«المركزي الإندونيسي» يُبقي الفائدة دون تغيير لحماية الروبية

وسط تصاعد التوترات التجارية

مبنى البنك المركزي الإندونيسي في جاكرتا (رويترز)
مبنى البنك المركزي الإندونيسي في جاكرتا (رويترز)
TT

«المركزي الإندونيسي» يُبقي الفائدة دون تغيير لحماية الروبية

مبنى البنك المركزي الإندونيسي في جاكرتا (رويترز)
مبنى البنك المركزي الإندونيسي في جاكرتا (رويترز)

أبقى بنك إندونيسيا المركزي أسعار الفائدة الرئيسية ثابتةً للمرة الثالثة على التوالي خلال اجتماعه يوم الأربعاء، كما كان متوقعاً، في إطار سعيه إلى دعم استقرار سعر صرف الروبية في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية.

وقرر البنك الإبقاء على سعر إعادة الشراء العكسي القياسي لأجل سبعة أيام، وهو ما يُعرف بـ«سعر الفائدة الرئيسي»، عند 5.75 في المائة، متماشياً مع توقعات معظم الاقتصاديين في استطلاع أجرته «رويترز»، حيث وافق على هذه التوقعات 24 من أصل 26 محللاً. كما حافظ البنك على ثبات أسعار الفائدة الأخرى دون تغيير.

وكانت الروبية قد سجّلت أدنى مستوياتها على الإطلاق في وقت سابق من هذا الشهر، في حين تراجعت سوق الأسهم بفعل موجة خروج رؤوس الأموال، على خلفية إعلان الولايات المتحدة رسوماً جمركية متبادلة مع عدد من شركائها التجاريين، من بينهم إندونيسيا. إلا أن الروبية تعافت نسبياً عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجميد الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً.

وقال البنك المركزي الذي يسعى لتحقيق توازن بين حالة عدم اليقين في الأسواق والتحديات المتعلقة بالنمو المحلي، إن السياسة التجارية الأميركية ورد الصين عليها قد أدت إلى تعميق الغموض في الاقتصاد العالمي. وأوضح محافظ البنك، بيري وارجيو، أن قرار الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير ينسجم مع جهود حماية استقرار الروبية، مؤكداً أن البنك مستمر في تقييم فرص خفض الفائدة مستقبلاً، مع مراعاة مؤشرات التضخم وتوقعات النمو.

وأضاف وارجيو: «في الأجل القصير، تظل أولويتنا القصوى هي استقرار سعر الصرف. وحال تحقّق هذا الهدف فإن الباب سيكون مفتوحاً لخفض أسعار الفائدة، وهو ما سيُعدّ التوقيت المناسب لاتخاذ قرار بشأن المسار المستقبلي للسياسة النقدية».

وارتفعت الروبية قليلاً عقب إعلان القرار لتسجّل 16.860 مقابل الدولار، مقارنة بـ16.880 سابقاً، لكنها لا تزال منخفضة بأكثر من 4 في المائة منذ بداية العام.

وشدد وارجيو على أن البنك المركزي لا يقتصر دوره على الحفاظ على الاستقرار فحسب، بل يمتد أيضاً إلى دعم وتيرة النمو الاقتصادي.

وفي بيان له، توقّع بنك إندونيسيا أن يسجّل الاقتصاد المحلي نمواً هذا العام دون منتصف نطاق التقديرات البالغ ما بين 4.7 في المائة و5.5 في المائة، في حين يُتوقع تباطؤ النمو العالمي في ظل استمرار النزاع التجاري. وقالت كبيرة الاقتصاديين لدى بنك «دي بي إس»، راديكا راو، إن «الظروف الاقتصادية الكلية قد تبرّر خفض أسعار الفائدة، لكن الأسواق من غير المرجح أن تتوقع هذا الإجراء خلال الربع الحالي، في ظل استمرار تراجع أداء الروبية وسط حالة عدم اليقين الداخلي والخارجي».

وكان الانخفاض الحاد للروبية قد دفع البنك المركزي إلى التدخل في سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم خارج البلاد، بالإضافة إلى الأسواق المحلية، لدعم العملة.

وأكد وارجيو أن البنك واصل تدخله في سوق العقود الآجلة منذ ذلك الحين.

وأشار البنك، في وقت سابق، إلى أن لديه حيزاً لخفض أسعار الفائدة، مستنداً إلى بقاء معدلات التضخم دون النطاق المستهدف البالغ بين 1.5 في المائة و3.5 في المائة. وقد بلغ معدل التضخم السنوي في مارس (آذار) 1.03 في المائة.

وفي سياق متصل، أرسلت إندونيسيا وفداً إلى واشنطن للتفاوض بشأن الرسوم الجمركية. وصرّحت وزيرة المالية، سري مولياني إندراواتي، بأن الإبقاء على الرسوم الأميركية المقررة بنسبة 32 في المائة على الصادرات الإندونيسية قد يؤدي إلى تراجع النمو المحتمل بما يتراوح بين 0.3 و0.5 نقطة مئوية. ورغم أن بعض المحللين يرون أن التأثير المباشر للرسوم على الاقتصاد الإندونيسي قد يكون محدوداً مقارنة بدول أخرى، فإن أي تباطؤ في الاقتصاد الصيني، الشريك التجاري الأكبر لإندونيسيا، من شأنه أن يُلحق ضرراً أكبر باقتصاد البلاد.


مقالات ذات صلة

«البراغي الصغيرة»... واحدة من عقبات كثيرة تعترض تصنيع «آيفون» في أميركا

الولايات المتحدة​ فني إصلاح يربط برغي صغير في جوّال (بيكسلز)

«البراغي الصغيرة»... واحدة من عقبات كثيرة تعترض تصنيع «آيفون» في أميركا

قال خبراء إن مسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتصنيع هواتف «آيفون» التي تنتجها شركة «أبل» داخل الولايات المتحدة يواجه الكثير من التحديات القانونية والاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك  - واشنطن)
الاقتصاد شريحة شبه موصل لوحدة المعالجة المركزية (CPU) تُعرض بين أعلام الصين والولايات المتحدة (رويترز)

رقائق الذكاء الاصطناعي محط سباق عالمي... فأين يقف الشرق الأوسط؟

رقائق الذكاء الاصطناعي تخلق سباقاً تكنولوجياً عالمياً، وتحركات في منطقة الشرق الأوسط للحصول عليها، لتعزز قدراتها في المجال.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت (رويترز)

بيسنت: عروض أوروبا التجارية ضعيفة وتهديد الرسوم لتحفيز التفاوض

أكد وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، يوم الجمعة، أن الرئيس دونالد ترمب لا يرى أن عروض الاتحاد الأوروبي التجارية للولايات المتحدة ذات جودة كافية.

«الشرق الأوسط» (بانف )
الاقتصاد وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول في مؤتمر صحافي مع نظيره الهندي جايشانكار (د.ب.أ)

ألمانيا تدعم أوروبا في مواجهة تهديدات ترمب الجمركية

قال وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، يوم الجمعة، إن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفع الرسوم الجمركية على واردات الاتحاد الأوروبي لم يؤتِ ثماره.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد منظر عام للنيل من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر تتفاوض على شراء عشرات الشحنات من الغاز المسال

تتفاوض الحكومة المصرية مع شركات طاقة وشركات تجارية عالمية من أجل شراء ما بين 40 و60 شحنة من الغاز الطبيعي المسال لتأمين الاحتياجات الطارئة للطاقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل تصل المباحثات التجارية بين أميركا وأوروبا إلى طريق مسدود؟

أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
TT

هل تصل المباحثات التجارية بين أميركا وأوروبا إلى طريق مسدود؟

أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

زادت تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب مخاوف استكمال المباحثات التجارية بين أوروبا وأميركا، بعد التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة من جميع الواردات من دول الاتحاد الأوروبي، في حين أن الأخير تعهد بحماية مصالحه أمام هذه التهديدات؛ ما يثير تساؤلات عن مستقبل العلاقات التجارية بين شريكين مهمين للاقتصاد العالمي.

ودعا مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، إلى علاقات تجارية تقوم على «الاحترام المتبادل» بعدما قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه يوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي بسبب تعثر المحادثات التجارية.

وبعد محادثات مع الممثل التجاري الأميركي جيمسون جرير ووزير التجارة هاوارد لوتنيك، كتب شيفتشوفيتش على منصة «إكس» أن الاتحاد الأوروبي «مشارك بالكامل وملتزم بتأمين اتفاق مناسب للجانبين».

وكتب شيفتشوفيتش: «التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا مثيل لها، ويجب أن توجه بالاحترام المتبادل، وليس التهديدات». وأضاف: «نحن على استعداد للدفاع عن مصالحنا».

وقال ترمب، يوم الجمعة، إن المحادثات التجارية مع بروكسل «لا تؤدي إلى أي شيء»، وأنه لذلك يريد رسوماً جمركية بنسبة 50 في المائة على جميع واردات الاتحاد الأوروبي بداية من أول يونيو (حزيران).

وقال ترمب في وقت لاحق في واشنطن: «أنا لا أبحث عن اتفاق... لكن أقول مجدداً، لن تكون هناك أي رسوم جمركية إذا قاموا ببناء مصانعهم هنا».

ويصل العجز التجاري بين أميركا ودول الاتحاد الأوروبي إلى أكثر من 250 مليار دولار لصالح الاتحاد الأوروبي، وهو ما يدفع ترمب لإعادة هيكلة العلاقات التجارية فيما بينهما.

وأعلن ترمب أن رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة ستطبَّق على جميع الشركات التي تبيع في الولايات المتحدة هواتف ذكية يتم صنعها في الخارج، وذلك بعد بضع ساعات على توجيهه تهديداً حصرياً إلى شركة «آبل».

وتراجعت أسواق الأسهم بعد أن فاقمت تصريحات الرئيس الجمهوري المخاوف من اضطرابات على مستوى الاقتصاد العالمي، وذلك بعد فترة من الهدوء النسبي في الأيام الأخيرة إثر توصل ترمب إلى اتفاقات مع الصين وبريطانيا.

وكان ترمب قد أشار في منشور على منصته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أنه «من الصعب جداً التعامل مع الاتحاد الأوروبي الذي أُنشئ في المقام الأول لاستغلال الولايات المتحدة تجارياً (...) مناقشاتنا تراوح مكانها. وفي ظل هذه الظروف، أوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على الاتحاد الأوروبي، بداية من الأول من يونيو. وما من رسوم جمركية على المنتجات المصنّعة في الولايات المتحدة».

ولاحقاً، استبعد ترمب التوصل إلى اتفاق بشأن التجارة مع الاتحاد الأوروبي، مكرراً تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على السلع التي مصدرها التكتل. وقال لصحافيين في البيت الأبيض رداً على سؤال حول سعيه للحصول على تنازلات من أوروبا: «لا أسعى إلى اتفاق. أعني أننا حددنا الاتفاق. إنه بنسبة 50 في المائة».

ومن جملة الأمور التي ندّد بها الرئيس الأميركي: «الحواجز الجمركية والضريبة على القيمة المضافة والعقوبات السخيفة على الشركات والحواجز غير الجمركية والمضاربات المالية والملاحقات غير المبرّرة والمجحفة في حقّ الشركات الأميركية»، ما تسبّب في حدوث «عجز تجاري بأكثر من 250 مليون دولار في السنة، وهو أمر غير مقبول البتة».

ومن شأن الرسوم الجمركية الجديدة في حال تم فرضها أن ترفع بشكل كبير التعريفة البالغة حالياً 10 في المائة، وأن تؤجج توترات قائمة بين أكبر قوة اقتصادية في العالم وأكبر تكتل لشركائه التجاريين.

قلق في الأسواق

في الثاني من أبريل (نيسان) فرض ترمب رسوماً جمركية على غالبية الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في إطار ما سماه «يوم التحرير»، مع حد أدنى نسبته 10 في المائة، في حين بلغت الرسوم المفروضة على الاتحاد الأوروبي 20 في المائة.

وأدت الخطوة إلى هزة كبرى في الأسواق سرعان ما هدأت بعدما أعلن تعليق الرسوم الأعلى نسبة لمدة 90 يوماً.

ومذّاك الحين، تحدّث ترمب عن تحقيق نجاحات في اتفاقات أُبرمت مع بريطانيا والصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

لكن المحادثات مع الاتحاد الأوروبي لم تحرز تقدّماً كبيراً، وقد هدّدت بروكسل مؤخراً بفرض رسوم جمركية على سلع أميركية بقيمة نحو 100 مليار يورو (113 مليار دولار) إذا لم تخفض الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية.

وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في تصريح لقناة «بلومبرغ» التلفزيونية، الجمعة، إن الإبقاء على نسبة 10 في المائة «يتوقف على مجيء الدول أو التكتلات التجارية وتفاوضها بحسن نية».

وتنشر هذه التصريحات والبيانات ضبابية على الأسواق، ما يدعم من جاذبية الأصول عالية المخاطر، مثل الاستثمار في البورصات.