تراجع الدولار الأميركي بشكل طفيف عن أدنى مستوى له منذ أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، خلال تعاملات يوم الأربعاء، بعدما أظهرت البيانات استمرار ضعف سوق العمل، ما أثار تساؤلات المستثمرين بشأن توقيت الخفض المقبل لأسعار الفائدة من جانب مجلس «الاحتياطي الفيدرالي».
وانخفض اليورو بنسبة 0.14 في المائة إلى 1.173 دولار، ولكنه ظل قريباً من أعلى مستوى له في 12 أسبوعاً الذي بلغه في الجلسة السابقة، وذلك قبيل قرار البنك المركزي الأوروبي بشأن السياسة النقدية يوم الخميس، وسط توقعات بإبقاء أسعار الفائدة دون تغيير.
وارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، بنسبة 0.18 في المائة إلى 98.394 نقطة، ليظل قريباً من أدنى مستوياته منذ 3 أكتوبر الذي سجله يوم الثلاثاء. كما تراجع المؤشر بنحو 9.5 في المائة منذ بداية العام، متجهاً نحو تسجيل أكبر خسارة سنوية له منذ عام 2017.
ورغم أن الاقتصاد الأميركي أضاف 64 ألف وظيفة في نوفمبر (تشرين الثاني) متجاوزاً توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته «رويترز»، فإن معدل البطالة ارتفع إلى 4.6 في المائة، مع إشارة إلى أن إغلاق الحكومة لمدة 43 يوماً قد أثَّر على دقة البيانات.
ومع ذلك، لم تُجمع الأسواق والمحللون على أن تقرير الوظائف أحدث تحولاً جوهرياً في توقعات السياسة النقدية، مفضلين انتظار بيانات التضخم المقررة يوم الخميس.
وقال كيران ويليامز، رئيس قسم العملات الأجنبية في آسيا لدى شركة «إن تاتش كابيتال ماركتس»، إن «التشوه الكبير في بيانات الوظائف يجعلها عملياً غير قابلة للاعتماد لاتخاذ قرارات في يناير (كانون الثاني)، وسيكون من الصعب للغاية على (الاحتياطي الفيدرالي) تعديل سياسته النقدية في ظل هذه النسبة الضعيفة بين الإشارة والضوضاء».
وأضاف ويليامز أن صناع السياسات سيحتاجون إلى بيانات أكثر وضوحاً خلال الربع الأول «لتقييم سرعة التدهور، وهو ما يشير إلى أن شهري مارس (آذار) أو أبريل (نيسان) قد يشكلان الإطار الزمني الأنسب لأي استئناف محتمل لخفض أسعار الفائدة».
وكان «الاحتياطي الفيدرالي» قد خفَّض أسعار الفائدة الأسبوع الماضي كما هو متوقع، ولكنه أشار إلى أن تكاليف الاقتراض من غير المرجح أن تنخفض بشكل إضافي في المدى القريب، متوقعاً خفضاً واحداً فقط خلال عام 2026. في المقابل، لا تزال الأسواق تراهن على خفضين في أسعار الفائدة العام المقبل، مع استبعاد شبه تام لخفضها في يناير.
من جانبه، قال توماس ماثيوز، رئيس قسم الأسواق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى «كابيتال إيكونوميكس»، إنه «في حال جاءت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين وفق التوقعات في وقت لاحق من هذا الأسبوع، فلن يشعر (الاحتياطي الفيدرالي) بأي ضغوط لتخفيف السياسة النقدية خلال الاجتماعات القليلة المقبلة؛ بل قد يكون شهر مارس مبكراً بعض الشيء لبدء خفض أسعار الفائدة».
اجتماعات البنوك المركزية تحت المجهر
وتتجه أنظار الأسواق إلى سلسلة من قرارات السياسة النقدية التي ستختتم بها البنوك المركزية الكبرى العام الحالي. فإلى جانب البنك المركزي الأوروبي، يُتوقع أن يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة في تصويت متقارب يوم الخميس، بينما يُرجح أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة يوم الجمعة إلى أعلى مستوى لها منذ 3 عقود.
وتراجع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.25 في المائة إلى 1.3388 دولار، مبتعداً عن أعلى مستوى له في شهرين الذي سجله يوم الثلاثاء، بعدما أظهرت البيانات ارتفاع معدل البطالة في بريطانيا إلى أعلى مستوى له منذ أوائل عام 2021، إلى جانب تسجيل نمو أجور القطاع الخاص أضعف وتيرة له منذ نحو 5 سنوات، وهو ما عزز توقعات خفض الفائدة.
في المقابل، انخفض الين الياباني إلى 155.145 ين للدولار قبيل اجتماع بنك اليابان؛ حيث يتركز اهتمام الأسواق على التوجيهات المستقبلية ومسار أسعار الفائدة خلال عام 2026.
وقال محللون استراتيجيون في «بنك أوف أميركا» إن «بنك اليابان سيواجه صعوبة في تقديم توجيهات واضحة بشأن المستوى النهائي لسعر الفائدة الذي يتطلع إليه السوق».
وأضافوا في مذكرة أن «البنك سيضطر إلى التمسك بنهجه القائم على اتخاذ قرار رفع الفائدة المقبل، بناءً على تقييم تفاعل الاقتصاد والتضخم مع الرفع السابق، غير أن أي تراجع حاد في الين عقب الاجتماع أو مطلع العام الجديد قد يدفع بنك اليابان إلى تسريع وتيرة التشديد، وتقديم موعد الرفع التالي إلى أبريل 2026».
وعلى صعيد العملات الأخرى، تراجع الدولار الأسترالي بنسبة 0.23 في المائة إلى 0.6619 دولار، بينما استقر الدولار النيوزيلندي عند 0.57755 دولار. ومن المتوقع أن يحقق الدولار النيوزيلندي مكاسب تفوق 3 في المائة هذا العام، منهياً سلسلة خسائر استمرت 4 سنوات، في حين يتجه الدولار الأسترالي نحو تحقيق ارتفاع يقارب 7 في المائة، وهو أكبر مكسب سنوي له منذ عام 2020.