الاتحاد الأوروبي يواجه ردود فعل حادّة بشأن اتفاق التجارة مع الولايات المتحدة

فرنسا عدته «يوماً أسود»... وألمانيا رأت أنه يجنّب تصعيداً

 ترمب يصافح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال لقائهما (رويترز)
ترمب يصافح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال لقائهما (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يواجه ردود فعل حادّة بشأن اتفاق التجارة مع الولايات المتحدة

 ترمب يصافح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال لقائهما (رويترز)
ترمب يصافح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال لقائهما (رويترز)

واجه الاتحاد الأوروبي ردود فعل عنيفة بسبب اتفاق التجارة الذي توصل إليه مع الولايات المتحدة، والذي ينص على زيادة بنسبة 15 في المائة في الرسوم الجمركية على الكثير من صادرات الاتحاد -بما في ذلك السيارات والأدوية وأشباه الموصلات- و50 في المائة على الصلب والألمنيوم.

وكتب رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا بايرو، على مواقع التواصل الاجتماعي: «إنه يوم أسود عندما يقرر تحالف من الشعوب الحرة، مجتمعاً لتأكيد قيمه والدفاع عن مصالحه، الخضوع».

جاءت انتقادات بايرو بعد أشهر من الدعوات الفرنسية لمفاوضي الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد الرئيس دونالد ترمب من خلال التهديد باتخاذ تدابير متبادلة -وهو موقف يتناقض مع النهج الأكثر تصالحية الذي اتبعته ألمانيا وإيطاليا.

وبموجب الاتفاق الذي أُبرم يوم الأحد، ستُفرض رسوم جمركية بنسبة 15 في المائة على معظم صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك السيارات والأدوية. كما وافق الاتحاد الأوروبي على إنفاق مئات المليارات من الدولارات على منتجات الطاقة والأسلحة الأميركية. ورغم أن الاتفاق يرفع التعريفات الجمركية، قال المستثمرون إنه ساعد أيضاً على تقليل حالة عدم اليقين بشأن التجارة التي طاردت الأسواق منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «يوم التحرير» في أوائل أبريل (نيسان).

وقال الوزير الفرنسي المنتدب للشؤون الأوروبية بنجامان حداد، الاثنين، إن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول الرسوم الجمركية على المنتجات الأوروبية، يوفر «استقراراً مؤقتاً» لكنه «غير متوازن».

وتناقضت الانتقادات الفرنسية رفيعة المستوى، وصمت الرئيس إيمانويل ماكرون منذ توقيع الاتفاقية بين ترمب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، مع رد الفعل الأكثر اعتدالاً من برلين وروما. وأقرّ وزراء الحكومة الفرنسية بأن الاتفاقية تحمل بعض المزايا -بما في ذلك إعفاءات لقطاعات مثل المشروبات الروحية والفضاء- لكنهم قالوا إنها لا تزال غير متوازنة بشكلٍ أساسي.

وقال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي، بنيامين حداد، على منصة «إكس»: «هذا الوضع غير مُرضٍ ولا يمكن أن يستمر»، وحثّ الاتحاد الأوروبي على تفعيل ما تُسمى بآليته لمكافحة الإكراه، التي من شأنها أن تسمح باتخاذ إجراءات انتقامية غير جمركية.

وانتقد وزير التجارة لوران سان مارتن تعامل الاتحاد الأوروبي مع المفاوضات، قائلاً إنه ما كان ينبغي على الاتحاد الامتناع عن الرد، فيما وصفه بصراع على السلطة بدأه ترمب. وقال لإذاعة «فرنس إنتر»: «لا يفهم دونالد ترمب إلا القوة». وأضاف: «كان من الأفضل الرد بإظهار قدرتنا على الرد مبكراً. وكان من الممكن أن تبدو الصفقة مختلفة على الأرجح».

كان ماكرون قد صرّح بأنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي الرد بالمثل إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على سلع الاتحاد الأوروبي، وتطبيق إجراءات مماثلة على واردات الولايات المتحدة إلى الاتحاد، خصوصاً على الخدمات، التي تتمتع فيها الولايات المتحدة بفائض مع الاتحاد الأوروبي.

موقف ألماني - إيطالي ليّن

لكن الموقف الأكثر ليونة الذي دعا إليه المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، اللذان تعتمد دولتاهما أكثر من فرنسا على الصادرات إلى الولايات المتحدة، ساد. فقد اعتبر المستشار الألماني الاتفاق أنه «يجنب تصعيداً غير ضروري في العلاقات التجارية عبر الأطلسي». وقال في بيان: «لقد تمكنّا بذلك من الحفاظ على مصالحنا الأساسية، رغم أنني كنت آمل أن أرى المزيد من التسهيلات في التجارة عبر الأطلسي. والولايات المتحدة هي أكبر شريك تجاري لألمانيا».

المستشار الألماني فريدريش ميرتس (رويترز)

وأضاف ميرتس: «يساعد هذا الاتفاق على تجنب نزاع تجاري كان من شأنه أن يؤثر بشدة على الاقتصاد الألماني»، معرباً عن ارتياحه، خصوصاً بشأن قطاع صناعة السيارات «حيث سيتم خفض الرسوم الجمركية الحالية البالغة 27.5 في المائة إلى النصف تقريباً، لتغدو 15 في المائة».

وتابع زعيم أكبر اقتصاد في أوروبا: «في هذا المجال على وجه التحديد يكتسب الخفض السريع للرسوم الجمركية أهمية قصوى».

أما وزير المالية الألماني لارس كلينغبايل، فرأى أن التوصل إلى حل تفاوضي مع واشنطن «أمر جيد بوصفه خطوة أولى». وأضاف: «سنقوم الآن بتقييم نتائج المفاوضات وأثرها على الاقتصاد والتوظيف في ألمانيا».

في المقابل، حذر اتحاد الصناعات الألمانية، أكبر هيئة صناعية في ألمانيا، من أن الاتفاقية «تسوية غير كافية» تُرسل «إشارة قاتلة» إلى اقتصاد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

من جهتها، رحّبت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، بالتوصل إلى اتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لكنها قالت إنها ستسعى للحصول على مزيد من التفاصيل.

رئيسة وزراء إيطاليا تتحدث خلال افتتاح قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية بمقر اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة في أديس أبابا (رويترز)

تُعدّ إيطاليا من كبرى الدول الأوروبية المُصدّرة إلى الولايات المتحدة، بفائض تجاري يزيد على 40 مليار يورو (46.70 مليار دولار).

وحثّت الحكومة الإيطالية، بقيادة ائتلاف وطني، شركاءها الأوروبيين على تجنب أي صدام مباشر بين ضفتي الأطلسي.

وفي بيان لها، قالت ميلوني إن الاتفاق «يضمن الاستقرار»، مضيفةً أن نسبة الـ15 في المائة «قابلة للاستدامة، خصوصاً إذا لم تُضف هذه النسبة إلى الرسوم الجمركية السابقة، كما كان مُخططاً لها في الأصل». وأضافت أن «عدداً من العناصر مفقودة»، في إشارةٍ إلى تفاصيل رئيسية حول «قطاعات حساسة بشكل خاص»، مثل صناعة الأدوية وصناعة السيارات.

أما رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، فقال: «أُقدّر الجهود التي تبذلها المفوضية الأوروبية، وأُقدّر الموقف البنّاء والتفاوضي لرئيس المفوضية الأوروبية. على أي حال، أدعم هذه الاتفاقية التجارية، لكنني أفعل ذلك دون حماس».

رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، قال من جهته: «هذه ليس اتفاقاً... تناول دونالد ترمب وجبة الإفطار مع فون دير لاين، وهذا ما حدث، وكنا نتوقع حدوث ذلك، فالرئيس الأميركي يتمتع بثقل كبير في المفاوضات، بينما السيدة الرئيسة ضعيفة».

وأصدر المكتب الصحافي لرئيس الوزراء الروماني إيلي بولوجان، بياناً جاء فيه: «يُشيد رئيس الوزراء إيلي بولوجان بالتوصل إلى اتفاق تجاري، ويرى أنه فأل خير... إنه يُزيل حالة عدم الوضوح الحالية التي تسببت في اضطرابات وعدم يقين في العلاقات التجارية عبر الأطلسي».

ورأى رئيس الوزراء الفنلندي، بيتري أوربو :«يوفر الاتفاق قدرةً على التنبؤ، وهي في أمسّ الحاجة إليها، للاقتصاد العالمي والشركات الفنلندية. يجب مواصلة العمل على إزالة الحواجز التجارية. فالتجارة الحرة عبر الأطلسي وحدها هي التي تعود بالنفع الأكبر على كلا الجانبين».

فيما قال وزير الخارجية الدنماركي، لارس لوكي راسموسن: «لن تكون ظروف التجارة جيدة كما كانت من قبل، وهذا ليس خيارنا، ولكن يجب إيجاد توازن يُسهم في استقرار الوضع ويُرضي الطرفين».

ورأى وزير التجارة السويدي، بنيامين دوسا، أن «هذا الاتفاق لا يُغني أحداً، ولكنه قد يكون البديل الأقل سوءاً. ما يبدو إيجابياً بالنسبة إلى السويد، بناءً على تقييم أوَّلي، هو أن الاتفاق يُتيح قدراً من القدرة على التنبؤ». فيما أشار وزير التجارة الآيرلندي، سيمون هاريس، إلى أن الاتفاق «يوفر قدراً من اليقين الذي تشتد الحاجة إليه للشركات الآيرلندية والأوروبية والأميركية، التي تمثل معاً أكثر العلاقات التجارية تكاملاً في العالم. في حين تأسف آيرلندا لإدراج التعريفة الجمركية الأساسية البالغة 15 في المائة في الاتفاق، من المهم أن يكون لدينا الآن يقين أكبر بشأن أسس العلاقة التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهو أمر أساسي للوظائف والنمو والاستثمار».

في المقابل، قال المفوض التجاري الأوروبي إن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يُعيد الاستقرار ويفتح الباب أمام التعاون.

ظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب على شاشة تلفزيون في بورصة فرنكفورت بألمانيا (إ.ب.أ)

الأسواق

وعقب الاتفاق، ارتفعت الأسهم الأوروبية يوم الاثنين، إلى أعلى مستوى لها في أربعة أشهر. وارتفع مؤشر «ستوكس أوروبا 600» بنسبة 1 في المائة في التعاملات المبكرة، بينما ارتفع مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، ومؤشر «كاك 40» الفرنسي بنسبة 1.2 في المائة.

مع ذلك، تراجع اليورو مع استيعاب المستثمرين للتفاصيل المبكرة لاتفاق تجاري يُبقي على رسوم جمركية مرتفعة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي.


مقالات ذات صلة

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

الاقتصاد علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس» أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة «نوظف الآن» معلّقة على نافذة صالون حلاقة بمدينة ميدفورد الكبرى في ولاية ماساتشوستس (رويترز)

تراجع حاد في تسريحات العمال الأميركيين رغم استمرار تباطؤ التوظيف

تراجعت عمليات تسريح العمالة المعلنة من جانب أصحاب العمل الأميركيين بشكل حاد خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غير أن نيات التوظيف واصلت التباطؤ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سكوت بيسنت يتحدث خلال قمة «نيويورك تايمز ديلبوك 2025» في مركز جاز لينكولن (أ ف ب)

بيسنت متفائل بموافقة المحكمة العليا على رسوم ترمب الجمركية

أعرب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الأربعاء، عن تفاؤله بأن المحكمة العليا ستؤيِّد قانونية الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد صورة مجمعة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والبرازيلي لولا دا سيلفا (أ.ف.ب)

الرئيس البرازيلي يتوقع مزيداً من تخفيضات الرسوم بعد اتصال مع ترمب

قال الرئيس البرازيلي يوم الأربعاء، إنه يتوقع من نظيره الأميركي أن يُجري قريباً مزيداً من التخفيضات في الرسوم الجمركية على المنتجات البرازيلية.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.