قالت تاكاكو ماساي، صانعة السياسة السابقة في «بنك اليابان المركزي»، يوم الخميس، إن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ربما أنهت دورة رفع أسعار الفائدة في «بنك اليابان المركزي»، مع تلاشي احتمالية زيادة أسعار الفائدة مرة أخرى بسرعة، بسبب التأثير المتوقع على الصادرات.
وأضافت ماساي التي تحافظ على اتصال وثيق مع صانعي السياسة الحاليين أن حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية الأميركية تُسبب اضطرابات هائلة في الاقتصاد العالمي، ومن المرجَّح أن تؤثر على صادرات اليابان وإنتاجها ونمو الأجور واستهلاكها.
وأوضحت أن الرسوم الجمركية الأميركية على السيارات تُلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الياباني نظراً للدور الكبير الذي تلعبه هذه الصناعة في الاقتصاد الياباني. وأضافت: «قد يأتي الاختبار الحقيقي للاقتصاد الياباني في عام 2026»، حيث يبدأ تأثير الرسوم الجمركية الأميركية بالظهور بعد 6 إلى 12 شهراً من الآن. وصرحت في مقابلة مع «رويترز»: «من المرجح ألا يتمكن (بنك اليابان) من رفع أسعار الفائدة لفترة طويلة».
وأوضحت ماساي أنه، بناءً على تطور المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والدول الأخرى، قد يُؤجل «بنك اليابان» رفع أسعار الفائدة هذا العام، وربما حتى عام 2026.
ويتوقع المحللون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم أن يؤجل «بنك اليابان المركزي» رفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام، مع توقُّع أغلبية ضئيلة أن تأتي الزيادة التالية في أوائل عام 2026.
وخلال فترة وجود ماساي بـ«البنك المركزي» التي استمرت 5 سنوات حتى عام 2021. حافظ «بنك اليابان» على برنامج تحفيز اقتصادي ضخم يجمع بين شراء الأصول بكميات كبيرة، وأسعار فائدة سلبية، وضبط عوائد السندات، بهدف إنعاش النمو ورفع التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة.
وفي عهد المحافظ، كازو أويدا، خرج «بنك اليابان المركزي» من البرنامج، العام الماضي، ورفع أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة في يناير (كانون الثاني)، ظناً منه أن اليابان على وشك تحقيق هدفها التضخمي بشكل دائم.
وصرحت ماساي بأن قرار «أويدا» بفك الإطار المعقد كان مناسباً، لكنها حذرت من رفع أسعار الفائدة قبل الأوان، في ظل معاناة الاقتصاد من الرسوم الجمركية الأميركية. وأشارت إلى أنه، بدلاً من ذلك، قد يحتاج «بنك اليابان» إلى التعهُّد بالحفاظ على أسعار الفائدة الحقيقية منخفضة لدعم جهود الحكومة والقطاع الخاص لإعادة هيكلة الاقتصاد الياباني، وذلك من خلال تعزيز الطلب المحلي وتنويع أنواع السلع التي تُصدرها، على حد قولها.
وقالت ماساي، التي تشغل حالياً منصب رئيسة معهد البحوث المالية والاقتصادية التابع لـ«البنك المركزي الهندي»: «إذا واجه الاقتصاد صدمة شديدة واضطر (بنك اليابان) إلى التحرك، فمن المرجح أن يلجأ إلى جميع الوسائل المتاحة مرة أخرى». وأضافت: «هذه هي طبيعة صنع السياسات»، حتى لو كان ذلك يعني توسيع الميزانية العمومية الضخمة أصلاً لـ«بنك اليابان».
وتكافح اليابان للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن في مفاوضات التعريفات الجمركية، مما يُلقي بظلاله على آفاق اقتصادها الذي يعتمد بشكل كبير على شحنات السيارات إلى الولايات المتحدة. وأجبر عدم اليقين بشأن السياسة التجارية الأميركية «بنك اليابان» على خفض توقعاته للنمو في الأول من مايو (أيار)، مما يُشير إلى أن توقيت رفع أسعار الفائدة التالي قد يتأخر على الرغم من ارتفاع التضخم بشكل مطرد.
لكن الارتفاعات المستمرة في أسعار المواد الغذائية أبقت التضخم الأساسي أعلى من هدف «بنك اليابان» البالغ 2 في المائة لأكثر من 3 سنوات. في حين أشار أويدا إلى توقف مؤقت لرفع أسعار الفائدة، إلا أنه أكد على استعداد «بنك اليابان المركزي» لمواصلة مساره في مواجهة زيادات أخرى في تكاليف الاقتراض التي لا تزال منخفضة.
وأوضحت ماساي أن التضخم الأخير مدفوع بشكل كبير بارتفاع تكاليف الوقود والمواد الخام، التي من المرجح أن تهدأ بسبب ضعف الطلب العالمي.
وفي غضون ذلك، أظهر استطلاع حكومي صدر يوم الخميس تدهور معنويات الشركات اليابانية خلال الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، لأول مرة منذ خمسة أرباع، في مؤشر على أن حالة عدم اليقين بشأن سياسة الرسوم الجمركية الأميركية تؤثر سلباً على اقتصاد البلاد المعتمد بشكل كبير على الصادرات.
وأظهرت بيانات وزارة المالية أن مؤشر ثقة الشركات الكبرى في الأعمال انخفض إلى سالب 1.9 في الربع الحالي، بعد أن سجل نمواً 2.0 في الفترة من يناير إلى مارس (آذار).
وتتوقع الشركات المصنعة التي شملها استطلاع الحكومة انخفاض الأرباح المتكررة بنسبة 1.2 في المائة، في السنة المالية الحالية المنتهية في مارس 2026، وهو ما يفوق الانخفاض المتوقع بنسبة 0.6 في المائة في الاستطلاع السابق.
وأظهر الاستطلاع أن شركات صناعة السيارات وقطع غيارها تتوقع انخفاض أرباحها بنسبة 19.8 في المائة في السنة المالية 2025، مما يُبرز قلقها إزاء التأثير المتوقَّع للرسوم الجمركية الأميركية الباهظة. ويشير هذا المؤشر إلى نسبة الشركات التي شهدت تحسناً في ظروف العمل مقارنة بالربع السابق، مقابل الشركات التي شهدت تدهوراً. وتشير القراءة السلبية إلى أن المزيد من الشركات شهدت تدهوراً في ظروف العمل.