائدة طويلة الأجل وترتفع فيه أسعار نظيرتها قصيرة الأجل- إلى عكس مسار سوق سندات الحكومة اليابانية.

وفي وقت سابق، تأثرت السوق سلباً بتأخيرات في دورة تشديد السياسة النقدية لبنك اليابان المركزي وتزايد المخاوف بشأن عبء ديون البلاد. وسيُحقق هذا التحول المحتمل في المنحنى أرباحاً للمستثمرين الذين كانوا في وضع استعداد لـ«تسطيح منحنى العائد»، خصوصاً الأجانب، الذين اشتروا سندات اليابان طويلة الأجل بكثافة عندما بلغت العائدات مستويات قياسية مرتفعة في وقت سابق من هذا الشهر.

«تسطيحات» جديدة متوقعة

وصرح الرئيس التنفيذي لمديري الصناديق في شركة «ميتسوبيشي يو إف جيه» لإدارة الأصول، ماسايوكي كوغوتشي: «قد يتسطّح منحنى العائد مستقبلاً، لأن أسعار الفائدة اليابانية متوسطة الأجل منخفضة للغاية، في حين قد يصعب بيع السندات ذات العائدات طويلة الأجل في المستقبل».

وانخفضت عوائد سندات الحكومة اليابانية بشكل طفيف يوم الأربعاء، متتبعةً انخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية. وكانت أسواق اليابان مغلقة، يوم الثلاثاء، بمناسبة عطلة رسمية. ويوم الاثنين الماضي، قفزت عوائد سندات الحكومة اليابانية قصيرة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية، بعد أن صوّت عضوان في مجلس إدارة «بنك اليابان»، يوم الجمعة، على رفع أسعار الفائدة، مما زاد من احتمالات ارتفاع تكاليف الاقتراض على المدى القريب.

وانخفضت عوائد سندات الحكومة اليابانية طويلة الأجل من أعلى مستوياتها التاريخية بعد استقالة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، المتشدد مالياً، مع انحسار المخاوف بشأن التوقعات المالية لليابان. وعزز هذا التحول المرشحة لقيادة الحزب الديمقراطي الليبرالي، ساناي تاكايشي، التي خففت من دعواها للإنفاق الحكومي.

استعادة العافية المالية

وراهن ما يُعرف بـ«تداول تاكايشي» على أن النائبة المخضرمة التي جاءت في المرتبة الثانية خلف إيشيبا في انتخابات الحزب العام الماضي، ستُثبت انتصارها، وستدفع باتجاه تخفيضات ضريبية وتحفيز مالي وتيسير السياسة النقدية. لكن في مؤتمر صحافي يوم الجمعة، قالت تاكايشي إنها لم تُنكر قط الحاجة إلى استعادة العافية المالية، وإنها لن تسعى فوراً إلى تخفيضات ضريبة المبيعات، مُقلّلةً بذلك من أسوأ سيناريو محتمل للسندات.

وانخفضت عوائد السندات اليابانية لأجل 30 و40 عاماً، وهي أطول آجال استحقاق في اليابان، إلى أدنى مستوى لها في شهر، يوم الجمعة. وصرح كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في شركة «نومورا» للأوراق المالية، يونوسوكي إيكيدا: «أتوقع استقراراً في عوائد السندات لأجل 30 عاماً. من الواضح أن السوق أخطأت في تقدير احتمالية وتأثير خفض ضريبة القيمة المضافة». وتابع: «قبل فترة، كان الناس يتحدثون عن احتمال خفض التصنيف الائتماني لليابان، لكن الوضع الحالي لا يشير إطلاقاً إلى أن اليابان معرضة لخطر خفض التصنيف الائتماني».

وصعد عائد السندات اليابانية لأجل 30 عاماً إلى مستوى قياسي بلغ 3.285 في المائة في 8 سبتمبر (أيلول)، أي بعد يوم من إعلان إيشيبا نيته التنحي عن منصبه، مما مهّد الطريق لإجراء تصويت في 4 أكتوبر (تشرين الأول) لتحديد رئيس الوزراء القادم.

استفادة الأجانب

ورغم حالة عدم اليقين السياسي، أقبل المستثمرون الأجانب على شراء سندات الحكومة اليابانية طويلة الأجل، ليصبحوا بذلك المشترين الصافين لتلك السندات للشهر الثامن على التوالي حتى أغسطس (آب)، وفقاً لجمعية تجار الأوراق المالية اليابانية. وبلغ صافي مشترياتهم الشهرية من السندات مستوى قياسياً بنحو 2.3 تريليون ين (15.56 مليار دولار) في أبريل (نيسان)، مقارنةً بـ27 مليار ين مشتريات من هذه السندات من قِبل شركات التأمين على الحياة، وهي المشتري التقليدي للسندات طويلة الأجل. وصرح رئيس قسم الأصول المتعددة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى «ميرسر»، كاميرون سيسترمانز، بأن سندات الحكومة اليابانية لأجل 30 عاماً تقترب من قيمتها العادلة، في حين لا تزال عوائد الآجال الأقصر منخفضة للغاية بحيث لا تعكس احتمالية رفع أسعار الفائدة قريباً.


مقالات ذات صلة

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

خاص عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز» سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة.

علي زين الدين (بيروت)
الاقتصاد الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

أكد وزير الطاقة القطري، سعد الكعبي، أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب على الغاز بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الاقتصاد رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)

العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

أكد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، يوم السبت، أن سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار ثابت عند 1320 ديناراً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شهدت هوليوود واحدة من أهم لحظات التحول الاستراتيجي في تاريخها، بعد إعلان شركة «نتفليكس» إبرام صفقة ضخمة للاستحواذ على «وارنر براذرز».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجلس، نيويورك )
الاقتصاد ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

تفادى المستشار الألماني فريدريش ميرتس أزمة سياسية حادة بعد تمكنه بصعوبة من الحصول على الأغلبية المطلقة لتمرير مشروع قانون المعاشات التقاعدية في البرلمان.

«الشرق الأوسط» (برلين)

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.


وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
TT

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)

شكلت تصريحات وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال «منتدى الدوحة 2025»، نقطة محورية في مناقشات المنتدى الذي افتتحه أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في نسخته الثالثة والعشرين تحت شعار: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس». وأكد الكعبي على رؤية متفائلة للغاية لمستقبل الغاز، مشدداً على أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب المستقبلي بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

وأكد الكعبي أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيظل قوياً بفضل تزايد احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 600 و700 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035. وأبدى في الوقت نفسه، قلقه من أن يؤثر نقص الاستثمار على الإمدادات المستقبلية للغاز الطبيعي المسال والغاز.

وقال الكعبي: «لا أشعر بأي قلق على الإطلاق بشأن الطلب على الغاز في المستقبل»، مُضيفاً أن الطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستكون مُحرّكاً رئيسياً للطلب. عند بلوغه كامل طاقته الإنتاجية، من المتوقع أن يُنتج مشروع توسعة حقل الشمال 126 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بحلول عام 2027، مما سيعزز إنتاج قطر للطاقة بنحو 85 في المائة من 77 مليون طن متري سنوياً حالياً.

وأضاف أن أول قطار من مشروع «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مشترك مع «إكسون موبيل» في تكساس، سيبدأ العمل بحلول الربع الأول من عام 2026.

وأكد الكعبي أن أسعار النفط التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل ستوفر إيرادات كافية للشركات للاستثمار في احتياجات الطاقة المستقبلية، مضيفاً أن الأسعار التي تتجاوز 90 دولاراً ستكون مرتفعة للغاية.

كما حذّر من كثرة العقارات التي تُبنى في الخليج، ومن احتمال «تشكُّل فقاعة عقارية».

الاتحاد الأوروبي

كما أبدى الكعبي أمله أن يحل الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول).

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، أعربت يوم الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية. وأكّدت دول المجلس أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

كما أعربت قطر عن استيائها من توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وهدّدت بوقف إمدادات الغاز. ويتمحور الخلاف حول إمكانية فرض توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات غرامات على المخالفين تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية. وقد صرّح الوزير مراراً بأن قطر لن تحقق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.

من جهة أخرى، أطلق الكعبي تحذيراً بشأن النشاط العمراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك «بناءً مفرطاً للعقارات في منطقة الخليج»، ما قد يؤدي إلى «تشكُّل فقاعة عقارية».

استراتيجية مالية منضبطة

من جهته، أكد وزير المالية القطري، علي أحمد الكواري، خلال المنتدى، قوة ومتانة المركز المالي للدولة. وأوضح أن التوسع المخطط له في إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيعمل كعامل تخفيف رئيسي يقلل من تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار النفط مستقبلاً. وأضاف أن السياسة المالية «المنضبطة» التي تتبعها قطر تمنحها مرونة كبيرة، مما يعني أنها لن تضطر إلى «اللجوء إلى أسواق الدين» لتلبية احتياجاتها من الإنفاق في أي مرحلة.