نائب الرئيس الصيني: هناك مجال واسع للتعاون بين بكين وواشنطن

دعوات لتمديد هدنة الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة

مشاة في أحد الشوارع التجارية بوسط بكين (أ.ف.ب)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بوسط بكين (أ.ف.ب)
TT

نائب الرئيس الصيني: هناك مجال واسع للتعاون بين بكين وواشنطن

مشاة في أحد الشوارع التجارية بوسط بكين (أ.ف.ب)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بوسط بكين (أ.ف.ب)

أكد نائب الرئيس الصيني، هان تشنغ، أن الصين والولايات المتحدة تتقاسمان مصالح مشتركة واسعة، وتملكان مجالاً كبيراً للتعاون، وذلك خلال لقائه رئيس مجلس إدارة شركة «إنفيسكو» ريتشارد واغنر في بكين، الجمعة. تأتي هذه التصريحات في وقت يستأنف فيه أكبر اقتصادين في العالم محادثاتهما التجارية وسط هدنة جمركية مؤقتة مدتها 90 يوماً.

تزامنت تصريحات هان مع تقرير نشرته صحيفة «غلوبال تايمز» المدعومة من الدولة، عدّت فيه أن فترة الهدنة القصيرة غير كافية لتحقيق تقدم حقيقي في النزاع التجاري القائم، داعية إلى تمديدها بما يتيح للطرفين البناء على نقاط الاتفاق الأخيرة. الصحيفة رأت أن «نافذة التعاون المتبادل المنفعة يجب أن تتجاوز 90 يوماً»، وحثَّت الولايات المتحدة على الاستمرار في الالتزام بروح المحادثات الأخيرة.

وكانت الولايات المتحدة قد وافقت في مفاوضات جنيف الأخيرة على خفض الرسوم الإضافية على الواردات الصينية من 145 إلى 30 في المائة لمدة ثلاثة أشهر، في حين خفَّضت بكين الرسوم المفروضة على الواردات الأميركية إلى 10 في المائة بدلاً من 125 في المائة. كما تعهدت الصين بتعليق بعض الإجراءات غير الجمركية مثل حظر التعامل مع نحو 50 شركة أميركية، ورفعت بعض القيود المفروضة على صادرات المعادن النادرة، دون تقديم تفاصيل نهائية حتى الآن.

ويرى محللون أن بكين تتعمد إبقاء بعض الغموض بشأن التزاماتها غير الجمركية؛ حفاظاً على هامش المناورة في أي جولة تفاوضية قادمة. وقالت دان وانغ، من مجموعة «أوراسيا»: «الصين لا ترغب في تقييد نفسها بالإفصاح عن الحواجز غير الجمركية التي قد ترفعها؛ لأنها ستظل ورقة تفاوضية مهمة لاحقاً»، بحسب «رويترز».

وفي مؤتمر صحافي دوري، امتنعت وزارة التجارة الصينية عن تحديد ما إذا كانت هذه الإجراءات ستُرفع نهائياً أم ستبقى معلّقة مؤقتاً.

وعلى هامش اجتماع «منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ» (APEC) في جزيرة جيجو الكورية، اجتمع الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير مع المبعوث الصيني لي تشينغقانغ، دون إصدار أي تفاصيل عن فحوى اللقاء. وفي اجتماع منفصل لوزراء تجارة المنتدى، دعا لي الدول المشاركة إلى التصدي للإجراءات الحمائية التي تعيق تدفق التجارة العالمية، دون أن يشير إلى الولايات المتحدة بالاسم.

تصريحات نائب الرئيس الصيني حول «المصالح المشتركة» والمجال الواسع للتعاون تعكس رغبة بكين في الحفاظ على مسار الحوار مع واشنطن رغم الخلافات. ومع اقتراب نهاية مهلة الـ90 يوماً، يظل تمديد الهدنة وترجمتها إلى اتفاقات ملموسة أمراً حاسماً لتفادي العودة إلى دوامة التصعيد التجاري.

وفي الأسواق، تراجعت الأسهم الصينية وأسهم هونغ كونغ، الجمعة، تحت ضغط من تجدد التوترات التقنية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب تقرير أرباح مخيب من مجموعة «علي بابا». ورغم التراجع، أنهت كلتا السوقين الأسبوع بمحصلة إيجابية، حيث سجّل مؤشر «هانغ سنغ» مكاسب أسبوعية للخامس على التوالي.

وعند الإغلاق، تراجع مؤشر «شنغهاي المركب» بنسبة 0.4 في المائة، بينما انخفض مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية الصينية بنسبة 0.46 في المائة. وفي هونغ كونغ، انخفض مؤشر «هانغ سنغ» بنسبة 0.46 في المائة.

وتراجعت أسهم «علي بابا» بأكثر من 4 في المائة بعد أن أعلنت الشركة العملاقة للتجارة الإلكترونية عن إيرادات فصلية دون تقديرات المحللين.

وعلى الصعيد الجيوسياسي، تفكر وزارة التجارة الأميركية في إضافة المزيد من الشركات الصينية، بما في ذلك «تشانغ شين ميموري»، إلى قائمة الصادرات المحظورة، وفقاً لمصدر مطّلع. كذلك يدرس «مكتب الصناعة والأمن» الأميركي إدراج شركات تابعة لـ«شركة تصنيع أشباه الموصلات الدولية» و«يانغتسي ميموري تكنولوجيز» إلى «قائمة الكيانات المحظورة».

وعلّق ديكي وونغ، المدير التنفيذي للأبحاث في شركة «كينغستون سيكيوريتيز»: «تحوّل تركيز السوق إلى التنافس الأميركي - الصيني في مجالات أخرى، مثل أشباه الموصلات والرعاية الصحية، بعد أن خفّض البلدان الرسوم الجمركية المتبادلة بشكل كبير».

وقال محللو «مورغان ستانلي» في مذكرة إن الهدنة الجمركية بين الولايات المتحدة والصين تمثل مفاجأة إيجابية، لكنها لا تعني حلاً طويل الأمد بالنظر إلى تعقيد العلاقة الثنائية، مشيرين إلى أن المعنويات تجاه الأسهم الصينية من الفئة «أ» تراجعت هذا الأسبوع وسط انخفاض في أحجام التداول.


مقالات ذات صلة

عجز الموازنة الروسية يصل إلى المستوى المستهدف لعام 2025

الاقتصاد مركز «موسكو سيتي» التجاري خلف جدار الكرملين (أرشيفية - رويترز)

عجز الموازنة الروسية يصل إلى المستوى المستهدف لعام 2025

أعلنت وزارة المالية الروسية أن عجز الموازنة بلغ 3.69 تريليون روبل (46.89 مليار دولار)، وهو ما يعادل الهدف السنوي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)

بنك إسرائيل يُبقي أسعار الفائدة دون تغيير

أبقى بنك إسرائيل، يوم الاثنين، سعر الفائدة قصيرة الأجل دون تغيير، مشيراً إلى استمرار الضغوط التضخمية و«حالة عدم اليقين الجيوسياسي».

«الشرق الأوسط» (القدس)
الاقتصاد تماثيل صغيرة مع أجهزة كمبيوتر وجوالات ذكية أمام عبارة «الذكاء الاصطناعي» (رويترز)

التسويق الرقمي... رافعة الكفاءة الاقتصادية في عصر البيانات

في عصرٍ تقوده البيانات وتتسارع فيه التحولات الرقمية بات التسويق الرقمي ركيزة أساسية للكفاءة الاقتصادية لا مجرد وسيلة ترويج.

آيات نور (الرياض )
الاقتصاد شاحنة تمر بجانب حاويات مكدسة في ميناء تانجونغ بريوك لدى جاكرتا (رويترز)

إندونيسيا ترسل كبير مفاوضيها إلى واشنطن قبيل 9 يوليو لإبرام اتفاق تجاري

أعلنت الحكومة الإندونيسية أنها سترسل كبير مفاوضيها إلى الولايات المتحدة يوم الاثنين، قبل حلول الموعد النهائي الذي حدّدته واشنطن في 9 يوليو الحالي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
الاقتصاد عامل يقوم بصهر معادن أرضية نادرة في ورشة بإقليم منغوليا في الصين (رويترز)

ضوابط تصدير المعادن النادرة في الصين تُربك السوق العالمية والمحلية

كانت خطوة الصين الصارمة بفرض ضوابط على تصدير المعادن الأرضية النادرة ذات أثر فوري على سلسلة التوريد العالمية، خصوصاً في قطاع السيارات الكهربائية.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«بريكس» ترى واقعاً جديداً متعدد الأقطاب هي تمثله... وترمب يهددها

قمة مجموعة «بريكس» بحضور رؤساء دول وحكومات في ريو دي جانيرو البرازيل الاثنين (أ.ب)
قمة مجموعة «بريكس» بحضور رؤساء دول وحكومات في ريو دي جانيرو البرازيل الاثنين (أ.ب)
TT

«بريكس» ترى واقعاً جديداً متعدد الأقطاب هي تمثله... وترمب يهددها

قمة مجموعة «بريكس» بحضور رؤساء دول وحكومات في ريو دي جانيرو البرازيل الاثنين (أ.ب)
قمة مجموعة «بريكس» بحضور رؤساء دول وحكومات في ريو دي جانيرو البرازيل الاثنين (أ.ب)

صرحت «بريكس» لأول مرة وبشكل علني، بأن سياسة القطب الواحد في العالم انتهت، وأنها ستحل محل القطب الثاني.

وفي تصريحات للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، خلال فعاليات القمة الـ17 لمجموعة «بريكس»، في ريو دي جانيرو، سلطت الضوء على فشل الحروب التي قادتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أكد: «إذا لم تعكس إدارة الشؤون الدولية الواقع الجديد متعدد الأقطاب في القرن الحادي والعشرين فإن الأمر متروك لمجموعة (بريكس) للمساعدة في تحديثها».

وأبدت أكثر من 30 دولة اهتمامها بالمشاركة في «بريكس» بالعضوية الكاملة أو الشراكة.

لكنّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال إن بلاده ستفرض رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة على أي دولة تتبنى سياسات مجموعة بريكس «المعادية لأميركا».

وفي ظل الانقسامات التي تعاني منها تكتلات اقتصادية مثل مجموعة الدول السبع ومجموعة العشرين، ونهج الرئيس ترمب «أميركا أولاً»، تُقدم مجموعة «بريكس» نفسها على أنها ملاذ للدبلوماسية متعددة الأطراف في خضم الصراعات العنيفة والحروب التجارية.

وخلال كلمته الافتتاحية لقمة «بريكس»، شبَّه رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، التجمع بحركة عدم الانحياز خلال الحرب الباردة وهي مجموعة من الدول النامية التي رفضت الانضمام رسمياً إلى أيٍّ من طرفي النظام العالمي المنقسم.

رؤساء الدول المشاركين بقمة «بريكس» في البرازيل (أ.ف.ب)

وقال لولا لزعماء المجموعة: «بريكس هي وريثة حركة عدم الانحياز... وفي ظل المخاطر التي تحيق بالتعددية، أصبحت استقلاليتنا مهددة مرة أخرى».

وفي بيان مشترك صدر مساء الأحد، حذرت «بريكس» من أن زيادة الرسوم الجمركية تهدد التجارة العالمية، مواصلةً بذلك انتقادها المبطن سياسات ترمب المتعلقة بالرسوم الجمركية.

وبعد ساعات، حذر ترمب من أنه سيعاقب الدول التي تسعى لأن تحذو حذو المجموعة.

وقال ترمب في منشور على «تروث سوشيال»: «أي دولة تنحاز إلى سياسات (بريكس) المعادية لأميركا ستُفرض عليها رسوم جمركية إضافية بنسبة عشرة في المائة. لن تكون هناك أي استثناءات لهذه السياسات. شكراً لانتباهكم لهذا الأمر!».

وأشار لولا في تصريحات أدلى بها، السبت، إلى أن دول «بريكس» تمثل الآن ما يزيد على نصف سكان العالم و40 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي، محذراً في الوقت نفسه من ازدياد سياسات الحماية التجارية.

وفي أول قمة لها عام 2009، ضمت مجموعة «بريكس» البرازيل وروسيا والهند والصين، قبل أن تنضم إليها جنوب أفريقيا لاحقاً. وفي العام الماضي ضمَّت مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والإمارات كأعضاء.

نفوذ وتعقيدات متزايدة

وأضاف توسع «بريكس» ثقلاً للمجموعة التي تطمح إلى التحدث باسم الدول النامية في نصف الكرة الجنوبي، مما عزَّز الدعوات لإصلاح مؤسسات عالمية مثل مجلس الأمن وصندوق النقد الدولي.

وبدأ زعماء مجموعة «بريكس» للدول النامية قمة في البرازيل الأحد، استمرت حتى الاثنين.

وعبَّرت «بريكس» عن دعمها لانضمام إثيوبيا وإيران إلى منظمة التجارة العالمية التي دعتها المجموعة إلى استعادة قدرتها على حل النزاعات التجارية سريعاً.

وأيَّد القادة في البيان خططاً لتجريب مبادرة «ضمانات (بريكس) متعددة الأطراف» في بنك التنمية الجديد التابع للمجموعة بهدف خفض تكاليف التمويل وتعزيز الاستثمار في الدول الأعضاء. وكانت «رويترز» أول من أورد هذا الخبر الأسبوع الماضي.

وفي بيان منفصل عقب مناقشة الذكاء الاصطناعي، دعا الزعماء إلى توفير الحماية من الاستخدام غير المصرح به للذكاء الاصطناعي لتجنب الجمع المفرط للبيانات والسماح بآليات عادلة للرواتب والأجور.

حضور سعودي

نيابةً عن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وصل الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية، الاثنين، إلى مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية؛ ليرأس وفد المملكة في القمة السابعة عشرة لمجموعة «بريكس» 2025، وذلك بصفتها دولة مدعوّة للانضمام إلى المجموعة.

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الروسي سيرغي لافروف خلال حضورهما قمة «بريكس»... (أ.ف.ب)

وشارك وزير الخارجية في أعمال اليوم الثاني من الاجتماع، الذي حضرته الدول الشريكة والدول المدعوة من الرئاسة والمنظمات الدولية، وناقش جهود التنمية الدولية، بما فيها قضايا المناخ ومحاربة تفشي الأوبئة والأمراض.

انطلقت القمة الـ17، الأحد وتستمر الاثنين، على مستوى القادة لدول «بريكس»، التي تضم حالياً 11 دولة، بعد توسعها الأخير، في ريو دي جانيرو بالبرازيل.

تأتي أهمية القمة في عالمٍ يزداد فيه الانقسام، وسط اضطرابات اقتصادية ضربت سلاسل التوريد العالمية، جراء رسوم جمركية أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي حذَّر «بريكس»، بشكلٍ علني، من تبنّي عُملة موحدة والتخلي عن الدولار.