«وول ستريت» تفتتح على تراجع بعد خفض تصنيف «موديز»

متداولان في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداولان في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

«وول ستريت» تفتتح على تراجع بعد خفض تصنيف «موديز»

متداولان في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداولان في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

انخفضت الأسهم والسندات الأميركية وقيمة الدولار الأميركي يوم الاثنين، بعد أحدث تذكير بأن الحكومة الأميركية تتجه نحو جبل من الديون لا يمكن تحمله.

وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.9 في المائة في التعاملات المبكرة، بعد أن أصبحت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني أحدث وكالة بين وكالات التصنيف الائتماني الكبرى الثلاث التي تُعلن أن الحكومة الفيدرالية الأميركية لم تعد تستحق تصنيف «Aaa» من الدرجة الأولى. كما انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 222 نقطة، أي بنسبة 0.5 في المائة، اعتباراً من الساعة 9:35 صباحاً بالتوقيت الشرقي، في حين تراجع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 1.3 في المائة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

وأشارت «موديز» إلى أن الحكومة الأميركية تواصل اقتراض المزيد من الأموال لتغطية نفقاتها، فيما تُعيق الخلافات السياسية جهود كبح الإنفاق أو زيادة الإيرادات للحد من الديون المتفاقمة. ويُعد هذا التخفيض ضربة مؤلمة، حيث يعني أن المستثمرين العالميين لن يتمكنوا من إقراض الحكومة الأميركية بهذه الأسعار المنخفضة. وقد قفز العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات إلى 4.53 في المائة من 4.43 في المائة في نهاية يوم الجمعة. وتُظهر هذه الزيادة مقدار الفائدة التي يطلبها المستثمرون من الحكومة الأميركية لإقراضها أموالاً لمدة عشر سنوات.

ومن المثير للدهشة أن العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاماً قفز مجدداً إلى أكثر من 5 في المائة، مرتفعاً من أقل من 4 في المائة في سبتمبر (أيلول). في المقابل، تحركت سندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل بشكل أقل، إذ تعتمد على توقعات أسعار الفائدة قصيرة المدى التي يحددها «الاحتياطي الفيدرالي» أكثر من اعتمادها على مشاعر المستثمرين تجاه الحكومة أو الاقتصاد الأميركي.

وفي حال اضطرت واشنطن إلى دفع فائدة أعلى للاقتراض، قد يسبب ذلك زيادة تكاليف الاقتراض بالنسبة للأسر والشركات الأميركية، في ما يتعلق بأسعار الرهن العقاري، وقروض السيارات، وبطاقات الائتمان، مما قد يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي.

ورغم أن «موديز» لم تُفاجئ أحداً بتخفيض التصنيف، إذ كان النقاد قد انتقدوا عجز واشنطن عن السيطرة على ديونها لفترة طويلة، فإن رد فعل السوق قد جاء محدوداً. ويُتوقع أن يكون التأثير على السوق ضئيلاً بعد استيعاب المستثمرين لمعظم القضايا المعروفة.

لكن خفض التصنيف يأتي في وقت حاسم بالنسبة للولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن تُناقش تخفيضات ضريبية قد تستنزف المزيد من الإيرادات، بالإضافة إلى الحدود التي يمكن للبلاد اقتراضها. ويُضيف هذا الخفض إلى قائمة من المخاوف التي تثقل كاهل السوق، أبرزها الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس دونالد ترمب، مما دفع المستثمرين إلى التساؤل عن استدامة سمعة سوق السندات الأميركية والدولار الأميركي كملاذ آمن في أوقات الأزمات.

ورغم أن الاقتصاد الأميركي صامد حتى الآن في ظل هذه الضغوط، فإن الشركات الكبرى قد بدأت تحذر من مستقبل غامض. على سبيل المثال، أعلنت «وول مارت» أنها ستضطر إلى رفع الأسعار بسبب الرسوم الجمركية المفروضة. وقد أدت هذه التصريحات إلى تراجع سهم «وول مارت» بنسبة 1.8 في المائة يوم الاثنين.

ومن المقرر أن تُعلن شركات تجزئة كبيرة أخرى عن نتائجها المالية في الأسابيع المقبلة، بما في ذلك «تارغت»، و«هوم ديبوت»، و«تي جيه إكس».

وعلى الصعيد العالمي، تراجعت أسواق الأسهم في أوروبا وآسيا. وقد انخفضت الأسواق الصينية بعد أن أعلنت الحكومة أن مبيعات التجزئة في أبريل (نيسان) كانت أقل من المتوقع، فيما تباطأ نمو الناتج الصناعي إلى 6.1 في المائة على أساس سنوي، مقارنة بـ7.7 في المائة في مارس (آذار). وقد يعني هذا ارتفاع المخزونات إذا تفوق الإنتاج على الطلب، أو قد يعكس تأثيرات طفيفة للرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على السلع الصينية. وقال جوليان إيفانز بريتشارد من «كابيتال إيكونوميكس»: «بعد تحسن في مارس، يبدو أن الاقتصاد الصيني قد تباطأ مجدداً الشهر الماضي، في ظل حالة الحذر المتزايد بين الشركات والأسر بسبب الحرب التجارية».

أما في أسواق العملات الأجنبية، فقد تراجعت قيمة الدولار الأميركي مقابل جميع العملات الرئيسية، من اليورو إلى الدولار الأسترالي.


مقالات ذات صلة

أسواق الخليج تقفز بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران

الاقتصاد من داخل بورصة دبي (رويترز)

أسواق الخليج تقفز بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران

ارتفعت أسواق الأسهم الرئيسية في الخليج في التعاملات المبكرة يوم الثلاثاء، بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداول أمام شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بنك هانا في سيول (إ.ب.أ)

الأسواق الآسيوية ترتفع بعد إعلان ترمب وقف إطلاق النار

ارتفعت الأسواق الآسيوية يوم الثلاثاء عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن اتفاق لوقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وإيران، رغم أن الوضع لا يزال غامضاً.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
الاقتصاد رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

قفزة قوية في الأسهم الأوروبية مع إعلان وقف النار

سجلت الأسهم الأوروبية مكاسب قوية تجاوزت 1 في المائة يوم الثلاثاء، مدفوعة بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)

 الهدوء يسود «وول ستريت» رغم تدخل واشنطن في صراع إسرائيل وإيران

لم يؤثر التدخل المفاجئ للولايات المتحدة في الصراع بين إسرائيل وإيران على أسعار النفط والأسهم يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد جرس التداول في بورصة مصر (رويترز)

رئيس البورصة المصرية يدعو لعدم الاندفاع في البيع مع كل اضطراب بالمنطقة

دعا رئيس البورصة المصرية أحمد الشيخ، المستثمرين إلى عدم الاندفاع نحو البيع، في ضوء الأحداث الجيوسياسية المتقلبة في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تراجع الدولار والذهب... هل تتجاوز مصر تداعيات الضربات الإسرائيلية - الإيرانية؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الكهرباء محمود عصمت الثلاثاء بمدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الكهرباء محمود عصمت الثلاثاء بمدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
TT

تراجع الدولار والذهب... هل تتجاوز مصر تداعيات الضربات الإسرائيلية - الإيرانية؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الكهرباء محمود عصمت الثلاثاء بمدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الكهرباء محمود عصمت الثلاثاء بمدينة العلمين (الرئاسة المصرية)

مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ، شهدت الأسواق المصرية تحسناً ملموساً عَكَسه تراجع في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وانخفاض في أسعار الذهب، ما أثار تساؤلات بشأن إمكانية تجاوز القاهرة تداعيات حرب الـ12 يوماً، وتعزيز الآمال بقرب عودة الملاحة بقناة السويس لطبيعتها، وانتظام واردات البلاد من الغاز.

وتراجع سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك، الثلاثاء، بنحو 60 قرشاً، ليصل سعر صرف الدولار إلى 50.1 جنيه في البنك المركزي. كما شهد سعر الذهب استقراراً نسبياً، الثلاثاء، بعد تراجعات سجلها، مساء الاثنين، بلغت نحو 25 جنيهاً في سعر الغرام، حسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.

كانت الضربات الإسرائيلية - الإيرانية قد أحدثت ارتباكاً في الأسواق المصرية، عَكَسه تراجع في مؤشرات البورصة، وعدم انتظام واردات الغاز، ما كان يثير مخاوف بأزمة كهرباء.

وكثفت الحكومة المصرية خلال الأيام الأخيرة جهودها لتلافي تداعيات نقص واردات الغاز على الكهرباء.

وعقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعاً، الثلاثاء، مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة محمود عصمت، تناول جهود «رفع جودة وكفاءة الطاقة وترشيدها والتشغيل الاقتصادي لمحطات الكهرباء بما يحقق وفراً في الوقود، وكذا جهود تحسين الشبكة القومية للكهرباء عن طريق مشروعات الربط الكهربائي، ومحاولات تلبية الاحتياجات من الغاز والوقود لتشغيل محطات الكهرباء»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة.

وأكد السيسي «ضرورة تكثيف الجهود الحكومية لجذب الاستثمارات لقطاع الطاقة المتجددة، والعمل على استدامة الإمدادات لشبكة الكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية»، وفق الإفادة.

وكانت وزارة البترول المصرية قد فعَّلت في بداية التصعيد خطة طوارئ، «نظراً للأعمال العسكرية التي نشبت بالمنطقة، وتوقف إمدادات الغاز من الشرق (الغاز الإسرائيلي)»، وشملت الخطة «إيقاف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية»، بحسب إفادة رسمية وقتها.

«رسالة طمأنينة»

أبدى الخبير الاقتصادي، مصطفى بدرة، تفاؤلاً بانعكاسات اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران على الأسواق. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اتفاق وقف إطلاق النار بعث رسالة طمأنينة إلى الأسواق انعكست على حركة التداولات وأسعار النفط والذهب وسعر الصرف».

وأضاف: «الأسواق استجابت سريعاً واستقرت»، مشيراً إلى أن هذا الاستقرار، حال استمرّ وقف إطلاق النار، سيساعد مصر على تجاوز تداعيات التصعيد الأخير. وأعرب عن أمله أن «يسهم الاستقرار في تشجيع الاستثمار وعودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها والتي تأثرت سلباً بحرب غزة».

سفينة حاويات في أثناء عبورها بقناة السويس (هيئة قناة السويس)

وبلغت خسائر قناة السويس بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر وهجمات «الحوثيين» على السفن المارة بمضيق باب المندب، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، نحو 7 مليارات دولار، العام الماضي.

وفي الآونة الأخيرة، تحدثت هيئة قناة السويس عن عودة تدريجية للملاحة بالقناة، تزامناً مع تقديم «حوافز» لتشجيع سفن الحاويات العملاقة على المرور بالقناة.

وقال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، في إفادة رسمية، مساء الجمعة الماضي، إن «عودة سفن الحاويات العملاقة للعبور من قناة السويس يعد أمراً حتمياً نظراً لما تتمتع به القناة من مزايا تنافسية عديدة تجعلها الممر الملاحي الأقصر والأسرع والأكثر أماناً واستدامة».

وأكدت خبيرة الاقتصاد، شيماء سراج عمارة، أن التصعيد الإسرائيلي - الإيراني كانت له تأثيرات آنية على الاقتصاد العالمي، ما انعكس على مصر في ارتفاع أسعار الدولار وتزايد المخاوف من تأثر الملاحة في قناة السويس.

وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه مع إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن وقف إطلاق النار بدأت المؤشرات التصاعدية لأسعار الوقود والذهب تتراجع، «ما غيَّر دفة الاقتصاد العالمي الذي كان يتجه وبقوة نحو المزيد من الموجات التضخمية».

وأضافت: «الاقتصاد المصري جزء من المنظومة العالمية، وحتماً سينعكس تحسن المؤشرات العالمية على قدراته، لترتفع معدلات التنمية الاقتصادية، ويتم السيطرة بصورة أفضل على أسعار النقد الأجنبي»، مشيرة إلى أن «استقرار المنطقة يدفع نحو عودة الملاحة في قناة السويس لطبيعتها، ويزيد من تدفقات النقد الأجنبي».

وكان رئيس الوزراء المصري قد حذر في أبريل (نيسان) الماضي من «احتمالية حدوث موجة تضخم وركود اقتصادي عالمي خلال الفترة المقبلة في ظل المشهد الإقليمي المضطرب».