أنغولا تدفع نحو إنشاء آلية أفريقية جديدة لمواجهة أزمات الديون

تاجر يبدّل الدولار مقابل النيرة النيجيرية في محل صرافة بلاغوس (رويترز)
تاجر يبدّل الدولار مقابل النيرة النيجيرية في محل صرافة بلاغوس (رويترز)
TT

أنغولا تدفع نحو إنشاء آلية أفريقية جديدة لمواجهة أزمات الديون

تاجر يبدّل الدولار مقابل النيرة النيجيرية في محل صرافة بلاغوس (رويترز)
تاجر يبدّل الدولار مقابل النيرة النيجيرية في محل صرافة بلاغوس (رويترز)

قالت وزيرة المالية في أنغولا، فيرا ديفيس دي سوزا، إن بلادها ستستغل رئاستها الحالية للاتحاد الأفريقي هذا العام للدفع قدماً بإنشاء آلية قارية للاستقرار المالي، تهدف إلى حماية اقتصادات القارة من مخاطر الوقوع في أزمات سيولة ناتجة عن أعباء سداد الديون الخارجية.

لماذا تُطرح فكرة آلية الاستقرار المالي الأفريقية؟

تشهد القارة الأفريقية التي تضم 54 دولة، ارتفاعاً كبيراً في الدين العام، بلغ أكثر من 1.8 تريليون دولار، بزيادة تجاوزت 170 في المائة خلال الخمسة عشر عاماً الماضية. وتواجه حالياً تحديات متصاعدة في إعادة تمويل هذا الدين، مما يزيد احتمالية تعرّضها لأزمة سيولة، وفق «رويترز».

وحسب تقديرات بنك التنمية الأفريقي، فإن مدفوعات خدمة الديون الخارجية في القارة ستبلغ نحو 10 مليارات دولار سنوياً حتى عام 2033، في وقت تعاني فيه المنطقة من تباطؤ النمو الاقتصادي، وتقلّب أسعار الصرف، وتراجع المساعدات الدولية.

وتسلّمت أنغولا الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي في فبراير (شباط)، حيث أكدت وزيرة المالية، فيرا ديفيس دي سوزا، يوم الجمعة، أن إنشاء آلية أفريقية لإدارة الديون سيكون من أولوياتها هذا العام، بهدف تعبئة الموارد من المؤسسات الإقليمية للتعامل مع أعباء الدين.

صبي يدفع عربة أمام البنك الوطني الأنغولي في لواندا (رويترز)

وتأتي هذه الجهود في ظل اضطرابات مالية عالمية ناجمة عن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية أشعلت تقلبات في الأسواق ودفعت المستثمرين إلى بيع الأصول عالية المخاطر، مما رفع تكاليف الاقتراض وقلّص فرص الوصول إلى الأسواق، خصوصاً بالنسبة إلى الاقتصادات الصغيرة والناشئة في أفريقيا.

كيف ستعمل الآلية؟

من المتوقع أن يلعب بنك التنمية الأفريقي دوراً مركزياً في تشغيل الآلية، وإن كان من غير المؤكد حتى الآن ما إذا كانت ستندرج ضمن هيكل البنك الحالي أو تُنشأ بصفتها كياناً مستقلاً.

وأكد مسؤولون أفارقة أن الخطوات المقبلة تشمل إعداد معاهدة قانونية تنظّم عمل الآلية. ووفقًا لبنك التنمية الأفريقي، فإن الآلية، المستوحاة من آلية الاستقرار الأوروبية، تستهدف توفير نحو 20 مليار دولار من تكاليف خدمة الديون خلال العقد المقبل.

ومن المقرر أن تركّز الآلية على إعادة تمويل الديون فقط، دون التدخل في مهام مؤسسات أخرى مثل صندوق النقد الدولي، الذي يختص بدعم الدول التي تواجه اختلالات في ميزان المدفوعات.

وستبدأ آلية إعادة تمويل الديون الأفريقية (AFSM) بمنح قروض لإعادة التمويل، ثم تتوسع لاحقاً لتشمل شراء السندات في الأسواق الأولية والثانوية، بالإضافة إلى دراسة تقديم الضمانات إلى الأعضاء.

متظاهرون محتجّون في شوارع أكرا متهمين الحكومة بسوء الإدارة الاقتصادية خلال أكتوبر 2023 (رويترز)

ما طاقتها الاستيعابية؟

تسعى الآلية للحصول على تصنيف ائتماني من فئة «Aa/AA»، وهو ما يستدعي إسهام نحو 20 في المائة من رأسمالها من كيانات غير أفريقية، مثل حكومات أجنبية ذات تصنيف عالٍ، وبنوك تنمية متعددة الأطراف، نظراً إلى عدم حصول أي دولة أفريقية حالياً على هذا التصنيف.

ولبدء العمل، ستحتاج الآلية إلى رأسمال أولي قدره 3 مليارات دولار، موزّع بين أدوات الدين والأسهم، لتقديم 5 مليارات دولار سنوياً قروضاً لإعادة التمويل. ومن المتوقع أن يرتفع رأسمالها إلى 16 مليار دولار خلال عشر سنوات، وهو ما يعزّز قدرتها على تلبية احتياجات التمويل المتزايدة، ليصل إجمالي طاقتها إلى نحو 30 مليار دولار.

وسيدفع الأعضاء إسهامات تبلغ 236 مليون دولار خلال العقد الأول، يتم تحصيلها على أقساط سنوية.

نيجيريون يستعدون لمغادرة البلاد فيما تتكدّس شاحنات المساعدات والمواد الغذائية على الحدود مع بنين بسبب العقوبات (أرشيفية - رويترز)

ما أثر ذلك في المستثمرين؟

على الرغم من الطموحات، فإن الخطة لا تزال تواجه شكوكاً، خصوصاً أن الكثير من اقتصادات القارة، مثل كينيا وأنغولا، تعاني حالياً من أزمات في سداد الديون، مما يطرح تساؤلات بشأن قدرتها على تمويل الآلية.

كما أن دولًا مثل السنغال وموزمبيق تواجه تحديات ديون مشابهة. ومع ذلك، يرى مؤيدو المشروع، ومنهم دي سوزا، أن الآلية تمثّل أداة فعّالة لمعالجة تحديات الدين على المدى البعيد.

ويشير بنك التنمية الأفريقي إلى أن الاستفادة من الآلية ستتطلّب من الدول تنفيذ إصلاحات اقتصادية كلية تُسهم في تعزيز متانة اقتصاداتها، مقابل الحصول على التمويل.

ويؤكد الداعمون أن الآلية ليست صندوق إنقاذ، بل وسيلة وقائية لمنع الأزمات، وتمهيد الطريق أمام نمو اقتصادي مستدام وتنمية طويلة الأجل.


مقالات ذات صلة

دي غيندوس: الحرب التجارية وتقلبات الأسواق والديون تهدد استقرار منطقة اليورو

الاقتصاد نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي لويس دي غيندوس (أرشيفية - رويترز)

دي غيندوس: الحرب التجارية وتقلبات الأسواق والديون تهدد استقرار منطقة اليورو

حذر نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، لويس دي غيندوس، من أن الحرب التجارية وتقلبات السوق والديون هي التهديدات الأكثر أهمية لاقتصاد منطقة اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت )
الاقتصاد وزيرا الاستثمار والمالية يلتقيان بعثة صندوق النقد الدولي في القاهرة (وزارة الاستثمار المصرية)

بعثة صندوق النقد الدولي تبدأ مراجعتها الخامسة لمصر

بدأت بعثة صندوق النقد الدولي مراجعتها الخامسة للاقتصاد المصري، ضمن برنامج التسهيل الممدد مع الصندوق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مشاة يتجولون في ساحة مبنى الكابيتول الأميركي (رويترز)

وزير الخزانة الأميركي يتوقع بلوغ سقف الدين في أغسطس

حذر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، من أن هناك «احتمالاً معقولاً» ببلوغ الولايات المتحدة سقف الدين في شهر أغسطس خلال عطلة الكونغرس، داعياً النواب إلى التحرك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الحي المالي في لندن - بريطانيا (رويترز)

تجاوز 324 تريليون دولار… الصين وفرنسا وألمانيا أكبر المساهمين في زيادة الدين العالمي

ارتفعت الديون العالمية بنحو 7.5 تريليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، لتصل إلى مستوى مرتفع غير مسبوق تجاوز 324 تريليون دولار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

عوائد السندات الألمانية ترتفع إلى أعلى مستوى في 3 أسابيع

ارتفعت عوائد السندات الحكومية الألمانية القياسية إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أسابيع، يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (برلين)

مكاسب أسبوعية للنفط رغم ضغوط توقعات زيادة المعروض

حاملة نفطية في ميناء بمقاطعة بريتش كولومبيا في كندا (رويترز)
حاملة نفطية في ميناء بمقاطعة بريتش كولومبيا في كندا (رويترز)
TT

مكاسب أسبوعية للنفط رغم ضغوط توقعات زيادة المعروض

حاملة نفطية في ميناء بمقاطعة بريتش كولومبيا في كندا (رويترز)
حاملة نفطية في ميناء بمقاطعة بريتش كولومبيا في كندا (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط بشكل طفيف يوم الجمعة، متجهة نحو تحقيق مكاسب أسبوعية للأسبوع الثاني على التوالي، مدعومة بانفراجة في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، رغم استمرار الضغوط الناتجة عن توقعات بزيادة في المعروض من إيران وتحالف «أوبك بلس».

وسجلت عقود خام برنت الآجلة ارتفاعاً قدره 11 سنتاً، أو ما يعادل 0.17 في المائة، لتصل إلى 64.64 دولار للبرميل بحلول الساعة 13:01 بتوقيت غرينتش، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 9 سنتات، أو 0.15 في المائة، ليصل إلى 61.71 دولار.

وكانت الأسعار قد تراجعت بأكثر من 2 في المائة في الجلسة السابقة بسبب تفاؤل باحتمال التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، مما قد يؤدي إلى زيادة في المعروض العالمي من النفط.

وقال هاري تشيليغوريان، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة «أونيكس كابيتال»: «التفاؤل الناتج عن تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين ساعد في تعافي أسعار النفط».

وأضاف: «لكن تحالف (أوبك بلس) يُسرّع من عملية التراجع عن تخفيضات الإنتاج الطوعية، والمحادثات النووية بين واشنطن وطهران لا تزال مستمرة، ما يعني استمرار تدفق البراميل الإيرانية إلى الصين».

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد صرح بأن بلاده تقترب من اتفاق نووي مع إيران، مؤكداً أن طهران «وافقت جزئياً» على الشروط. ومع ذلك، أفاد مصدر مطّلع بأن هناك نقاط خلاف لا تزال عالقة.

وذكر محللو «آي إن جي» في مذكرة بحثية أن رفع العقوبات بموجب اتفاق نووي قد يسمح لإيران بزيادة إنتاجها النفطي، ما قد يضيف نحو 400 ألف برميل يومياً إلى السوق.

ورغم هذه الضغوط المحتملة على المعروض، ارتفع كل من خام برنت وغرب تكساس بنحو 1.5 في المائة منذ بداية الأسبوع.

وقد دعم المعنويات الاتفاق الأخير بين الولايات المتحدة والصين، أكبر مستهلكين للنفط في العالم، على هدنة تجارية لمدة 90 يوماً، يتم خلالها خفض الرسوم الجمركية بشكل كبير من الطرفين.

وكانت الرسوم المتبادلة قد أثارت مخاوف من تباطؤ النمو العالمي وانخفاض الطلب على النفط.

وفي المقابل، حذر محللو «بي إم آي»، التابعة لـ«فيتش سوليوشنز»، من أن «فترة التهدئة الممتدة لـ90 يوماً قد تفتح الباب أمام تقدم في خفض الحواجز التجارية، لكنها لا تزال محاطة بعدم اليقين بشأن سياسات التجارة على المدى البعيد، ما سيحد من ارتفاع الأسعار».

ومن جهة أخرى، أثار ارتفاع متوقع في المعروض العالمي مزيداً من القلق في الأسواق.

فقد رفعت وكالة الطاقة الدولية يوم الخميس توقعاتها لنمو المعروض العالمي لعام 2025 بمقدار 380 ألف برميل يومياً، وتوقعت فائضاً في الإمدادات العام المقبل، رغم تعديل طفيف بالرفع لتوقعات الطلب بنحو 20 ألف برميل يومياً. كما يراقب المستثمرون مؤشرات على إمكانية خفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وهو ما قد يدعم الاقتصاد وبالتالي الطلب على النفط.