الصين تخفض أسعار الفائدة الرئيسية لدعم الاقتصاد مع احتدام الحرب التجارية

تخفيضات المصارف على الودائع تتراوح بين 5 و25 نقطة أساس

امرأة تمر أمام فرع لأحد المصارف في «الضاحية المالية» بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
امرأة تمر أمام فرع لأحد المصارف في «الضاحية المالية» بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
TT

الصين تخفض أسعار الفائدة الرئيسية لدعم الاقتصاد مع احتدام الحرب التجارية

امرأة تمر أمام فرع لأحد المصارف في «الضاحية المالية» بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
امرأة تمر أمام فرع لأحد المصارف في «الضاحية المالية» بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

خفضت الصين، الثلاثاء، أسعار الفائدة المرجعية على الإقراض لأول مرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بينما خفضت البنوك الحكومية الرئيسية أسعار الفائدة على الودائع، في إطار سعي السلطات إلى تيسير السياسة النقدية؛ للمساعدة في حماية الاقتصاد من آثار الحرب التجارية الصينية - الأميركية.

وتهدف تخفيضات أسعار الفائدة المتوقعة على نطاق واسع إلى تحفيز الاستهلاك وإنماء القروض مع تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مع الحفاظ على هوامش الربح المتقلصة للمقرضين التجاريين.

ومع ذلك، كان حجم تخفيضات أسعار الفائدة طفيفاً، ويعكس الوتيرة المتنامية للتيسير النقدي في السنوات الأخيرة، وما فسره المحللون على أنه بعض الحذر بين صانعي السياسات لاتخاذ خطوات أكثر حزماً في ظل الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

وصرح «بنك الشعب الصيني» بأن «سعر الفائدة الأساسي للقروض لمدة عام واحد (LPR)»، وهو معيار تحدده البنوك، قد خُفِّض بمقدار 10 نقاط أساس إلى 3.0 في المائة، بينما خُفِّض «سعر الفائدة الأساسي لخمس سنوات» بالهامش نفسه إلى 3.5 في المائة.

ويستند معظم القروض الجديدة والمستحقة في الصين على «سعر الفائدة الأساسي لعام واحد»، بينما يؤثر «سعر الفائدة الأساسي لخمس سنوات» على تسعير الرهن العقاري. وكلا السعرين الآن عند أدنى مستوى له منذ وضعت الصين آلية «سعر الفائدة الأساسي» في عام 2019.

وجرى الإعلان عن خفض سعر الفائدة على الإقراض بعد أن أعلنت 5 من أكبر البنوك المملوكة للدولة في الصين أنها خفضت أسعار الفائدة على ودائعها. وخفض كلٌ من «البنك الصناعي والتجاري الصيني»، و«البنك الزراعي الصيني»، و«بنك الإنشاءات الصيني»، و«بنك الصين» أسعار الفائدة على الودائع بنسب تتراوح بين 5 نقاط و25 نقطة أساس لبعض آجال الاستحقاق، وفقاً لأسعار الفائدة المعروضة على تطبيقات الهواتف الجوالة للبنوك. وكانت «رويترز» قد أفادت، يوم الاثنين، بأن البنوك تعتزم خفض أسعار الفائدة على الودائع بدءاً من يوم الثلاثاء.

ومن المتوقع أن تؤدي تخفيضات أسعار الفائدة إلى توجيه البنوك الصغيرة إلى إجراء تخفيضات مماثلة. وشهدت أسهم البنوك ارتفاعاً طفيفاً عقب قرار رفع أسعار الفائدة، فقد ارتفع مؤشر «سي إس آي» للبنوك بنسبة 0.3 في المائة.

وقال ماركو صن، كبير محللي الأسواق المالية في بنك «إم يو إف جي»، إن تخفيضات أسعار الفائدة تهدف إلى تعزيز الإقراض الائتماني وتحفيز الاستهلاك. وأضاف أنه «من المرجح أن يتبنى (البنك المركزي) نهج الانتظار والترقب في الأشهر المقبلة، ما لم تتدهور المخاطر الجيوسياسية الخارجية لدرجة تبديد الآمال في استقرار الاقتصاد».

وتعدّ تخفيضات أسعار الفائدة جزءاً من حزمة إجراءات أعلن عنها محافظ «بنك الشعب الصيني»، بان غونغ شينغ، وجهات تنظيمية مالية أخرى، قبل المحادثات بين الصين والولايات المتحدة في جنيف خلال وقت سابق من هذا الشهر، وأدت إلى تهدئة الحرب التجارية بينهما.

وترفع بنوك الاستثمار العالمية توقعاتها للنمو الاقتصادي الصيني هذا العام، بعد أن اتفقت بكين وواشنطن على تعليق مؤقت للرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً، على الرغم من حالة عدم اليقين المحيطة بمفاوضات التجارة الصينية - الأميركية.

وقال تينغ لو، كبير الاقتصاديين الصينيين ببنك «نومورا»، في مذكرة هذا الأسبوع: «ما زلنا نعتقد أنه سيكون من الصعب للغاية على بكين تحقيق هدفها للنمو البالغ نحو 5 في المائة ما لم تُطلق حزمة تحفيز كبيرة». وتابع أنه «بالنظر إلى هدوء الحرب التجارية، فقد تكون بكين أقل عرضة لضغوط لتقديم التحفيز والإصلاحات اللازمة».

وتُظهر القراءات الاقتصادية الأخيرة أن النمو لا يزال متقطعاً وباهتاً. وأظهرت بيانات رسمية، يوم الاثنين، أن أسعار المنازل الجديدة في الصين ظلت دون تغيير في أبريل (نيسان) الماضي مقارنة بالشهر السابق؛ مما يُمدد اتجاه النمو السلبي لنحو عامين على الرغم من جهود صانعي السياسات لتحقيق الاستقرار في القطاع. وفي الوقت نفسه، انخفضت القروض المصرفية الجديدة أيضاً بأكثر من المتوقع الشهر الماضي.

ويرى شينغ تشاوبينغ، كبير الاستراتيجيين الصينيين في بنك «إيه إن زد»، أن تخفيضات أسعار الفائدة يوم الثلاثاء كانت خطوة استباقية. وتوقع شينغ خفضاً آخر لأسعار الفائدة بنهاية يوليو (تموز) المقبل، قائلاً: «أحد الأهداف هو إصلاح هامش الفائدة الصافي للبنوك التجارية والاستعداد للمستقبل».

ويتوقع نيكولاس تشو، المحلل في وكالة «موديز»، فترة طويلة من انخفاض أسعار الفائدة في الصين. وأضاف: «إن انخفاض تكاليف الودائع يُخفف جزئياً من تأثير انخفاض عوائد الأصول، التي لا تزال تحت الضغط، فمن المتوقع أن تدعم البنوك الاقتصاد الحقيقي».

وخفضت البنوك الصينية الكبرى أسعار الفائدة على الودائع في أكتوبر ويوليو من العام الماضي، حين تعرضت أرباحها لضغوط بعد خفض «بنك الشعب الصيني» أسعار الفائدة على الإقراض. وقبل ذلك، أجرت البنوك 3 جولات من تخفيضات أسعار الفائدة على الودائع في عام 2023.

وأعلنت البنوك الخمسة الكبرى عن انخفاض هوامش أرباحها في الربع الأول، وتراجع أرباح بعضها، فقد تضرر القطاع المصرفي من تباطؤ اقتصادي طويل الأمد. وأظهرت البيانات الرسمية أن «هامش صافي الفائدة» للبنوك التجارية - وهو مقياس رئيسي للربحية - انخفض إلى مستوى قياسي بلغ 1.43 في المائة خلال الربع الأول من هذا العام.

ومن المتوقع أن ينخفض ​​«صافي هوامش الفائدة» بما بين 10 نقاط و15 نقطة أساس أخرى هذا العام، فالبنوك تتنافس بشراسة لجذب العملاء بقروض ميسرة، في حين لا يزال الطلب على الائتمان ضعيفاً، وفقاً لمحللين في شركة «تشاينا إنترناشيونال كابيتال كورب» في مذكرة.


مقالات ذات صلة

سوريا تحصل على منحة بقيمة 146 مليون دولار لدعم قطاع الكهرباء

الاقتصاد مجموعة من الأشخاص يسيرون في شارع من دون كهرباء في دوما شمال شرقي العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)

سوريا تحصل على منحة بقيمة 146 مليون دولار لدعم قطاع الكهرباء

أعلن البنك الدولي، في بيان، أن مجلس المديرين التنفيذيين للبنك وافق على منحة بقيمة 146 مليون دولار لمساعدة سوريا في استعادة إمدادات كهرباء موثوقة.

الاقتصاد أحد مشاريع توسيع السكك الحديدية في العراق (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يحصل على تمويل بـ930 مليون دولار لدعم مشروع تحديث السكك الحديدية

وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي على تمويل بقيمة 930 مليون دولار، لتحسين أداء السكك الحديدية في العراق، وتعزيز التجارة الداخلية، وخلق فرص العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سيارات ودراجات نارية تسير بالقرب من مبانٍ متضررة في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز) play-circle

250 مليون دولار من البنك الدولي لدعم إعادة إعمار لبنان بعد الصراع

وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي على تمويل بقيمة 250 مليون دولار للبنان، لدعم ترميم وإعادة إعمار البنية التحتية الأساسية المتضررة على نحو طارئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

دعوات للحذر في السياسة النقدية الأوروبية وتجميد أسعار الفائدة

أكد بيتر كازيمير، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، أن الوقت حان لتوخي الحذر في السياسة النقدية، مشيراً إلى أن «البنك» قد يكون أنهى دورة التيسير الحالية.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد البنك المركزي المغربي في الرباط (رويترز)

«المركزي المغربي» يُثبت سعر الفائدة عند 2.25 %

أبقى بنك المغرب على سعر الفائدة المرجعي دون تغيير عند 2.25 في المائة، مشيراً إلى أن مستويات تكاليف الاقتراض الحالية لا تزال متماشية مع توقعات التضخم.

«الشرق الأوسط» (الرباط)

سوريا تحصل على منحة بقيمة 146 مليون دولار لدعم قطاع الكهرباء

مجموعة من الأشخاص يسيرون في شارع من دون كهرباء في دوما شمال شرقي العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)
مجموعة من الأشخاص يسيرون في شارع من دون كهرباء في دوما شمال شرقي العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)
TT

سوريا تحصل على منحة بقيمة 146 مليون دولار لدعم قطاع الكهرباء

مجموعة من الأشخاص يسيرون في شارع من دون كهرباء في دوما شمال شرقي العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)
مجموعة من الأشخاص يسيرون في شارع من دون كهرباء في دوما شمال شرقي العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)

أعلن البنك الدولي، في بيان، أن مجلس المديرين التنفيذيين للبنك وافق على منحة بقيمة 146 مليون دولار من المؤسسة الدولية للتنمية لمساعدة سوريا في استعادة إمدادات كهرباء موثوقة وبأسعار ميسورة ودعم التعافي الاقتصادي للبلاد.

وذكر البيان أن المشروع الطارئ للكهرباء في سوريا (Syria Emergency Electricity Project-SEEP) يهدف إلى إعادة تأهيل خطوط النقل والمحطات الفرعية للمحولات الكهربائية المتضررة، وتقديم المساعدة الفنية لدعم تطوير قطاع الكهرباء، وبناء قدرات مؤسساته.

تحديات قطاع الكهرباء السوري

لقد تسبّبت سنوات الصراع في شلل شبه كامل للشبكة الوطنية للكهرباء في سوريا، ما أدّى إلى تقليص إمدادات الكهرباء، لتتراوح بين ساعتين وأربع ساعات يومياً فقط، وقد ألحق هذا الضرر بقطاعات حيوية، مثل المياه، والرعاية الصحية، والأغذية الزراعية، والإسكان.

ويعاني قطاع الكهرباء في سوريا منذ زمن من صعوبات في تلبية الطلب، خصوصاً خلال السنوات الخمس الماضية، ما أدّى إلى انعدام الأمن الطاقي لشرائح واسعة من السكان والقطاعات الاقتصادية.

وتعاني البنية التحتية لنقل وتوزيع الكهرباء في سوريا من قدر هائل من الخسائر والهدر، وتتطلّب الترميم والتحديث على وجه السرعة. فقد تم تدمير أو تدهور العديد من المحطات الفرعية الرئيسية في مناطق مختلفة، ما أسهم في خسائر فنية كبيرة.

كما أدَّى النقص في الصيانة وقطع الغيار والاستثمارات إلى تفاقم هذا التدهور، ما جعل جزءاً كبيراً من الشبكة الأساسية غير موثوق به وعرضة لانقطاعات متكررة.

البنك الدولي: استثمار حيوي للتعافي والتنمية

وتعليقاً على هذا الدعم، قال جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي: «من بين احتياجات إعادة الإعمار الملحة في سوريا، برزت إعادة تأهيل قطاع الكهرباء بوصفه استثماراً حيوياً لتحسين الظروف المعيشية للشعب السوري، ودعم عودة اللاجئين والنازحين داخلياً، فضلاً عن تمكين استئناف خدمات أخرى، مثل خدمات المياه والرعاية الصحية للسكان، والمساعدة في دفع عجلة التعافي الاقتصادي».

وأضاف: «يُمثل هذا المشروع الخطوة الأولى في خطة زيادة دعم البنك الدولي لسوريا في مسيرتها نحو التعافي والتنمية».

أهداف المشروع ومكوناته

سيموّل المشروع أعمال إعادة تأهيل خطوط نقل التوتر العالي، بما في ذلك خطَّا ربط كهربائي رئيسيان بجهد 400 كيلو فولت، كانا قد تضرّرا خلال سنوات الصراع. وسيؤدي ذلك إلى معاودة الربط الإقليمي مع الأردن وتركيا. كما سيعمل المشروع على إصلاح المحطات الفرعية لمحولات التوتر العالي المتضررة بالقرب من مراكز الطلب في المناطق الأشد تضرراً التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين العائدين والنازحين داخلياً، فضلاً عن توفير قطع الغيار، ومعدات الصيانة اللازمة.

وبالإضافة إلى ذلك، سيوفر المشروع مساعدة فنية في إعداد الاستراتيجيات الرئيسية لقطاع الكهرباء، والإصلاحات على مستوى السياسات واللوائح التنظيمية، وخطط الاستثمار لتحقيق الاستدامة على المديين المتوسط والطول. كما سيُوفر الدعم لبناء قدرات مؤسسات قطاع الكهرباء لتنفيذ هذه الاستراتيجيات والإصلاحات.

دعم حكومي وتعاون دولي

من جهته، علَّق وزير المالية السوري، يسر برنية، قائلاً: «إن الاستثمار في قطاع الكهرباء يعد أساسياً لتحقيق التقدم الاقتصادي، وتوفير الخدمات، وتحسين سبل العيش». وأضاف: «هذا المشروع هو الأول للبنك الدولي في سوريا منذ نحو 4 عقود. ونأمل أن يمهد الطريق لبرنامج دعم شامل لمساعدة سوريا على المضي قدماً في طريقها نحو التعافي والتنمية طويلة الأمد».

وستتولى المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء تنفيذ المشروع، وستكمل أنشطة المشروع جهود إعادة الإعمار في قطاع الكهرباء، بما في ذلك أنشطة المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء الهادفة لإعادة تأهيل البنية التحتية للتوزيع، فضلاً عن دعم شركاء التنمية لتوفير إمدادات الوقود وإعادة تأهيل توليد الكهرباء.