مجلس النواب الأميركي يقر مشروع «القانون الكبير والجميل»

ترمب احتفل بانتصاره التشريعي... وتوقعات بمعركة شرسة في «الشيوخ»

رئيس «النواب الأميركي» مايك جونسون يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد أن أقر المجلس مشروع القانون الضريبي (أ.ف.ب)
رئيس «النواب الأميركي» مايك جونسون يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد أن أقر المجلس مشروع القانون الضريبي (أ.ف.ب)
TT

مجلس النواب الأميركي يقر مشروع «القانون الكبير والجميل»

رئيس «النواب الأميركي» مايك جونسون يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد أن أقر المجلس مشروع القانون الضريبي (أ.ف.ب)
رئيس «النواب الأميركي» مايك جونسون يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد أن أقر المجلس مشروع القانون الضريبي (أ.ف.ب)

أقرّ مجلس النواب، الذي يقوده الجمهوريون، مشروع قانون الرئيس دونالد ترمب للضرائب والإنفاق، يوم الخميس، بعد أن أجرى قادة الحزب سلسلة من التغييرات في اللحظة الأخيرة، وحّدت أجنحتهم المتصارعة. واتخذ المشروع المسمى مشروع «القانون الكبير والجميل» خطوة رئيسية نحو التحول إلى قانون، حيث أرسل التشريع إلى مجلس الشيوخ.

ومثّل إقرار مشروع قانون ترمب «الكبير والجميل» الذي يتألف من أكثر من ألف صفحة، و42 صفحة من التعديلات، فوزاً كبيراً لترمب ولرئيس مجلس النواب مايك جونسون (جمهوري، لويزيانا)، الذي وجد مجدداً الصيغة التي قادت مساراً بين المتشددين، الذين طالبوا بتخفيضات أكبر في الإنفاق، والمعتدلين، الذين كانوا قلقين من أن يضرّ مشروع القانون بمستشفيات مناطقهم ومشاريع الطاقة النظيفة.

وقد أقرّ مجلس النواب مشروع القانون بفارق ضئيل بأغلبية 215 صوتاً مقابل 214، حيث صوّت جميع الديمقراطيين وجمهوريَّين -هما النائبان توماس ماسي من كنتاكي، ووارن ديفيدسون من أوهايو- ضد مشروع القانون بحجة أنه لم يُقدم ما يكفي لكبح الإنفاق بالعجز. فيما تغيّب النائبان الجمهوريان ديفيد شويكرت من أريزونا، وأندرو غابارينو من نيويورك عن التصويت. ويُحال الإجراء الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث قد تُجرى عملية شد وجذب مماثلة.

كانت لجنة قواعد مجلس النواب قد انعقدت لمدة 21 ساعة متواصلة من النقاشات والتعديلات، وذلك للوفاء بالموعد النهائي الذي حدده رئيس المجلس مايك جونسون، وهو يوم الذكرى، لإقرار مشروع القانون.

إزالة لافتة لمشروع قانون الضرائب والإنفاق بعد إقراره في مبنى الكابيتول (أ.ف.ب)

وكتب ترمب على «تروث سوشيال» في تعليقه على إقرار مجلس النواب مشروع القانون: «يُعد هذا بلا شك أهم تشريع يُوقَّع في تاريخ بلادنا»، وقال: «أقرّ مجلس النواب الأميركي مشروع (القانون الكبير والجميل)! يُمكن القول إنه أهم تشريع يُوقّع في تاريخ بلادنا!». وقدم شرحاً لما يتضمنه مشروع القانون من مزايا للأميركيين، وقال: «يتضمن مشروع القانون تخفيضات ضريبية هائلة، وإلغاء ضرائب على الإكراميات، وإلغاء ضرائب على ساعات العمل الإضافية، وخصومات ضريبية عند شراء سيارة أميركية الصنع، بالإضافة إلى إجراءات أمنية صارمة على الحدود، وزيادات في رواتب موظفي دائرة الهجرة والجمارك الأميركية وحرس الحدود، وتمويل (القبة الذهبية)، و(حسابات توفير ترمب) للأطفال حديثي الولادة، وغير ذلك الكثير».

وأثنى على عمل رئيس مجلس النواب مايك جونسون، وقيادة مجلس النواب من الجمهوريين، موجهاً رسالة مباشرة إلى مجلس الشيوخ لتمرير مشروع القانون، وقال: «شكراً جزيلاً لكل جمهوري صوّت بنعم على هذا القانون التاريخي! حان الوقت الآن لأصدقائنا في مجلس الشيوخ الأميركي للعمل، وإرسال هذا القانون إلى مكتبي في أقرب وقت ممكن! لا وقت لدينا لنضيعه».

الكتلة الديمقراطية

كان أبرز الاعتراضات على مشروع القانون أنه سيضيف نحو 3.3 تريليون دولار خلال السنوات العشر القادمة إلي الدين العام البالغ حالياً 36 تريليون دولار.

وتوحدت الكتلة الديمقراطية في مجلس النواب بشدة ضد مشروع القانون، معتبرةً أنه هدية للأثرياء على حساب المستفيدين من برامج شبكة الأمان الاجتماعي؛ مثل «ميديكيد» وبرنامج المساعدة الغذائية التكميلية (SNAP). واستشهد الديمقراطيون بتقرير مكتب الموازنة داخل الكونغرس الذي أشار إلى أن التشريع سيفاقم وضع الأميركيين الأكثر فقراً فيما سيحسن وضع الأغنياء.

وقال زعيم الأقلية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، الديمقراطي عن نيويورك، قبل التصويت النهائي: «هذا مشروع قانون ضخم وقبيح يحاول الجمهوريون في مجلس النواب فرضه على الشعب الأميركي سراً». وأشار إلى فقدان نحو 14 مليون أميركي الرعاية الصحية مع ارتفاع أسعار وأقساط التأمين الصحي. ويخطط الديمقراطيون لتسليط الضوء على الآثار السلبية على فقراء أميركا مع هذا القانون مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي لعام 2026.

فيما قال النائب ناثانيال موران (جمهوري، تكساس): «هذا القانون هو فرصتنا للوفاء بالوعود التي قطعناها على أنفسنا. في جوهره، مشروع القانون الكبير والجميل لا يقتصر على المال فحسب، بل يتعلق بالحرية وتمكين الشعب الأميركي».

وقد أمضى جونسون يوم الأربعاء في التفاوض على ما أمل القادة أن تكون التفاصيل النهائية لإطلاق العنان للمزيج السحري من الأصوات. وقد توجه إلى البيت الأبيض برفقة المتشددين من كتلة الحرية في مجلس النواب الذين طالبوا بتخفيضات أسرع وأكبر في الإنفاق، وإلغاء تدريجي لائتمانات ضريبة الطاقة، ثم اجتمع مع المعتدلين.

معركة مجلس الشيوخ

حتى مع شن الديمقراطيين هجماتهم، فإن إقرار التشريع يعد فوزاً واضحاً لترمب، وجاء هذا الانتصار بعد أن قدم رئيس مجلس النواب مايك جونسون، تنازلات للمعارضين الجمهوريين وبعد ضغوط مارسها ترمب على قيادات الحزب للوحدة وتضييق الانقسامات داخل صفوف الجمهوريين.

ومارس ترمب ضغوطاً كبيرة في اجتماعه مع الجمهوريين المعترضين على مشروع القانون صباح الأربعاء، وغيّر جدوله اليومي في البيت الأبيض، ليعقد اجتماعاً مع مؤتمر الحزب الجمهوري في ذلك الصباح، وحثّهم على دعم مشروع القانون. وقال جونسون بعد الاجتماع: «الفشل ليس خياراً وارداً».

وتمكن جونسون من قمع التمرد داخل صفوف الجمهوريين، محققاً بذلك أول انتصار كبير له على المعارضة الديمقراطية الموحدة، لكنه اضطر إلى تقديم تنازلات للجمهوريين من مختلف التوجهات الآيديولوجية خصوصاً الجمهوريين من الولايات الزرقاء الذين كانوا يرفضون دعم مشروع القانون؛ منها تسريع متطلبات العمل لبرنامج «ميديكيد» للرعاية الصحية، وزيادة خصومات الضرائب على مستوي الولايات، وتوسيع نطاق إلغاء إعفاءات ضرائب الطاقة النظيفة. وكانت هذه التنازلات والتعديلات في اللحظات الأخيرة حاسمة في توحيد الجمهوريين حول التشريع.

لكنّ التشريع أمامه معركة طويل قبل أن يصل إلي مكتب ترمب، فهناك معركة شاقة متوقعة داخل مجلس الشيوخ الذي بدأ بالفعل في دراسة إجراء بعض التعديلات على مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب، مما يشير إلى معركة تشريعية متوقَّعة بين الغرفتين، وتبادل للاتهامات داخل الكونغرس. وقد أعلن زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثون، أنه يريد تعديلات على بعض القضايا الضريبية. وتزيد الضغوط حول رفع سقف الدين بحلول منتصف يوليو (تموز)، لتجنب عجز الولايات المتحدة عن السداد، الذي لا يترك للمشرعين سوى القليل من الوقت لتسوية خلافاتهم.

وحدد الجمهوريون الرابع من يوليو موعداً نهائياً للمجلسين لإقرار مشروع القانون وتسوية أي خلافات وتوصيله إلى مكتب ترمب. ويتشكك المحللون في الالتزام بهذا التاريخ، ويتوقعون استمرار المناقشات إلى منتصف يوليو، وهو التاريخ الذي يتم فيه مناقشة سقف إقراض الحكومة الفيدرالية ورفع سقف الدين.


مقالات ذات صلة

بند ضريبي في مشروع ترمب يُهدد الاستثمارات الأجنبية و360 ألف وظيفة أميركية

الاقتصاد ترمب يلوّح بيده بعد خطاب في فورت براغ بكارولاينا الشمالية (أ.ب)

بند ضريبي في مشروع ترمب يُهدد الاستثمارات الأجنبية و360 ألف وظيفة أميركية

وفقاً لتحليل أجراه التحالف العالمي للأعمال، فإن المادة 899 قد تُكلّف الاقتصاد الأميركي نحو 360 ألف وظيفة و55 مليار دولار سنوياً من الناتج المحلي الإجمالي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد دونالد ترمب يلقي كلمة في مصنع «يو إس ستيل» بميفلين ببنسلفانيا 30 مايو 2025 (أ.ب)

مكتب الموازنة: قانون ترمب الضريبي يضيف 2.4 تريليون دولار إلى العجز

يضغط دونالد ترمب على الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون لإرسال النسخة النهائية من المشروع إلى مكتبه ليصبح قانوناً بحلول الرابع من يوليو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) يتحدث إلى إيلون ماسك في البيت الأبيض (أ.ف.ب) play-circle

مصدر في البيت الأبيض: ترمب غير مهتم بالحديث مع ماسك وقد يتخلى عن سيارة تسلا يملكها

قال مصدر مطلع في البيت الأبيض، اليوم (الجمعة)، إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليس مهتماً بالحديث مع إيلون ماسك، بعد صدام علني كبير بينهما.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مدمجة تُظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك (أ.ف.ب) play-circle

شهر العسل انتهى... ترمب يصف إيلون بالمجنون والأخير يسحب مركبة «دراغون»

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، إنه «مستاء» من إيلون ماسك، بعد أن شنّ الملياردير الداعم له ومستشاره السابق هجوماً على مشروع القانون الأهم للرئيس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متسوقة تشتري فواكه وخضراوات من سوق محلية في برايتون (رويترز)

«مكتب الإحصاء البريطاني» يعترف بمبالغة في معدل التضخم بسبب خطأ ضريبي

أعلن «مكتب الإحصاء الوطني» أن خطأً في بيانات ضريبة السيارات المقدمة من الحكومة البريطانية تسبب في المبالغة بتقدير معدل تضخم أسعار المستهلك بمقدار 0.1 في المائة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر تعلن توقف إمدادات الغاز من الشرق بعد الأعمال العسكرية في المنطقة

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تعلن توقف إمدادات الغاز من الشرق بعد الأعمال العسكرية في المنطقة

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية توقف إمدادات الغاز من الشرق بعد الأعمال العسكرية التي نشبت في المنطقة.

وقالت في بيان: «استجابة للأعمال العسكرية التي نشبت بالمنطقة وتوقف إمدادات الغاز من الشرق، قامت وزارة البترول والثروة المعدنية بتفعيل خطة الطوارئ المعدة مسبقاً الخاصة بأولويات الإمداد بالغاز الطبيعي، وذلك بإيقاف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية مع رفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار، وذلك في إجراء احترازي حفاظاً على استقرار شبكة الغاز الطبيعي وعدم اللجوء لتخفيف أحمال شبكة الكهرباء، ترقباً لإعادة ضخ الغاز الطبيعي من الشرق مرة أخرى».

وأضاف البيان أن «سفن إعادة التغويز الثلاث قد وصلت إلى مصر، وتقوم إحدى السفن حالياً بإعادة التغويز وضخ الغاز إلى الشبكة القومية للغاز الطبيعي، بينما تجرى أعمال تجهيز السفينتين الأخريين وربطهما بالمواني استعداداً لبدء ضخ الغاز الطبيعي منهما، وتواصل غرفة العمليات الخاصة بشبكة الغاز الطبيعي متابعة الموقف على مدار 24 ساعة، وأن وضع شبكة الغاز آمن، وكذلك احتياطي المازوت».