الصين: خطة تعزيز الخدمات المالية عبر الحدود ستعزّز استخدام اليوان

بكين ستتعامل مع الطعن الأوروبي لدى منظمة التجارة «وفقاً للقواعد»

أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليوان الصيني والجنيه الإسترليني واليورو والين الياباني (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليوان الصيني والجنيه الإسترليني واليورو والين الياباني (رويترز)
TT

الصين: خطة تعزيز الخدمات المالية عبر الحدود ستعزّز استخدام اليوان

أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليوان الصيني والجنيه الإسترليني واليورو والين الياباني (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليوان الصيني والجنيه الإسترليني واليورو والين الياباني (رويترز)

صرّح مسؤول كبير في البنك المركزي الصيني، يوم الأربعاء، بأن خطة الصين لتسهيل الخدمات المالية عبر الحدود ستُسهم في تعزيز الاستخدام الدولي لليوان، في وقتٍ اشتدت فيه التوترات التجارية العالمية.

وكان البنك المركزي قد نشر خطة، في وقت سابق من هذا الأسبوع تشجع الشركات المملوكة للدولة على إعطاء الأولوية لاستخدام اليوان في الدفع والتسوية مع توسعها في الخارج.

وتأتي هذه الإعلانات بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب ما يُسمى الرسوم الجمركية «المتبادلة»، التي هزّت التجارة العالمية وزعزعت الأسواق المالية.

وصرّح نائب محافظ بنك الشعب الصيني، للصحافيين في بكين، لو لي، بأن «البيئة الخارجية أصبحت أكثر تعقيداً، وأن القوى الدافعة للنمو الاقتصادي العالمي غير كافية، في حين تتزايد الحمائية. لقد أُغلق نظام التجارة متعدد الأطراف. وتزايدت الحواجز الجمركية. وقد أثر ذلك في استقرار الإنتاج العالمي وسلاسل التوريد، وعاق الدورة الاقتصادية الدولية».

وحثّ لو الشركات الصينية على تسريع الاستثمار الخارجي، مضيفاً أن تحسين الخدمات المالية العابرة للحدود سيساعد على تعزيز استخدام اليوان في التجارة والاستثمار.

وزار الرئيس الصيني شي جينبينغ هذا الشهر ثلاث دول في جنوب شرقي آسيا، في خطوة لتعزيز العلاقات الإقليمية، داعياً شركاء التجارة إلى معارضة «التنمر الأحادي»، في إشارة إلى خطوات وسياسات واشنطن الأخيرة.

وظلّ اليوان الصيني رابع أكثر العملات نشاطاً في العالم للمدفوعات العالمية من حيث القيمة في مارس (آذار)، بنسبة 4.13 في المائة، وفقاً لخدمة الرسائل المالية «سويفت».

وأظهرت مجموعة منفصلة من البيانات أن استخدام اليوان عبر الحدود بلغ رقماً قياسياً بلغ 724.9 مليار دولار الشهر الماضي، وهو ما يمثّل 54.3 في المائة من إجمالي أنشطة الصين العابرة للحدود، وفقاً لما ذكرته هيئة تنظيم النقد الأجنبي في البلاد يوم الثلاثاء.

وفي سياق منفصل، أكدت الصين تلقيها طعناً من الاتحاد الأوروبي بشأن قضية تحكيم بشأن حقوق الملكية الفكرية في منظمة التجارة العالمية، وأنها ستتعامل مع الأمر وفقاً للقواعد ذات الصلة، وفقاً لما ذكرته وزارة التجارة الصينية.

وأضافت بكين أن الصين ستعمل مع الأطراف الأخرى المشاركة في اتفاقية التحكيم لدعم نظام التجارة متعدد الأطراف القائم على القواعد بحزم.

ومن جهة أخرى، أظهر مسح نشرت غرفة التجارة الألمانية (إيه إتش كيه) في الصين نتيجته، يوم الثلاثاء، أن النزاع التجاري المتصاعد بين واشنطن وبكين يؤثر بصفة متزايدة على الشركات الألمانية العاملة في الصين.

وحسب المسح، قالت 86 في المائة من الشركات التي شملها الاستطلاع إنها تأثرت بالرسوم الجمركية. ووصف المدير التنفيذي عضو مجلس إدارة غرفة التجارة الألمانية في شرق الصين، ماكسيميليان بوتيك، الوضع بأنه «مثير للقلق»، قائلاً إن النزاع من المرجح أن يسرع من جهود التوطين التي تبذلها الشركات الألمانية.

وفي المسح الذي أُجري بين 14 و17 أبريل (نيسان)، قالت 38 في المائة من الشركات إنها تخطّط للتوطين بسرعة أكبر في الصين بصفته أحد ردودها الرئيسية على التوترات. وشارك في الاستطلاع ما مجموعه 143 شركة.

وألقت الحرب التجارية بظلالها على قطاع السيارات أكثر من غيره، حيث ذكرت 93 بالمائة من الشركات العاملة في هذا القطاع أن التعريفات الجمركية أثرت في أعمالها بالصين. وقالت نصف الشركات أيضا إنها تأثرت بضوابط التصدير الأميركية.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «فولكسفاغن»، أوليفر بلومه، قبل «معرض شنغهاي للسيارات»، إن الحواجز التجارية العالمية آخذة في الارتفاع. وأضاف أن الصناعة تمر بنقطة تحول، مشيراً إلى أن «فولكسفاغن» وغيرها من شركات صناعة السيارات تُجري «محادثات بناءة» مع المسؤولين الأميركيين.

وحذّر بوتيك من أن التوطين وحده لن يحل المشكلة بالنسبة إلى الشركات الألمانية، إذ إن الكثير من الشركات جزء من سلاسل التوريد الصينية القائمة على التصدير. وقال إن الرسوم الجمركية الأميركية تشكل خطراً دائماً على هذه الشركات، مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي لديه الآن فرصة للتفاوض على تحسين شروط التجارة والاستثمار مع الصين.


مقالات ذات صلة

«البراغي الصغيرة»... واحدة من عقبات كثيرة تعترض تصنيع «آيفون» في أميركا

الولايات المتحدة​ فني إصلاح يربط برغي صغير في جوّال (بيكسلز)

«البراغي الصغيرة»... واحدة من عقبات كثيرة تعترض تصنيع «آيفون» في أميركا

قال خبراء إن مسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتصنيع هواتف «آيفون» التي تنتجها شركة «أبل» داخل الولايات المتحدة يواجه الكثير من التحديات القانونية والاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك  - واشنطن)
الاقتصاد شريحة شبه موصل لوحدة المعالجة المركزية (CPU) تُعرض بين أعلام الصين والولايات المتحدة (رويترز)

رقائق الذكاء الاصطناعي محط سباق عالمي... فأين يقف الشرق الأوسط؟

رقائق الذكاء الاصطناعي تخلق سباقاً تكنولوجياً عالمياً، وتحركات في منطقة الشرق الأوسط للحصول عليها، لتعزز قدراتها في المجال.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت (رويترز)

بيسنت: عروض أوروبا التجارية ضعيفة وتهديد الرسوم لتحفيز التفاوض

أكد وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، يوم الجمعة، أن الرئيس دونالد ترمب لا يرى أن عروض الاتحاد الأوروبي التجارية للولايات المتحدة ذات جودة كافية.

«الشرق الأوسط» (بانف )
الاقتصاد وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول في مؤتمر صحافي مع نظيره الهندي جايشانكار (د.ب.أ)

ألمانيا تدعم أوروبا في مواجهة تهديدات ترمب الجمركية

قال وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، يوم الجمعة، إن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفع الرسوم الجمركية على واردات الاتحاد الأوروبي لم يؤتِ ثماره.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد منظر عام للنيل من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر تتفاوض على شراء عشرات الشحنات من الغاز المسال

تتفاوض الحكومة المصرية مع شركات طاقة وشركات تجارية عالمية من أجل شراء ما بين 40 و60 شحنة من الغاز الطبيعي المسال لتأمين الاحتياجات الطارئة للطاقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل تصل المباحثات التجارية بين أميركا وأوروبا إلى طريق مسدود؟

أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
TT

هل تصل المباحثات التجارية بين أميركا وأوروبا إلى طريق مسدود؟

أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

زادت تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب مخاوف استكمال المباحثات التجارية بين أوروبا وأميركا، بعد التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة من جميع الواردات من دول الاتحاد الأوروبي، في حين أن الأخير تعهد بحماية مصالحه أمام هذه التهديدات؛ ما يثير تساؤلات عن مستقبل العلاقات التجارية بين شريكين مهمين للاقتصاد العالمي.

ودعا مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، إلى علاقات تجارية تقوم على «الاحترام المتبادل» بعدما قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه يوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي بسبب تعثر المحادثات التجارية.

وبعد محادثات مع الممثل التجاري الأميركي جيمسون جرير ووزير التجارة هاوارد لوتنيك، كتب شيفتشوفيتش على منصة «إكس» أن الاتحاد الأوروبي «مشارك بالكامل وملتزم بتأمين اتفاق مناسب للجانبين».

وكتب شيفتشوفيتش: «التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا مثيل لها، ويجب أن توجه بالاحترام المتبادل، وليس التهديدات». وأضاف: «نحن على استعداد للدفاع عن مصالحنا».

وقال ترمب، يوم الجمعة، إن المحادثات التجارية مع بروكسل «لا تؤدي إلى أي شيء»، وأنه لذلك يريد رسوماً جمركية بنسبة 50 في المائة على جميع واردات الاتحاد الأوروبي بداية من أول يونيو (حزيران).

وقال ترمب في وقت لاحق في واشنطن: «أنا لا أبحث عن اتفاق... لكن أقول مجدداً، لن تكون هناك أي رسوم جمركية إذا قاموا ببناء مصانعهم هنا».

ويصل العجز التجاري بين أميركا ودول الاتحاد الأوروبي إلى أكثر من 250 مليار دولار لصالح الاتحاد الأوروبي، وهو ما يدفع ترمب لإعادة هيكلة العلاقات التجارية فيما بينهما.

وأعلن ترمب أن رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة ستطبَّق على جميع الشركات التي تبيع في الولايات المتحدة هواتف ذكية يتم صنعها في الخارج، وذلك بعد بضع ساعات على توجيهه تهديداً حصرياً إلى شركة «آبل».

وتراجعت أسواق الأسهم بعد أن فاقمت تصريحات الرئيس الجمهوري المخاوف من اضطرابات على مستوى الاقتصاد العالمي، وذلك بعد فترة من الهدوء النسبي في الأيام الأخيرة إثر توصل ترمب إلى اتفاقات مع الصين وبريطانيا.

وكان ترمب قد أشار في منشور على منصته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أنه «من الصعب جداً التعامل مع الاتحاد الأوروبي الذي أُنشئ في المقام الأول لاستغلال الولايات المتحدة تجارياً (...) مناقشاتنا تراوح مكانها. وفي ظل هذه الظروف، أوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على الاتحاد الأوروبي، بداية من الأول من يونيو. وما من رسوم جمركية على المنتجات المصنّعة في الولايات المتحدة».

ولاحقاً، استبعد ترمب التوصل إلى اتفاق بشأن التجارة مع الاتحاد الأوروبي، مكرراً تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على السلع التي مصدرها التكتل. وقال لصحافيين في البيت الأبيض رداً على سؤال حول سعيه للحصول على تنازلات من أوروبا: «لا أسعى إلى اتفاق. أعني أننا حددنا الاتفاق. إنه بنسبة 50 في المائة».

ومن جملة الأمور التي ندّد بها الرئيس الأميركي: «الحواجز الجمركية والضريبة على القيمة المضافة والعقوبات السخيفة على الشركات والحواجز غير الجمركية والمضاربات المالية والملاحقات غير المبرّرة والمجحفة في حقّ الشركات الأميركية»، ما تسبّب في حدوث «عجز تجاري بأكثر من 250 مليون دولار في السنة، وهو أمر غير مقبول البتة».

ومن شأن الرسوم الجمركية الجديدة في حال تم فرضها أن ترفع بشكل كبير التعريفة البالغة حالياً 10 في المائة، وأن تؤجج توترات قائمة بين أكبر قوة اقتصادية في العالم وأكبر تكتل لشركائه التجاريين.

قلق في الأسواق

في الثاني من أبريل (نيسان) فرض ترمب رسوماً جمركية على غالبية الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في إطار ما سماه «يوم التحرير»، مع حد أدنى نسبته 10 في المائة، في حين بلغت الرسوم المفروضة على الاتحاد الأوروبي 20 في المائة.

وأدت الخطوة إلى هزة كبرى في الأسواق سرعان ما هدأت بعدما أعلن تعليق الرسوم الأعلى نسبة لمدة 90 يوماً.

ومذّاك الحين، تحدّث ترمب عن تحقيق نجاحات في اتفاقات أُبرمت مع بريطانيا والصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

لكن المحادثات مع الاتحاد الأوروبي لم تحرز تقدّماً كبيراً، وقد هدّدت بروكسل مؤخراً بفرض رسوم جمركية على سلع أميركية بقيمة نحو 100 مليار يورو (113 مليار دولار) إذا لم تخفض الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية.

وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في تصريح لقناة «بلومبرغ» التلفزيونية، الجمعة، إن الإبقاء على نسبة 10 في المائة «يتوقف على مجيء الدول أو التكتلات التجارية وتفاوضها بحسن نية».

وتنشر هذه التصريحات والبيانات ضبابية على الأسواق، ما يدعم من جاذبية الأصول عالية المخاطر، مثل الاستثمار في البورصات.